الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية والدساتير الدينية العربية

جورج سامى

2006 / 7 / 2
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


هل يمكن تحقيق العلمانية فى ظل قوانين ودساتير ذات مرجعية دينية؟
بالقطع وبالطبع لا.. فكما يعرف البعض أن العلمانية ليست ضد الدين أو على النقيض منه ولكنها التحرر من سيطرة المؤسسات الدينية على أمور الدولة وشئون الحكم أو هى تحول السلطة من المؤسسات الدينية إلى المؤسسات المدنية.فكيف نستطيع أن ندير النسبى والمتغير ( شئون الحكم والسياسة) بمطلق وثابت (الدين ونصوصه )وأرغب التحدث فى ذلك المقال عن مشكلة العلمانية فى الدول العربية ولأننى لا أعلم الكثير عن العلمانية فى معظم الدول العربية سوف أكتفى بالحديث عن العلمانية فى مصر وما هى المشكلات التى تقابلها وكيفية مواجهتها وحلها.
مفهوم ونشأة العلمانية فى مصر موجود منذ أوائل القرن التاسع عشر ولكن العلمانية فى مصر لم تستطع الأنتشار والتأثير حتى يومنا هذا مثل فرنسا وباقى الدول الأوروبية فالتجربة الليبرالية المصرية ثم التجربة الأشتراكية فى عهد الرئيس الراحل عبد الناصر لم تعطى الفرصة الكافية لظهور التيار العلمانى فى مصر وإن كان موجود بنسبة بسيطة ثم أتى الرئيس الراحل السادات ليعطى للعلمانية ضربة قاضية سواء عن علم أم عدم دراية ضربة على ما أعتقد لم تفيق منها العلمانية حتى الأن عندما عدل الدستور المصرى ونص فى المادة الثانية أن الدين الأسلامى هو دين الدولة الرسمى والشريعة الأسلامية هى مصدر التشريع.
فكيف للعلمانية أن تنتشر وتزدهر فى ظل دستور دينى يحمك بالشريعة ( فى حين أن ذلك لم يطبق حتى يومنا هذا!!!) ثم أتى مرة أخرى السادات ليعطى للعلمانية والأشتراكية والشيوعية ضربة مؤلمة عندما أخرج الأخوان من المعتقلات إلى الساحة الشعبية فى الجامعات والنقابات وغيرها ليسود التيار الدينى البلاد مدعوم بدستور دينى ورئيس دولة يتحكم فى كل شئ فما كان إلا أن أختفت العلمانية تماماً ثم نأتى للرئيس مبارك الذى أتاح فرصة لا بأس بها ولكنها ضعيفة بسبب سيطرة التيار الوهابى والأصولى فى مصر على رجل الشارع عندما أعلت أكثر من مرة عدم سماح الدولة بقيام أحزاب على أساس دينى .
ومشكلة العلمانية اليوم ليست فقط فى الدستور فذلك أمر سهل فعندما يقتنع الشعب بالعلمانية ومفهومها الحقيقى سوف يطالب بألغاء تلك المواد من الدستور ولكن المشكلة تكمن فى العلمانيين أنفسهم !!!فهم مثل الدبة التى قتلت صاحبها.
ففى الأيام القليلة الماضية أعلن رئيس وزراء مصر أحمد نظيف أن مصر دولة علمانية ولن يسمح بقيام أحزاب دينية بها وسوف نعمل جاهدين على كبح جماح الجماعات المحظورة.فماذا كان الرد؟ هجوم عنيف عليه فى مجلس الشعب من جماعة الأخوان والضغط على رئيس المجلس حتى أعلن د/ فتحى سرور بأن مصر دولة إسلامية وأن الأخوان يعاملون كمستقلين فى المجلس.
ما الذى حدث ولماذا يرفض أغلبية المسلمين بل والأقباط فى مصر أيضاً العلمانية؟
الأجابة تتلخص فى السطور القادمة.
دُعيت أوائل شهر مارس الماضى لحضور مؤتمر تأسيس العلمانية فى مصر وكان المشاركون فى المؤتمر من كبار الدعاة للعلمانية منهم د/ مراد وهبة ود/ وسيم السيسى وتخيلوا معى أن يتم تعريف العلمانية فى ساعة من الزمن وهل هى بفتح أم بكسر العين!!!ثم يطلب أحد الحضور الكلمة ليعلن وعلى الملأ وسطحشد من الصحفيين بأن المسلمين هم أكبر تجمع بشرى متخلف فى العالم!!!ثم يأتى بعده شخص أخر ليتحدث عن نقد الكتاب المقدس فيما يعرف بالنقد العالى والمنخفض!!!ثم يتحدث أخر ليعلن بأن الفلسطينيون أرهابيون يحبون الدماء والقتل والعنف!!!
تخيلوا معى ماذا سيحدث لو سمع رجل الشارع البسيط سواء المسيحى أو المسلم تلك الجمل من مؤسسى العلمانية فى مصر وعرفوا أن منبعها هم العلمانيون أنفسهم؟
كما قلت أن المشكلة الحقيقية تكمن فى العلمانيين أنفسهم فهم دائماً يتهجمون على النصوص الدينية بألفاظ بالغة الصعوبة ويتحدثون بألفاظ غريبة فلا ينزلون بفكرهم
ولغتهم إلى رجل الشارع البسيط فمن منهم يفهم معنى كلمة أرهاصات علمانية!! ومن يفهم معنى كيف أدير النسبى بالمطلق أو معنى كلمة اللائكية.
أننا فى حاجة شديدة إلى أحترام الأديان أولاً وعدم التعرض لها أو للنصوص ولكن ينبغى التعرض للتفاسير ونقدها وأيضا نقد ودحض وتنفنيد الأفكار المتطرفة الدينية فنحن نستطيع مهاجمة العصور المظلمة للكنيسة فى أوروبا ومهاجمة الآصوليين والوهابيين ولكن ينبغى علينا عدم الدخول فى حرب الأديان
كما يجب على العلمانيين مخاطبة رجل الشارع البسيط وليس الفئات الخاصة فمن غير المعقول إقامة مؤتمر للعلمانية فى فندق خمس نجوم وتوجيه الدعوة لأشخاص بأعينهم فى حين أن الخوان وهى الجماعة المحظورة تنزل للشارع وتجند القطيع البسيط وتخدعة بأسم الدين والله والخلافة!!!
يجب على العلمانيين النزول من أبراجهم العاجية إلى الشوارع وتبسيط أسلوبهم حتى نستطيع إنشاء علمانية ذات خطاب جديد للمستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو