الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطائفي وتهيج الغرائز العدوانية-2

باسم المظفر

2006 / 7 / 1
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


أنتج الصراع الطائفي تأثيرات ثقافية واجتماعية واقتصادية كثيرة . أداة الصراع هنا هي الدين بل الجزء من الدين أو الشكل الطائفي للدين , وهو عبارة عن منظومة كبيرة من ألأفكار والممارسات والاجتهادات والمفكرين التابعين لهذه الطائفة أو تلك أنتجوا خلال حقبة طويلة من الزمن أفكار هي بالظرورة معاكسة للطائفة الأخرى ( وألا لماذا تميزوا ) , وكذالك تاريخ به الكثير من العلاقات العنيفة تصل إلى حد القتل والتدمير مع الطائفة الأخرى . تهيج غريزة الانتماء الطائفي أدت إلى استنهاض أو الرجوع مئات السنين إلى الوراء واستذكار صراعات قد تم تجاوزها والى الدخول في هاوية الثقافة السوداء وسحب الناس نحو الاستسلام إلى القدر والأيمان الغيبي والرجوع إلى الماضي السحيق بالممارسات والأفكار . الثوب القصير، واللحية الطويلة و والانعزال عن النشاطات الاجتماعية , بل والدخول في هلوسة فكرية أشبة بالغيبوبة,,,,
وانتشرت ( الديانة الشعبية ) الذي هو مزيج من السذاجة والتطرف لمفاهيم الدين القائم على الحلال والحرام والمظاهر والشعائر فقط أي الممارسة المبسطة وإهمال القيم الأساسية للدين القائمة على ألأخوة الإنسانية والعدل والمساواة وألامانة والحفاظ على حقوق الآخرين والحقوق العامة, فمقابل القيام ببعض الشعائر يستطيع بعدها الفرد القيام بما يشاء, فهنالك حلول شرعية وفتاوى جاهزة لتبرير الكثير من الأخطاء بل والجرائم كالسرقة والرشوة والقتل على الهوية وظهور مقياس أخلاقي أخر لا يشعر به الراشي والسارق بأي ذنب لارتكاب هذه المفاسد, فمجرد أداءه الصلاة كافية في نظره للوصول للجنة .
هذا الأسلوب أو ( الديانة الشعبية )ولدت مفكرين دينين أنصاف أميين يفتون فتاوى سببت الكثير من الدمار في المجتمع مثل فتاوى الجهاد في المنطقة الغربية , فالكل تتفلسف بالدين والكل تعتقد بأن رب العالمين معها ضد خصومها وأن الجنة لها وجهنم تنتظر أعدائها من الطائفة الأخرى .
لقد خلفت سيادة العلاقات الطائفية في المجتمع علاقات متوترة فيها الكثير من الشك بين مكونات الشعب والى ممارسة للعنف دفع إلى وجود قوى عسكرية هي الذراع للصراع مع الطائفة الأخرى , أي وجود مليشيا مدربة عسكريا تمارس عمل ليس فقط ضد الطائفة الأخرى بل ضد المعارضين في نفس الطائفة, وهذا سبب أعادة لعسكرة المجتمعات المحلية والى أضعاف في بنية المجتمع المدني الضرورية لعملية البناء الديمقراطي فانتشرت مئات الآلاف قطع السلاح , وفي كل بيت هنالك على الأقل قطعة سلاح ول احده والكل متحفز ومتوتر .
ومن خلال هذه المليشيات تحول الآلاف من الشباب إلى مهنة واحده هي العسكرة وحياة العنف حيث يكون القتل فيها أسهل من شرب الماء, بل تحول الكثير منهم إلى عصابات إجرامية تمارس الأجرام تحت غطاء هذه المليشيات وسيواجه المجتمع الكثير من المعاناة لإعادة تأهيل هؤلاء لاحقا.
و الجيوش الصغيرة هذه تحتاج إلى دعم مادي من رواتب وأرزاق وهذا دفع إلى الاعتماد على الدول الخارجية وخصوصا من دول الجوار, وبالنهاية ستتحول هذه المليشيات تدريجيا ( والبعض منها قد تحول بالفعل ) إلى أذرع غير مباشرة لهذه الدول داخل العراق تمارس فيها صراعاتها مع القوى الأخرى ولكن بدماء عراقية .
فاضطراب العلاقات الإيرانية الأمريكية معناه سقوط أبرياء في مدينة البصرة , أو ازدياد الضغط السياسي على سوريا لتزداد أعداد المفخخات في شوارع بغداد , والضحية هي واحدة .
وترك الصراع الطائفي تأثيرات اجتماعية أخرى في نفس الطائفة , فوجود صراع طائفي معناه إن قيادة هذا الصراع ( داخل الطائفة الواحدة ) يكون بالضرورة بيد السلطة الدينية للطائفة نفسها وهذا سينعكس على العلاقات الاجتماعية داخل الطائفة الواحدة حيث ستكون ذات توجيه واحد سيؤثر على بناء العلاقات الديموقراطية وحرية الرأي داخل الطائفة نفسها, يمكن ملاحظة هذه بسهولة في المناطق التي أصبحت تحت السيطرة للسلطة الدينية سواء في وسط أو جنوب العراق أو في المناطق الغربية,حيث السلطة هي لشيوخ الجوامع والحسينيات اللذين أصبحوا يحركون وبسهولة الآلاف من الناس , لينتجوا مجتمعا قبليا طائفيا تسود بين إفراده ثقافة بدائية .
وفي النهاية فان وجود سلطة دينية تستطيع تحريك مئات الآلاف ( بأسلوب تهيج غريزة البقاء لديهم ) مدعومة بالقوى العسكرية للمليشيات سيؤسس لبناء ديكتاتورية جديدة تمارس قوتها داخل مناطقها, ولكن بسبب وجود أكثر من مليشيا وسلطة في الطائفة الواحدة (سنية أو شيعية) معناه وجود أكثر من سلطة ديكتاتورية في المنطقة الواحدة وهذا ولد صراعات دموية مابين المليشيات ( يشبه صراع المافيا )على النفوذ سببت الكثير من الدمار ومدينة البصرة أنموذج على ذالك .

الأحداث التي تسبب رجات في تاريخ الشعوب تترك أثار قوية لديها, وكذالك هذه الحرب الطائفية التي تغذى يوميا بالتهيج ألغرائزي ستترك أثارها السلبية الشديدة في نفسية العراقي ( من الجهتين ), ومحو أثارها لن يكون سهلا فالتخريب أسهل بكثير من البناء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار