الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق السلام .. رؤية ثورية(2)

محمد خدام عبد الكريم
كاتب

(Mohamed Khadam Abdalkareim)

2020 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


أوراق السلام.. رؤية ثورية (2)

بقلم✍/محمد خدام عبدالكريم

*العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية

إن تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية في دارفور يستلزم بناء تطبيق ونموذج فعال للعدالة الانتقالية حتى يخرج الإقليم من دائرة الحرب ودوامة العنف والصراعات التي باتت سمة مميزة له وحتى تنطلق عملية إعادة بناء الدولة السودانية التي يحكمها القانون وتسود فيها العدالة.
معلوم أن حقبة الثلاثين عاما من الحكم الإنقاذي الاسلامي الديكتاتوري الشمولي والتي انتهت بسقوط النظام المخلوع بفضل ثورة ديسمبر المجيدة قد تركت إرث كبير من الانتهاكات الجسيمة والفظيعة بحق إنسان دارفور في تلك الفترة الحرجة من تاريخ بلادنا فقد حُرم المواطن الدارفوري من التمتع بكثير من حقوقه الأساسية بل قُتل بدم بارد اعداد كبيرة من أبناء دارفور وماتت اعداد اخرى منهم تحت التعذيب في المعتقلات وأسوأ الجرائم وأكثرها وحشية وجسامة جرائم الابادة والقتل الجماعي التي طالت مئات الآلف من المدنيين العزل من أبناء دارفور.
هذا الإرث الجسيم من القتل والانتهاكات والقمع والاغتصاب الجماعي الذي اعتبرته المحكمة الجنائية الدولية جرائم ابادة بحق إنسان دارفور واصدرت أمر توقيف بحق رأس النظام البائد يستلزم منا التعامل معه بشكل أكثر جدية واكثر عدالة وذلك بتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية وبدون الجدية والرغبة في تحقيق الأمن والسلام لا يمكننا تحقيق المصالحة والعدالة الانتقالية ويجب أن نُدرك أنه بدون المصالحة والعدالة لن يكون هناك استقرار وسلم إجتماعي.
وعلى الأرجح إن لم نعالج هذا الأمر ستكون النتيجة الحتمية مزيدا من الانقسامات الإجتماعية والتي بدورها تغذي الصراعات القبلية التي انهكت الاقليم وافقرت موارده كما أن غياب الثقة بين مكونات المجتمع الدارفوري فيما بينها وبين مؤسسات الدولة سيولد مزيدا من الدم وعرقلة الأمن وعملية السلام وتعطيل عملية التنمية أو إبطاء تحقيقها.
كما أنه سيطرح تساؤلات بشأن الالتزام بسيادة القانون وقد يؤول بنا في نهاية المطاف إلى دائرة الحرب والعنف بأشكال مختلفة.
لقد أدركت منذ وقت مبكر ومنذ انطلاقة ثورة ديسمبر المجيدة وحتى قيام مؤسسات السلطة الانتقالية أن تحقيق المصالحة والعدالة الانتقالية يستوجب استصدار قانون يضع قواعدهما الأساسية ثم تقوم جميع مؤسسات السلطة الإنتقالية بدورها الوطني لأن تحقيق المصالحة والعدالة يحتاج إلى أدوات وآليات ثقافية وتوعوية وتربوية وإعلامية وسياسية وإجتماعية ومناشط وأعمال كثيرة جميعها تصب في تهيئة المجتمع وتوعيته إلى أهمية المصالحة والعدالة حتى يشارك ويتفاعل معها بطريقة إيجابية وبناءة وإلا ستظل عملية السلام والقوانين والتشريعات والمصالحات والتفاهمات الوطنية حبر على ورق.
وفي اعتقادي أن كل هذه التدابير سيكون طريقها الفشل إذا فشلت السلطة الانتقالية في مسألة إطلاق العدالة الانتقالية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية وإذا فشلت في إعادة تفعيل إنفاذ القانون أو تعثرت في بناء مؤسسة الجيش الوطنية. لأن أي فشل في هذا المجال سيؤدي إلى تعاظم شيوع ثقافة (الإفلات من العقاب) لأن غياب سلطة القانون وإنتشار السلاح والتشكيلات المسلحة المختلفة ذات الطبيعة الجهوية والقبلية سيؤدي حتما إلى وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومن كل الأطراف.
ومما تقدم بات لدي يقين كامل أننا اليوم أشد حاجة لتحقيق العدالة الانتقالية كمدخل لتحقيق المصالحة الوطنية ولكن بدون أن نواجه حقيقة الانتهاكات التي وقعت في دارفور منذ العام 2003 وإلى يومنا الحاضر وبدون إنصاف الضحايا وجبر الضرر وبدون محاسبة الجناة وبدون استصدار تشريعات مناسبة لمنع تكرار هذه الانتهاكات سيظل الاقليم بل السودان كله في دوامة من العنف والعنف المضاد واستمرار الفوضى.
وعليه أرى في مجال تحقيق العدالة الانتقالية ان يتم التعامل مع هذا الملف في اطار السودان الواحد بمعنى ان تحل مشكلة دارفور ضمن مشكلة السودان المتراكمة منذ 1956م وأن يُنظر إلى الجرائم والانتهاكات كأصل واحد ضمن اطار القانون الواحد والمحكمة الواحدة إلا الانتهاكات ذات الطبيعة الإنسانية فأرى أن تشكل محكمة خاصة ومستقلة ذات طبيعة إستثنائية لتقوم بمحاكمة المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية. وجميع من ثبت تورطهم في ملف دارفور.
وأرفض بشدة المحاكم التقليدية لحل انتهاكات دارفور لأن هذه الانتهاكات ذات طبيعة متداخلة ومعقدة ومتشابكة ومتباينة ومتقاطعة في ذات الوقت وأفضل بدلا عنها طريق المصالحات الوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحافظون في إيران ذاهبون إلى انتخابات الرئاسة بمرشح واحد


.. توتر الأجواء بين بايدن وترامب قبل المناظرة الرئاسية | #أميرك




.. هل العالم يقترب من المواجهة النووية؟


.. انتخابات فرنسا.. استطلاعات رأي تمنح أقصى اليمين حظوظا أكبر ف




.. فيديو أخير.. وفاة مؤثرة تونسية خلال تواجدها في صقلية الإيطال