الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن بعد: بيانات تقاسم السلطة

عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)

2020 / 8 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لم تكن إجتماعات ولا حوارات طرفي النزاع في شتى بقاع العالم ناجعة لنزع فتيل الحرب، منها باليرمو وباريس وابوظبي، فلجاء السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند إلى لغة المصالح الشخصية مع التهديد بالقوة بدلا من لغة المصلحة الوطنية الليبية لحل الإشكال الليبي. ألقى إليهم بياناً للنشر وليس للمجادلة، فكان إيداعه على عجل مع تضمين بعض الأماني الشخصية لكل منهما.
لم يهتم الرئيس الأمريكي بليبيا منذ توليه الحكم، وكان وزير خارجيته نائيا نفسه عن المشهد المعقد لوجود حلفاء لأمريكا في طرفي النزاع، إلا أن السفير الأمريكي لم يتوقف عن بحثه لأليات إيقاف النار منذ توليه منصب السفارة، وكان بين خيارين إلى عهد قريب، إما الإنتظار (لحرب محدودة) ينبثق عنها حل نهائي للمسالة الليبية بدعم كل من تركيا وروسيا، أو فرض إتفاق إطلاق النار بين السراج وصالح وعودة تصدير النفط، مع إرجاء كل المسائل العالقة للزمن، فهو كفيل بحلها. وكان له الخيار الثاني.
أمريكا ضاقت درعاً من كلا الطرفين المتخاصمين وهذه الحرب العبثية التي تضر بمصالحها ومصالح الغرب عامة. فلقد أعطت لحفتر فرصة سانحة عندما غضت الطرف عن إكتساحه العاصمة طرابلس ضمن مكالمة من الرئيس ترامب بل نصحته بالقيام بذلك بسرعة. فشل الأخير في مهمته وتقهقر وخاب ظن داعميه، زد على ذلك أنه أخطاء كثيراً بتمكين العدو اللدود روسيا بتواجدها على بعد أميال من القواعد الأمريكية بجنوب أوروبا.
أمريكا لم ترى في الرئاسي الشرعي والمعترف به دوليا إلا الضعف والوهن وسؤ التقدير إضافة إلى الفساد، رغم إعترافها به ودعمها له في حرب داعش ومساندتها لعدم المساس بالمصرف المركزي ومؤسسة النفط وهيئة الإستثمار الخارجي، ومنعها لتصدير النفط خارج المؤسسة الوطنية.
من الواضح أن البيان معد مسبقا من الإدارة الأمريكية وموافقة أصدقائها الداعمين للحرب من الطرفين، ثم ألقي في يد السراج وعقيلة ليتم إذاعه على الملاء. صغة البيان تتلخص في نقتطين؛ اولاهما إيقاف الحرب وجعل منطقة الهلال النفطي منزوعة السلاح، والثاني إستئناف تصدير المشتقات النفطية، أما سوى ذلك فهو تمنيات من الطرفين.
عقيلة المهوس بالحكم والذي زاد من سن التقاعد إلى السبعين وقد يزيد أكبر، لا يفكر سوى أن يكون رئيساً للدولة بعد إعادة تشكيل مجلس رئاسي جديد، وتناسى أكثر من عشرة ألاف شاب قضوا نحبهم في حرب ظالمة ناصرها ودعمها وجلب إلى البلد صعاليك ومراهقوا السياسة العرب والكفرة الفجرة الروس. وحتى لا يكون ثقيل الدم على برقة وعلى مصر، يتمنى عقيلة توطيد دعائم وجود ثلاثة أقاليم سياسية في ليبيا ليتم بعدها توزيع الدخل القومي على الأقاليم تبعا للجغرافيا وللأحلام المصرية في وضع قبضتها على الشرق الليبي ولو إدى إلى إنفصاله، إن لم يتم تنصيب حاكم عسكري على الدولة أو دمية في ايديهم.
أما السراج ومجلس الدولة فأمانيهم على قدر الهمم، مقتصرين على إستمرار حكم المجلس الحالي إلى مارس القادم من أجل ترتيب مستقبلهم الوظيفي بعيدا عن أضواء السياسة. لقد أضاعوا الفرص تلوى الأخرى بترك حفتر يتوغل جنوبا ثم إلى أبواب طرابلس، ثم تركه ليدعم قواته في سرت والجفرة، واليوم التنازل عن شرعية الدولة وعن تحرير البلاد بكاملها وعن التضحيات بقوافل من الشهداء من شباب بركان الغضب وعن عناء المهجرين وعن هدم البيوت والتفخيخ والتفجير وزيادة التنازل والتقوقع إلى تمثيل حكومة طرابلس وربما طريق السكة فقط. تباً لهكذا مجلس.
عقيلة صالح الممثل الخاص للروس في ليبيا قال عنه بيتر مليت السفير البريطاني السابق والعارف بشؤون ليبيا منذ شهر أن هذا الرجل لا يمكن الثقة فيه وفي أقواله، وهذا صحيح فقد إجتمع مع ابوسهمين في مالطا ومع السويحلي في روما وأخيرا مع المشرى في المغرب، ولم يعترف بهم وقال أننا نجتمع معهم كمواطنين ليبيين وليس كمسئولين.
المصريون رحبوا بالبيان لانهم يعلمون أن الخطوط الحمراء ستكون وبالاً عليهم إن إندلعت الحرب، فمصر غير مؤهلة لخوض أي حرب، وهي التي أنهكها ما لا يزيد عن 1500 مقاتل في سينا، وإن دخلت الحرب كما حدث في اليمن، فستمنى بهزيمة مشابهة لهزيمة 1967 المدوية، وإن لم تتدخل في الحرب الليبية المحدودة فهزائم سد النهضة وفقد السوق الليبية والعسف الداخلي سيفجر ثورة أخرى لا تبقى من العسكر ولا تدر، فكان الترحيب.
في هذا السياق تبرز أسئلة كثيرة لم تحل في برلين الذي إجتمعت فيه القمم السياسية للعالم، وهرب منها حفتر بعد أن زُين له سؤ عمله، وهي نفس المشاكل التي تواجه البيان الحالي: منها أين حدود نزع السلاح بين الطرفين وكيف يتم مراقبتها ومن سكون مراقباً للمنطقة وأين تبعيتها؟، وكيف يتم إجلاء الروس من القواعد والمناطق النفطية؟ وما هو البرنامج الزمني لذلك، وما دور حفتر الذي تجاهله البيان؟ وهل يرضى أن يكون تابع لعقيلة وهو من ألغى مجلس النواب عدة مرات؟ وهل سرت ام هون العاصمة المؤقته؟ وإذا تم تصدير النفط كيف يتم توزيع الإيرادات وهل سنذهب إلى فساد النفط مقابل الغذاء على الطريقة العراقية؟
أقرب الظن أن يفشل هذا البيان، ويعود من يهوى لعبة الورق إلى أمسياته الطريفة ومن يعشق (الرقيلة) إلى كرسيه دائرين حوله ذباب المشاريع المزيفة، وتدور الحياة دورتها. الأرجح من ذلك هو إتفاق اصحاب المصالح المشتركة؛ تركيا وروسيا تتبناه الهيئة الاممية لاحقا. ختاما يجب على الشعب أن يقول كلمته برفض هكذا إتفاقيات، فظاهر الإتفاق رحمة: إيقاف الحرب وتصدير النفط ولكن باطنه العذاب برهن الدولة إلى مجموعة فاسدة ستستمر لسنوات عديدة ومالم يتم الحصول عليه في ساحات الوغي يتم جلبه بخزعبلات السياسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرفيق رشيد حموني، في برنامج -مباشرة معكم- لمناقشة القانون ا


.. الشرطة الكورية الجنوبية تمنع مسيرة احتجاجية تطالب باستقالة ا




.. فرنسا: هل يتحالف اليمين واليسار لأول مرة لإسقاط حكومة ميشال


.. Débat autour de l-industrie avec Abdeslam Seddiki et Ryad Me




.. Mohammed Benmoussa sur Le Debrief : tout ce qu’il faut savoi