الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جحا والبصاصين ومعلم الصبيان ج2

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2020 / 8 / 22
كتابات ساخرة


وأمام انبهار الجميع والذي بان على وجوههم وأعينهم التي بقيت على اتساعها وشدهة منهم لم يستطع أحد إخفاءها نطق جحا...
نعم لقد كان لهذا الديك جد أعظم ولو أنكم ترونه صغير الحجم قليل الحيلة لكنه ينحدر من سلالة عريقة ولم يكن لها مثيل من قبل ولن يكون لها من بعد.
نطق أحدهم: وما يدرينا يا جحا أنك تقول الحق؟
هز جحا رأسه قائلاً: ألم أقل لكم أنكم قول سذج لا تدرون عن وجهتكم أين ولا حتى عن أقفيتكم؟
قال أحدهم: لا لم تقل ذلك.
قال جحا: إذًا فقد قلته لتوي...وبدلاً من أن تقاطعوني اسمعوا القصة عن أخرها وستجدون أني الحق أقول.
ولما كانت في تلك العمارة من العواصف ما تعصف وتثور فيها من الريح الصفراء ما تثور...حتى قيل أنَّه مات خلق كثير ولم يعد المرء آمنًا على روحه من الموت ولا من لصوص الليل والنهار...وإن كانت الأرواح تحصد فالأموال تحصد على حد سواء...ولم يكد يخلو بيت من الطامة والفاقة إلا بيت واحد...قيل أنَّه لعجوز مات ولدها ولم يعد يذكر أحد أنَّ لها أحد في الدنيا وما كان يؤنس وحشتها إلا ديك ذي ريشة بيضاء جعلت له عمامة بيضاء تتوسطها زمردة...وله عرش جعلته في أحد أركان بيتها أقامته له من خشب الصندل ووسادة من الحرير...وتشعل حوله كلّ يوم البخور وتنثر المنثور وتخضب قدميه بالحناء...
وكان إن مرّ عليها أحدهم استهجن فعلتها وضحك وهو يضرب الكف بالكف، ولا يفتأ لسانها وهي تستعيذ من شرور الناس وسوء صنيعهم وتسأل الديك بأنّ يتسع قلبه لأمثال هؤلاء الحمقى من قومها الذين لا يعرفون ولا يفقهون ولا يدرون حسن التدبير...ولو أنهم علموا وأيقنت قلوبهم ما عرفته وما أدركته لما كان حالهم كهذا الحال ولما كان أمرهم بهذا السوء... ولما حل بالقوم الوباء والفاقة والعجز والكسل عرفوا أن بيتًا واحدًا لم يحل به ما حل بهم...وكان بيت العجوز...تساءل من استطاع التفكير: هل لها عند الله شيء؟ أم أنّ لها بركة لم يعرفوا عنها شيء...قال آخرون: بل أنّ كرمة لها ورثتها من أجداد لها عرفوا بأنهم قد آخوا الجنة فحفظوهم وقد عرفوا بطول العمر...ولكن أحدهم نطق بعد طول تفكير: بل إنّه الديك...وخلال ثوان كان الجمع ممن تبقى من أهل تلك المدينة يقبعون عند باب العجوز يتمسحون ويتبركون وقد قربوا له من القرابين ما تقربوا...يسألونها أن تصفح عنهم وتسأل الديك ذي الأصل العريق بأن يعفو عنهم وأن تسأله أن يرفع عنهم البلاء والشقاء ....
وبعد أن أخذت نفسًا طويلاً قد امتد لدقائق طويلة...أشعلت البخور وأخذت تتمايل وتنوح أمام الديك حتى انفطر قلب كلّ من سمعها وضجت الدنيا بالنحيب والبكاء...ولم يكن من الديك وقد وصف الرائي بأن قام من مقامه الكريم على الوسادة الحرير ونظر إلى الأعلى وهو يدور رأسه تارة إلى اليمين وأخرى إلى الشمال وقد نفخ ريشه الملون وانتصبت ريشته البيضاء وأطلق صيحته الطويلة والحادة والتي ما عرفوا لها طولاً كهذا الطول من قبل...وبعدها عادد لهيئته من السكون وكأنه لم يكن قد أطال عليهم صياحه وقيامه قبل أن يكون على نفس هيئته وقد لفه السكون...لم يعرف أحد ما الذي حدث غير أنّ الرائي فيما رواه يصف فيه انقشاع الغيم وزوال الريح الصفراء وتوسط الشمس كبد السماء...وقد فاحت ريحة الخضرة والزهر وعبقت أنفاس الحياة فيما لم يألفوه منذ زمن بعيد...
ولما كان هذا ما حدث علا شأن الديك ذي الريشة البيضاء وكل من أهل المكان والزمان يتنافس في تقديم وسادة الحرير تارة مطرزة بخيوط من ذهب ومعشقه باللؤلو والياقوت. وذهب كثير إلى تقديم دجاجة من دجاجاتهم التي تباروا في امتداد نسلها وعراقته لتليق بالديك زوجة مؤصلة...وكان أن وقع الاختيار على دجاجة ملونه ذات بطن ذهبي معشق...وعاد أمرالمدينة إلى أحسن حال ويقال: أن ديكًا واحدًا فقط ينبت نباته وكان ما تناقله الناس..أنه ما أتته امرأة لتحبل حتى حبلت ولا عانس لتتزوج إلا وتزوجت ولا سقيم بعلة إلا وبرأ منها ولا ذي حاجة إلا وقد قضيت حاجته...وبعد أن أخذ جحا نفسًا طويلاً نطق أحدهم وأمارات التعجب تملأ وجهه: ولم يا جحا لم يتغير حالك؟ قال جحا وهو يهز برأسه وقد أغمض عينيه: ألم أقل لكم أنكم قوم تجهلون ولا تفقهون ! قالوا: لا...قال: إذًا فقد قلت لكم...وجعل القوم يأتون جحا بالكثير الكثير من الطيبات وما تشتهي الأنفس وذهب بعضهم إلى عرض الكثير من الدراهم الذهبية عليه لكنه أبى واستكبر...
يتبع....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع