الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زُليخا ... قد شغفها حبا

جمعه عباس بندي
كاتب وباحث وأكاديمي وقانوني

(Dr.jumaa Abbas Hassan Bandy)

2020 / 8 / 14
الادب والفن


في الختام سألها سيدنا يوسف الصديق ـ عليه السلام ـ : (( أهذه أنتِ ، يا زوليخا ))، فردت زليخا :((هذه كنت أنا ، والآن كلي أنتَ )).
يطلق على الإنسان الذي يصل الى هذه الحالة من الحب بـ ((الشغف)) المشار إليه في القرآن الكريم عندما تحدث عن حال زليخا وقصة عشقها من طرف واحد مع سيدنا يوسف الصديق ـ عليه السلام ـ التي تذوب وتحترق معها الأبدان والأفكار، ويبقى مع ذلك نيران القلب موقدة، موصدة ترمي بشرر كالقصر.

قال تعالى : { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْـمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } سورة يوسف- آية (30).
وقد فسر أهل الإصطلاح والإختصاص ، مصطلح (( الشغف )) بعبارات ومتون متنوعة، منها : ((الشغف : حرقة الحب للقلب مع لذة تداخلها شغفه حبه: أي إحرق قلبه مع لذة يجدها)) ، ومنها : (( الشغف : هو حالة من التوق الشديد للتوحد مع الحبيب، وتكون مشاعر الشخص وسلوكياته عاطفية بشكل كبير، حيث يسعى إلى الحب المتبادل والإتحاد مع الشريك لإشباع العاطفة لديه، والتعلق لدى الشخص ينبع من أعماق قلبه فيتمسك بالشريك لدرجة كبيرة قد تصل إلى التبعيّة)).

وعندما يرتقي المحب ويعلو سلما بعد سلم في مقامات الحب، ليصل ويدخل بعدها الى مقام الشغف ، فأنه بعد ذلك لا يبالي ولا يهتم ابدا بما سيقع له من مخاطر ومحاذر في الحياة ، لأن الحياة في رؤيته صورة واحدة تتجسدها لوحة واحدة وتجتمع كافة ألوانها في قالب واحد وهو صلصال المحبوب.
وهذا ما حصل للعاشقة زليخا في شغفها مع سيدنا يوسف الصديق- عليه السلام - حيث فقدت كل شيء من أسرة وجمال وصحة وسمعة بإضافة الى فقدانها لسلطتها ومكانتها الإجتماعية والسياسية والإدارية، وفي الأخير فقدت ربها ـ آمون ـ ومعبدها ، ومع هذا ظلت حاملة وحافظة وداعية لشغفها المحمولة بأقباس من شهب وجمرات مسعرة.
لكن في خضم هذه التفاعلات بين النيران والطاقة والنفس والجسد الهرم ، بزغت نور رحماني من قلب زليخا تجاوز شغاف حبها وأطراف قلبها الغارم والمغرم ، وحجبت كل شيء عن بصرها وبصيرتها وأنقلبت حالتها من الشغف المجازي الى الشغف الحقيقي في رحاب وتجليات إلهية - عرفانية ، فأزاحت كل شيء من مكانه المادي والمعنوي، ونمت وأستقرت في أحشائها وقلبها الحب والشغف الرباني ـ الملكوتي الذي لا يفنى ابدا، ولهذا حفظ القرآن الكريم قصة زليخا وجعلها خالدة في التنزيل الحكيم ومتلوة ذكرا على أفواه المحبين ورمزا في قلوب العاشقين جميعا إلى يوم الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر