الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(بيروت... شيما) ما بين التضليل والحقيقة المفقودة

عبدالقادربشيربيرداود

2020 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تباينت ردود الأفعال العربية والدولية حول انفجار (مرفأ بيروت) ما بين التضليل المفتعل الذي انتشر كالنار في الهشيم عبر الانترنت، على أنها ألعاب نارية؛ لتتطور إلى سيناريو القنابل النووية، ضربة صاروخية وهجوم إرهابي مروع. وبين مروجي نظرية المؤامرة؛ لتتهم كل من أميركا، اسرائيل وحزب الله اللبناني، من قبل شبكات متطرفة تتحين الفرص للصيد في الماء العكر. وفي خضم هذه التجاذبات برز دور القادة اللبنانيون على أنهم مقصرون، وطرف رئيس في هذه الفاجعة لإهمالهم المصلحة الوطنية وتقاعسهم؛ برغم علمهم المبكر بالخطورة التي ستحل في المرفأ.
بالمقابل ألقى الرئيس (عون) باللائمة على المسؤولين الذين خزنوا (نترات الأمنيوم)، وهو بيت القصيد في الكارثة، بطريقة غير آمنة، في مستودع المرفأ المنكوب. ويصر على إنزال العقوبة بهم، وإعلان نتائج التحقيقات بكل شفافية.
هنا اختلط الحابل بالنابل، ليضيع رأس الخيط في الموضوع، ويسأل من يسأل؛ إذاً من هو المقصر الحقيقي؟ وعلى عاتق من تقع المسؤولية التاريخية؟ وفي النهاية من سنحاسب؟!
وجاءت زيارة ماكرون المكوكية لتكشف جوانب من الحقيقة الضائعة، ودوافع الزيارة حين أعلن من بيروت الجريحة أن هذا الخراب والدمار هو فرصة أخيرة للإصلاح السياسي والقضاء على الفساد في لبنان، وهي إشارة ضمنية إلى (القادة اللبنانيين).
برغم مفصلية خطاب ماكرون في هذا التوقيت الحرج للبنان، قرأت ما بين سطوره مسحة استعمارية، وتدخل سافر في السيادة الوطنية اللبنانية، وفي النتيجة ليس لدى ماكرون سوى دروس تعكس عقلية فوقية لا تنفع إلا مع أصحاب العقول الدونية، وليس لديه ما يمكن القيام به سوى التلويح بالأسوأ، وتعزيز مناخ الفتنة الداخلية؛ ليخرج الناس ويناشدونه للتدخل، أي عودة طوعية للوصاية الفرنسية على لبنان.
بقراءة متأنية لهذه السلسلة من السيناريوهات والفبركات السياسية؛ نحاول الاقتراب من حقيقة ما حصل في المرفأ، بعيداً بعض الشيء عن المعلومات المضللة التي ستشكل مخاطر حقيقية على مستقبل لبنان الجريح، بسبب فقدان الدقة في استخدام اللغة والتواصل مع الآخرين خلال أوقات المحن والأزمات، لاننا - وبحسب تجربتنا الصحفية - تعلمنا أن الأحداث الإخبارية العاجلة هي فترة خصبة لتداول المعلومات المضللة، والفرضيات غير المتأنية لاسيّما على شبكات التواصل الاجتماعي؛ ما يحتم علينا - من باب المهنية - أن نفكر، نسأل، نحلل ونتأكد من مصادرنا المتاحة في تلك الفترة العصيبة والدقيقة لتحرير خبر أو كتابة تقرير قبل أن نتداول أو نشارك بعض المنشورات حول الحدث.
وبعيداً عن كل القراءات السياسية، ودوافعها أقول إن ما حدث يرقى إلى كارثة إنسانية كبرى حلت بلبنان، وشعب لبنان المحب للحياة؛ لتضيف إلى رصيد أيام بيروت الحزينة المنكوبة التي مرت بحروب ومصاعب وأزمات كثيرة؛ صفحة غدر وآلام جديدة لا تعوضها كنوز الدنيا وإن كانت كملك (سليمان) عليه السلام.
أما الأمل الحقيقي لتجاوز هذه المحنة، والكارثة الإنسانية فيبقى في اللبنانيين أنفسهم لأنني عايشتهم عن قرب خلال زياراتي إلى لبنان، ويقينا ستبقى بيروت أختاً لبغداد مهما عصفت بها الأزمات والكوارث، كطائر (الفينيق) ينهض من الرماد، لأن كل محنة مرت على لبنان زادتها صلابة وعزماً على مواصلة الحفاظ على البلاد، والوقوف على قلب رجل واحد، وهذا ما رأيته عقب الانفجار، وهم يلملمون الجراح ويمسحون آثار الدمار عبر (السوشيال ميديا) ومن جميع طبقات المجتمع، ليكون هذا الفعل الشجاع رسالة إلى خفافيش الظلام، فنقول لهم بكل ثقة إنه مهما لبد ليلهم؛ فالنور لا بد أن يقهر الظلام ويكسره.
ستبقى بيروت عصية على الانكسار على مر الزمان، برغم أنوف أعداء الحياة. ستظل شاهداً من شواهد الحياة والجمال والتجدد والأمل في عالم قل نظيره... وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا