الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن لبنان، مرة ثانية

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2020 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا أتفق مع الذين اتهموا ألوف اللبنانيين بالعمالة والخيانة بسبب دعوتهم الرئيس الفرنسيّ ماكرون فرض الوصاية على بلادهم.
صحيح أن هناك عددا من اللبنانيين -وهم قلة- من يَتشهّي هذه الوصاية لارتباطاتهم المشبوهة مع فرنسا ومن أجل مصالحهم الذاتية وربما حتى الحزبية والفئوية.
وربما يكون هؤلاء من دَبّج المضبطة وجَهّزها قبل أنْ يطرحها للتوقيع أو للتصويت عليها، وحازت كل تلك الأصوات. لا لشيء سوى مكايدة لأقرانهم من الأحزاب السياسية الأخرى التي يختلفون معها على حجم الغنيمة وليس على مصلحة لبنان.
ولكن هؤلاء لم يكونوا ليستطيعوا جمع كل هذه التواقيع، لولا أن المواطن اللبنانيّ، قد ضاق ذرعا بممارسات الساسة وبفسادهم وطائفيتهم وبتبعيتهم وتنفيذ أجندات أجنبية لقوى دولية وإقليمية، تتخذ من لبنان ميدان صراع فيما بينها ويدفع المواطن تكلفة هذا الصراع.
فإذا ما علمنا أنّ كل هؤلاء الساسة، زعماء الطوائف وملوك الفساد، يرفعون شعارات الوطنية والاستقلال والسيادة وصَدّقهم الناس ردحا من الزمن قبل أنْ يكتشفوا زيفهم وزيف ما يرفعون من شعارات، فلا يُلام المواطن الحزين إن هو كفر بكل تلك الشعارات ودفعه اليأس من إمكانية إصلاح الحال، ففضّل عليهم الأحتلال.
إنّ الاستقلال التي ناله لبنان سنة 1943، لم يحقق للبنانيّ ما كان يحلم به من استقرار وتنمية وخطط لبناء مستقبله.
هذه القلة، تستغل مستوى الوعيّ لدى عامة الناس ومحدودية إدراكها للنتائج المترتبة على وضع البلاد تحت الوصاية. فيما هي على يقين، أن عهد الانتداب قد ولّى إلى غير رجعة. فلا الظروف الدولية القائمة اليوم تسمح بذلك، ولا الأمم المتحدة التي ألغته سوف تعيده تارة أخرى. ثم أن الانتداب على فرض فرنسا ستقبله استجابة لدعوة اللبنانيين الموقعين على المضبطة. وهذا مستحيل. فسوف يُكلّف الدولة المنتدبة (بكسر الدال) تكاليف مالية هي في غنىً عنها في ظل تراجع الاقتصادات العالمية وأخرى قانونية وأخلاقية ستضعها في مواجهة مع شعوبها التي سترفض حتما العودة إلى مرحلة غادرتها الإنسانية ولم يتبق منها سوى ذكرياتها المريرة.
كما أن نظام الوصاية لا يطبق على الدول التي أصبحت أعضاء بالأمم المتحدة. ولبنان دولة عضو فيها. بل ومن الدول المؤسسة لها.
إنّ دغدغة مشاعر اللبنانيين الغاطسين في بحر من المآسي وإيهامهم أن عودة الاستعمار هو القشة التي سوف تنقذهم من هذا الغرق، هو عمل يعكس انحطاط الطبقة السياسية ويؤكد دونيتها وتهافتها.
أما استغلال البسطاء والسذّج من عامة الناس، فهو جريمة يعاقب عليها التاريخ، لتُضاف إلى جرائمهم الأخرى بحق هذا البلد الصغير بجغرافيته، الكبير بنأثيره في محيطه، ثقافيا وفكريا وسياسيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات