الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلاماً لبنان ....سلاماً بيروت

صبحي مبارك مال الله

2020 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لقد كشف الإنفجار المروع والهائل في مرفأ بيروت ، هشاشة النظام السياسي الطائفي وعمق الأزمة البنيوية ،المتراكمة وفشل الحكومة اللبنانية في الإستجابة لمطالب الشعب وعجز مؤسسات الدولة على معالجة الأزمات وحل التعقيدات التي أفرزها النظام السياسي . لقد كان الإنفجار مدمر ورهيب حيث ذكرّنا بالإنفجارات النووية التي تسببت في قتل مئات الآلاف من البشر و الآلاف من الجرحى والمفقودين في نهاية الحرب العالمية الثانية عندما شنت الولايات المتحدة الأمريكية هجوماً نووياً على الأمبراطورية اليابانية في أغسطس -آب-1945 وقصف مدينة هيروشيما في 06-08-1945 ومدينة ناجازاكي في 09- 08-1945 بإستخدام قنابل نووية والتي أُستعملت لأول مرة ضد البشر حيث تسببت في إبادتهم و أحدثت الدمار الشامل لقد كانت مأساة حقيقية وتركت آثارها لحد الآن من خلال الأمراض السرطانية التي أصيب بها مواطني المدينتين حيث أدت إلى موتهم لاحقاً . فالإنفجار والدمار الذي حصل في مدينة بيروت كان شبيهاً بما حصل في اليابان. لقد أدى الإنفجار إلى قتل أكثر من 160 مواطن وخمسة آلاف جريح ومئات المفقودين فضلاً عن تدمير المرفأ بكامله والآلاف من المساكن والبنايات وتشريد ثلثمائة ألف مواطن الذين أصبحوا بدون سكن .وهكذا أضاف إنفجار مرفأ بيروت والتدمير الذي حصل ، تداعيات جديدة وأزمة جديدة إلى الأزمات المتراكمة التي تنخر بالجسد اللبناني فالنظام الطائفي المذهبي المحاصصي الذي ألغى الدولة وألغى الهوية الوطنية والغى المؤسسات الدستورية يواجه الآن ماصنعت يداه والشبيه به يذكر وهو النظام السياسي الطائفي المحاصصي في العراق ، كلاهما على نفس الأسسو. فالإنفلات الأمني ، المافيات وشبكات الفساد والتدمير الممنهج والتدخلات الأجنبية وفي المقدمة إيران وكلاهما يعاني فيه الشعبان الشقيقان الجوع والأمراض والبطالة ونهب وسلب الأموال ومليشيات تمارس دور الدولة، فهي الدولة العميقة لها سجونها الخفية وجيشها غير الرسمي وأجهزتها القمعية وتكوين شبه هيكل للدولة مع سيطرة الأحزاب السياسية المتنفذة في كل شيئ وفي المقدمة أحزاب الإسلام السياسي الطائفي وهكذا يدفع الشعبان الشقيقان ثمناً باهضاً. ولكن الشعوب الحرة لن تسكت بل تنتفض وتعمل على تغيير ميزان القوى والطرق المتاحة الآن هي الطرق السلمية من خلال التظاهرات المليونية الضاغطة والإعتصامات والعصيان المدني وعزل الطبقة السياسية الفاسدة ، لأن هذه الطبقة نفعية وأنانية ولايهمها سوى مصالحها وتحت عباءة الدين والعمامة جرى تدمير الشعبين وتمزيق أوصالهما ونسف وحدتهما الوطنية . ولكن المعاناة أكبر من مما يخطط لهما . ولهذا نشأ في لبنان وضع سياسي يحسب تأريخياً ماقبل إنفجار بيروت وما بعده فبعد ثورة 17 تشرين الأول في لبنان وهي سلسلة من الإحتجاجات الشعبية بدأت في 17 أكتوبر -تشرين الأول 2019 إثر فشل الحكومة اللبنانية في إيجاد الحلول للأزمة الاقتصادية بدأت الإحتجاجات الشعبية بعد إعلان خطط الحكومة بإتجاه زيادة الضرائب على البنزين والتبغ وعلى المكالمات الهاتفية عبر الإنترنيت ، ثم توسعت الإحتجاجات ورفع سقف المطالب إلى إسقاط الرئاسات الثلاث نتيجة الفساد السياسي والمالي والإداري والركود والبطالة . والآن بعد الإنفجار هبّ الشعب اللبناني في إنتفاضة جديدة أدت إلى إسقاط الحكومة الحالية وتقديم إستقالتها . ولكن هذا لايكفي لأن المسألة ليست تغيير الحكومة بل تغيير النظام جذرياً وإلغاء النظام السياسي الطائفي وإنهاء حكم الأمراء وإعادة وحدة الشعب اللبناني وتغيير الدستور الطائفي والقوانين وبناء الدولة العصرية الحديثة تعتمد الوطنية والديمقراطية الحقيقية والمدنية، وليس حكم المليشات وشعاراتها المزيفة، وتتجه نحو تفكيك الحكومة العميقة أو الخفية ويرسى النظام على قاعدة العدالة الاجتماعية والحريات وتثوير كافة المجالات الاقتصادية والإجتماعية والثقافية والخدمية والتكنلوجيا وإلقاء الفوارق الطائفية.
لقد مر الشعب اللبناني بمآسي الحرب الأهلية 1975-1990 والإنقسام السياسي الحاد من تأريخ 2005 ، وأحداث تموز 2006 ، والإعتصام المدني بين عامي 2006-2007م وما جرى في 5آيار 2008 وما تبعها من أعمال عسكرية في 7آيار 2008 ثم إتفاق الدوحة والملاحظ في كل الأزمات اللبنانية يأتي الحل من تحكيم خارجي بين أطراف النزاع الداخلي .
لم توزع المناصب حسب الطائفة والمذهب في مؤسسات الدولة والبرلمان والوزارات فقط بل تعدى ذلك إلى توزيع المؤسسات الحيوية كالمطارات والموانئ والدوائر الأمنية وغيرها كما حصل بأن يكون مرفأ بيروت من حصة حزب الله والنتيجة التي حصلت لاتوجد رقابة من قبل الدولة ولايجد علم ماذا تحوي المستودعات والمخازن وإلا منذ عام 2013 تصادر بضاعة كيمياوية من سفينة غامضة ولايوجد علم بخطورة هذه المواد وهي نترات الأمونيوم 2750 طن والتي تستخدم ظاهرياً كأسمدة زراعية ولكن حقيقة الأمر هي مادة شديدة الإنفجار عندما يضاف اليها زيت الوقود أو تشتعل بالنيران . وهذا ما حصل
ولازالت الأسباب غير معروفة ، فحجم الإنفجار كبير حيث دمر منطقة رصيف الميناء وسويت بالأرض المستودعات التي أشتعلت فيها النيران أولياً والإنفجارات لاحقاً كما تعرضت صوامع الحبوب المجاورة إلى أضرار كبيرة . وفي هذه المحنة والدمار الشامل هبّ الشباب اللبناني وكل شرائح الشعب إلى المساعدة وحمل المواد الغذائية إلى المواطنين وتنظيف الشوارع لقد أثبت هذا الشعب أصالته وحبه للوطن لقد وحدتهم الكارثة ، وإستعادوا وعيهم من أجل الحفاظ على وطنهم والتعبير عن رفض النظام السياسي الطائفي والذي أرسى أسسه الاحتلال الفرنسي عندما تأسست الدولة عام 1943 وأصبح أيضاً إتفاق الطائف 1989 غير مفيد لأنه عظمّ وعمل على تقوية هذا النظام الذي فرق الشعب .
أخيراً نقول سلاماً لبنان ...سلاماً بيروت ولابد أن ينتصر الشعب على أعداء وحدته والمستفيدين الفاسدين من خيراته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب