الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث قصير حول: اتفاقية اسرائيل والامارات

خسرو ساية

2020 / 8 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


إن ما أعلن عنه قبل أيام، فيما يخص اتفاقية إسرائيل والإمارات، ما هو إلا مقدمة لاتفاقية اشمل تبلغ تطبيع العلاقات ما بين الطرفين. وعليه تصبح الإمارات ثالث دولة تطبع علاقاتها مع إسرائيل بعد مصر والأردن، اللذان عقدا اتفاقية على الغرار ذاته في 1979 و1994، وتخرج عبرها من صراع عرف باسم "الصراع العربي الإسرائيلي". كانت لهذه الاتفاقية خلفية، ولكن لماذا يعلن عنها الآن؟ ماهي أهداف كل من طرفيها بهذه الاتفاقية؟ هل إن الاتفاقية ترسي فعلاً السلام في الشرق الأوسط، كما يتحدث عن ذلك أطراف هذه الاتفاقية؟
من الواضح أن عالم اليوم هو عالم الحروب والصراعات السياسية، عالم كورونا والأزمة الاقتصادية والاجتماعية، عالم غياب أفق واضح وانعدام الأمان وعالم الصراعات من اجل إعادة تقسيم العالم وتحديد مناطق النفوذ والنظام الأمني والتجاري... وفي وضع مثل هذه لابد للدول والأحزاب والحركات السياسية من إعادة الحسابات حول القضايا السياسية والاقتصادية، حول كورونا، مناطق النفوذ، الوضعية التجارية، النظام الأمني... وكل طرف يضع نفسه طبقاً لمصالحه في حلقة اصطفافية، وبالأخص إن كل طرف، ومن أجل أن يصون مصالحه الاقتصادية يتحرك ويتجه نحو اتفاقيات جديدة... إن اتفاقية الإمارات وإسرائيل لا تخرج بصورة عامة عن هذا الاطار وهذا الواقع.
إن أمريكا التي هي الطرف الراعي لهذه الاتفاقية، بالإضافة إلى لجوئها إلى إرساء توازنات في الشرق الأوسط بوجه منافسيها، وتنشد الإدارة الأمريكية من هذه الاتفاقية بأن يوظفها ترامب لشخصه أمام الرأي العام في أمريكا بوصفه من أرسى السلام في الشرق الأوسط، والاستفادة من هذا الأمر في الانتخابات القادمة التي تسجري بعد أشهر. من جهة أخرى يعرف ترامب أن مشروع "صفقة القرن " الذي طرحه قبل أشهر لحل أحادي الجانب للصراع الفلسطيني –الإسرائيلي لم يحقق أي تقدم، ولم يصبح أساس لحل القضية الفلسطينية عن طريق تنامي اجتماعات ولقاءات منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل بل تعلقت جميع الصلات الامنية والدبلوماسية بين الطرفين وخلق بغض وكره كبير تجاه أمريكيا وترامب بشخصه. إن هذه الاتفاقية هي تكتيك بالنسبة لترامب لإحياء مشروع " صفقة القرن" وفتح الأبواب أمام الفلسطينيين وجرهم إلى المفاوضات مع إسرائيل التي توقفت نتيجة سياسات الحاق الحكومة الإسرائيلية لأراضي من الضفة الغربية لإسرائيل. بالأخص أن هذه الاتفاقية تعقد تحت يافطة أن الإمارات لا تطبع العلاقات مع إسرائيل إلا بشرط أن ترفع يدها عن سياسة المستوطنات وإلحاق الأراضي الفلسطينية لإسرائيل. إن ما تتعقبه إسرائيل من هذه الاتفاقية هو جلب رساميل الإمارات ومنطقة الخليج إلى الأسواق الداخلية لإسرائيل، هذا في وقت تواجه إسرائيل أزمة اقتصادية ونقص في الرساميل ومسالة بناء وتطوير المستوطنات اليهودية للقادمين الجدد. إن هذه هي أحد أولوياتها. إن أحاديث نتنياهو، رئيس الوزراء بمناسبة هذه الاتفاقية شملت في اغلبها تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية وفتح مكاتب الشركات الإماراتية في القطاعات المختلفة، النقل الجوي، وتبادل التكنلوجيا وتوظيف الرساميل. وبكلمة، إن ما تنشد عبر هذه الاتفاقية في الوضع الراهن، توسيع جبهة "السلام العربي" مع إسرائيل وحشد قوى أكبر ضد إيران وباقي خصومها وإضفاء حقانية على سياساتها فيما يخص فلسطين، وبدرجة أدني تنشد فتح أسواق إسرائيل أمام رأسمال الخليج وخلق أرضية لإحياء لاقتصاد. وبالنسبة لهذا بإمكان الإمارات أن تلعب دورا خاصا وتكون مركزا لجلب رساميل وشركات البلدان الخليجية الأخرى.
بيد أن ما هو بارز في هذه الاتفاقية هي رغبة الإمارات الأكثر على تطبيع علاقاتها مع دولة إسرائيل وان هذا مرتبط بصورة مباشرة بمكانة الإمارات في الأوضاع السياسية الراهنة في العالم والمنطقة، وتحديدا من اجل صيانة مكانتها الامنية في الدوامة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط مضت الإمارات صوب جبهة السعودية ومصر وكتلتهم المضادة لقطر، لكي تضع حدا لمولاتها لإيران وتركيا ودور الإخوان المسلمين في المنطقة، بيد أن إخفاق هذه الكتلة وبعدها سحب السعودية ومصر من سياسية الحصار الاقتصادي ضد قطر وإعادتهما للعلاقات الدبلوماسية أبقت الإمارات وحيدة. وفي وضع مثل هذا، يكون الاتفاق مع إسرائيل وترسيخ صلاتها مع أمريكا هو بديل لدى الإمارات لتؤمن دعما أمنيا، أو على الأقل لتتمكن من وضع جدار أمنى سياسي وعسكري لفترة أطول أمام هجمات إيران، والتي لها جذور أقدم حول جزر طنب الكبرى والصغرى. هذا في وقت يتسع فيه تدخل إيران وتركيا في المنطقة بوصفها قوتين سياسيتين وعسكريتين كبيرتين. بالإضافة إلى الصراع الأمريكي – الإيراني الذي يلقي بضلاله على أجواء منطقة الخليج. إن وضع مثل هذا يلقي مخاطر على المكانة الامنية لدولة الإمارات دون شك. إن اتفاق الإمارات مع إسرائيل يجلب بصورة مباشرة القدرة الدفاعية العسكرية والأمنية لإسرائيل وأمريكا على السواء للمنطقة لصالح الإمارات نفسها.
ليس ثمة اتفاقية أو مفاوضات دون تبرير أو مبرر ولهذا يتم الحديث عن أن هذه الاتفاقية هي من اجل إحلال السلام في المنطقة ولجم إسرائيل من الإلحاق القسري للأراضي الفلسطينية بإسرائيل، وهذه الادعاءات ما هي إلا كذبة صارخة وكلام عديم المعنى والقيمة. وبالأخص وأن العالم شاهد على أن ثلث جماهير فلسطين هم لاجئون ومهجرون ولا يقر لهم بحق المواطنة في البلدان العربية نفسها.
أما فيما يخص السلام في الشرق الأوسط، في الحقيقية السلام فهو مرهون بالإطاحة بدولة إسرائيل الراهنة ومجيء حكومة مدنية غير دينية وغير قومية في إسرائيل نفسها.
أما أولئك الذين يعتقدون بأنه وعبر هذه الاتفاقية فان الإمارات قد ارتكبت الخيانة فإنهم يشيعون أملا واهما كما لو أن حل قضية فلسطين هو بيد الرأسماليين والدول الرجعية العربية والخليجية، في الوقت الذي اثبت تاريخ عقود من الزمن إن الدول العربية من ناصريي مصر إلى بعثيي العراق، إن قضية فلسطين بالنسبة لهم لا تتعدى ورقة سياسية للمفاوضات والاتفاق مع أمريكا أو إسرائيل أو الدول الأوربية من أجل نيل امتيازات لا أكثر.
نحن نرى أن حل قضية فلسطين أمراً ممكناً على يد جماهير فلسطين والطبقة العاملة والتحرريين في إسرائيل وفلسطين أنفسهم وبدعم تحرري العالم. وعمليا أن مطلب الاستقلال لمجمل فلسطين وتأسيس دولتين متساويتين الحقوق للإسرائيليين والفلسطينيين.. هو السبيل الذي بوسعه حل قضية فلسطين وإرساء السلام في الشرق الأوسط. إن دولة إسرائيل بوصفها دولة فاشية ومجرمة هي سبب انعدام الأمن والحروب والحملات الجوية والاحتلال في الشرق الأوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار