الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيفرة الايرانية

جهاد الرنتيسي

2006 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يملي تضارب مؤشرات الحضور الايراني في المنطقة ضرورات فك شيفراته السياسية التي باتت اكثر غموضا مع تزايد المخاوف من توصل طهران الى صفقة تنهي ازماتها المتفاقمة مع المجتمع الدولي على حساب الدول العربية .
ففي تفاصيل السياسات الايرانية المثيرة لقلق اصدقائها ، وخصومها ما يدلل على وجود تناقضات تكفي للوصول الى قناعة بان وراء الشعارات ، والعمائم ، وطموحات القيام بدور المحور الاقليمي الموازي للقطب الكوني ازمات داخلية ، لا تقتصر على صراعات اجنحة الحكم ،وسوء التخطيط الذي يشعب الاخفاقات لتشمل مختلف مناحي الحياة .
ولا يحتاج اكتشاف هذه التفاصيل لاكثر من الالتفات الى خلفيات مشهد ما بات يعرف بازمة تخصيب اليورانيوم التي تشد المتابعين الى قراءات لا يتجاوز عمقها البحث في احتمالات قبول او رفض طهران لشروط التفاوض حول العرض الدولي لوقف التخصيب .
فقد دفع الجانب الاقتصادي من تفاصيل الازمات الداخلية الايرانية عشرات الخبراء الاقتصاديين الى توجيه رسالة للرئيس محمود احمدي نجاد تحذره من صدمة اقتصادية تتمثل في ارتفاع التضخم بنسبة تزيد عن 50% في حال استمرار سياساته الهادفة الى استرضاء الفئات الشعبية .
واللافت للنظر ان الاوضاع على صعيد ادارة الازمات الخارجية لم تكن افضل حالا فقد اعترف المرشد الاعلى للثورة علي خامنئي ضمنيا بعجز حكومة الرئيس محمود احمدي نجاد عن التعاطي مع ملف التخصيب حين شكل هيئة سياسية تضم وزراء من حكومات الرئيس السابق محمد خاتمي للسيطرة على دفة التطورات المفتوحة على جميع الاحتمالات .
والتسريبات التي يجري تداولها لا توحي بانفراجات ، فالتوصيات التي تضمنتها رسالة الاقتصاديين ذهبت ادراج الرياح ، ومهمة الهيئة التي شكلها خامنئي لانهاء عزلة بلاده تنحسر في تقديم الاستشارات ، والتصريحات التي اطلقها المرشد الاعلىفيما بعد ، وقللت واشنطن من قيمتها توحي بان لتشكيل الهيئة اهداف ذات ابعاد استعراضية ، قد تكون مرتبطة بتوازنات داخلية .
ولا يخلو الامر من ايحاءات بان الخطوة التي قام بها المرشد الاعلى لا تتجاوز الجزء الظاهر من جبل الجليد ، فما يتسرب من معلومات لا يوحي برغبة طهران في انهاء ازماتها مع المجتمع الدولي بقدر ما تريد كسب الوقت في توسيع هامش مناوراتها ، وتعزيز موقفها التفاوضي .
فالمعروف عن السياسة الخارجية الايرانية اخفاء توجهاتها الحقيقية ، فهي كسائق الحافلة الذي يعطي اشارة الى اليسار ، قبل ان يتجه الى اليمين ،وغالبا ما يؤدي انعطافه المفاجئ الى حدوث كوارث.
ويعزز هذا الاعتقاد ان قيام خامنئي بتشكيل الهيئة السياسية الجديدة جاء بعد اسابيع من تسريب توصيات المؤتمر التاسيسي الاول لشيعة العالم التي تركت انطباعا باستمرار لهاث القيادة الايرانية وراء سراب تصدير الثورة .
فالتوصيات التي نشرها اكثر من موقع الكتروني وتداولتها مراكز البحث على نطاق ضيق تحدد دولا عربية واسلامية على اجندة تصدير تجربة العنف العراقية.
كما تحدد الاساليب التي سيتم اتباعها في تعميم النموذج العراقي بطبعته الراهنة مع مراعاة الاختلافات بين دولة واخرى .
وتصدير العنف العراقي الى دول عربية واسلامية مرحلة متقدمة سبقتها مراحل من توتير الاجواء السياسية والامنية في عواصم المنطقة .
ففي الساحة الفلسطينية تدرك الاوساط القيادية جيدا خلفيات رفض حركة الجهاد الاسلامي ـ التي تحولت الى نتوء ايراني في المشهد الفلسطيني ـ لوثيقة الاسرى التي حظيت بموافقة مختلف القوى والفصائل بعد حوارات مضنية .
ولا يخفى على الاطر الفلسطينية الابعاد السياسية لعملية كفر سالم العسكرية التي منحت حكومة اولمرت مبرر التصعيد في قطاع غزة .
فالخلفيات السياسية والتمويلية لارتباطات اجنحة الفصائل ،ومعرفة طريقتها في تحديد اولوياتها ، والقراءة الواعية لتداعيات الازمات الاقليمية ، والمعلومات التي يجري تسريبها بين الحين والاخر كفيلة بتعرية الاحداث المفصلية من شعاراتها .
والمؤشرات التي يصعب تجاهلها تتجه نحو حرص طهران على الاحتفاظ بحركة الجهاد خارج دائرة الوفاق الفلسطيني لكي تبقى عامل تازيم دائم يلبي حاجة القيادة الايرانية الى تصعيد حالة التوتر في البؤر الملتهبة ، وخلط الاوراق ، الذي يساعد على تاجيل ازمات صانع السياسة الايرانية .
وفي لبنان ياخذ الدور الايراني شكلا مختلفا مع اتساع دور حزب الله ليتجاوز الخارطة اللبنانية الى العراق وفلسطين .
وقد يحتاج " المضبوعون " بطروحات الاسلام السياسي المتحالف مع طهران بعض الوقت للتعرف على خطورة المنزلق الذي تؤدي اليه المتاهة الايرانية .
الا ان عدم الوعي بخطورة المراحل لا يجنبهم دفع فواتير المغامرات من استقرار مجتمعاتهم بالشكل الذي يتيح دفع عجلات الاصلاح .
ويتجاوز خطر التسليم لفصائل الاسلام السياسي خسارة فرص الاصلاح الى خسارة الدور الاقليمي العربي الذي تسعى طهران لمصادرته .
ولذلك بدت دعوات الرئيس السوري بشار الاسد الى تكامل الدورين الايراني والعربي مثارا للجدل السياسي .
فالتكامل يتم بين حالتين مستقرتين الى حد ما الامر الذي يفتقر اليه الوضعين الرسميين العربي والايراني بصيغتهما الراهنة .
واحدى عوامل غياب الاستقرار الرسمي العربي الدور الايراني الذي اعتاد على العبث بالمعادلات الداخلية العربية .
والرؤية السياسية الايرانية متعارضة مع الرؤى العربية تجاه مختلف بؤر التوتر في المنطقة .
ففي العراق تغذي طهران طروحات واليات الفرز الطائفي من خلال اذكاء العنف دون اي اعتبار لمخاوف النظام الرسمي العربي من التقسيم .
وتتعارض الاجندة الايرانية في فلسطين مع الخيار العربي المتمثل بمبادرة قمة بيروت التي باتت تعرف بمشروع السلام العربي .
ولبنان الذي لا تخفي معظم العواصم العربية رغبتها في توافق طوائفه تتعامل معه طهران باعتباره احد الخطوط الدفاعية في معركتها مع المجتمع الدولي .
ولكن الجدل الذي اثارته تصريحات الرئيس الاسد لا يخفي حقيقة انسجامها مع السياسة الخارجية التي تتبعها بلاده ولا سيما حين يتعلق الامر باتفاقية الدفاع المشترك التي تتعامل معها النخب السياسية السورية بشئ من التطير.
ولم يحل هذا الانسجام دون طرح العديد من الاوساط السياسية السورية اسئلة استشرافية حول العلاقة بين دمشق وطهران في حال توصلت الاخيرة الى صفة مع الغرب .
فالمتعارف عليه ان طهران تتعامل مع دمشق من منظور استخدامي بعد تلاشي صيغ العلاقة الندية بين الطرفين .
وحسب تصريحات المسؤولين الايرانيين حصلت سوريا على وعود ايرانية بان لاتكون الصفقات المحتملة بين طهران والغرب على حساب دمشق .
وبالتالي ستجد سوريا نفسها امام خيارين في حال توصل طهران الى صفقة مع الغرب ، فاما القبول بالمظلة الايرانية التي ستخيم على دول المنطقة ، واما البحث عن صيغة تفاهم مختلفة مع الغرب ، الامر الذي يعني الطلاق السياسي مع ايران .
وحتى تتضح الصورة ، بات على العواصم العربية التعامل مع السياسة الايرانية في المنطقة باعتبارها وصفة للتوتير، وانعدام الاستقرار .
وحتى لا يفاجا صناع القرار العرب لا بد من الاستعداد لتطورات دراماتيكية قد تكون بداية لتغيرات في الجغرافيا السياسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل توسع عمليات هدم منازل الفلسطينيين غير المرخصة في الق


.. عقب انتحار طالبة في المغرب مخاوف من تحول الأمر إلى ظاهرة بين




.. #فائق_الشيخ_علي: #صدام_حسين مجرم وسفاح ولكنه أشرف منهم كلهم.


.. نتنياهو يتوعد بضرب -الأعداء- وتحقيق النصر الشامل.. ويحشد على




.. في ظل دعوات دولية لإصلاح السلطة الفلسطينية.. أوروبا تربط مسا