الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نستقيل من العمل؟

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2020 / 8 / 25
الحركة العمالية والنقابية



يستقيل الكثير من الناس قبل انتهاء المدة القانونية لإحالتهم للتقاعد لأسباب عديدة يصرحون بها على عكس الحقيقة . يعلنون شيئا ويضمرون شيئا آخر . فما الأسباب التي تدفع الإنسان للاستقالة من العمل رغم عدم وصوله للسن القانوني ؟
هناك أسباب عديدة منها :
بيئة العمل السامة :
هناك فرق كبير بين بيئة العمل الصحية وبيئة العمل السامة وهو أن البيئة السامة لا تشجع على النمو والإنتاج . وفي الأماكن التي لا يستطيع فيها الإنسان اكتشاف قدراته ومواهبه ونقاط قوته حيث يسود الروتين وعدم التكيف مع الزملاء والمديرين يتوقف المرء عن تعلم الأشياء الجديدة وتصبح بيئة العمل غير مريحة فيميل الموظف للاستقالة كون هذه الاستقالة وسيلة ناجحة للبعد عن الضغوط والبدء من جديد في مكان آخر وإعادة تنظيم الذات والقدرات المهنية . في حال انتشار هذا النوع من البيئة يفضل الاستقالة وعدم التفكير في البديل أو انتظار فرصة أخرى.
الوضع المالي الجيد:
ترتبط الوظيفة عموما بالوضع المادي ومن هنا أتى مصطلح الدخل المحدود حيث يفكر الموظف بالماديات على حساب أشياء أخرى . قد يكون اكتساب الخبرات أمر ضروري في الحياة ولكن الموظف يفكر قبل كل شيء بالمردود المادي الذي يأتيه من الوظيفة . قد يكون ترك الوظيفة من القرارات الصائبة في حال كان الموظف يمتلك الكفاية المادية التي تؤمن له الحياة المستقرة .
تجاهل المجهود والانجاز :
يتعرض الكثير من الموظفين لعدم تقدير مجهودهم في العمل، ومهما فعلوا يشعرون وكأن لا أحد يُلاحظ المجهود والانجاز ينتشر هذا الأسلوب في بعض المجتمعات الاشتراكية التي تركز على العمل لا على من قام بالعمل ويتم توزيع المكافآت على من قام بالعمل ومن جلس متفرجا بنفس القدر . هذا الأمر يُسبب الإحباط للموظف ويجعله ناقم على عمله وعلى رئيسه ومديره ، وبالتالي قد يُقدم جودة أقل في عمله ويبدأ في إهمال عمله. فإذا كان الموظف يتعرض لمثل ذلك تُصبح الاستقالة أمر ضروري، حيث تكون مثل اتخاذ موقف تجاه هذه الحالة.
الراتب لا يتناسب مع العمل:
في كثير من الأحيان لا يتناسب الراتب الشهري مع طبعة العمل وحجم الجهود المقدمة ، وأحيانا يعاني الموظف كثيرا في الوصول إلى مقر عمله ، وأحيانا يقود الموظف بعملين ليعيش بكرامة .
في هذه الحالة يخسر الموظف أكثر مما يكسب، صحيح أنه في حال العمل في شركة كبيرة يتعلم أشياء جديدة ويكتسب خبرات مهنية مختلفة، ولكن بشكل عام فكرة العمل بمقابل مادي أقل من المجهود المبذول هي أمر يدعو للتفكير في استقالة فورية بدون بديل لوظيفة أخرى.


الميل إلى عدم الذهاب للعمل:
إذا كان الموظف يستيقظ كل يوم ويشعر بعدم رغبته في الذهاب للعمل فهذه إشارة على أنه يجب أن يفكر في الاستقالة . وهي دليل راسخ على أنه في اللاوعي يكره الوظيفة وأجواء العمل ولا يرتاح للزملاء أو المدير . صحيح أن الشعور بالكسل أمر طبيعي أحيانا والذهاب للعمل ليس شيء مُحبب طوال الوقت، ولكن إذا كان الموظف يفضل فعل أي شيء آخر في مقابل ألا يذهب للعمل فيجب أن يفكر في الاستقالة.

العلاقات الوظيفية المتوترة :
علينا أن ندرك أن المدير الناجح هو الذي يصنع بيئة عمل صحية وصحيحة للموظفين، أما المدير السيئ فهو من يجعل الموظف يترك العمل! يفرض بعض المديرين سيطرتهم على كل موظف ويعشقون التحكم به بدون مناقشة. يتسبب هذا النوع من المديرين في فشل العمل بالكامل ويدفع الموظفين للاستقالة حتى بدون وجود وظيفة أخرى. فالعمل مع هذا المدير يُرهق الموظف نفسيا ويُشعره دائما بالتقصير ويحرمه من البحث عن نقاط القوة وقدراته المهنية على حل مشكلات العمل لأنه لا يرضى بحلول ومناقشات وإنما يُحاول السيطرة فقط.

عدم تناسب الشخص مع الوظيفة :

تُهاجم الكثير من الأقاويل فكرة البحث عن الشغف في كل شيء. ولكننا لا نقصد هنا الشغف في الوظيفة ، ولكن أحيانا يشعر الموظف وكأن هذا المكان ليس مكانه ولا يمت له بصلة . فالعمل في أجواء العقود والمشتريات تكون معقدة بعض الشيء بسبب الرغبة في تطبيق القانون وتناقض هذه الرغبة مع المصالح الخاصة على أكثر من صعيد فيكون الموظف دائما قلقا ويقع بين نار القانون ونار رغبة المدير في تحقيق مصالحة وبالتالي يتحول الموظف إما إلى شخص مشلول خانع لأهواء الغير أو صدامي دائم يدو في دائرة مفرغة لا تستطيع أن تنتج أو تتأقلم ولا تستطيع الذهاب لمكان آخر. مع الوقت يقتل هذا الإحساس في داخل الموظف أي طموح أو رغبة في فعل أشياء أخرى. لذلك يُصبح تقديم الاستقالة في هذه الحالة ضرورة، لأن الإنسان يبحث دائما عما يريد فعله بشكل حقيقي بعيدا عن ضغط الوظيفة.

وجود خطة بديلة عن الوظيفة :
لا نقصد بالخطة البديلة وجود عمل آخر أو وظيفة أخرى، ولكن نقصد أن الإنسان يعرف ما الذي سيفعله بعد ترك العمل كأن يضع خطة لتعلم شيء معين واحترافه فيما بعد، أو تغيير السيرة الذاتية، أو السفر لاكتساب خبرات جديدة. هناك الكثير من الخطط البديلة بعد ترك الوظيفة ، ولكن أهم شيء هو تحديد الإنسان لما سيفعله مستقبلا ، في هذه الحالة يكون الاستقالة لها معنى وهدف حتى بدون البحث عن وظيفة أخرى.

عدم الشعور بالأمان :
الأمان والاستقرار من مميزات بيئة العمل الصحية والصحيحة ، فبعض الموظفين قد يتركون العمل لأن نسبة الاستغناء عن الموظفين كبيرة، وهذا يعني أن الشركة لا تُخلص لموظفيها حتى لو أخلصوا هم لها. وعندما يشعر الموظف بأنه غير آمن في مكان عمله وأنه قد يتم الاستغناء عنه لأي سبب، يُشعره ذلك بعدم الارتياح ويُقلل من انتمائه لمكان عملك. بالإضافة لذلك، فترك العمل في هذه الحالة يكون تأمين لك من الرفض أو الطرد من العمل ، خاصةً إذا كانت الشركة مشهورة بهذا الأمر أو لها سوابق في ذلك. ينطبق ذلك على الإعفاء من المسؤولية من دون ذكر سبب الإعفاء في بعض المؤسسات والشركات العامة والخاصة .

انتفاء القوانين الناظمة أو الخطط الواضحة :
المؤسسات والشركات التي تتسم بالفوضى شركات فاشلة بالتأكيد. هناك الكثير من الشركات التي لا يوجد لديها رؤية واضحة لما تفعله أو أهداف تريد الوصول لها. يُصبح العمل في هذه الشركة غير مريح ولا يؤدي لأي إنتاج. بالإضافة لذلك فأنت لا تتعلم شيء في بيئة مثل هذه، وفي أحيان كثيرة تسمع الكلام وعكسه من إدارة الشركة حيث تكثر الوعود التي لا تُنفذ.
هناك فرق كبير بين المشروع الاستثماري الذي يأتي بمردود والمشروع الاستثماري الذي لا يدر أي مردود . في الحالة الأولى يجد الموظف نفسه يحقق ذاته من خلال مردودية مؤسسته وفي الحالة الثانية يصبح مثل دون كيخوت يصارع طواحين الهواء بلا طائل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين


.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو في باريس دعما للفلسط




.. 8 شهداء من العاملين ضمن فرق تأمين المساعدات إثر غارة إسرائيل