الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختراق عابر أم إنذار حرب .. ؟

بدر الدين شنن

2006 / 7 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الاختراق الإسرائيلي للأجواء السورية ، سواء ا ستهدف قصراً رئاسياً أم أصغر قرية سورية ، هو عمل عدواني يمس الكرامة الوطنية ، ويستدعي الرد عليه بالقدرات المتاحة ، واتخاذ الإجراءات الدفاعية والردعية الكفيلة بعدم تكراره . وإذ يأتي هذا الاختراق في الظروف المتوترة في الشرق الأوسط ، فإنه يثير أكثر من سؤال ، مثلما يرسل أكثر من رسالة إلى أكثر من بلد من طهران إلى لبنان . وهو يحمل أكثر من احتمال لتداعيات مختلفة عما سبقه من اختراقات ، ربما قد تشحن بمخاطر تفوق مستوى المتوقع من الاحتمالات ، فهذا الاختراق لم يأت رداً على عملية فلسطينية محددة ضد إسرائيل فحسب ، ولاهو رسالة إنذار لسورية لاستضافتها قادة فلسطينيين معينين فحسب ، وإنما جاء ، حسب ما تشي به معطيات جدية ، في وقت وضع فيه برنامج أميركي - إسرائيلي شرق أوسطي موضع التطبيق ، لإعادة الاعتبار للمشروع الأميركي المأزوم في العراق ، وتمكين إسرئيل من اسقاط حكومة حماس أو إجبارها على التنازل عن ثوابتها المعروفة ، وتحقيق إنسحاب أحادي الجانب من الضفة والقطاع ، وإحباط التحدي النووي الإيراني ، وإنهاء حضور المقاومة في جنوب لبنان ، وبلورة وضع سوري - لبناني ضمن الرسم الجديد للشرق الأوسط

وفي ضوء ذلك ، يجوز دون تردد ، اعتبار أن الهجوم الإسرائيلي الإجرامي المتصاعد على غزة وإعادة اقتحام مدن الضفة الغربية واعتقال وزراء ونواب فلسطسنيين شرعيين بقوة الديمقراطية ، هو المرحلة الأولى للبرنامج المشار إليه . وفي حال إنجازه كما هو مطلوب ، فإن مراحل أخرى لهذا البرنامج سوف توضع قيد التطبيق . وليس ببعيد أن يكون الهدف التالي هو سلاح المقاومة في لبنان ، ومن ثم توجيه ضربات موجعة مباشرة إلى المواقع العسكرية السورية لشل أية فاعلية لسورياعلى المستويين السياسي والعسكري في تفاعلات الشرق الأوسط ، ووضع الجولان المحتل في خانة النسيان ، ما سيؤدي إلى عزل إيران وا سقاط التحالف الإيراني - السوري الممتد إلى جنوب لبنان وحكومة حماس في فلسطين ، وفرض الشروط " الدولية " على إيران لوقف تخصيب اليورانيوم .. ووقف تخصيب دولة إيران العظمى

بكلام آخر ، لايمكن عزل الاختراق الإسرائيلي الأخير للأجواء السورية عن الأحداث الملتهبة شرق وجنوب سوريا . والمواطن السوري بحسه السياسي المرهف يجول بخاطره تخوف مشروع من أن يمر هذا الاختراق كما مرت الاختراقات الأخرى ، التي كان أبرزها العدوان على موقع عين الصاحب قبل عامين ، دون ردود تتناسب والكرامة الوطنية .. ودون أي انعكاس إيجابي على معادلات بناء القوة الرادعة للعدو وطنياً وشعبياً . وهذا التخوف المشروع مرده أن النظام بدلالة ممارساته القمعية والاستبدادية وتوجهاته بالامعان في تسلط حزب البعث على الدولة والمجتمع ، التي تلغي إمكنيات نشوء مقومات هذه المعادلات .. وقياساً على سياسته التي أبقت الجولان تحت الاحتلال حتى الآن .. غير وارد لديه مثل هذا الخيار من جهة .. ومن جهة أخرى ،مرده إلى أن العدو الإسرائلي ، الطرف الأقوى في ميزان القوى ، إذا لم تؤمن مقومات مواجهته بفعالية وطنية شاملة ، سوف يتمادى أكثر فأكثر ، ليس في متابعة انتهاكاته للأجواء السورية فحسب ـ وإنما سوف يستبيح الأراضي السورية أيضاً

وإذا ما تم ، كما نرى بالبصر والبصيرة ، اعتماد الدبابة لاعباً أساسياً مباشراً في حقول السياسة والإعلام والدبلوماسية الشرق أوسطية ، وغدت المدافع وسيلة الحوار والاقناع الأولى ، وبلغت الأمور هذا المستوى من التحدي في صراع المصالح والمشاريع والإرادات ، فإن كل البدائل .. المساومات .. الرهانات على الزمن .. الصفقات .. باتت مضحكة ونافلة ، والاعتماد على المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة العربية .. والرأي العام الدولي .. .. في ظروف هيمنة القطب الواحد وتشابك المصالح على مستوى القارات هو سذاجة سياسية لامكان لها عندما تسخن الصراعات . وتصبح القوة هي المكافئ الوحيد للقوة .

ولتحقيق تكافؤ القوى ليس بالضرورة أن يقابل كم ونوع من السلاح كم مماثل ، إنه أولاً وقبل كل شئ الإرادة الوطنية ، التي وحدها من يعوض العجز والنقص في العتاد وتبدع المستحيلات ، وهذه الإرادة لاتتوفر إلاّ في مناخات الحرية والوحدة الوطنية والثقة المتبادلة بين الشعب والدولة . أما مناخات القمع والإقصاء والإرهاب الأمني .. اسوأ أشكال الاستبداد .. فهي توفر مقومات تحول الاختراق العابر إلى ضربة موجعة تفتح ثغرة في جدار الوجدان الوطني لينفذ منها قصد العدو للنيل من إرادة الوطن ، فكيف إذا كان الاختراق يجيئ ضمن ا ستراتيجية حرب

لامجال للنقاش حول المطامع والمخططات الإسرائيلية - الأمريكية تجاه سوريا وكافة بلدان المنطقة .. سواء كان عمر أو زيد في الحكم .. فالعدو هو العود منذ سايس بيكو حتى الآن بل حتى ا شعار آخر .. لكن لامهرب من النقاش حول مسؤولية استبداد وفساد النظام فيما أوصل إليه البلاد .. وفيما هو مطلوب من النظام من إعادة نظر جذرية ببنيته عامة وبعلاقاته مع المجتمع .. مع الآخر المعارض وفي مقدمتها انهاء عهد الاستبداد وتفاصيله المأساوية الكارثية ، ليتحمل الجميع المسؤولية الوطنية .. مراجعة تبنى عليها أسس سوريا موحدة ديمقراطية قوية عصية على العدوان والاخضاع
ولامهرب أيضاً من النقاش حول مسؤولية ودور القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة .. والنائمة .. في هذه الظروف المصيرية المتصاعدة الخطورة

لقد سقطت كل الخيارات .. لم يبق سوى خيار واحد .. إما الوطن .. وإما الوطن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد انتخابات -تاريخية-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان الفرنسي


.. احتفالات بالانتصار.. -الجبهة الشعبية الجديدة- تتصدر التشريعي




.. -سأقدم استقالتي-.. كلمة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال ب


.. سمكة قرش ضخمة تسبح قرب مرتادي شاطىء في تكساس




.. بايدن.. مصيبة أميركا العظمى! والدولة العميقة تتحرك! | #التا