الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
آلة لصيد الأحلام السّعيدة
أديب كمال الدين
2020 / 8 / 25الادب والفن
شعر: أديب كمال الدين
حينَ انتهتْ حفلةُ الحياة
أمسكَ الرّاقصُ العاري المُتعبُ برأسه
وهو يئنُّ من صداعِ الزمن.
*
بعدَ أنْ عبرَ جدارَ القَدَرِ العظيمِ بسرعةِ البرق،
اصطدمَ اصداماً مُروّعاً بصخرةِ الواقع،
الصخرة التي كانتْ بححمِ الكرةِ الأرضيّة.
*
بعدَ أن ماتْ
أوصى جسدَه ألّا يستريحَ في القبر
بل يتجوّل كلّ ليلةٍ بين الأموات!
*
كانَ يتوقّعُ النّهاياتِ المُفجعةِ دائماً.
وكأيّ بطلٍ تراجيديّ
فقد كانَ يحكي قصتَه للناسِ من النهاية.
*
قبلَ أنْ يموت بقليل
نسي سينَ النّسيان
ثُمَّ نسي نونَ النّسيان
ثُمَّ غفا بهدوءٍ أسطوريّ
كبقايا إنسان.
*
تبادلَ معها ومعَ ذكراها
طعناتٍ لا نهايةَ لها.
*
هو لم ينسها أبداً
لكنّها نسيتْهُ كما ينسى القطار
جميعَ ركابه حينَ يصلون المحطّةَ الأخيرة.
*
حياتي عنوانُها التعب
ولذا كتبتُ لها بيتَ شِعْرٍ حُروفيّاً
ولصقتُهُ على بابِها
فتحوّلَ إلى ابتهالاتٍ وطلاسم.
*
تجمهرتْ عشراتُ الذّكرياتِ المريرة
قربَ بابِ بيتي
وبدأتْ بممارسةِ الصّخبِ والهذيان.
فاتصلتُ فوراً بحرفِ الألمِ لتفريقها.
*
لا تسمعْني أغنيةً جميلة
لأنّني سأضطرُّ إلى كتابة
قصيدةِ حُبِّ لا تنتهي أبداً
لأصفَ ما تركتهُ الأغنية
من دموعٍ فوقَ دموعي.
*
دائماً أستخدمُ الطرقَ المهجورةَ وقتَ الخريف
كي أصلَ إلى البحر.
لكنَّ هذه الطرق المهجورة،
وا أسفاه،
لا توصلني إلى البحر
بل توصلني إلى قلبي.
*
البارحة
صنعتُ ورقَ لعبٍ من حروفي؛
فكانَ الألِفُ ملكاً مَهزوماً
والباءُ ملكةً مُنتحرة
والجيمُ جثّةً مجهولةَ الهويّة
والدالُ داراً هجرَها أهلها
والفاءُ فراتاً يبكي على دمِ الشّهداء
والراءُ رعبَ طفلٍ لا يستطيعُ الكلام
والشّينُ شمساً تحرقُ كلَّ شيء
والقافُ قمراً يتصارعُ معَ الغيوم
بعدَ أن نسيهُ العشّاق.
*
حينَ كنتُ طفلاً
لم استمتعْ أبداً بالأرجوحة.
لكنني حينَ كبرتُ
عملتُ أرجوحةً من حروفي
وصرتُ أتأرجحُ فيها،
أنا ودموعي،
ليلَ نهار.
*
أترقصُ العصافيرُ على الشّجرةِ أم تطير؟
سؤال خطير سألني اليوم أحدُ المجانين،
وهوَ يحاولُ أن يرقصَ مرّةً
ويطيرَ مرّةً أخرى.
*
ساقاكِ جميلتان حدّ الجنون
وقطّتُكِ لا تكفُّ عن المواء.
سأقولُ لكِ:
اذهبي إلى الجحيمِ يا عزيزتي.
ثُمَّ أنحني أمامكِ مُقَهْقِهَاً
على مسرحِ العبثِ العظيم.
*
طوالَ حياتي لم أركِ
بل رأيتُ قبلاتِكِ تطير
وأغنياتِكِ تتساقطُ كالأحجار.
*
شجرةٌ هائلة
جذرُها ساقا امرأةٍ مُغريةٍ حدّ الجنون.
تلك هي لوحةٌ بِيعتْ آلاف المرّات
لكنّها بَقيتْ أبداً
مُعلّقةً على الجدار.
*
الملائكةُ يقفزون فوقَ السّلالم
ويركضون من غرفةٍ إلى أخرى؛
هكذا رأيتُهم ذاتَ دعاء.
فوصفتُ ذلكَ لصاحبي
فَجُنَّ سريعاً في منفاه.
*
البحرُ هنا سَمِين جدّاً.
وحينَ سألتُ عن السّببِ، قيل:
لكثرةِ ما أكلَ من جُثثِ اللاجئين
ومراكبِ الغرقى.
*
لابدَّ لكلِّ حرفٍ
مِن يدٍ تقودُهُ برفقٍ إلى نهرِ الحُبّ
ثُمَّ تُضيّعهُ في صحراءِ الفراق.
*
أحبُّ المطر
رغمَ أنّهُ لا يكتبُ لي
سوى قصيدةٍ واحدة
تتكرَّرُ قطرةً قطرة.
*
وجهكِ الطّفوليّ البريء
أكلتهُ الأيّامُ وبعثرتهُ السّنين.
ورسمتْ عليهِ حروفُ العبثِ نقاطَ السُّخرية.
يا للسُّخرية!
*
وجدتُ صورتَكِ البارحة وهي تطير.
أين؟
ذلك السّؤال الذي لا أستطيعُ أنْ أسأله
وإنْ سألتهُ فلنْ أجدَ لهُ جواباً
أبداً.
*
حينَ تبدأُ صفحتكَ بسطورٍ مَشطوبة،
فإنّكَ، حتماً، ستنهيها بسطورٍ لا تجيدُ شيئاً
سوى التعرّي.
*
في البئرِ القديمة
ثمّةَ صوت لشيءٍ يلبطُ ليلَ نهار.
قيلَ هوَ صوت سمكةٍ كبيرة،
وقيلَ هوَ صوت سُلحفاة،
وقيلَ هوَ صوت جُثّةٍ تريدُ العودةَ إلى الحياة.
*
السّفرُ إلى الموتِ شيءٌ لا يُوصَف أبداً.
وبخاصّةٍ حينَ تسافرُ إليه
من دونِ أجنحةٍ أو زعانف،
من دونِ يدين أو قدمين.
*
حينما نامَ البارحة
اخترعَ آلةً لصيدِ الأحلامِ السّعيدةِ وتجميدها
ليعرضَها على شاشةِ رأسه
كلّما حاصرتْهُ الكوابيس.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف
.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين
.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص
.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة
.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس