الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل الدين عن الدولة ؟ أم الدولة الاسلامية ؟

شوكت خزندار

2006 / 7 / 1
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


لماذا نريد أن نتحاور !؟ هكذا كتب الرفيق خيرالله سعيد أدناه :
نصوص ما كتبه ليّ :
الرفيق العزيز شوكت خزندار المحترم
أرجو أن تكون بصحة جيدة وهدوء نسبي لأني أعرف قلق السياسي ، وخصوصاً الفترة الحرجة التي يمر بها عراقنا الحبيب ، عموماً أبعث لك هذا ـ المقالة للاطلاع عليها لعلك تجد فيها دعوة صادقة لخلق حوار سياسي مع مختلف الأطراف علناً نقارب وجهات النظر لهذا الفصيل أو ذاك ـ والله من وراء القصد ـ
مع خالص تحياتي وتقديري / د . خيرالله سعيد ـ كندا
******
في مقدمة المقال قال الرفيق خيرالله :
ما من ثقافة مهما اختلف مصدرها إلا وكان الحوار فيها العامل المخصب بمختلف تياراتها إذ يكشف الحوار جوانب مهمة لاتراها الذات في ذاتها بل تراها الذات المقابلة ... الخ وفي نقطتين 5 ـ 9 يقول :
5 ـ كل الحوارات السياسية ستدور حول ( مسؤولية كل حزب أو فصيل سياسي ) عن الخراب الذي حل في العراق وسبل النهوض بالعمل الوطني من جديد .
9 ـ القوى السياسية المراد محاورتها ـ حزب البعث العربي الاشتراكي ـ الحزب الشيوعي العراقي ( بكل فصائله ) التجمع الوطني العراقي ـ التيار الوطني الديمقراطي ـ الاحزاب الدينية السياسية ـ التيار الصدري ـ المرجعيات الدينية الرافضة للأحتلال والشخصيات الوطنية ألأخرى .
****************
والرفيق خيرالله يقترح إجراء الحوار على الهواء مباشرة في غرفة ( Paltalk) . وإني أرى ان إجراء الحوار السياسي المعقد بعض الشيئ عمرها سنوات طوال سبق أن تم تداولها سابقأ أما من خلال المراسلات أو أبداء الرأى أو من خلال مقالات عدة قاربت أحياناً بعض وجهات النظر وأحياناً أخرى عقدت بعض الأمور ,ارى أيضاً إن مثل هذا الحوار لن يكون مجدياً على الهواء ولكي يكون ما أتحدث عنه موثقاً ( مقالة ) قد يكون الحديث المباشر يصيب بعض الخلل أو سوء فهم لهذه العبارة أو تلك ... لذا آثرت أن أدلو بدلوي من خلال الكتابة والنشر العلني . مع اعتذاري للرفيق خيرالله وتسجيل شكري وتقديري لهذا الجهد الضخم والهام ... وأود الاشارة أيضاً إلى مرضي ، حيث نهضت من فراش مرض لعين منذ أقل من أسبوع وتمكنت جمع بعض القوة الجسدية وراحة البال لكتابة هذه المقالة وأعتذر مجدداً له ولجميع الأخوة والرفاق المتحاورين وسوف أكون في غاية الصراحة لإبداء الرأى .
***********************

المقاومة الوطنية العراقية :
منذ إنطلاقة عمليات المقاومة المسلحة ، تباين الرؤى والتوجهات السياسية ليس بين الاحزاب والقوى الفاعلة على الساحة الداخلية المتضامنة أو الداعمة أو المشاركة عملياً في المقاومة الوطنية وحسب بل هناك الكثير من التباين والتصورات بين الشخصيات والقوى السياسية خارج الوطن لم تحل للآن ... هذا من جانب والجانب الأهم وهو ان المقاومة الوطنية لم تتوصل إلى تصور مشترك ومن ثم توحيد جميع فصايل المقاومة في هيئة قيادية لتقود عمليات المقاومة المسلحة ( قيادة مركزية للمقاومة ) رغم ما يقال من قبل الكثير على ان هذه القيادة الموحدة متواجدة بقيادة ( .... ) ؟! وهناك أيضاً اختلاف واضح بين الكثير من فصايل المقاومة من الناحية السياسية والعسكرية وليس من الحكمة والصواب أن أشير إلى هذه البيانات المتضادة .

جميع القوى والحركات السياسية الوطنية متفقة على أن المقاومة المسلحة هي احدى أهم وسيلة لدحر الاحتلال وتحرير العراق فلا توجد اختلاف في هذا التوجه إلا القليل ... ولكن هناك من يستهين أو يقلل من دور المقاومة السياسية ، بل هم يعتبرون المقاومة السياسية بجميع أشكالها المناهضة للاحتلال هي ثانوية ، ويقال لرجل السياسي وهو في بلاد المهجر له رأى يختلف بعض الشيئ مع ما يطرحونه : هل تستطيع انزال مقاتل واحد على الساحة ؟ ( في بلاد الصين القديمة كانوا يهينون إمراءة ما فيما لو ولدت في بطن واحد طفلين فقط فيقال لها : روحي روحي لو كانت بيك الخير لجبت أربعة أو خمسة على الأقل ؟) ... ويطرحون إن ( المقاومة الوطنية العراقية الممثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي ) ويطالبون الجميع الاعتراف بها دون قيد أوشرط . ؟ أما لماذا هذا الطرح والفرض على الآخرين ؟ فالجواب يكون : أن أول من فجر الثورة ( المقاومة ) هو أكبر الاحزاب على الساحة العراقية وكان مبادراً في العمليات الاستشهادية ضد الاحتلال وأعوان الاحتلال لذا له الحق الشرعي على قيادة المقاومة العراقية وهم متسامحون (جداً ) في الاعتراف بمشاركة الآخرين في المقاومة ... أما حول تفسير المقاومة الوطنية العراقية اللمثل الشرعي الوحيد للشعب العراقي ... يقال هناك تجارب سابقة أمامنا في فيتنام وفي الجزائر وفي فلسطين إلى آخره ..

فأصحاب قول ( الممثل الشرعي ) يفسرون تجارب الشعوب المناضلة بصورة مكانيكية دون شرح الظروف التاريخية لتلك التجارب ... فالمقاومة في فيتنام ضد الامريكان معروفة لدى الجميع ولا أعتقد من الصواب أن ندخل في التفاصيل كي لا نزيد الطين بله .

الجزائر كانت بلاد محتلة ودامت ما يقارب قرن أو أكثر من قبل الاستعمار الفرنسي وقبل اندلاع الثورة الجزائرية كانت هنالك قوى قومية ووطنية وغيرها اتفق الجميع على نهج واحد وهو تحرير الجزائر وطرد المحتلين وتحرير البلاد ـ العمل المسلح والعمل السياسي ـ ( وكانت جبهة التحرير الجزائرية هي مزيج من الاراء والافكار والتوجهات السياسية )، لهذا أكتسبت تلك القوى الفاعلة وبحق أن تكون الممثل الشرعي للثورة الجزائرية رغم اختلاف الزمن والمكان بالمقارنة مع احتلال العراق وفي ظرفه التاريخي ، فالمقاومة في العراق ليست محاصرة داخل الوطن وحسب بل محاصرة في الدول العربية وعلى الساحة العالمية . أما في الجزائر وفيتنام فكانت كل الأبواب مفتوحة أمامهم داخلياً وعالمياً .

وفي فلسطين ومنذ اغتصاب أرضه وطرد شعبه من قبل الصهيونية العالمية كانت فلسطين وشعبها ببكرة أبيها ضد اغتصاب أرضه قبل انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965 . أما في العراق فهناك قوى وأحزاب والحركات السياسية داعمة للاحتلال ومنخرطة في العملية السياسية الامريكية .
وعند قيام الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها الأولى عام 1965 كان هناك اتفاق تام بين الجميع وفي المقدمة حركة ( فتح ) وفصائل سياسية مناضلة أخرى فالجميع شاركت في الثورة ... واتفقوا على برنامجً محددة وهو تحرير فلسطين بالكامل ... هكذا كان الحال . ونتيجة تخاذل إن لم نقل خيانة الأنظمة العربية . ( فالأخوة البعثيين يستطيعون احياء ونشر الوثائق التاريخية كما كشفتها دولة البعث بعد حرب الخليج الثانية من خلال التلفزيون الرسمي الدور الخياني للعائلة السعودية ـ عبد العزيزـ واتفاقه مع الصهيونية العالمية قبل صدور " وعد بلفور" على اغتصاب فلسطين واقامة دولة اسرائيل ) فجميع أنظمة سايكس بيكو وجامعة سايكس بيكو " الجامعة العربية ". وبعد تعمق وتجذر الثورة الفلسطينية ونتيجة ضغطوط كثيرة من قبل الدوائر الأمبريالية العالمية وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية على الأنظمة العربية الرسميه وجامعتها العربية إلى الأعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل الشرعي للثورة الفلسطينية لا من أجل فلسطسن وانما من أجل التخلص من شر الفلسطينيين كما قالوا في ( دواوينهم الخاصة ) ومن ثم تقنين مساعداتهم المالية والعسكرية للثورة الفلسطينية هذا وفق منظور العرب الرسمي ، أما مرامي أمريكا والصهيونية كانت بالضد من رغبة حكام العرب فتمكنوا من عزل فلسطين والثورة الفلسطينية عن محيطها العربي وإن اتفاقية أوسلو كانت احدى أهم نتائج الموقف المضاد للنظام العربي الرسمي تجاه فلسطين والثورة الفلسطينية ، كما كانت نتائج اتفاقية أوسلو هو تقسييم شعب فلسطين وقواها الثورية أعتقد هناك الكثير من يشترك معي في هذا التصور وفي حجم التآمر العربي الرسمي على فلسطين وشعب فلسطين. ففي هذا الليلة فقط توغلت القوات الصهيونية أراضي الفلسطينية ( سلطة فلسطين ) فخطفت 24 نائباً برلمانياً شرعياً و8 وزراء من الحكومة الفلسطينية ( حكومة حماس ) لم نرى أي تحرك جاد من قبل أنظمة التخاذل والخيانة العربية ساكناً .. وللأسف الشديد هناك من يسمي هذه المهزلة بـ ( الصمت العربي ) كما سموا هزيمة حزيران عام 1967 بـ ( نكسة ؟ ) إذن هذه هي بواعث الاعتراف الرسمي العربي بمنظمة تحرير الفلسطينية ... ناهيك ان للثورة الفلسطينية ( منظمة التحرير ) حقها الطبيعي في أن تكتسب قانوناً وشرعاً كممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني . ثم هناك ميزة أخرى هامة في هذا الموضوع لا تتوفر في حالة العراق وهي أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تكن تحكم فلسطين وأراقت دماء الفلسطينيين بالمقارنة كحالتنا والعراق . لهذا أرى أن لا تجربة الجزائر ولا تجربة فلسطين تنطبق علينا .

أما في العراق وفيما يتعلق باعتراف الجميع بالمقاومة الوطنية ك ( الممثل الشرعي للمقاومة الوطنية العراقية ) تختلف الصورة جذرياً ... نعم هناك احتلال وعلى جميع العراقيين الشرفاء من منظمات واحزاب وحركات ، مقاومة العدو الغاصب بكل سبل والوسائل . وان شعباً لا يقاوم ووطنه محتل فان ذلك الشعب لا يستحق أن يكون شعباَ وينطبق عليه صفة العبيد .. وشعب العراق كان دوماً شعباً حراً أبياً .. ولكن أن من كان يقود دولة العراق لمدة 35 عاماً وأذاقوا شعبنا وقوانا شر عذاب ، وان الحزب الذي قاد النظام السابق عليه أن يكسب ثقة الشعب العراقي بجدارة ويكسب ثقة وعطف القوى الوطنية المناهضة للاحتلال فعلاً لا قولاً فان القياد تكتسب لا تفرض .

فكل المناهضين للأحتلال ان كانوا في الداخل أو في بلاد المهجر يريدون تحرير العراق بكل صدق وآمانة ، وهم كانوا ضحايا النظام السابق . نعم حزب النظام السابق منخرط في المقاومة بفاعلية ولهم دور مشهود لا ينكره أحد ... ولكن هنالك قضايا عالقة وهي غير ثانوية بل أساسية من أجل الوصول إلى الاتفاق التام والشامل بين الجميع ، فالبعث للآن لم يقدم إلى مراجعة نقدية مسؤولة ومعلنة أمام العراقيين ( طبعاً لهم حججهم ومبرراتهم كما يقولون ان الظرف العصيب والمر للعراقيين جميعاً تعيق أمام مثل هذه المراجعة ) ولكن لدى القوى الآخرى تصورات مختلفة تماماً ومن حقهم أن يعترضوا على طروحات أصحاب ( الممثل الشرعي ) فهل من المعقول تجاوز هذا الحق لدى الآخرين تحت حجة ان الظرف غير ملائم ومتى يكون الظروف ملائمة ؟ سوف أأتي الى الاشارة فيما يتعلق بمقاومتنا الوطنية وتوجهاتها السياسية والمعلنة . وهنا أشير إلى حالة أو حالتين محددتين :

قبل أكثر من عام ونصف ، وفي مكان ما التقيت مع الشيخ المناضل جواد الخالصي الأمين العام لمؤتمر التأسيسي في العراق . استفسرت عن كيفية تجاوز الخلافات والوصول إلى تصور مشترك بين الجميع قال:
( عندما أعود إلى مدينتي ، الكاظمية ، المدينة تخرج من بكرة أبيها لأستقبالي وفي حال عدم الوصول إلى الاتفاق والأعتراف الرسمي العلني والمباشر لما تعرضنا له من الإقصاء والقتل والدمار والاعتقال من خلال ممارسات النظام السابق صدقني يا أبا جلال لا أستطيع العودة مرة أخرى إلى مدينتي بل وبالامكان طردي من المدينة بصورة غير لائقة . )

فهل يحق لأي منصف تجاوز هذه الحالة ؟ وأيضاً التقيت مع الشيخ الفاضل الجليل أية الله أحمد البغدادي لم يختلف في تصوره وطرحه عن الشيخ جواد الخالصي . وهناك نفس الطروحات والتصورات من جانب قوى قومية وشخصيات سياسية مرموقة على الساحة العراقية وفي دول المجهر ... وأعتقد ان الشخصيتين ، أعلاه الخالصي والبغدادي سوف يشاركان في الحوار المنشود كما أشار الرفيق خيرالله .

لذا أرى ان الكرة في هدف الجانب الآخر وهم البعث ومن معهم في المطالبة بضرورة الاعتراف بالمقاومة كممثل الشرعي للشعب العراقي؟! فمن خلال العطاء بما هو أفضل للشعب وبما تقدم الوطن فقط يتم كسب الآخرين وإذا لم يصار إلى حل هذه القضايا العالقة فان المستقبل سوف تشهد تناحرات جمة بين القوى المتناحرة بعد التحرير فالشعب والوطن لا يتحملان كوارث أخرى. هناك من يهدد بالويل والثبور تجاه من أختلف أو قد يختلف لاحقاً ، إن مثل هذه الخطابات لا تعكس أبداً نفساً وطنياً وقلباً مفتوحاً ، علينا مخاطبة العقول والقلوب لنكسب المزيد ثم المزيد .

وأرى أيضاً وفي حالات كثيرة ، يلجأ بعض الأخوة الأفاضل من الكتاب المعروفين في توجيه النقد الشديد لكل من أختلف مع طروحاتهم ومن ثم يعتبرون من له وجهة نظر أخرى على انهم هامشيين أو أصحاب أمراض سياسية قديمة أو محاولات تصفية الخلافات السابقة بين هذا الحزب أو ذاك أو بين تلك الشخصية السياسية أو ذاك واحياناً تتهم جهة ما بالمتربصين واغتنام الفرص أو أساليب انتهازية .. الخ يحضرني في هذه اللحظات قولاً بليغاً للأستاذ باقر إبراهيم : إن الوطني الحقيقي هو من يوحد الصفوف لا يفرق الصف .

أحد الأساتذة الأفضال وهو شخصية سياسية وطنية معروفة الدكتور سعد داود قرياقوس أعتقد هو من المتحاورين كما علمت أشار وقال :
(( هنالك جملة من الضرورات الوطنية التي دفعت الاطراف الوطنية ( كان من الصواب القول بعض الاطراف الوطنية ) للمطالبة في اتخاذ الشعار، شعارا مركزيا لشعب العراق وقواه السياسية الوطنية خلال المرحلة الراهنة.))

وإني أرى ، إن تشخيص الداء ، داء تمزق وحدتنا الوطنية يضعنا أمام مسؤولية كبرى وذلك في تشخيص المرض أولاً ومن ثم وضع العلاج الناجع له ثانياً ... قبل يومين قرأت مقالة للدكتور صباح علي الشاهر في موقع ثوابت واني أتفق كلياً مع طرح الأستاذ صباح وأعتقد ان طروحاته صالحة للحوار والنقاش كقاعدة بين الجميع فهو يؤكد جدلية الترابط بين عمل المقاومة المسلح والعمل السياسي وأشار بحق إلى :
(( أن المقاومين الآخرين ( غير المسلحين ) يسفحون دمهم الآن في شوارع بغداد ، وفي مدن العراق كافة، وهم مجردون مما يحتمون به أو مما يحمون به أنفسهم ، أنهم أبطال في سوح النضال شأنهم شأن ذاك المقاوم البطل الذي يرفع سلاحه بوجه المحتل ، ولا يقلون عنه بطولة ولا شأناً. ))

وبودي هنا أن أضيف إلى طروحات الأستاذ الشاهر الأفكار والمقتراحات التالية مع اعتراضي لبعض توجهات المقاومة وهي :
كلنا نعلم وكما هو معلن ، ان جميع فصائل المقاومة الوطنية العراقية المسلحة قد أتخذت لنفسها أسماء إسلامية متشددة وتنتهج نهجاً اسلامياً صرفاً من خلال فعالياتها وصياغة بياناتها الرسمية ففي حال النصر النهائي ودحر الاحتلال هل تتخلى هذه الفصائل من مشروعها الاسلامي وإقامة الدولة الاسلامية بعد نصرها المبين وكيف يتم ( بناء الدولة والمجتمع العراقي الحر والمزدهر على اسس وطنية سليمة، او على تلك التي سيحددها ممثلوا شعب العراق المنتخبين عن طريق صناديق الاقتراع بعد دحر الاحتلال ومؤسساته) كما تفضل الأستاذ سعد داود قرياقوس . وإني أتسأل ، ما هي الضمانة لتجاوز مثل هذا التوجه الاسلامي المتشدد من جانب المقاومة العراقية ؟

وأرى مثل هذه الضمانة لن يصار إلا عن :
من خلال الحوار والاتفاق بين قيادات سياسية معروفة تسطيع البت والحسم والخروج بنتيجة مرضية للجميع وصولاً إلى وحدة الصف وإقامة الجبهة الوطنية المنشودة والتوقيع على ميثاق يحدد مسارات الدولة الوطنية والديمقراطية المقبلة . ثم ان الخصوصيات العالقة بين قيادات الاحزاب والحركات الوطنية تجب وبالضرورة بحثها وفق منهج وبرنامج محددة وفي غرف مغلقة إن كانت ثنائية أو جماعية ... وأنا أعتقد ان كامل القيادات الوطنية جادة للوصول إلى ما ننشده لخير الوطن والشعب وأعتقد أيضاً ان العائق الصعب والمر أمام الجميع هو الظرف الاستثنائي والسرية المفروضة على الجميع من أصحاب القرار وعدم تمكنهم في التنقل من عاصمة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى وهناك الكثير من العوائق الفنية تعيق التواصل بين الجميع ، لذا يجب التحري عن طريقة لحل وتجاوز هذه العوائق .

ثم هناك قضية هامة في غاية الخطورة تستوجب تحديد الموقف الرسمي منه واعلان ذلك دون لبس أو دوران من جانب حركتنا الوطنية المناهضة للاحتلال والمقاومة الوطنية العراقية وهي ، تنظيم القاعدة وأميرها المقتول أبو مصعب الزرقاوي ومن جاء بعده ، فلقد قامت هذا التنظيم (القاعدة ) بعمليات إجرامية في غاية الخطورة مدانة من مجمل حركتنا الوطنية المعادية للاحتلال والاعمال الارهابية ان أعمال تنظيم القاعدة وجرائمها لم تكن بمعزل عن توجهات الادارة الامريكية وحلفائها ودوائر مخابراتية عربية أيضاً وفي المقدمة المملكة العربية السعودية ودويلة الكويت وأمرائها ويمدونها بالمال والسلاح والرجال فهذه القضايا لم تعد خافية على المعنيين بالشأن السياسي العراقي ، ثم ماذا تريد إدارة الشر والعدوان الولايات المتحدة الأمريكية أكثر مما فعله الزرقاوي وتنظيمه .

هل من المعقول أن نتقبل دون أن نعلن موقفاً رسمياً من ما فعله الزرقاوي ووصف الملايين من أبناء شعبنا بالروافض ؟ وإعلان ذلك على رؤوس الاشهاد من جانب الزرقاوي نفسه وعلناً من خلال شبكات الأنترنت أوليس تلك الاعمال الاجرامية هي تشويه لوجه المقاومة الوطنية العراقية .

وبالمقابل لهذا التنظيم الاجرامي للزرقاوي ... لا يخفى علينا وعلى العراقيين جميعاً ما فعله ويفعله فرق الموت التابع للقيادة العسكرية الامريكية في العراق وبالتعاون التام مع العميلان الذليلان ( موفق الربيعي والارهابي صولاغ ) . وما يسمى بفيلق " بدر " والقتل على الهوية واستخدام أبشع وسائل التعذيب كالدريل الكهربائي ورمي جثث الابرياء في الشوارع والطرقات وحاويات " الزبالة "..الخ

وأخيراً أبتكر بعض المليشيات الطائفية التابعة للقيادات الشيعية كحزب الدعوة ومجموعات آل الحكيم أسلوباً جديداً وتسمية جديدة لقتل أهل السنة تحت أسم ( النواصب ) ؟ وهذا مصطلح ديني يطلق على السنة .

وهنا أشير إلى ، كيف نستطيع إدانة كل تلك الاعمال الاجرامية وعدد من الكتاب الوطنيين ، أعتبروا أو يعتبرون ويصفون الزرقاوي بـ ( الشهيد ) وماذا يكون رد فعل عوائل ضحايا الزرقاوي ؟
من المؤكد ان المقاومة كالسمكة لا تعيش بدون مياه ، ومياه المقاومة هي الجماهير ... أو ليس هؤلاء الضحايا هم من جماهير شعبنا ؟

وأعتقد ان واجب المقاومة الوطنية ، ليس إدانة جرائم تنظيم القاعدة وحسب وانما العمل الجاد من أجل وضع حد لهذا التنظيم الارهابي وادانتها وفضحها وتعريتها وبالسبل المتاحة امامها ... لماذا نستبعد ان الزرقاوي قـُتل بأوامر مباشرة من القيادة السياسية في وشنطن كمحاولة تظليلية من أمريكا كتبديل وجه بوجه جديد بعد افتضاح أعمال الزرقاوي لدى العراقيين وغير العراقيين ... والوجه الجديد أو أمير تنظيم القاعدة الجديد قام بعملية اجرامية بشعة وذلك في قتل الدبلوماسيين الروس خدمة لتوجهات ومصالح الادارة الأمريكية ... ما هو الربط بين قتل الدبلوماسيين في العراق والمطالبة باطلاق سراح السجينات والسجناء في جمهورية شيشان أوليس هذه الآعمال الاجرامية تذكرنا بما قامت بها أمريكا وأسست بما عرفت بمجاهدي العرب في أفغانستان وتنظيم القاعدة وشيخهم بن لادن ... هل قتل الدبلوماسيي الروس يخدم قضيتنا العادلة في دحر الاحتلال ؟

وأرى أيضاً بل وأفترض أن يكون الحوار بين القوى السياسية والطبقية والقومية المتواجدة على الساحة العراقية أصلاً ، وعندما تتوصل القوى الحية في الداخل إلى الاتفاق التام والشامل عند ذاك ونحن في بلاد المهجر سوف ندعم نضالهم ونكون بمثابة الوقود نحترق ونزيد النار اشتعالاً تحت أقدام غزاة المحتلين ونكتب مقالة فكرية وسياسية جادة باستمرار ونحرض وندعم أكثر وأكثر قوى السلام والحرية كما كان قبل العدوان والحرب وكما هو جاري حالياً في عواصم أوربية عديدة والكثير من المناضلين العراقيين من أنصار رفض الاحتلال ورجال المقاومة ضد المحتل قد شاركوا ويشاركون بتلك الندوات بفعالية جادة وليس هامشية. أوليست كل هذه الفعاليات الجادة والمؤثرة ، هو عمل سياسي ؟

بدعوة شخصية من الرفيق ( Moreno ) رئيس حركة التضامن الأممي ضد الفاشية ولأمبريالية في ايطاليا وأوربا شاركتُ في 7 ندوات في 7 مدن الايطالية الرئيسية لمدة ثمانية أيام متتالية وكنت المتكلم الرئيسي شارحاً أوضاع العراق مع تقديم عرض شامل لمقاومتنا الوطنية العراقية وعند فتح باب الأسئلة ، كان عدد من المواطنين الأوربيين يسألون عن دور التوجهات الاسلامية السلفية المتعلقة بالزراقاوي وكانوا لا يخفون هاجسهم من الترابط العضوي بين تنظيم القاعدة وأمريكا .

توسيع القاعدة الجماهيري ضد الاحتلال :
الكل يلاحظ توسيع الحركة المناهضة للاحتلال يوماً بعد يوم فالعديد من الذين باركوا الاحتلال وكانوا ينظرون للاحتلال وكانوا يقولون " تحرير العراق " . اليوم ترتفع أصواتهم أكثر فأكثر شملت الكثير من الشخصيات السياسية الوطنية والقومية مع قواعد واسعة من قواعد القوى للاسلام السياسي يدينون الاحتلال ويصرخون في الفضائيات العراقية مطالبين بانهاء الاحتلال وطرد غزاة الامريكان ومن معهم من العملاء . للنظر بعيون فاحصة ما يجري في البصرة وبعض المدن لفرات الأوسط من أفعال وتحركات جماهيرية واسعة ساخطة وتطالب برحيل الاحتلال وحتى بدأت بادانة بعض قياداتهم السياسية علينا احتضان هذا الجمهور الواسع وتنميتها يجب أن يكون خطابنا السياسي منسجماً مع هذه التطورات .

هكذا نرى ان القاعدة الجماهيرية ضد جرائم الامريكان تتسع وتتسع على الدوام والفرز قائم باستمرار لصالح الشعب والوطن ، وفي الاتجاه المعاكس هناك من كان يرتفع صوته ضد الاحتلال ، كظاهرة صوتية ثم انخرط فيما تسمى بالعملية السياسية الامريكية بعد اغرائهم بالمال والمناصب الوزارية البائسة وتحولوا إلى بوق للاحتلال في أبشع صورها فلفضهم الشعب المقاوم والرافض للاحتلال ولا حاجة لنا أن نذكرهم بالاسم كشخصيات والتجمعات .

ثم هناك قضايا أساسية ومصيرية على عاتق فصائل المقاومة الوطنية العراقية يجب أن يتوصل اليها والالتزام بها في وثيقة رسمية يتم التوقيع عليها من قبل فصائل المقاومة وقياداتها السياسية ، على سبيل المثال ما هي طبيعة الدولة المقبلة بعد التحرير ، هل هي دولة اسلامية المنهج والشريعة الاسلامية تكون المصدر الاساس في سن قوانين الدولة المقبلة أم الدولة العلمانية بعيدة عن إقحام الدين في السياسة . وهل يجوز بعد التحرير تأسيس الاحزاب على أساس الدين والطائفة أم تحرم ذلك ؟.

ثم ما هي الدولة المقبلة وموقفها بقضايا حقوق الانسان والموقف من المرأة والحجاب والزواج واختلاط الجنسين في المدارس والجامعات ... ثم هل أن الاحزاب بعد التحرير ، أحزاب ثورية بمعنى الايديولوجية والعقائدية الجامدة واللجوء إلى عسكرة قاعدة الاحزاب المقبلة ؟ أم تتحول جميع الحركات والاحزاب إلى أحزاب خدمية يدخل الجميع إلى منافسات حرة ديمقراطية ، وفوز هذا الحزب أو ذاك في الانتخابات الديمقراطية على أساس من يقدم الأفضل للوطن والشعب على ارض الواقع وجعل المواطنين جميعاً مواطنين من الدرجة الأولى دون تفريق أوتميز في الجنس أوالعرق والقومية والانتماء .

وأرى أيضاً أن تكون للمواطنين هوية واحدة تسجل في الهوية الآسم الثلاثي والأم دون أي اشارة إلى تسمية القوميات ك : الكوردي أو العربي أو التركماني أو الآشوري أو الكلدني الخ .. وكما هو جاري حالياً أوكما كان في السابق قبل الاحتلال ، وأرى ان يكون للعراقيين جميعاً جنسية واحدة لا حسب الأحرف الأبجدية كالقول الجنسية العثمانية أو التبعية الإيرانية أو الهندية أو الباكستانية كل هذه الأمور يجب أن تحسم قبل التحرير . بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 رفض والد ماجد ( عبدالرضا ) تسمية ثورة تموز بالثورة كان يقول لا ثورة في العراق طالما هناك تعددية في الجنسية العراقية ، ولقد دلت التجربة بما لا يدع مجالاً لشك بان التعددية في الشهادات للجنسية العراقية كانت شديد التأثير لمتزيق وحدة شعبنا وإن ما نراه اليوم على الساحة العراقية خير دليل على ذلك ، كانت للطائفية والعنصرية والعرقية أسسها الفكرية والسياسية وجاء المحتل الغاصب لتذكي نار الفتنة ووجدت أحزاب وقيادات حزبية متأصلة في عنصريتها وطائفيتها وشوفيينتها بصورة صارخة لا يمكن لأحد اخفائها.

كما يجب أن يختفي في قاموسنا السياسي نهائياً كتحديد نسبة النساء في الترشيح والانتخاب في البرلمان وجميع المرافق ووظائف الدولة من الرأس حتى أدنى وظيفة ... ان تحديد نسبة النساء في الدولة القادمة على أساس للمرأة كذا نسبة كالقول 25% أو حتى 50% هو التميز والتفريق بين المرأة والرجل ، ان الاسلام السياسي وحتى الديني يفرق بين المرأة والرجل والدولة العلمانية وحدها كفيلة بتجاوز هذه الافكار البالية ... إن الأخذ بالتراث لا يعكس إلا بالتقليد والعجز بالتحديث .. هذا هو جوهر فكر وطريقة الاسلاميين السلفيين .

كما أرى ، بل ويجب أن يختفي في قاموسنا السياسي ، وكما كان جاري قبل الاحتلال وبعد الاحتلال أن يكون رأس الدولة مسلماُ ومن الطائفة السنية تحديداً فكانت تلك الحالة تشكل طائيفية صارخة عمقت الخلافات في أوساط شعبنا عامة ففي الاسلام جذور تأريخية لمثل هذه الطائفية والمذهبية منذ وفاة الرسول حول الخلافة بين علي ومن معه وعمر ومن أتبعه ، كانت خلافاتهما خلافات سياسية وليس على الدين وان حاولوا تصوير ذلك فكلا الطرفين السنة أو الشيعة يتمسكون بالقرآن والقرآن دستورهم في الحياة ، هكذا دفعت الشعوب العربية والاسلامية ثمناً باهضاً كنتيجة منطقية لخلافاتهم السياسية ليس إلا ؟ ولقد عجز الاسلام السياسي وسوف يعجزون تقديم فيما هو أفضل للشعب ، وهم بالضد من بناء مؤسسات المجتمع المدني وهم ضد الحريات العامة والحياة الديمقراطية . لذا أرى إن الحل لمشاكلنا اللاحقة بعد التحرير ، هي علمانية الدولة . وفصل الدين عن الدولة .

قد يقول قائل ، ألستم أنتم العلمانيون واليساريون ساهمتم بصورة وأخرى وتلوثتم بداء الطائفية والمذهبية .. وهذا سؤال مشروع وواقعي سوف أنطلق منذ البداية بممارسة الجلد الذاتي وليس النقد الذاتي ، وأعكس وأبيح لنفسي وأضع بين أيدي القراء الكرام التجربة المريرة التالية : عندما كنا نحضر لحركة انقلابية بهدف الوصول إلى السلطة السياسية ، في عام 1966 ، وداخل المكتب السياسي انبرى المرحوم عامر عبدالله وقال : ( ماذا دهاكم ايها الرفا ألا تعرفون ان من شخصتموه كرئيس للجمهورية هو من الطائفة الشيعية وهناك فيتو دولي لايمكن أن يكون رئيس الجمهورية شعياً ، حدث ذلك عندما طرح أسم المرحوم شاعر الأمة محمد مهدي الجواهري لرئاسة الحكومة الشيوعية حسب خطة الانقلاب آنذاك ، والمكتب السياسي وافق على طرح عامر عبدالله ؟!.
فهل يفعل الآخرون في ممارسة النقد والنقد الذاتي كما نفعل نحن الماركسيون .

ومن خلال هذه التجارب المريرة والتي أصابت كافة أبناء شعبنا لذا أرى ان من يتولى رئاسة البلاد ان يكون شخصية مؤمنة بوحدة العرق أرضا وشعباً ً من خلال انتخابات رئاسية مباشرة ديمقراطية ونزيهة ليكن مسلماً سنياً أو شيعياً عربياً أو كوردياً أو مسيحياً أو تركمانياً ، فهل في تفكيرنا وعقولنا أن نتمسك بهذا المبدا ؟ أم يكون ذلك مجرد خطاب اعلامي نتخلى عنه في أول فرصة سانحة عندما تتغلب منطق القوة المسلحة ؟

كثيراً ما يقال إن الدولة العلمانية هي منافية للدين ومشاعر المتدينين ان أصحاب هذه الدعوات جوهرها وكما هي ظاهرها هي معارضتهم ليس فقط من جانب القوى وأحزاب الاحتلال وانما داخل صفوف القوى المناهضة للاحتلال يرفضون الدولة العلمانية لأنهم لا يريدون إقامة الدولة المدنية دولة قائمة على مؤسسات المجتمع المدني قائمة على الأسس الديمقراطية والحضارية واحترام رأي الاخر ، فالاسلاميون يريدون أن يذهب المواطن إلى صندوق الانتخاب ينتخب دون معرفته من أنتخب والقول ( قال السيد ) ؟! وقد يردد الآخرون في القول نريد قائمة الفصيل المقاوم الفلاني في حال توفر لهم القوة العسكرية المطلوبة وصولاً إلى مبتاغاهم ... هكذا تتكرر الكرة دورتها لتؤسس السلطة الدكتاتورية الاستبداداية وقد عبر بعض الفصائل الوطنية لمثل هذه المفاهيم وهي منشورة في المواقع الألكترونية وموثقة في البيانات السياسية كالقول بعد النصر النهائي ودحر الاحتلال ستقوم المقاومة بالسيطرة التامة على البلاد وتقييم السلطة المؤقتة لمدة سنة أو أكثر لحين إجراء انتخاب الجمعية التأسيسية أو البرلمان بصورة ديمقراطية والتعددية .. الخ إن هذه الهواجس لدى البقية هي ليست مجرد التشكيك بالنوايا الحسنة أو محاولات البعض لاقتناص الفرص كما يقال ، لذا من الهام جداً حسم كل هذه التصورات والاراء المتباينة قبل التحرير والنصر النهائي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تبدو كالقطن ولكن تقفز عند لمسها.. ما هذه الكائنات التي أدهشت


.. أصوات من غزة| سكان مخيم جباليا يعانون بسبب تكرار النزوح إلى




.. يحيى سريع: نجحنا حتى الآن في إسقاط 5 مسيرات أمريكية من نوع ط


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني في مدينة تبريز عاصمة محافظة




.. تحذير من حقن التخسيس لأصحاب هذا المرض