الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صباح الخير يا وطني !...

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2020 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


صباح الخير يا وطني !..

لا لأدري بم أبدأ حديثي وأين أنتهي ؟ ..

كل شيء في هذا البلد يسير بنسق ونظام وترتيب عجيب !..
وكذلك كل شيء يسير دون نسق ولا تنظيم ولا ترتيب وخارج الأعراف والتقاليد وخارج القانون ( والدولة وسياقاتها ! ) !..

أمر مُخَيرُ وعجيب !..

عقود مريرة وعصيبة وشعبنا يجتر الألم والجوع والحرمان والتشرد والحروب والحصار والموت ، كل تلك السنوات وما بعد الاحتلال الأمريكي في 2003 م وما زال هذا الشعب الصابر يبحث عن وطن يأويه ويحفظ له كرامته ويصون عِرضَهُ وأرضه وأمنه ويبحث عن عيش رغيد أمن سعيد !..

هذه الأحلام والتطلعات المشروعة ، وحتى تستمر بالدوران عجلة الحياة أسوة بأقرانهم من شعوب الأرض ، لكن تلك الأحلام ذهبت سدا تذروها الرياح !..

سبع عشرة سنة خلت ، والعراق وشعبه يخرج من [ حفرة ليقع في جب عميق ! ] على يد من تولى أمر هذا الشعب من الجهلة الأُميين وسدنة الطاغوت من قوى وأحزاب الإسلام السياسي وميليشياته الطائفية العنصرية .

الجميع يعرف ماذا قدموا هؤلاء الفاسدون والمفسدون في فترة حكمهم ؟..

لم يقدموا غير الجوع والمرض والخراب والدمار والتخلف والفساد والمحاصصة والطائفية والتمزق الاجتماعي وتغييب بل إلغاء ( للدولة ومؤسساتها وللدستور والقانون وللعدل والمساواة !! ) وتغييب للقضاء العادل النزيه .

شعبنا لم يستكين لإرادتهم رغم البطش والإرهاب والقتل والاعتقال والقمع والخطف والتشريد القسري ، وعبر عن سخطه ورفضه لسياساتهم الهوجاء ، وعبر عن هذا الرفض بأشكال مختلف وبطرق سلمية وحضارية ووفق ما كفله الدستور والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ، وأخرها كانت ثورة تشرين في الأول من تشرين الأول 2019 م ، هذه الثورة التي جوبهت بالحديد والنار ، وراح نتيجة هذا البطش المريع ما يزيد على سبعمائة شهيد وما يربو على ثلاثين ألف جريح ومصاب ومعوق ومخطوف ومعتقل ومغيب ، بالرغم من كل ذلك فإن ثوار وثائرات تشرين ما زالوا متسمرين في ساحات التظاهر وبصورة سلمية بالرغم من كل المحاولات التي يمارسها النظام السياسي وأحزابه الحاكمة ( قوى وأحزاب الإسلام السياسي وميليشياتهم المسلحة ! ) لجر الثوار والثائرات إلى الصدام وخروج تلك المظاهرات عن طابعها السلمي ، ولكن وعي هؤلاء المنتفضون السلميون فوت عليهم تلك المحاولات البائسة ، واستمرت الثورة الحفاظ على طابعها السلمي .

نحن على أبواب مرور عام على تلك الثورة المباركة في الأول من تشرين الأول 2019 م ، ورغم كل تلك التضحيات الجسام والدماء الغزيرة الطاهرة ، التي أريقت على تلك الساحات ، فما زلنا بعيدين عن تحقيق تلك الحقوق المشروعة العادلة ، في وطن يتعايش فوق أرضه الجميع ، بحرية وكرامة وأمن وسلام ورخاء ، دون إقصاء وإلغاء وتهميش .

كل هذا لم يتحقق نتيجة تمسك نظام الإسلام السياسي الحاكم الفعلي للعراق من 2006 م وما زال كذلك ، متمسك بالسلطة والتنكر للديمقراطية والعدل والقانون والتعددية واعتبار الدستور العراقي خيمة يستضل تحتها الجميع ويحتكم إليها الجميع .

بعد سقوط حكومة عادل عبد المهدي المسؤولة عن قتل وإصابة ألاف المتظاهرين والمعتصمين السلميين بين قتيل وجريح ، خلفت حكومة عادل عبد المهدي حكومة السيد الكاظمي بعد مخاض عسير ، بالرغم من كونها خرجت من رحم النظام السياسي الفاسد والطائفي والقائم على المحاصصة ، ولكن مع هذا فإن ثوار ثورة تشرين أرادوا أن يعطوا فرصة لتلك الحكومة لتقوم على تحقيق ما طالبت به الثورة وثوارها من حقوق مشروعة وعادلة .

كل المعطيات تشير بأن شيء من هذا لم يتحقق رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر ونصف على قيامها ، ولم تقم بأي خطوة حقيقية وعملية تصب في مصلحة السواد الأعظم من الناس .

لقد أعلنت الحكومة عن إجراء انتخابات ( مبكرة ! ) في الأول من يولي حزيران من عام 2021 م ، ولكن بنفس الأدوات القديمة ، وإن استمر الوضع على ما هو عليه فلا بصيص أمل في انتخابات شفافة نزيهة ، ودون توف شروط نجاحها ونتناول البعض من مقومات وشروط نجاح الانتخابات القادمة :

1- المفوضية الحالية غير مستقلة وقامت على مبدأ المحاصصة والطائفية والعرقية والحزبية .

2- قانون انتخابات ما زال في علم الغيب ويراد له أن يكون ملبي لمصالح هذه الأحزاب الحاكمة ، واعتبار المحافظة دوائر متعددة ، وعدم اعتبار المحافظة دائرة انتخابية واحدة أو العراق دائرة انتخابية واحدة .

3- الإبقاء على الهيكل الهرمي السابق للمفوضية والذي يمثل أحزاب وكيانات المتسلطين الجاثمين على رقاب الناس وأغلبهم غير مستقلين .

4- قانون الأحزاب لم يتم أي تغيير عليه ، وهو قانون غير وطني ولا يمثل إرادة الطيف العراقي ولا يعكس المواطنة والوطنية والانتماء للوطن العراقي .

5- لم يتم أي إجراء بإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية والعسكرية والمخابراتية وحصر السلاح بيدها ، ولم يتم حتى الساعة حل الميليشيات الطائفية المسلحة والحشد الشعبي والعصابات الخارجة عن القانون ، وبعكسه لا يمكن أن تقوم انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية أبدا .

لم تتخذ الحكومة أي إجراء حقيقي لمحاربة الفساد والكشف عن الفاسدين وحيتانهم السمان وتقديمهم إلى العدالة ، واستعادة تلك الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة وهي بعشرات المليارات والعراق أحوج إليها من أي وقت مضى ، كذلك لمنع الأموال المنهوبة للتأثير على العملية الانتخابية وتزويرها وفي شراء الذمم .

6- لليوم لم يتم تشريع قانون [ من أين لك هذا ! ] ومسائلة السياسيين وكبار المسؤولين عما يملكه وعائلته اليوم ، وما كان يملكه قبل 2003 م وما هو مصدر تلك الثروة ؟..

7- يجب التحري عن الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية ( الفضائيات التلفزيونية ) وهل تلك المؤسسات تقوم بدفع الضرائب للدولة منذ قيامها وحتى اليوم وهل تلتزم بانتمائها للعراق كوطن يجمع تحت خيمته كل العراقيين ؟..

8- إصلاح القضاء واستقلاله ومهنية عمله ونزاهته شرط أساس من شروط قيام ( دولة المواطنة وتحقيق العدالة والمساواة والحقوق ) وبعكسه لا وجود للقانون والدستور ولا يمكن إجراء انتخابات حرة شفافة ونزيهة .

يجب العمل فورا بتصفية الدولة العميقة ، وإعادة الهيبة ( للدولة ومؤسساتها المختلفة ) وفرض القانون والحفاظ على أمن الناس وحياتهم وحقوقهم وحقوق عوائلهم ، ووفق منظور الدولة الديمقراطية الاتحادية في عراق حر موحد مستقل .

بعد توفير تلك الشروط وغيرها ، يجب أن تجري الانتخابات في بيئة أمنة وأن تكون لنا دولة تحمي الجميع وتساوي بين الجميع ، وأن تشرف المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات الوطنية على سير العملية الانتخابية ، كشرط أساس لنجاحها وسلامتها ونزاهتها .

سنتناول لاحقا جانب مهم وأساسي وبشكل مفصل وبإسهاب ، ما يتعرض له الناشطون المدنيون عبر سنوات حكم قوى الإسلام السياسي ، وما ترتكبه العصابات الخارجة عن القانون والميليشيات الطائفية التابعة لأحزاب وكتل الإسلام السياسي ، وما تتعرض له اليوم من اغتيال وتهديد وإرهاب ، في البصرة وبغداد ومناطق أخرى ، ونحن اليوم نستذكر الباحث والمحلل والكاتب الدكتور هشام الهاشمي لمرور أربعين يوما على اغتياله ولليوم لم نعلم شيء عن الفاعلين والمحرضين ، ومن سبقه العشرات من المغدورين ، ومن تبعهم خلال الأسبوع الماضي .

هذه وما ارتكب من جرائم بحق المتظاهرين السلميين وهم بالألاف ، فما زال القتلة المجرمين طلقاء ولم تنالهم يد العدالة !..

متى ستباشر الحكومة والقضاء والمدعي العام بالتحقيق الجاد والمهني للكشف عن تلك الجرائم الإرهابية الجبانة ، ومتى يتم أنصاف ذوي الضحايا وينالوا حقوق أبنائهم ومحبيهم ؟.. متى ؟..

19/8/2020 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم


.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في




.. نائبة بريطانية تدعو حكومة بلادها إلى الضغط على إسرائيل لوقف


.. أخبار الساعة | عمالقة النفط يدعمون حملة ترمب بمليار دولار




.. أخبار الساعة | -بوينغ- تسجل 3 حوادث جديدة خلال 48 ساعة