الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


“حكومة عمال وفلاحين” هو جزء واحد فقط من كتاب “البرنامج الإنتقالي”

ليون تروتسكي

2020 / 8 / 17
الارشيف الماركسي



هذه الصيغة: “حكومة عمال وفلاحين”، ظهرت بداية في تحريض البلاشفة عام 1917، وباتت مقبولة حتما بعد ثورة أوكتوبر. وفي النهاية، لم تعد تمثل أكثر من كونها تحريضا شعبيا لدكتاتورية البروليتاريا التي تم تأسيسها بالفعل.

أهمية هذه التسمية تأتي بشكل أساسي من أنّها تشدد على فكرة التحالف بين البروليتاريا والفلاحين، الذين تقوم عليهم السلطة السوفييتية.

عندما حاول كومنترن المزيفون إحياء الصيغة التي دفنها التاريخ لـ “الديكتاتورية الديمقراطية للعمال والفلاحين” قدمت لصيغة “حكومة عمال وفلاحين” محتوى مختلفا تماما، و”ديمقراطيا” بحتا بالمعنى البرجوازي، لوضعه في مواجهة ديكتاتورية البروليتاريا.

البلاشفة اللينينيون رفضوا بحزم شعار: “حكومة العمال والفلاحين” بالنسخة البرجوازية- الديمقراطية. لقد أكدوا ذلك حينها ويؤكدونه الآن. عندما يرفض حزب البروليتاريا تجاوز الحدود البرجوازية الديمقراطية، فإن تحالفه مع الفلاحين ببساطة قد انقلب إلى دعم لرأس المال، كما كان الحال مع المناشفة والاشتراكيين الثوريين في 1917، ومع الحزب الشيوعي الصيني في 1925-1927، وكما هو الحال اليوم مع “جبهة الشعب” في اسبانيا، وفرنسا، وبلدان أخرى.

من نيسان إلى أيلول عام 1917، طالب البلاشفة بانفصال الإشتراكيين الثوريين والمناشفة عن البرجوازية الليبرالية وتولي السلطة في أيديهم. تحت هذا البند، قام حزب البلاشفة بوعد المناشفة والإشتراكيين الثوريين، كممثلين للبرجوازية الصغيرة للعمال والفلاحين، ومساعديه الثوريين ضد البرجوازية، بالرفض القاطع، رغم كل شيء، بالدخول في حكومة المناشفة والإشتراكيين الثوريين، أو تحمل مسؤولية سياسية من أجلها.

إذا قام المناشفة والإشتراكيون الثوريون فعلا بالانفصال عن الكاديت (الليبراليين) وعن الإمبريالية الخارجية، عندها فإن “حكومة العمال والفلاحين”، التي تم إنشاؤها بواسطتهم، يمكنها فقط أن تسرع وتسهل تأسيس ديكتاتورية البروليتاريا.

ولكن، لهذا السبب تحديدا، قاومت قيادة الديمقراطية البرجوازية الصغيرة، بكل ما أوتيت من قوة، تأسيس حكومتها الخاصة. تجربة روسيا أثبتت، وتجارب أسبانيا وفرنسا أكدت مرة أخرى، أنه حتى في ظل الظروف المواتية للغاية، فإن أحزاب الديمقراطية البرجوازية الصغيرة (الإشتراكيين الثوريين، والإشتراكيين الديمقراطيين، والستالينيين، والأناركيين) عاجزة عن خلق حكومة عمال وفلاحين، أي حكومة مستقلة عن البرجوازية.

ومع ذلك، كان لمطلب البلاشفة الموجه للمناشفة والإشتراكيين الثوريين: “انفصلوا عن البرجوازية، استلموا السلطة بأيديكم!”، أهمية تثقيفية هائلة للجماهير. اللارغبة المتعنتة للمناشفة والاشتراكيين الثوريين باستلام السلطة تكشفت دراماتيكيا خلال أيام يوليو، وقد لعنتهم تماما أمام الرأي الجماهيري، ومهدت لانتصار البلاشفة.

المهمة المركزية للأممية الرابعة تتمثل في تحرير البروليتاريا من القيادة القديمة، التي يتناقض تحفظها تماما مع الإنفجارات الكارثية للرأسمالية المتفككة، ويمثل العقبة الأساسية أمام التقدم التاريخي. الاتهام الأساسي الذي قدمته الأممية الرابعة ضد المنظمات التقليدية للبروليتاريا هو حقيقة أنهم لا يريدون الانسلاخ عن البرجوازية شبه السياسية. تحت هذه الظروف، كان المطلب الموجه بشكل منهجي للقيادة القديمة: “انفصلوا عن البرجوازية، استلموا السلطة!” سلاحاً في غاية الأهمية لكشف سمة الغدر لأحزاب ومنظمات الأمميتين الثانية والثالثة، وأممية امستردام.

لذا، فإن شعار: “حكومة عمال وفلاحين” مقبول بالنسبة لنا فقط بالمعنى الذي كان يحمله في العام 1917 مع البلاشفة، أي كشعار مناهض للبرجوازية والرأسمالية، ولكن ليس بأي حال من الأحوال بذلك المعنى “الديمقراطي” الذي منحه المزيفون لاحقا، محولين إياه من جسر للثورة الإشتراكية إلى الحاجز الرئيسي على طريقها.

لكل الأحزاب والمنظمات التي ارتكزت على العمال والفلاحين وتحدثت باسمهم، نطالبهم بالانفصال سياسيا عن البرجوازية، والمضي في طريق النضال من أجل حكومة العمال والفلاحين. وعلى هذا الطريق نعدهم بدعم كامل ضد ردة الفعل الرأسمالية. وفي ذات الوقت، نقوم بلا كلل بتطوير التحريض حول هذه المطالب الانتقالية، التي من شأنها، برأينا، تشكيل برنامج “حكومة عمال وفلاحين”.

هل خلق مثل هذه الحكومة من قبل المنظمات العمالية التقليدية ممكن؟ تجربة الماضي تبين، كما ذكر سابقا، بأن هذا، على الأقل، بعيد الاحتمال. ومع ذلك، لا يمكن للمرء أن ينكر قطعيا، وبشكل مسبق، الإمكانية النظرية، وتحت تأثير ظروف استثنائية تماماً (حرب، هزيمة، انهيار مالي، ضغط ثوري جماهيري.. الخ) لأن تمضي أحزاب البرجوازية الصغيرة، بما فيها الستالينية، أبعد مما كانت تتمناه على طول طريق الانفصال عن البرجوازية.

على أي حال، هناك شيء واحد لا شك فيه: حتى وإن أصبح هذا البديل، بعيد الاحتمال تماما، في مكان ما بوقت ما، حقيقة، وتأسست “حكومة العمال والفلاحين” بالمعنى المذكور أعلاه حقا، فإنها ستمثل مجرد حلقة قصيرة على طريق ديكتاتورية البروليتاريا الفعلية. رغم هذا، لا حاجة للانغماس في التخمين. التحريض حول شعار “حكومة عمال وفلاحين” يبقى، تحت كل الظروف، قيمة تثقيفية هائلة.

وليس صدفة أن هذا الشعار المعمم مضى كليا على طول خط تطورعهدنا (إفلاس وانحلال الأحزاب البرجوازية القديمة، وسقوط الديمقراطية، وتنامي الفاشية، ودفع العمال المتسارع باتجاه سياسة أكثر نشاطا وعدائية). كل من المطالب الانتقالية ينبغي بالتالي أن تقود إلى ذات الخاتمة السياسية الواحدة: العمال بحاجة للانفصال عن كافة الأحزاب التقليدية للبرجوازية من أجل القيام، بالاشتراك مع الفلاحين، بتأسيس سلطتهم الخاصة.

يستحيل التبؤ مسبقا بما ستكون عليه المراحل الملموسة للتعبئة الثورية للجماهير. قطاعات الأممية الرابعة عليها أن توجه نفسها بشكل حاسم عند كل مرحلة جديدة، وترفع مثل هذه الشعارات، كما عليها أن تمدّ يد العون لسعي العمال من أجل سياسات مستقلة، وأن تعمق الصراع الطبقي لهذه السياسات، وتحطم الأوهام الإصلاحية والسلمية، وتعزز ارتباط الطليعة بالجماهير، وتُعدّ للانتزاع الثوري للسلطة.

ترجمة تامر خورما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيفري ساكس: الأثرياء يقترضون بفائدة 2% والفقراء بفائدة 5% لأ


.. اللقاء الجهوي الأول لحزب التقدم والاشتراكية حول “منظومة التر




.. كايل أندرسون: كتبت عن الإصلاحات الزراعية وقت حكم جمال عبدالن


.. الريسوني: مسيرة اليوم جاءت للتضامن أيضا مع الصحفيين المستهدف




.. من قلب مسيرة 6 أكتوبر بالرباط في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى