الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأغنية الوطنية خطاب درامي لإظهار الهوية

قيس عوده قاسم الكناني
(Qays Oudah Qasim)

2020 / 8 / 16
الادب والفن


يعكس الفن هوية المجتمع في كل عصر وهو المرجع في بحث أسرار الطبيعة البشرية والكشف عن الواقع بما تنطوي عليه الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمتغيرات في كل تلك الظروف وانعكاساتها على البلد، والغناء هو احد تلك الفنون التي تحاكي هوية الواقع والتي من خلالها يستطيع ان يخاطب الروح وان يعبر عن الوجدان والفكر الخلاق فهو انعكاس لطبائع المجتمع وعاداته وسماته الفكرية والروحية .
ويصف ارسطو الأغنية بأنها (ذات قدرة تامة علي التأثير، وأنها أكثر عنصر يضفي جاذبية وتشويق للدراما-وفقا للمفهوم الإغريقي القديم-والأغنية هي الأناشيد التي كانت الجوقة تقوم بإنشادها في الاوركسترا)( ) وهي أناشيد درامية تكون مصحوبة عادةً بالموسيقى والرقص والإيقاع السريع والحماسي أحيانا من خلال تخفيف التوتر الذي تحدثه المشاهد الدرامية في النص الغنائي ويظهر دور الخطاب الدرامي للغناء في نفوس الجماهير المشاهدة لتلك العروض, التي تحاول ان تفسر هذا الخطاب من خلال الإحساس بهوية العرض, وبالتالي هذا الخطاب الفكري الدرامي الهوية يسهم في استرخاء النفس وبالوقت نفسه يرمي إلي الترفيه عنها وإمتاعها، حتى يكون أكثر استعدادا لمتابعة الأحداث الدرامية دون ملل أو توتر, لان الأغنية تحمل خطابا فكريا يسهم في تفسير المشاهد الدرامية ويسهم في تشويق المتلقي للأحداث المقدمة من خلال الموضوع والهوية الذي تطرحه الأغنية .
والغناء بطبيعته يعد احد أبرز أشكال التعبير عن نبض الجماهير وعن آلامهم ومآسيهم فهو شكل من أشكال الموسيقى ذات الاستقلالية في التعبير عن الهوية الفكرية من خلال (النص الغنائي واللحن والإيقاع) ومن خلال هذه العناصر تظهر لنا الأجواء والأشكال التعبيرية التي تتسم بطابع درامي يحيل الفكرة الموضوعية للأغنية الى صور درامية تحاكي الواقع والمجتمع وتبرز هويته.
كذلك تسهم هذه الصورة الدرامية للأغنية الوطنية في تقارب الأجواء الحميمية لأبناء الشعب الواحد كما ان دورها الفعلي هو تجسيد الموقف الدرامي فهي تكتسب وزنا خاصا من خلال التجسيد والتفاعل مع المواقف لذلك يجب على المؤدي للأغنية الوطنية ان يتسم أداءه لهذه الأغنية بطابع درامي بمعنى ان يكون مبررا دراميا لان الصورة الدرامية تسهم في شد عناصر الأغنية مع بعضها وتتفاعل مع الأحداث التي يعيشها المجتمع .( )
ومع التطور العصر اخذ الغناء يحتل مكانة رفيعة في المجتمعات في كل نواحي الحياة الدينية والدنيوية بوصفه فنا رفيعا ساميا قادر على بناء المجتمعات المتطورة وإظهار هويته, لذلك ظهر الاهتمام في طبيعة الغناء ومادته الفنية وقيمته الفكرية والدرامية وفي معالجة الحالات السلبية التي تصيب المجتمع, فالغناء هو تعبير عن احاسيس المجتمع ومشاعرهم وانفعالاتهم لذلك دائما ما كانت الأغاني مرتبطة بذاكرة الناس ووجدانهم، وعكست حالات تلك المجتمعات بكافة الظروف والازمات فكان الغناء هو نبض المجتمع ولسان حاله لا سيما الأغاني التي تتغنى بحب الاوطان التي تحتضن الوطن وتدافع عن سيادته من خلال موضوعاتها الفكرية والدرامية التي تنادي بحب الأوطان وحمايتها، وبالتالي أصبحت الأغنية الوطنية إحدى إيقونات الوطن المحببة للشعوب, والتي تُعَبر عن هوية الفرد الوطنية والجغرافية, كما أنها تؤرخ لمقطع زمني يمر به الوطن وتتغنى بمآثر الارض والانسان, فهي محطة من محطات تراكم الذاكرة الوطنية, وقد استعمل الإنسان هذا اللون من الفن منذ القدم للتنبيه عن مكنونات الحس الإنساني إتجاه الأرض التي يعيش عليها, - ولو كان محصورا ً ومقتصرا ً على الحروب لشحذ الهمم في النفوس للدفاع عنها- , لذا أصبحت بعض الأغاني الوطنية ذات هوية فكرية تهدف الى ايصال المعنى الإنساني للمجتمعات كما اصبحت علامة مميزة للشعوب, ويعد هذا العمل الفني- الاغنية الوطنية- نوع من أنواع الدفاع عن الوطن من خلال خطابها الفكري الذي يسهم في ترسيخ القيم الوطنية والإنسانية في ذات الانسان ومشاعره كما يطرح مفهوم الانتماء الى هوية الوطن عبر الحانها وايقاعاتها التي تعد من صمصيم الموروث الحماسي الذي غالبا ما ينهل منه الفنانون ابداعاتهم الغنائية والموسيقية التي تتغنى بحب الوطن والارض, ولا يخفى ما للأغنية من خطاب وطني يسهم في بناء الفكر الإنساني ورفع معنوياته وترسيخ الحب الوطني والانتماء الفعلي للارض كونها الموطن الحقيقي للمجتمعات البشرية، وهذا يتجلى بما للأغنية من ( تحريك لمشاعر الشجاعة ولاقتحام لساحات الوغى )( ) هكذا كان الدور الفكري للأغنية الوطنية في ساحات الحرب فهي داعم حقيق في رفع المعنويات وشحذ الهمم فالفنان هو جندي يدافع عن أرضه من خلال تكريس حب الوطن والارض في نفوس الجماهير, وإثارة معاني الخير ويحاكي الفنان من خلال الأغنية الوطنية وجدان ومشاعر الناس, وما النشيد الوطني للدول الحديثة إلا مثال على ذلك, فلا توجد اليوم دولة ليس لديها نشيد وطني .
وللأغنية الوطنية دور مهم في دعم المشروع الوطني وهي مسؤولية تقع على عاتق رواد الفن والادب وبالخصوص حينما يمر البلد بظروف صعبة, لذا يتحول بعض الفنانين الى رموز وطنية خالدة ترتبط أسمائهم بالوطن, ولعل أهم أدوار الفن هي زراعة الحب والسلام في المجتمع الإنساني, ولكن هناك مقومات وشروط للأغنية الوطنية ليكتب لها الخلود والبقاء, ولكي تكون إنعكاس طبيعي لمشاعر الشعوب وأحاسيسهم ومولو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر