الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبحاث الجامعية ومعضلة الحرية

سامي الذيب
(Sami Aldeeb)

2020 / 8 / 19
مقابلات و حوارات


انقل لكم حوار دار بين وبين طالب جامعي وافق على نشره على أن لا اذكر اسمه ولا بلده، لعل فيه بعض الفائدة
---
*الطالب
تحية طيبة إليكم أستاذ سامي عوض الذيب،
أنا من ... ، وأنا طالب بسلك الدكتوراه أشتغل حول موضوع: آليات التفسير والتأويل الكلاسيكي، وذلك وفق مقاربات معاصرة، فينومينولوجية وهيرمينوطيقية، وأنا مهتم بكتابكم حول الناسخ والمنسوخ. وأتمنى أن يتطوّر بيننا النقاش إن كان لك متسع من الوقت.

*سامي الذيب
تحية طيبة وبعد
ما زلت اعمل على كتابي الناسخ والمنسوخ، وحال انتهائه سوف اضعه مجانا على موقعي واعلن عنه في صفحتي في الفيسبوك
أظنك تعرف كتبي التي قد تهمك https://www.sami-aldeeb.com/livres-books/

*الطالب
بكل تأكيد أنا تتلمذت على كتبكم أستاذ وأتمنى لكم موفور الصحة ولي بعض التساؤلات التي تؤرقني ولم أجد لها جوابا.. قد نتشاطرها كيما نمضي في البحث عن الحقيقة التي لا تزال غائبة...

* سامي الذيب
يسعدني أن اشاركك النقاش حول تساؤلاتك، واعتبر ذلك ضمن الإستفادة المتبادلة.

* الطالب
إنه لشرف لي أن أراسلك أستاذ سامي، بغية مشاركتك بعض الهموم التي واجتهني أثناء التنقيب في المدوّنة التفسيرية الكلاسيكية، وفي علوم القرآن، محاولاً البحث عن أرض صلبة أضع عليها أقدامي، غير أن ما واجهته لا يعدّ إلا رهواً، ولا قرار له، طيب لأفتتح الحديث معكم سيدي عن "علوم القرآن"؛ لقد حاولت دوائر المعرفة التقليدية تصوير هذه المعارف على أساس أنّها أدوات ضرورية للمفسر، كي يقتحم النصّ القرآني، وبدونها فإن تفسيره لن يفلح أبداً، مع العلم أنّ المفسّرين القدماء لم يكونوا على اطلاع بكافّة تلك "العلوم" معنى ذلك أنهم كانوا يمارسون نشاطهم الفساري حسب تخصصاتهم، غير آبهين بالتعامل مع النّص وفق نظرة شاملة، وبالتالي يغدو تفسيرهم ليّاً لعنق النص وأداة للتبرير ليس إلا، من جهة أخرى فإن اصطلاح علوم" يقتضي إيجاد نواة صلبة للتعامل مع القضية المعلنة، وفي كثير من الأحيان ما كان ينهي الزركشي والسيوطي إلى إثبات الاختلافات حول قضايا: مثل المكي والمدني، الناسخ والمنسوخ، التواتر... إلخ، وبالتالي فمن باب أولى أن نصطلح على تلك الميادين ب"الفنون" بدل "العلوم". النتيجة التي بدت لي واضحةً هي أنه لا سبيل إلى التعامل مع القرآن وفق تلك الآليات الكلاسيكية؛ لأنها غالبا ما تقود المرء نحو طريق مغلق، وبدل ذلك ينبغي استبدالها بكل المناهج الحديثة التي طبّقت على الكتاب المقدّس، بدءاً بالتاريخ النقدي للنص، سيراً إلى السيميوطيقا والهيرمينوطيقا، والتعامل مع النص وفق نظرة فينومينولوجية تضعه في شروطه وضمن معانيه وسياقه. لذلك راودتني بعض الأسئلة: هل الإسلام دين قابل للإصلاح؟ هل القراءة المتجددّة للنصّ وربطه بمناخه الثقافي التوراتي كفيل بخلق جوّ من الحوار الديني مع اليهودية والمسيحية؟ هل بوسع المسلمين الخروج من شرنقتهم وتقوقعهم وقراءة نصّهم ضمن سياقه؟

*سامي الذيب
اشكرك على ثقتك
أظن المشلكة الرئيسية تكن في منطلق منطقي. كيف يمكن لشخص عاقل أن يؤمن بأن كتابا ما هو كلام الله؟ وهل يمكنه أن ينبي تفيكر سليم اعتمادا على منطق معوج كهذا؟ وهل الوضع الإجتماعي يسمح له أن يخرج منه؟ وما اقوله عن المسلم اقوله عن اليهودي والمسيحي. لذلك تجد الشخص يدور ويلف مثل ثور الساقية يحاول ان يتحايل على النص وعلى وضعه وعلى مجتمعه، مواجها نفس الصعوبة التي يواجهها الثور المربوط غصبا عنه بدولاب الساقية. فإن لم يتحرر من رباطه سيبقا يدور إلى ما لا نهاية، وعصا صاحبه -- وسكين الجزار -- تلاحقانه إن توقف عن الدوران. وكما يقال: إن لم ينفعك البازي فانتف ريشه.
اتمنى لي ولك وللجميع مثل هذه الحرية.

*الطالب
شكرا على عنايتكم ببنات الأفكار تلك غير أن المشكل بحق هو أن النصّ يشكل جزءا لا يتجزأ من واقع عمل
الوعي الإسلامي اليوم، وذلك بخلاف ما قطعه الوعي الغربي، بمعنى أن المسلمين اليوم سنيين وشيعيين لا يزالون رهينين لما لا يمكن حصره من التأويلات المتضاربة حول النص. وبالتالي فإن ما أشار إليه جوزيف جوزيف قزي من أن المسلمين هم أهل الكتاب والحرف صحيح، وبالتالي هم الأبعد مسافة عن إمكانية الإصلاح. أما مسألة القطع الجذري مع الماضي ولو كان خياليا، ومليئا بالترهات، فهذا مستحيل، سأتفق معك لو أن الدراسات الأنثروبولوجية قامت على مصراعيها لتبين الحقيقة َتكون رديفة بالدراسات الأركيولوجية... إن ما تراهن عليه قد يكون بعيد المدى لكن واقع الحال يفرض علينا أولا تفكيك الذهنيات التي تشتغل وفق منظور ديني من خلال التمثلات التي تنشأ لديهم حول المقدس.. وشكرا جزيلا لك

*سامي الذيب
ولكن كيف يمكن تفكيك الذهنيات في جو لا يسمح بالحرية؟

*الطالب
بأن ننشأ الجماعة العلمية، وألا يبقى البحث العلمي رهينا بأهواء الكاتب فقط. مع الأسف فإن غياب المثقف العضوي عن المشهد الثقافي هو الذي يرسخ مثل هذه المهزلة التي نعيش. أما غياب الحرية فإن سببه يكمن في هذا التشظي. وأنا أعلم أنك على دراية بهذا الأمر.

*سامي الذيب
عندي مقولة مقادها: اسقي المثقفين العرب سطل خمر خلال أسبوع وسوف ينتهي الإسلام قبل نهاية الأسبوع، فالخمر كفيل بأن يفك اللسان
وربما هذا أحد أسباب تحريم الخمر في الإسلام
وربما تلاحظ أني أبدا أكثر اشرطتي برفع الكأس على صحة مشهادي مستشهدا بالمثل اللاتيني: في الخمر الحقيقة
In vino veritas
انظر ويكيبيديا بالفرنسي حول أصل هذا المثل https://fr.wikipedia.org/wiki/In_vino_veritas
المشلكة اذن كيف تفك لسان المثقفين دون الخوف على رؤؤوسهم
نرجع اذن إلى مربع الحرية

*الطالب
أعتقد بأن الحريّة درس لا يقدّر بثمن، وهذا ما علمنا إيّاه الدرس الأنواري، وهذا ما دعا إليه من قبل جون جاك روسو وباروخ سبينوزا، إنّ مرجعيات الفكر الغربي الحديث مليئة بالتضحيات الجسيمة من أجل قول الحقيقة كما هي، لا كما يراد لها أن تكون. في الحقيقة إنّ مشكلة الحرية في البلدان الإسلامية هي نابعة من عدم قدرة هؤلاء المفكرين على تحمل ضريبة أفكارهم، وهكذا فإنه من شبه المستحيل أن تلد مثل هذه المجتمعات نماذج مثل مفكري الأنوار، وسيفهمك البعض منهم بأن الشروط الموضوعية لم تتوفر لخلق مثل تلك النماذج. وفي اعتقادي البسيط إن المشكل الجوهري يكمن في البرامج التعليمية والتربوية؛ فما دامت هذه الأخيرة تقوم بتربية النشء على القيم الدينية أولاً، فإنها تسلبهم كلّ إرادتهم في معرفة الحقيقة، فأول ما يمكن مراجعته هو الطريقة التي بها ننشئ الأطفال ونربّيهم على القيم الإنسانية والكونية بدل القيم الثقافية البالية، فلا يوجد أشخاص أحرار دون ان يكونوا قد تربّوا على قيم الحرية. مثلما لا يمكن أن تقوم الحرية في أوطاننا إلا من خلال التضحية التي ينبغي أن تبدلها جماعة المثقفين: "فالصوت الواحد يبقى أخرساً، ما لم يجد آذانا تؤويه"

*سامي الذيب
هل تسمح لي نشر محادثتنا دون ذكر اسمك أو بلدك؟

*الطالب
على الرحب والسعة أنا موافق
--------
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://www.sami-aldeeb.com/livres-books








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحل
على سالم ( 2020 / 8 / 19 - 04:21 )
الحل يكمن فى الاداره السياسيه الفاسده القمعيه المستبده , فى امكان السلطه السياسيه الديكتاتوريه الفاجره فى اى بلد عروبى اسلامى مبتلى بالاسلام ان يحجم بل ويمنع تدريس الدين فى المدارس بل وفى امكانه ان يغلق مؤسسه دينيه فاسده ارهابيه مثل الازهر الغير شريف وكل المعاهد الدينيه الداعشيه ومدينه البعوث الاسلاميه واذاعه القرأن الارهابى بل ووزاره الاوقاف الاسلاميه العفنه والتى تقدر ميزانيتهم جميعا بمليارات الدولارات سنويا ؟ الاشكاليه ان الاداره السياسيه المجرمه البلطجيه لن تفعل ذلك بساطه لانهم اعداء الحريه والعدل والديمقراطيه وحريه الفكر , هذا معناه اتاحه الحريه الفكريه ونقد الدين لكل الشعب مما سوف ينتج عنه مخاطر ان ينقلب الشعب على النظام السياسى الداعر وينحيه جانبا , لذلك فأن الاداره السياسيه الارهابيه القذره لن تفعل هذا ابدا بل انها فى زواج وحب دائم مع الازهر الفاسد والتيار الاسلامى المتخلف الغبى حوفا من العواقب , انه بزنس قذر منذ وقت طويل

اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار