الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البديع في قصيدة الشاعر المصري السيد زكريا ( عيناك أم وجع القصيدة) _ سجاد حسن عواد _ العراق

سجاد حسن عواد

2020 / 8 / 21
الادب والفن


عيناك ... أم وجع القصيدة
مري
ليمنحني هبوب المسك
صبحك والمكان

فكأيِّ قديسٍ
تولى
زاهداً ريش الزمان

ما إن
أتته معابر الرؤيا
وأبهره الكيان

طفقت عيون الصمت
تفتح طاقة
نحو البيان

ومضت تروج للحقيقة
شهقة
ومضت دهان

وهناك
إذ طلّ النهار
على البسيطة جنتان

إذ تبصران
فأورقت روحي
مروج السنديان

وجبينك النوريّ
أهدي زمهريراً
للعيان

بدراً
يباهي إذ تفجر ضوءُه
إنس وجان

فإذا انسللت إلى الخلايا
أمطري
حوراً حسان

يظللن في رواكدا
إن شئت
حركها البنان

فبأي بوح يستطاع
على القصيد
ويستعان

عيناك أم وجع القصيدة
بات يغلبني الرهان

ما هان دمعك إذ بكيت
تمنعا
والقلب هان

كفاك ، فلكي
برزخ دلاهما
لا نبغيان

شيب على حرفٍ
ومهد مبتدي
هل يمزجان

كالمستحيل
تماوج المعنى
مجازاً
واستكان

سبحان من
أهداك تكوينا
تفرد حين بان

سبحان سبحان الذي
أنشأ لطلتك
الأوان

فاستبشر الورد
استعدت فرحة
أندى الأمان

ربتت على كتف التجلي
فاستحقت صولجان

الآن مري وافتحي
مدني ليحملك الجمان

بيني وبينك لم يعد
للحب يجدي
ترجمان
....
#السيد_زكريا

البديع أحد الأنواع البلاغية الذي يهتم بتجميل النصوص وزخرفتها، وهو كما قالوا: "والبديع - على وجه الخصوص – هو الأكثر ارتباطاً بالتكلف، ذلك لأن التكلف لم يرتبط بقضية" بلاغية قدر ارتباطه بالبديع فى التراث النقدى والبلاغى، وربما كانت علة ذيوع ذلك الارتباط ترجع إلى سهولة إدراك البديع وكشفه عن نفسه بمجرد السماع، وبغير حاجة إلى بذل الجهد فى التأمل والتفحص "".
فالبديع هو النوع الذي يضفي للنصوص جماليات من خلال التجنيس والطباق والمقابلة والتضمين والاقتباس و....

فالجناس "وهو" اشتراك المعانى فى ألفاظ متجانسه على جهة الاشتقاق" أى أنه مبحث مستمد – فيما يرى أحد الباحثين ــ من مباحث" اللغة حول المشترك اللفظى، ومن مباحث الصرفيين حول الاشتقاق الذى تتوافق فيه الصور اللفظية... باعتباره أقرب النمطيات إلى الناحية الصوتية الخالصة، وقد تناولوه بتفريعات معقدة حرصاً منهم على أن يتمثل فى التركيب أقصى درجات التوازن، خاصة فيما أسموه بالجناس التام الذى تتساوى فيه أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها بين كلمتين نتج عنها صورة لفظية لها إيقاعها الخاص هى"الجناس"".

وقد ذكر أبو هلال العسكرى أنواع التجنيس معتبرها كثيرة ومتعددة" فمنه ما تكون الكلمة تجانس الأخرى لفظا واشتقاق معنى، ومنه ما يجانسه فى تأليف الحروف دون المعنى... ومن التجنيس ضرب آخر، وهو أن يأتى بكلمتين متجانستى الحروف إلا أن فى حروفها تقديماً وتأخيراً، ومن التجنيس نوع آخر يخالف ما تقدم بزيادة حرف أو نقصانه...".
ونجد الجناس في قصيدة السيد زكريا المصري في قوله:

فبأي بوح يستطاع
على القصيد
ويستعان

فالكلمتان ( يستطاع، يستعان) جناس ناقص، وهو جناس ناقص لأن الكلمتين تختلفان بأكثر من حرف.
وتختلفان بالمعنى، فـ(يستطاع) يقدر على الشيء.
و(يستعان) يطلب العون والنصرة.

ونجد الجناس الناقص أيضا في قول السيد:

بيني وبينك لم يعد
للحب يجدي
ترجمان

في الكلمتين ( بيني، بينك) باختلاف حرف واحد.
لكن هنا الكلمتان تدلان على المعنى نفسه مع اختلاف المضاف إليه.
و (بين): ظرف مبهم، لا يتبين معناه إلا باصافته إلى اثنين فصاعدا.

ويتكرر الجناس الناقص في قول الشاعر السيد زكريا:

الآن مري وافتحي
مدني ليحملك الجمان

بيني وبينك لم يعد
للحب يجدي
ترجمان

ونجده في الكلمتين (جمان، ترجمان) وهناك اختلاف بحرفين اثنين. مع اختلاف المعنى.
فـ(جمان) تعني: نسيج من جلد مطرز بخرز ملون تتوشح به المرأة.
و(ترجمان) تعني: المترجم، ناقل الكلام من لغة إلى أخرى.

وهذه هي الجناسات التي استخدمها السيد زكريا المصري في قصيدته، ويعتبر من الجناس المقبول، والجناس المقبول: هو الذى يأتى الشاعر عرضاً ليس فيه تكلف ولا يجبر الأسلوب على قبوله من غير مناسبة.
والتجنيس الذي جاء به الشاعر، جناس خفيف على اللسان والآذان، قليل في القصيدة.

التكرار

نرى السيد يكرر بعض الكلمات الخاصة،مثلا: (مري، ومضت، هان، سبحان).
كأنه يفرغ ما بداخله من شحنات عاطفية تجاه هذه الكلمات التى ينمو بها المعنى تدريجياً حتى يصل إلى ما يريد؛ فقالوا في هذا: ذلك لأن" تكرار الشاعر لاسم معين فى قصيدته، سواء كان هذا الاسم علماً على شخص أم علماً على مكان إنما يعكس طبيعة علاقته به، فهو تكرار لا يجرى كيفما اتفق، بل ينبض بإحساس الشاعر وعواطفه".

الطباق

عرفه البلاغيون القدماء بقولهم:" الجمع بين الشىء وضده فى جزء من أجزاء الرسالة أو الخطبة أو بيت من بيوت القصيدة، مثل الجمع بين السواد والبياض والليل والنهار".

وتأتي الفائدة في استعمال الطباق ليس لكونه يعكس قدرة الشاعر على صنع صيغ وتراكيب متقابلة أو متضادة، وإنما قدرته على صنع إيقاع معنوى يزيد من سحر الأسلوب وجاذبية التعبير.
ونجد الطباق في قصيدة السيد زكريا في قوله:

بدراً
يباهي إذ تفجر ضوءُه
إنس وجان

في الكلمتين( انس، جان) وهو طباق إيجاب.
ومعانيهما معروفة للجميع.

ونجده في قوله:

يظللن في رواكدا
إن شئت
حركها البنان

في الكلمتين( رواكدا، حركها) وهو طباق إيجاب.
ومعنى رواكدا: ركد: سكن وهدأ وثبت.
وحركها: حرك الشيء، أخرجه عن سكونه، وهو عكس ركد.

ونجد الطباق في قول السيد:

ما هان دمعك إذ بكيت
تمنعا
والقلب هان

في الكلمتين (ماهان، هان) وهو طباق سلب.
وهان تعني: ذل وحقر، وضعف.
فالطباق في القصيدة يخدم المعنى ويساعد فى خلق جو من التنغيم الموسيقى.
ويساعد على تحقق المفارقات فى الشعر، ويعنى بها "تسجيل التناقض بين ظاهرتين لإثارة تعجب القارىء دون تفسير أو تعليل. وكلا النوعين يرتد إلى أصل واحد يرتبط بقضية واحدة".

ومن هنا كانت طباقات الشاعرمما يفيد المعنى ويتناغم فيها اللفظ مع مؤداه فى أسلوب دقيق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل