الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة العراقية والمشكلة اللبنانية

جعفر المظفر

2020 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


إن المشكلة العراقية الحالية باتت مشابهة كثيرا للمشكلة اللبنانية, ولذلك فإن إهتمامنا بالحالة اللبنانية لا ينطلق من محبتنا للبنان وشعبها فقط وإنما أيضا لأن الحديث عنها بات في الكثير من مستوياته شديد التشابه مع الحديث عن العراق.
إنهما, لبنان والعراق, يبدوان مثل (لا دولة) وهي تنظر إلى صورتها في المرآة.
في الحالة العراقية, فيما لو وافقنا على وجود حالة إضطهاد طائفية حقيقية ضد الشيعة من قبل الأنظمة العراقية المتعاقبة على الدولة العراقية منذ تأسيسها, فإن الحل (الشيعي) لتلك المشكلة كان يجب ان لا يأتي كردة فعل معاكسة, وإنما وجب أن يكون الحل للمشكلة العراقية علمانيا ديمقراطيا بالطريقة التي تشترط فصل الدين عن الدولة ومنع تأسيس الأحزاب على اساس ديني, أو تلك التي لا تقر أوتطبق الديمقراطية في حياتها الداخلية الحزبية, ذلك أن فاقد الشي لا يعطيه.
ورغم التشابه في المشكلتين, اللبنانية والعراقية, إلا أن ما يجب تذكره أن النظام الميليشياوي في لبنان كان من صنع الكثيرين ما عدا الشيعة, أي إن الشيعة من خلال ميليشيا حزب الله جاءوا في الأخير, وبالتالي فإن حالتهم الميليشياوية جاءت في بعض تمظهراتها متأخرة, وكخطوة في سياق إلتحقت به لكنها لم تشارك بتأسيه. وحتى مع منظمة (أمل) بقيادة نبيه بري فقد كان الوجود الشيعي من خلالها قد عبّرعن نفسه سياسيا وليس ميليشياويا. وما يجب أن نسترجعه أيضا أن الجنوب (الشيعي) كان يعتبر الجزء الأفقر من لبنان.
مع العراق كانت الحالة الميليشياوية الشيعية هي السباقة, فرغم أن الساحة السنية أنتجت تمظهراتها الميليشاوية مثل القاعدة وبعدها داعش, غير أنه على الصعيد الشيعي جاء تأسيس المجلس الإسلامي بقيادة محمد باقر الحكيم, وقيادته لميليشيا حاربت العراق مع الجيش الإيراني, سَبّاقا لكل الأشكال الميليشياوية الأخرى التي تكاثرت بعد ذلك على الطريقة الأميبية. وقامت إيران بعد تأسيس الدولة الإسلامية الخمينية بدورها لتأجيج الحروب الطائفية في المنطقة, وأولها تلك التي دارت مع العراق.
صحيح أن السعودية كانت قد إتجهت في البداية لدعم الحركات الأصولية الإسلامية, وخاصة في الحرب ضد السوفيت في أفغانستان, وسعت في بدايتها إلى توسيع رقعة الإمتدادات الوهابية, غير أنها سرعان ما إكتشفت ان حافر البئر قد يقع فيه, وإن الإسلام السياسي بكافة تجلياته لا يخدم السلطة التي تتمحور ذاتها حول نظام العائلة أو العشيرة السعودية نفسها.
وإن من المهم لنا أن نتذكر أن تأسيس الأحزاب الميليشياوية الشيعية بعد الإحتلال عام 2003 جاء بإيعاز وتوجيه ودعم من إيران ذاتها للهيمنة على العراق أولا ولإستخدام الشيعة العراقيين في حروبها الإقليمية الأخرى ثانيا, في حين أن حزب الله كان قد تأسس للقتال ضد إسرائيل, لكن سرعان ما ظهر أنه جزء من المشروع الإيراني في المنطقة.
إن المشكلة اللبنانية صارت تشبه إلى حد بعيد القضية العراقية, ليس في إطاراتها المبدئية فقط وإنما حتى على مستوى الكثير من التفاصيل, وأجزم أن حلا إستراتيجيا للقضية اللبنانية سيكون إلى حد بعيد مشابها لذلك الذي نرجوه للقضية العراقية.
هذا الحل يبدأ من خلال التأكيد على أن كل تنظيم ميليشياوي في مرحلة بناء الدولة هو تنظيم إرهابي لأنه موجه بكل تأكيد لتعطيل بناء الدولة أو لكبح تقدمها وإبقاءها رحما للفساد وتأجيج الحروب.
لقد قاتل حزب الله ضد إسرائيل ولكنه قاتل أيضا ضد الدولة اللبنانية. أعرف أن الدولة اللبنانية قبل حزب الله لم تكن فاضلة, لكنها على الأقل كانت دولة, أما الآن, وبوجود حزب الله وثلثه المعطل على صعيد نيابي, ووجوده الميليشياوي على الصعيد الشارعي فقد تحولت الدولة اللبنانية الطائفية الأوليغارشية إلى (لا دولة). وأما الحل في إعتقادي فهو الشروع لإعادة تكوين الدولة اللبنانية من جديد, ومثلها إعادة تكوين الدولة العراقية.
ولا أجد غير النظام العلماني الوطني الديمقراطي حلا لمشكلة (اللادولتين) وهو حل يبدأ برفض الطائفيه الدينية والمذهبية والقومية رفضا قاطعا.
أدري أن حلا بهذا الإتجاه سوف لن يتحقق بين ليلة وضحاها ولكني أدري أيضا أن العلمانية في العراق وفي لبنان باتت مطلوبة, ليس فقد لأغراض إنسانية وحضارية كما كان عليه الأمر في أوروبا, وإنما لأنها باتت تشكل الشرط الأساسي لبناء الدولة وبقائها. إذ لا دولة وطنية مستقلة, في المنطقة العربية على الأقل, بدون نظام علماني.
في منطقة تزدحم فيها القوميات والمذاهب بكل إرثها المثير للفتنه يبدو الفكر السياسي الديني هو الرحم الأكثر خصوبة لتفريخ الفساد والتخلف والإرهاب وخنق مشروع الدولة في مهدها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مليشيات أمل
منكوب ( 2020 / 8 / 11 - 23:47 )
خلال الحرب الأهلية في لبنان كان لحركة أمل قوة ميلشيوية فعالة وليس كما يذكر السيد الكاتب أن حركة أمل لها تمثيل سياسي فقط، ويمكن العودة لما سمي بحرب المخيمات كي يتعرف السيد الكاتب على دور ميلشيات حركة أمل في تلك الجرائم.


2 - تصحيح
جعفر المظفر ( 2020 / 8 / 12 - 00:30 )
نعم أعتذر عن الخطأ
مع أن المنظمة كانت لبنانية التوجه في البداية ولم تكن خاصة بالطائفة بسب ربما يعود لتأخر تأسيس الدولة الخمينية في إيران التي عملت على شيعنة هذه التنظيمات, ويرتبط تأسيس المنظمة بمهمة الدفاع عن الجنوب ولخلو ساحته من التنظيم الذي يؤهله للدفاع عن لبنانية الجنوب.
إحترامي

اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا