الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهمية أن يكون المرء جاداً / عن المسرح

رحاب حسين الصائغ

2006 / 7 / 2
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


اوسكار وايلد الكاتب المسرحي الكبير الذي أصبح نجاحه نقمة عليه، ومسرحيته( أهمية أن يكون المرء جاداً) هي محنة اوسكار وايلد التي لم تعالجتها السماء، دقت أجراس ميلادها كعروس في سماء المسرح وعالمه معلنة بتلألئها والق نجاحها واستقطابها للأنظار، واشتدَّ خوف لندن من اوسكار وايلد.. وفكرت إنه أمراً لابد أن يعالج، خاصة وان ذلك الايرلندي القادم اليها بوجهه الذي يحمل معه أفكارا ثورية تحريرية محاولاً نزع القناع عن ذلك المجتمع الفكتوري طالبا التحرر من العبودية متعاطفا مع الحركات الإنسانية مناصراً للمرأة قالعاً التقاليد العقيمة جاداً في كل أعماله حاصداً للجوائز متزعماً حركات التجديد (الرمزية والجمالية) رافضاً لكل التخاذل مما اكسبه مركزاً مرموقاً بقدرته على الكتابة ونظمه للشعر ونضجه الأدبي، كان محط الأنظار بالقياس لانجازاته في ذلك العصر، ولذكائه وأناقته وبلاغته اللفظية في أدبه وقد شجعاه استاذيه على التحرر هما / الناقد والقاص الانكليزي (w.h.pater ) العلامة السير (sir. J.p.mahaffy) أستاذ التاريخ.
وقد دعي إلى الولايات المتحدة ليلقي محاضرات عن أفكاره وآرائه في (الجمالية والرمزية) فزار مختلف ولاياتها وعاد إلى لندن فاستقبله الجمهور بإعجاب شديد وحما واستحسان كبير، فعمل صحفياً في مجلة (عالم المرأة) وكتب استعراضات بدون تواقيع لعدد من الصحف، وشرع يمارس عمليات الإبداع الفني بشكل فعلي لم يقتصر على المحاضرات، وأخذ يكتب الشعر والقصة والمسرحية.
نقمة النجاح : في مسرحية ( أهمية أن يكون المرء جاداً) كتبها في خريف (1895 ) في ضاحية (ورذنج ) بمقاطعة سكس بالمنزل المرقم (5) في شارع اسبلايند، فقد كان في رحلة لقضاء فترة راحة، وهناك انفتحت شهيته على التأليف وكتب هذه الملهات في ثلاث اسابيع، عام الكارثة بالنسبة لاوسكار وايلد، مما جعل المؤرخون المسرحيون يسجلون كل تحركات اوسكار وايلد والاسباب التي مهدت له عن تمخض افكار هذه المسرحية لما تحمل من قوة وما لاقت من نجاح، ففيها أخذ نزع ما تبقى من ذلك القناع للمجتمع الفكتوري، بعباراته الساخرة وكلماته المحكمات، وبديع حواراته اللطيفة؛ وسحر بيانه لأنه اشبع الجمهور بمسح ما تبقى من الأصباغ، على وجه تلك العجوز لندن.
لم يتحمل أدعياء العظمة وأقطاب المجتمع اللندني ذلك فدبر له مكيدة على شكل رسالة تحمل اهانة وتلحق باسمه العار، تسلمها في ثلث يوم لعرض المسرحية وهو في قمة النشوى بنجاحه الساحق، وقد نصحه أصدقاؤه المقربين بأن لا يعلق عللا الأمر شيئاً، ولكنه لم يسكت وهو معروف بطبعه الأيرلندي، وبيئته التي تركت أثرها في تكوينه النفسي. لهذا أصر على أن يدافع عن نفسه ولكنه سرعان ما اكتشف سر الخدعة التي نصبت له، فكان ضحية ذلك المجتمع.
القي عليه القبض، وفي ثاني مرافعة أدين وحكم علية بالسجن لمدة سنتان بالحبس الانفرادي مع الاشغال الشاقة، وحين صدر الحكم علية حاول أن يصرخ ببعض الكلمات احتجاجاً.. إلاّ أن الدهشة والحيرة أذهلته.
ولم يكن من ذلك الوجه اللندني العجوز إلاَّ أن عمل على قلع جذوة فكره ونشاطه الأدبي، ونار الغدر تعمل في قلب اوسكار وايلد فبعد خروجه من السجن كان فاتر النفس مهيض الجناح كسير القلب فاقد الأمل.
وقد استولت زوجته على كل أموله، لم يمهله المرض والفقر طويلاً فقرر العيش بعيداً عن المجتمع الفكتوري لما لحق به من أذى وألم ومرض وفقر فاختار منفاه طوعاً هرباً من ذكرى أشباح الكارثة، وذهب إلى باريس وسكن غرفة في فندق الزاس في شارع يكنى بشارع الفنون الجميلة، ومات في تلك الغرفة وحيداً نتيجة اصابته بمرض ( السحايات الدماغية ) وهو في السادسة والاربعين من العمر، وجد جثة هامدة في الثلاثين من تشرين الثاني عام 1900 في تلك الغرفة، فدفن مقبرة ( بيير لا شيز) ووضعت صخرة فوق القبر كنصب تذكاري يرمز إلى النفاق في ذلك العصر.
أما بعد خروجه من السجن لم يكتب في تلك الفترة غير قصيدته الشهيرة (انشودة سجين ريدنك جيل ) ورسالة طويلة عنونها (من الاعماق)، أما قبل دخوله السجن وقبل تعرضه لتلك المحاولات المغرضة مسرحيته الشهيرة سالومي في عام (1891) التي جعلت من اوسكار وايلد في مصاف المسرحيين العالميين وشهرتها طارت إلى أركان العالم / ومثيلاتها مسرحية بربارة وقد كتبها بالفرنسية / ومسرحية الليدي وندرمير (1892 ) فقد أخذ عليها في ذلك العصر أكبر أجر.
ولكن بريطانيا بعد (54) عاماً عادت لتحتفل بذكراه المئوية بمختلف الصور والأشكال وفي مختلف أقطار بريطانيا، ووضع المجلس البلدي لوحة على الدار التي سكن فيها اوسكار وايلد في شارع تايت، وحفظت مخطوطاته وكتبه في وعرض كلية ترنتي بدبلن في ايرلندا في عام 1954 تبجيلاً له ولمقدرته الفذة واعتبر من اكبر كتاب الملهات في عصره.

المصادر والمراجع:
دراسة نقدية معاصرة / ترجمة وتعليق على الحلي /سلسلة المائة كتاب /دار الشؤون الثقافية 1986 /ص 130 .
المعجم الادبي/ تأليف جبور عبد النور /دار العلم للملايين ص 126 .
روائع المسرح العالمي (29) أهمية أ، يكون الانسان جاداً / تأليف سلمان التكريتي/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كا?س العالم للرياضات الا?لكترونية مع تركي وعلاء ???? | 1v1 ب


.. فـرنـسـا: أي اسـتـراتـيـجـيـة أمـام الـتـجـمـع الـوطـنـي؟ •




.. إصابة عشرات الركاب بطائرة تعرضت لمطبات هوائية شديدة


.. حزب الله يحرّم الشمال على إسرائيل.. وتوقيت الحرب تحدّد! | #ا




.. أنقرة ودمشق .. أحداث -قيصري- تخلط أوراق التقارب.|#غرفة_الأخب