الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطراف الاختصاص..

امجد عبد الامام عثمان

2020 / 8 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يذكرنا التاريخ ان اغلب العلماء الذين يترجم لسيرتهم انهم كانوا متعددي المعارف في علوم مختلفة واختصاصات متنوعة وشاملة لأهم العلوم الرئيسية التي تهم الانسان والمجتمع مثل الطب والفلك والكيمياء والفلسفة والهندسة وغيرها من العلوم الاخرى.
وكانوا يجيدون ممارسة التنقل بين هذه الصنوف المختلفة نتيجة لأحاطتهم بفنونها واسرارها ومفاتيحها اضافة الى ابداعهم في ايجاد اختراعات واكتشافات لا زالت تمثل اساسا لكثير من الاختراعات في عصرنا الحاضر وفي صنوف مختلفة.
حاجات الانسان وطموحاته وطرق تعلمه ونمط الحياة ورتابتها ربما حتم ان يسلك انسان ذلك الزمان هذا المسلك في ادارة شؤون حياته وتعلم معارف مختلفة يمثل كل واحد منها علما قائماً بحد ذاته تؤسَسَ لأجله جامعات وكليات وفروع واقسام في عصرنا الحاضر، حتى لُقب عدداً من علماء ذلك الزمان بألقاب توحي بشموليتهم واحاطتهم بعلوم ومعارف مختلفة كلقب الشيخ الرئيس لأبن سينا وغيرها من الالقاب لعدد آخر من العلماء.
وليس بعيدا فقد كان الرسول او وصيه او خليفته يمارس مختلف الاختصاصات اضافة الى مهمته الرئيسية في حمل وتبليغ رسالة السماء، منها القضاء والتشريع والبت في مشاكل المجتمع منها الزواج والطلاق وحتى اطلاق الاسماء على بعض الولادات في زمنهم (عليهم السلام) قبل ان تتعقد الحياة وتتشعب مشاكل الناس وحاجاتهم، الى ان دخلت فكرة الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) في عصر النهضة على يد (مونتيسكيو) في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي الى اروقة الحكم ودواوين الخلفاء والامراء ومن ثم باتت مفهوما انسحب الى مجالات اخرى كالإدارة والاقتصاد وفنون الحرب والجامعات والمعاهد ومجالات اخرى كثيرة.
والى وقت قريب كانت اطراف الاختصاصات معدمة في عالمنا العربي، والعراق منها خصوصا، فنادرا ما تشهد جامعاتنا اختصاصات في داخل الاختصاص تسمى (اطراف الاختصاص) وخاصة في كليات الطب والهندسة والعلوم والاتصالات والحاسوب والتقنيات وغيرها من الاختصاصات الاخرى على الرغم من ان بعض الاشخاص استطاع ان يكسر النمطية القديمة في التصنيف الكلي والمجمل للاختصاصات والذهاب الى دراسة اختصاص غريب ومنعطف بذلك انعطافه كبيرة في اصل تخصصه لكنه واجه بالنهاية صعوبات ورفض وعدم تقبل في قبوله وتوظيفه بسبب العقلية الكلاسيكية في التصنيف اضافة الى حزمة القوانين الجامدة والمقفلة على نمط غادره العالم منذ سنوات طويلة، فغالبا ما نشاهد لافتات وبطاقات التعريف يكتب فيها عنوان عام مثل الدكتور المهندس او الاستاذ وهكذا بتخصص عام مجمل شامل دون التفرع في التخصص في حقل واحد في هذا المجال.
القفزة الكبيرة التي شهدها العالم خلال الثلاثين سنة الماضية كانت كفيلة بأن تصيبنا بعض ارتداداتها على الرغم من الانقطاع لظروف البلد السابقة المعروفة، وعليه بدأنا نشهد ولو بشكل نسبي عملية الفصل بين الاختصاصات في علوم مختلفة واهمها الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء والعلوم الاخرى ما يشكل ظاهرة تبشر بفتح عصر جديد لجيل جديد يسارع الخطى في اللحاق والوصول الى ما وصل اليه العالم في تنوع العلوم وأطراف اختصاصاتها الدقيقة المختلفة التي تطورت بشكل سريع ومذهل.
في احدى الدول العربية ذهب الناس الى مديات بعيدة في التفرع في أطراف الاختصاصات، فظهرت موضة الخبراء في التخصصات المختلفة من الرياضة الى الموسيقى الى الطب الى الأزياء الى الطبخ وفن التذوق حيث ظهرت احدى الخبيرات وهي مختصة في الطعام، وليس كل الطعام بل في الشوربة فقط، وليس كل الشوربة، بل في شوربة العدس، وليس كل العدس بل الشرقي منه، وهي تعطي كورس تمرين على كيفية شرب الشوربة بالملعقة بطريقة تقول انها مختلفة!!
ومن لطيف القول انني اذكر عندما كنت صغيرا في الثامنة من عمري كان حلاق المنطقة يمارس اضافة الى مهنة الحلاقة فهو مضمد مجاز لزرق الابر والتداوي للمرضى متخذا جزءا من دكانه واضعا فيه سريرا خلف ستارة من القماش اضافة الى ذلك فهو يطهر الاطفال ويملك عدة خاصة لذلك يعرفها الجميع فهو (حلاق ومطهرچي ومضمد) في وقت واحد اي اختصاص ٣×١ three in one) )
ولا اعرف ماهي علاقة هذه المهن مجتمعة في شخص واحد ومكان واحد.

امجدعبدالامام
البصرة في
18/8/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية