الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيانٌ إنسانيّ أو فضفضة شاب عربيّ حالم

هاشم عبدالله الزبن
كاتب وباحث

(Hashem Abdallah Alzben)

2020 / 8 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لستُ شيوعيًا ولا ماركسيًّا ولا إشتراكيًا ولا علمانيًا ولا أُصنف نفسي كيساري إن لم أكن يميني. بل وأشمئز من التصنيفات كلّها، لأنها وهم... وهمٌ أن تضع نفسك في قالب ما، وتنطلق للعالم منه، دون أن تتجاوزه، كأنك ترتدي قناعًا، تؤمن بأنه يسترك، يحميك، من... كل الأوهام التي تُعاني منها أو تُعايشها بلذة كلذة السُكر والتخدير..

لم اقرأ الكثير من ماركس وإنجلز وجرامشي، ولم أطّلع على البيان الشيوعي، ولم أهتم بكمونة باريس... لم ألتصق بلقب:"شيوعي"، "ماركسي"، "إشتراكي"، "قومي"... أنطلق ببطئ أو بإندفاعة نحوها-"تلك الأوصاف لألتصق بها... لا، أنا إنسان قرأ وخَبر القليل - وهذا ليس من باب التواضع الأبله، بل هو وعيي بذاتي، التي أعرف بأنها تكره الرأسمالية وتوحشها، والإمبريالية وتاريخها الأسود وأشكالها الواضحة والضمنية. أكره العبودية، والإستغلال، والرجعية، والجهل الظلامي والكسل الروحي والعجز والتخاذل والخوف... أكره أن أكون آلة، بيدق، ترس، في نظام طبقيّ ملعون... وهذه المكروهات مَن يقول بأنه يقبلها، يتبناها؟! مَن يرفضها لن يكون شيوعيًا وغيره، إنما هو إنسان لم ينسلخ عن إنسانيته. إنسان يبحث عن الوعي والمعنى والمعرفة، ويُقاوم كل أشكال المسخ والإبادة والتظليل والتشييء...

في عالم يرزح تحت وطأة العولمة بجانبها المُظلم-المُستتر. عالم يحكمه القطب الواحد - الوحش الأمريكي الجالس على عرشه فوق جُثث السُكان الأصليين، والذي يتغلغل في جسم العالم كسرطان خفي، يلقى إذعان كبير، ومقاومة قليلة... وقلّة المقاومة "الإنسانية" هي أملنا الوحيد، بل هي معنى وجودنا الإنسانيّ وجوهره... المقاومة - الحفاظ على الإنسان، لا تحتاج قالب وصفي، يدخله الإنسان وينطلق من خلاله، إنما تحتاج لإنسان ينتمي للعالم وللأرض ولكل الأشياء من حوله. إنسان يعي دوره وواقعه، ولا يرضى بأن يكون مهزومًا واقعًا تحت رحمة قوى الإستعمار والإستغلال الناعم منها والخشن والعنيف...

بعيدًا عن صلابة الألفاظ وفضفاضيّة الأحكام، ففي تفاصيل حياتنا اليومية نشتبك دائمًا بأسباب مُعاناتنا ومآسينا، نرى بوضوح ملامح رِدتنا ونكستنا في مناحي مُختلفة، وهُنا الإنسان أمام الصراع، إما ينكص نحو طفولية التعامل أو يبدأ في العمل على المواجهة التي لا تحتمل الحياد أو اللامُبالاة... وللأسف يميل الإنسان إلى كل التفاعلات إلا تفاعل المواجهة مع ما تحمله تلك المواجهة من مخاطر وإرهاق يكون أخفُّ وطأة من العيش الإستسلاميّ، الإنهزاميّ، المُقنّع بأوهام العقلانية والنفعيّة والنجاة. في حياتنا اليومية نعجز عن أن نكون حاضرين هُنا - في واقعنا اليوميّ، بسبب كل أنواع المُخدرات والمُلهيات التي نتعاطاها بوعينا أو لا وعينا... لذلك تجدنا نلهث وراء السراب، ونستهلك الأشياء بنهم وشراهة، وتُصيبنا التُخمة ونكتفي بالشكوى والتذمر الخائف والمُموه! نقول: اللهم هجرة، هذا الواقع سيء، فظيع، لا يُطاق... نُريد تغييرًا جذريًا؛ أن يلتزم المراجعون بالدور مثلًا، ولا أتورعُ عن رمي كيس الشيبس "الليز" من نافذة سيارتي الفارهة وأنا عائد من عملي "اللاعملي"، سيارتي التي سأدفع قرض شراءها لعشر سنين قادمات... هكذا نعيشُ واقعنا دون أن نحاول لمرة إعادة النظر في سلوكياتنا النمطية والمألوفة، دون أن نُحاول معرفة دوافعنا وما الذي نُريده من حياتنا حقًا... ومن الكسل والعجز المُكتسب والموروث، نقول، ندعي، نتمنى الهجرة لبلاد الغرب أو الشرق أو بلاد النفط، لا يهم، المهم بلاد نتوهم بأنها تعرف قيمة الإنسان وتُكرمه ببيت وراتب وزوجة وعشيقات، والكثير من المال! هذا هو فردوس الأرض، غاية الغايات، وفردوس الله سندخله برحمته وعطفه، وبأجر صلاتنا وصيامنا وصدقاتنا على المُحتاجين والمُشردين، دائرة من الإستغلال والتأله، لن تكسرها سوى ثورة الكادحين المُتنورين... هذا بيانٌ إنساني أو مُجرد فضفضة شاب عربيّ يأمل بتحرر الإنسان والأوطان، ويعيش يحلم بذلك العالم الذي يكون فيه الإنسان قيمةٌ عُليا وما دونه ليس سوى كماليات يُمكن الإستغناء عنها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر