الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الإمارات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة
ابراهيم ابراش
2020 / 8 / 16القضية الفلسطينية
يجب الاعتراف بداية بدهاء بنيامين نتنياهو الذي يستحق بجدارة لقب الساحر كما يُطلق عليه في إسرائيل والذي استطاع أن يلعب بورقة التهديد بضم الأراضي الفلسطينية ليحقق من خلالها إنجازات لإسرائيل وله شخصياً.
عندما أعلن نتنياهو عن عزمه ضم أراضي من الضفة لإسرائيل وفرض السيادة عليها في بداية يوليو من هذا العام كان يدرك خطورة هذه الخطوة وما ستتركه من ردود فعل دولية رافضة، ولكنه كان يأمل من هكذا تصريح خلط الأوراق والهروب إلى الأمام ليتخلص من المتابعات القضائية ضده بتهم الفساد، وليضع أسس جديدة للتفاوض مع الفلسطينيين بعد أن صرحت القيادة الفلسطينية عن استعدادها للعودة لطاولة المفاوضات، ليفاوض من موقع قوة ليس على الاحتلال ومبدأ الأرض مقابل السلام، ولا على المستوطنات والاستيطان، ولا على خطة ترامب والقدس، بل على خطة الضم، وكان له ما أراد ووقع الفلسطينيون والعرب في فخ نتنياهو.
أصبحت المشكلة عند القيادة الفلسطينية هي الضم وليس الاحتلال القائم منذ 1967 وما قبلها، وليس الاستيطان وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وأعلنت القيادة بأنها (في حل من الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل) رداً على سياسة الضم تنفيذاً لقرارات المجلسين الوطني والمركزي التي تم اتخاذها قبل سنوات وكانت تشمل وقف التنسيق الأمني وإعادة النظر في الاعتراف بإسرائيل وإنهاء الانقسام، وكانت القرارات آنذاك رداً على استمرار الاستيطان وصفقة القرن وقبل الإعلان عن الضم، ولو تم تنفيذ قرارات المجلسين في حينها ما كان نتنياهو واصل عربدته وهددت بالضم وما جرؤت الدول العربية على التطبيع .
وهكذا بمناورة الإعلان عن ضم الأراضي وما أثاره القرار من ردود أفعال قوية ومتعددة في إسرائيل وخارجها استطاع نتنياهو جر القيادة الفلسطينية إلى ما يريد بحيث أصبح تأجيل تنفيذ الضم وكأنه انتصار للقيادة الفلسطينية في الضفة وغزة وبالتالي حدث تراخ في تنفيذ قرار وقف العمل بالتنسيق الأمني وبالاتفاقات الموقعة أو إنها قرارات معلقة إلى حين رؤية ما ستؤول إليه الأمور بعد الانتخابات الإسرائيلية والأمريكية.
وعربياً، استغلت دول عربية كانت تتحين الفرصة للتطبيع مع إسرائيل الموقف الفلسطيني من الضم واعتبار الضم الخطر الاستراتيجي الذي يهدد قيام دولة فلسطينية ويقطع الطريق على عملية السلام، وما آلت إليه أوضاع السلطة من حصار وانهيار مالي، وظفت كل ذلك لتتقدم وكأنها المنقذ المخلِص، وهكذا كتب سفير الأمارات في واشنطن يوسف العتيبي في مقال له في يونيو الماضي وفي أهم الصحف الإسرائيلية عن مبادرة إماراتية تحت عنوان (إما الضم أو التطبيع) معتبراً أن الإمارات بالتطبيع مع إسرائيل ستقدم خدمة جليلة للفلسطينيين من خلال وقف الضم والحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية، وكان مقال سفير الإمارات أساس الاتفاق الثلاثي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي الذي تم الإعلان عنه في الثالث عشر من شهر أغسطس الجاري، والذي وصفه الرئيس ترامب وانساق معه مسؤولون إماراتيون وعرب بأنه اتفاق سلام تاريخي !!! .
لا شك أن الموقف الفلسطيني وخصوصاً موقف القيادة الرافض لسياسة الضم ولمجمل خطة ترامب كان وراء الموقف الدولي الرافض لهما، ولكن نتنياهو وترامب لم يتراجعا عن الصفقة أو عن سياسة الضم بل تم تأجيل التنفيذ أو البحث عن طرق خبيثة للضم دون الإعلان الرسمي، ولكن المشكلة ليست في الضم بل في الاحتلال والاستيطان وفي تعثر عملية السلام وفي الانقسام الفلسطيني وفي توتر العلاقة بين السلطة الفلسطينية ومحيطها العربي الرسمي، وأن تعلن الإمارات عن التطبيع فهي ليست أول دولة مطبعة ولن تكون الأخيرة حيث الحالة العربية الرسمية كلها منهارة وفقدت حصانتها أمام التغول الأمريكي الإسرائيلي إلا أن التطبيع الإماراتي والبيان الثلاث يخفيان ما هو أكثر خطورة على الفلسطينيين من التطبيع.
الخطورة في البيان الثلاثي حول تطبيع الإمارات أنه وظف بشكل فج القضية الفلسطينية لتمرير تطبيع العلاقات الإماراتية الإسرائيلية وإعادة ترتيب المنطقة وتغيير طبيعة الصراع فيها لتصبح إيران هي الخطر والعدو الرئيس لدول المنطقة وليس إسرائيل، كما أنه لجأ للخداع عندما ذكر أن الإمارات تطبِع مقابل تراجع إسرائيل عن الضم ،وقد سبق أن أوضحنا أن المشكلة ليست في ضم جزء من الضفة بل في احتلال كل فلسطين ومواصلة الاستيطان وضياع القدس، وقد رد نتنياهو مباشرة على الإمارات بعد ساعات عندما أعلن في مؤتمر صحفي أنه لم يتراجع عن سياسة الضم وأنه ملتزم بإعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة أو ما سماها يهودا والسامرة ، ولا نعتقد أنه في حالة إعلان إسرائيل الضم أو تمريره بطرق ملتوية ستتراجع الإمارات عن التطبيع، لأنه كما ذكرنا فالتطبيع له حسابات أخرى لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية .
الخطورة الأكبر في التطبيع الإماراتي أو الاتفاق التاريخي كما جاء في البيان أنه يتحدث عن السلام وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون تنسيق مع قيادة الشعب الفلسطيني ودون أي ذكر لها، وهذا ما أثار القيادة الفلسطينية وغضب كل الشعب الفلسطيني حيث الخوف على تجاوز القيادة الفلسطينية والبحث عن أطراف أخرى فلسطينية أو عربية للتفاوض على تنفيذ صفقة القرن وأن هناك مؤامرة لتجاوز القيادة الفلسطينية الرسمية والشرعية، وهذا يستحضر ما تم الحديث عنه قبل سنوات قلائل حول نفس الموضوع ومن نفس الأطراف وحصار السلطة ووقف الدعم المالي لها يعزز من هذه التخوفات.
وأخيراً وكما سبق الذكر، الإمارات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ولا يمكن مع كل تطبيع مع دولة عربية أن تتوقف القيادة عند التنديد والاستنكار، بل يجب العودة للذات وإعادة النظر في مجمل السياسة الفلسطينية ورهاناتها سواء الداخلية أو الخارجية والبحث عن مصادر قوة داخلية وهي موجودة إذا ما تم تجاوز الانقسام وإعادة بناء البيت الفلسطيني، لأن من يتابع ردود الفعل المؤيدة للتطبيع مع إسرائيل سيلاحظ أن كلها تُحمِل الفلسطينيين المسؤولية لأنهم منقسمون وغير قادرين أو مؤهلين لتدَبُر أمورهم الوطنية،
على الطبقة السياسية الفلسطينية أن تعلم أن العالم يتغير وأن زمن المراهنة على الأمتين العربية والإسلامية قد ولى، ليس بالضرورة لأن الشعوب العربية والإسلامية خانت الشعب الفلسطيني بل لأن رياحاً عاتية ضربت المنطقة مع فوضى ما يسمى الربيع العربي وغيرت في الأولويات وشبكة التحالفات عند الأنظمة وصيَّرت الخوف على الوجود الوطني وعلى النظام القائم لكل دولة بل والخوف على الأمن الشخصي للمواطنين سابق على أي اهتمامات والتزامات قومية بما فيها القضية الفلسطينية، وعندما يقول توانسة أو مصريون أو مغاربة الخ بأن فلسطين ليست قضيتهم الأولى في هذا الوقت فهم على صواب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر