الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شطحات مجنون

فتح عبدالفتاح كساب

2020 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


أولا وقبل كل شيء أؤمن أن أي فعل تطبيعي مع الكيان الصهيوني- بغض النظر عمن قام به وعن تبريراته- فعل غاية في البشاعة والتبعية ولا يمكن إيجاد كلمات أو عبارات تصفه مهما بلغت من القسوة والحدة.
اضطررت للكتابة عن موضوع فتح "دولة الإمارات" للاستعمار الصهيوني مجانًا لكثرة ما سمعت من عبارات الاستنكار من البعض والمزايدة من البعض الآخر. وكان يجدر بمن كتب أو صرح استنكارًا أو استهجانا أن يجيب على أسئلة كثيرة أهمها:
أولا: هل "دولة" الكيان دولة طبيعية ثارت بينها وبين دول الإقليم خلافات حدودية أو سياسية أو اقتصادية تستدعي إبرام معاهدات سلام أو تحالف؟
والإجابة بكل بساطة لا. إنها كيان مصطنع كغيرها من دول الإقليم قامت سلطات الاستعمار البريطاني بصناعتها خدمة لأغراضٍ أشبعت بحثا وتحليلا ولا مجال للعودة إليها في هذه العجالة. وبناء عليه فإن إبرام معاهدات معها فعل استسلام للمشروع الاستعماري إن أحسنا الظن بمن يقوم بفعل التصالح مع هذا الكيان، أو هو استمرار لحالة التبعية لذلك المشروع عبر أدواته التي تركها الاستعمار في مرحلة " ما بعد الاستقلال".
ثانيا: هل عادت معاهدات "السلام" على الدول التي عقدتها مع الكيان الصهيوني بأية فوائد اقتصادية أو سياسية أو علمية؟
الإجابة لا. حدث العكس تماما حيث ازداد الفساد المالي والإداري، وتم تفكيك المكونات الاجتماعية، وتوحَّش الاستبداد، وقويت القبضة الأمنية، وتراجعت الحريات أكثر من ذي قبل، وسادت رواية واحدة هي رواية السلطة ومن يدور في فلكها، وتم رمي كل رواية مخالفة في غياهب الجب بانتظار أن يلتقطها بعض السيارة الذين قد لا يحضروا أبدا.
ثالثا: هل يحق للرسميين في الدول المطبعة وكذلك ما يسمى "مثقفي" السلطة في تلك الدول أن يزايدوا على "دولة الإمارات" بما اقترفته؟
الإجابة بالقطع أن فعل الاستنكار أو الاستهجان الصادر عن المذكورين عبارة عن ذر للرماد في العيون. فما الذي يملكه كتّاب الصحف الرسمية في مصر أو "بلدية رام الله" أو الأردن من مبررات تسوّغ لهم لعن الإمارات أو استنكار فعلتها وسلطاتهم ذات "خبرة وعراقة" في التطبيع وإبرام معاهدات "السلام" مع الكيان الصهيوني؟ وما هو الإرث النضالي الذي تتكئ علية "مشيخة قطر" وقناتها الثورية للمزايدة عل الإمارات؟ فقد كانت المشيخة العظمى أول من فتحت أبوابها على مصاريعها لدخول الصهاينة علنا. فهي أول من فتحت ملحقية تجارية وهي أول من سمح للصهاينة بالإطلالة الإعلامية ليقدموا "وجهات نظرهم" لتبرير قتل الفلسطينيين أو اللبنانيين, حتى غدت تلك الإطلالات أمرا أقل من عادي بالنسبة " للمواطن" العربي. أما السعودية فقد استعانت بالصهاينة عسكريا في ستينيات القرن الماضي للقضاء على الانقلاب الذي نفذه مجموعة من الضباط اليمنيين على "إمام" اليمن القادم من أعتى عصور الظلام والتخلف. وأما سلطنة عُمان فكانت من السباقين لاستضافة الصهاينة في مسقط تحت حجج مختلفة واهية. وقس على ذلك مملكة صاحب "العظمة".
على الصعيد الإعلامي يبرز سؤال مهم جدا وهو: هل وسائل الإعلام التي تمولها الأنظمة المختلفة في المنطقة والتي تقوم بتلميع بعض "المثقفين" الذين ينبرون لإطلاق شعارات غاية في القذارة والصفاقة ضد الفلسطينيين، هل هي جديرة بالمشاهدة والمتابعة؟ هذا السؤال ضروري؛ لأن لتلك الوسائل القدرة على تشكيل حالة عقلية خاضعة تتقبل ما يُطرح عليها دون مساءلة. وتعتمد وسائل الإعلام تلك في عملية غسل دماغ المتلقي على الضخ المستمر لعبارات ومصطلحات تُهوِّن من الفعل الإجرامي المتمثل بالنظر إلى الكيان الصهيوني على أنه:
• دولة معترف بها في الأمم المتحدة- أي أنها تمتلك شرعية وجود دولية.
• أو أنها أمر واقع لا يمكن القفز عنه.
• أو أنها قوة عسكرية وعلمية لا يمكن قهرها.
• ظهور عدو جديد في المنطقة أشد قسوة وعدوانية من الكيان الصهيوني.
يتقبل المتلقي العربي هذه المبررات الواهية دون أدني تساؤل أو تشكيك في ماهيتها. وكان من الواجب على المتلقين طرح الأسئلة التالية مثلا بدلاً من التلقي السلبي:
ما الدور الذي لعبته الأنظمة في إنشاء الكيان الصهيوني والمساعدة على جعله أمرا واقعا؟
ما الذي فعلته تلك الأنظمة قبل عام 1948 وبعده لمساعدة الفلسطينيين على التصدي لذلك الكيان الهجين؟
هل كانت أقوالهم وأفعالهم تصب في مصلحة الفلسطينيين أم في مصلحة الكيان الاستيطاني ألإحلالي الناشئ؟
هل يجب اللجوء إلى خلق مقاومات شعبية تقارع الكيان عسكريا بدلا من الاتكال على أنظمة مُجربة لم تجلب إلا الهزائم ولم تُكرس إلا التبعية والتخلف؟
20/8/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل