الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشابه الأجنة (من وحي التطور الأحيائي 3)

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 8 / 12
الطب , والعلوم


تأتي أقدم الأدلة على التطور من الإمبريولوجي (علم الأجنة)، فبمجرد النظر لأغلب أجنة الكائنات الحية على اختلاف أنواعها؛ يلحظ أي "نصف عاقل" أن أجنة العديد منها ذات مظاهر متشابهة، ليس هذا فحسب؛ بل يصعب التمييز بين مورفولوجية تلك الأجنة في المراحل الأولى من النمو بدءً من التخصيب إلى بداية الشهر الثالث من الحمل (الزيجوت).
إذن؛ فعلم دراسة الأجنة، هو حجر الزاوية المهم في التطور البيولوجي، ويمكن استخدامه للمساعدة في تحديد أوجه التشابه والاختلاف بين الأنواع المختلفة من الكائنات الحية. إن جنين الكائن الحي (أيا كان نوعه) عبارة عن بويضة مخصبة تمر عبر عمليات التطور الخاصة بهذا النوع أو ذاك. وعند النظر في كيفية تطور الإنسان من جنين إلى شخص بالغ، يمكنك مقارنة العمليات البيولوجية التطورية مع عمليات الكائنات الحية الأخرى للمساعدة في تحديد أوجه التشابه التطورية.
هذا التشابه بين الأجنة يشير إلى أن هذه الحيوانات مرتبطة ببعضها ارتباطا وثيقاً ولها أسلاف مشتركة. ويمكن أن تظهر بعض السمات غير المتوقعة في أجنة الكثير من الحيوانات، كالبشر والخنازير والقوارض والزواحف والطيور، فعلى سبيل المثال؛ توضح الصور المرفقة مجموعة متنوعة من أجنة تلك الفقاريات في ثلاث مراحل مختلفة من التطور، تشترك جميعها في امتلاكها ذيولا وشقوقا خيشومية، ولكن هذا الذيل الجنيني لا يتطور في جميع الأنواع ؛ ففي البشر، يتم تقليصه أثناء التطور إلى العصعص أو عجب الذنب.
أما الشقوق الخيشومية فتتطور في الأسماك إلى خياشيم كاملة، ولكن في البشر تختفي قبل الولادة؛ ومع النمو تتطور بحيث يشكل النسيج بين الشقوق الخيشومية الأولى جزءً من الفك السفلي وعظام الأذن الداخلية للإنسان. ويعني كل ذلك أن البشر والأسماك قد تشاركوا سوياً سلفًا مشتركًا منذ فترة طويلة من الزمن؛ ثم تعرض النوعان إلى تعديلات وراثية اقتدتها طرق التكيف مع الظروف البيئية المتغايرة.
ومن يقارن بين أجنة البشر مع الشمبانزي يدرك أوجه التشابه بين كلا النوعين، كما تشير الهياكل العظمية لكلا النوعين بعد اكتمال نموهما إلى أن لديهما سلفًا مشتركًا. ومع تطور سلفنا المشترك، سار كل من البشر والشمبانزي في مسارات تطورية مختلفة وطوروا سمات مختلفة.
ففي الصورة المرفقة بالرابط أسفله؛ تبدو معظم الأجنة متشابهة في مراحلها المبكرة early embryo (الكائنات الموجودة بالصف الأول في الصورة)، ولكن مع تطورها، تصبح الاختلافات بين الأنواع أكثر وضوحاً mature embryo (الكائنات الموجودة بالصف الأخير في الصورة). تميل أجنة الكائنات الحية التي لها علاقة جينية أوثق مع بعضها البعض إلى أن تبدو متشابهة لفترة أطول من الوقت لأنها تشترك في سلف مشترك أكثر حداثة. وهكذا، كثيرا ما يستخدم علم الأجنة كدليل على نظرية التطور وإشعاع الأنواع من سلف مشترك. فعلى سبيل المثال، يمكن العثور على الهياكل الأثرية مثل الذيول أو الخياشيم في الأجنة في وقت مبكر أثناء نموها.
https://microbenotes.com/evolutionary-embryology/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطبيب غسان أبو ستة: تحول جذري يحدث في المجتمعات الغربية


.. ارتفاع وفيات فيضانات البرازيل لـ85 شخصا وقلق حول إمدادات الم




.. عصام صاصا مطرب المهرجانات يصل مصلحة الطب الشرعى لإجراء تحليل


.. الجيش الإسرائيلي يركد وفاة الطبيب الفلسطيني عدنان البرش داخل




.. صور بالأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار الذي تعرضت له البرازيل