الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت عنوا حيادية لبنان : البطريرك الراعي يحول الكنيسة المارونية إلى منصة للغرفة السوداء الصهيو أميركية السعودية وأدواتها

عليان عليان

2020 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


تحت عنوا حيادية لبنان : البطريرك الراعي يحول الكنيسة المارونية إلى منصة للغرفة السوداء الصهيو أميركية السعودية وأدواتها
(( الكنيسة المارونية لم تخرج عن دورها كأداة للاستعمار منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اللحظة))
في الوقت الذي يسعى فيه لبنان، إلى الخروج من محنته جراء كارثة المرفأ ، وفي الوقت الذي يرزح فيه تحت ضغط أزمة اقتصادية مستفحلة ، جراء الضغط والحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على لبنان، بالتنسيق مع فريق (14) آذار ورئيس مصرف لبنان رياض سلامة، بهدف تحميل حزب الله المسؤولية وتحريك الشارع ضده.
وفي الوقت الذي تم فيه إفشال الانقلاب السياسي على العهد وعلى حزب الله ، الذي قاده بعض أقطاب فريق(14) آذار عبر مظاهرات العنف الفتنوية ، وعبر استيلائهم على العديد من الوزرات ، وعبر الدفع ببعض النواب لتقديم استقالاتهم ، بهدف حل مجلس النواب ، وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية ، جاء البطريرك ليعيد طرح موضوع " حياد لبنان " الذي سبق وأن طرحه في شهر تموز (يوليو) الماضي ، مضيفاً في خطابه الكنسي الأحد الماضي 23-8-2020، إلى مشروع الحياد "أن تقوم أجهزة الأمن اللبنانية بمداهمة مخازن السلاح في المدن والبلدات اللبنانية الخاصة ببعض القوى والتخلص منها".
الراعي في عظته المؤرخة في الخامس من تموز (يوليو) الماضي، التي دعا فيها إلى حياد لبنان ، تدخل في تحالفات رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره بشكل فاضح ، عندما طالب الرئيس عون التدخل لرفع الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر وتطبيق القرارات الدولية ، وعدم إقحامه في الصراعات الاقليمية، في إشارة واضحة منه بضرورة فك تحالف الرئيس وتياره مع حزب الله، والزعم أن الرئيس وحلفائه لم يطبقوا قرارات الأمم المتحدة ، في تبرئة مكشوفة للكيان الصهيوني، الذي لم يتوقف يوما عن استباحة الأجواء والسيادة اللبنانية .
كما أنه بهذه العظة يتهم الرئيس بإلحاق لبنان في ركب المحاور ، متجاهلاً أنه هو وحلفائه في فريق (14) آذار مرتهنون من رؤوسهم حتى أصابع أقدامهم، للإدارتين الأمريكية والفرنسية وينفذون بدقة تعليمات السفيرين الأمريكي والسعودي في لبنان.

الحيادية المزعومة
بطريرك الطائفة المارونية " مار بشارة بطرس الراعي" ، لم يتوقف منذ كارثة المرفأ عن طرحه المشبوه والمثير بشأن "حيادية لبنان" ، لضمان ما أسماه ازدهار البلاد وسيادته دون أن يشرح لنا، كيف سينعكس ذلك الحياد ،على ازدهاره ومنع الجوع والفقر فيه ، متجاهلاً حقيقة أن الأمريكان وأدواتهم في لبنان ،وعلى رأسهم مدير مصرف لبنان المركزي" رياض سلامة" هم من يقفون وراء الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان.
وهو في طروحاته غير البريئة ، يتساوق عن عمد مع التدخلات الخارجية التي تستثمر في الأزمة اللبنانية المركبة ، في إطار حربها على حزب الله وسلاح المقاومة ، عبر إشعال الفتن والتوترات الداخلية تحت عناوين مكشوفة ومشبوهة وعلى رأسها : " الدعوة للحياد؟!"
كما أنه في حديثه المغرض بشأن "مسألة الحيادية"، لا يقف حتى على الحياد بين رئيس الجمهورية وتياره وبين بقية الأطراف المسيحية في فريق (14) آذار ، في حين يقتضي موقعه البطريكي، أن يقف على قدم المساواة، حيال مختلف الأطراف السياسية في الطائفة المارونية. فنراه عملياً متحالفاً مع سمير جعجع- زعيم القوات اللبنانية- ومع حزب الكتائب على حساب التيار الوطني للإصلاح ،الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون ، ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد إذ تشير بعض التسريبات، بأنه قد يقوم في لحظة سياسية، بمطالبة الرئيس عون باسم الطائفة المارونية ، بتقديم استقالته ، متجاهلا الوزن والثقل النوعي للرئيس عون وتياره في الشارع المسيحي وفي البرلمان اللبناني.
ولا بد من الإشارة هنا ، إلى أن طروحات الراعي ، بشأن مسألة "حيادية لبنان"، تتشابك مع طروحات فريق (14) آذار ، الداعية لإجراء انتخابات نيابية مبكرة ، كشرط للمشاركة في حكومة وحدة وطنية، للتصدي للأزمة الراهنة ، وتتشابك بشكل رئيسي مع طرح " سمير جعجع" الداعي لتشكيل "حكومة حيادية" ، بهدف التخلص من حضور حزب الله وحلفائه فيها نزولاً عند المطالب الغربية وخاصةً الأمريكية.
كما أن "الراعي" وفي محاولة مكشوفة منه ، لتسويق قضية " الحياد" استثنى منها في سياق تكتيكي مكشوف (إسرائيل) ، وهو بهذا التكتيك يريد التعمية على حقيقة موقفه في الداخل إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يلي:
1-هجومه المتواصل على المقاومة الفلسطينية إبان تواجدها في لبنان ، وعلى وجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان .
2- أنه لم يعتبر الكيان الصهيوني " عدوا" ولم يأت على ذكر أطماعه التاريخية في لبنان ناهيك أنه يحمل حزب الله والمقاومة الفلسطينية سابقاً، مسؤولية احتلال ( إسرائيل) للجنوب اللبناني.
3- أنه مارس التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني بزيارته للقدس عام 2014 ، رغم نصيحة الأمين لحزب الله " السيد حسن نصر الله" له بعدم القيام بالزيارة ، التي جاءت في خضم حملة التطبيع الخليجية مع الكيان الصهيوني ، وذلك في نهج مناقض لنهج بابا الأقباط السابق في مصر شنودة الثالث، الذي سبق وأن أفتى بتحريم زيارة الكيان الصهيوني والقدس في ظل الاحتلال.
4-ناهيك أنه من دعاة السلام مع )إسرائيل( على قاعدة أن سلامة لبنان في حياده ، ما يذكرنا بمقولة " بيار الجميل" – مؤسس حزب الكتائب- ( قوة لبنان في ضعفه)
ولاء البطريركية التاريخي لفرنسا وأمريكا
وفي تركيزه على مسألة " حياد لبنان " ، تجاهل البطريك نفسه ، حقيقة أن البطريركية نفسها لم تكن حيادية في يوم الأيام ، وأن ولائها التاريخي، في السياق السياسي كان دائماً للغرب الرأسمالي، وعلى رأسه فرنسا والولايات المتحدة – باستثناء الفترة التي تبوأ فيها البطريرك خريش رعاية الكنيسة المارونية- وفي ذاكرة التاريخ أن البطريركية اللبنانية المارونية على امتداد معظم عقود القرن العشرين، ومنذ أواسط القرن التاسع عشر ، كانت أداة للاستعمار الفرنسي في لبنان ، وليس أدل على ذلك، التعنيف الذي مارسه البطريرك "بطرس عريضة" عام 1932 بحق " أمين الريحاني" وعزل الكنيسة له ، لأنه انتقد الاستعمار الفرنسي في لبنان.
وفي ذاكرة التاريخ التي لا تمحي أيضاً، رسالة المطران " نقولا مراد" عام 1844 لملك فرنسا التي استهلها بعبارة " نحن عبيد جلالتكم" ، وفي الذاكرة الطازجة مواقف المطران صفير وغيره من مواقف المطارنة المرتهنة للغرب الاستعماري، في مواجهة نهج العروبة والمقاومة، ودعمهم لاتفاق (17)أيار المقبور الذي أبرمه بشير الجميل مع الكيان الصهيوني وتوفيرهم الغطاء السياسي ، لقائدي جيش لبنان الجنوبي العميلين للكيان الصهيوني، وهما سعد حداد وأنطوان لحد.
التحريض على سلاح المقاومة
وبشأن تحريض الراعي، أجهزة الأمن للقيام بمداهمة مخازن السلاح، فإنه ينطوي على تحريض مباشر على سلاح المقاومة ، بحيث بات بوقاً لفريق (14)آذار ولمام يطرح في الغرف السوداء الأمريكية الإسرائيلية السعودية، هذا إذا لم يكن هو جزءاً أصيلاً من هذا المطبخ ، وذلك في إطار مخطط يجري العمل عليه منذ سنوات .
لكن من كتبوا له خطابه خانهم ذكائهم ، ولم يتنبهوا لحقيقة أن سلاح حزب الله هو سلاح مقاوم وليس سلاج ميليشوي ، وأن هذا السلاح هو بيد رجال المقاومة، هو من ألحق الهزيمة بالعدو الصهيوني مرتين ، الأولى عام 2000 عندما انسحبت قوات الاحتلال من معظم جنوب لبنان بدون قيد أو شرط ، والثانية في حرب تموز 2006 ، ما يعني أن الحزب كان ولا يزال، رأس حربة في مواجهة الأطماع الإسرائيلية في لبنان، وكان ولا يزال وسيظل مكوناً مركزياً في الصراع العربي الصهيوني.
وتجاهل البطريرك حقيقة أن تدخل حزب الله في سوريا ، جاء بعد أن نكث فريق (14) آذار باتفاق " بعبدا" بشأن النأي بالنفس ، وبعد أن مارس دوراً لوجستياً بدعم فصائل الارهاب في سورية تنفيذاً لإملاءات أمريكية وخليجية ، عبر مرفأ طرابلس وغيره ، ذلك الدور الذي كان عقاب صقر أداته التنفيذية في حلب، وفي المناطق الحدودية بين سورية وتركيا.
كما تجاهل الراعي حقيقة أن تدخل حزب الله وسلاحه في سورية ، ودوره المركزي في طرد داعش وجبهة النصرة من جبال القلمون ، هو من وفر الحماية الكاملة للبنان ، وتناسى عن عمد أن حزب الله قدم الشهداء من أجل تحرير كنيسة معلولا في سورية من الإرهابيين .
حقائق صادمة للراعي ولفريق (14) آذار
الراعي ومن ورائه تجاهل عن عمد، حقيقة أن سلاح المقاومة جرى تبنيه والنص عليه في برامج الحكومات المتعاقبة، في إطار " معادلة الجيش والشعب والمقاومة" ، لكنه كغيره ممن يتربعون في الغرف السوداء، باتوا يعتقدون أن اللحظة السياسية بعد كارثة المرفأ ، تسمح لهم لهم بالنفخ في هذه المسألة ، بدعم أمريكي وفرنسي وسعودي وإسرائيلي ، وليس صدفة اللقاءات المتكررة بين السفير السعودي وبين البطريرك، منذ إعلانه عن " مبادرة الحياد والتحييد" لكن يبدو أن قراءتهم للمشهد السياسي في لبنان والاقليم ، تتسم بالغباء السياسي أو بالتفاؤل غير المبني على الحقائق وأبرزها :
أولاُ : أن حزب الله عصي على الكسر والاحتواء، إذ فسروا صمته على إجراءاتهم التصعيدية ضده غداة كارثة المرفأ ، واتهامه بالتسبب بوقوع الانفجار ، بزعم وجود مخازن سلاح له في المرفأ ، بأنه في حالة من الضعف والارتباك ، لكن سيد المقاومة فسر هذا الصمت بعدم الدخول في سجال في ظرف المصيبة التي حلت بلبنان ، وطالب بيئته الحاضنة أن تحافظ على غضبها المكبوت استعداداً لمواجهة القادم ، وذلك في تهديد صريح لا يقبل التأويل بأنه قادر مع حلفائه على وأد المؤامرة في مهدها.
ثانياً : أن حزب الله في المعادلة الداخلية، يستند إلى تحالف مع أكبر كتلة مارونية ( التيار الوطني الحر" والكتلة التابعة له في مجلس النواب " كتلة لبنان القوي" ، وإلى كتلة التنمية والتحرير بزعامة رئيس مجلس النواب " نبيه بري" ، وإلى تيار المردة بزعامة "سليمان فرنجية" وإلى طيف واسع من القوى القومية والتقدمية ، حيث يشكل هذا التحالف أغلبية مجلس النواب.
ثالثا: وفات الراعي أن يدرك أن اللحظة السياسية والاقليمية والدولية الحالية، تختلف جذرياً وبشكل كبير عن اللحظة السياسية التي كانت عام 2005 ، إثر اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، فمحور المقاومة الذي بات حقيقة واقعة ، يشكل سنداً لحزب الله وحلفائه في لبنان ، ومتراساً تتحطم على تخومه مؤامرات الفريق الانعزالي ومن يقف ورائه.
رابعا: يضاف إلى ذلك، أن روسيا اليوم ليست هي روسيا عام 2005 ، وكذلك الصين وهاتان القوتان العظمييان ، لن تقفا مكتوفتا الأيدي حيال ما يجري ، وخاصة بشأن لجنة التحقيق الدولية التي راح البطريرك يتبناها علانيةً ، تحت زعم أن الدول الغربية تمتلك تقنيات وقدرات لا تمتلكها الأجهزة المحلية ، في حين أن الهدف الحقيقي من ذلك هو إبعاد الكيان الصهيوني وأدوات أمريكا في لبنان عن دائرة الاتهام ، ومن ثم التصويب على رئاسة الجمهورية ووضعها في دائرة التقصير ، والتصويب على حزب الله ووضعه في دائرة الاتهام.
لا يتسع المجال هنا، لمناقشة لكل ما جاء في خطب وتصريحات البطريك الراعي من مغالطات تاريخية ، لكن جوهر طروحاته يصب في خانة إبقاء لبنان في دائرة التبعية للغرب ، وفي خانة عدم جر لبنان للعداء مع الكيان الصهيوني، تحت دعوى " الحياد" ، خاصةً عندما يقول: " إنّ مصر وسوريا والأردن خسرت أراضي، لكن لبنان لم يخسر أراضي" متجاهلاً حقيقة القرى اللبنانية العشر التي ضمها الكيان الصهيوني عام 1948 ، ومتجاهلا حقيقة أن جنوب لبنان وقع تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من عقدين من الزمن ، ولا يزال يحتل جزءاً هاماً من أراضيه" مزارع شبعا وتلال كفار شوبا".
كما يتجاهل الراعي عن قصد ،أطماع الكيان الصهيوني في لبنان ومياهه ، حتى قبل نشوئه بشأن مياه نهر الليطاني والحاصباني والوزاني ، ويتجاهل عن عمد ،حقيقة أن الكيان الصهيوني، منع لبنان من تركيب مضخة مياه على نهر الوزاني في عهد الرئيس شارل حلو وأن الأمر ظل على هذا النحو حتى تحرير الجنوب على يد المقاومة في أيار عام 2000.
نصر الله يكسر حاجز الصمت
لقد كسر الأمين عام حزب الله حاجز الصمت، على تصريحات الراعي، التي يقف ورائها فريق (14) آذار ومشغليه ،وكان حاسماً وجازماً في الرد على طروحاته، دون أن يذكره بالاسم ووضع النقاط على الحروف ، في أن ما يقصده الراعي هو عزل لبنان عن محور المقاومة تحت " دعوى الحياد" وإبقائه في دائرة التبعية للغرب الرأسمالي.
وبهذا الصدد قال نصر الله : "هناك اولويات في الاستراتيجية تقدم الاهم على المهم".. متسائلا "لماذا يحق للأميركيين التدخل في شؤون الدول وشن الحروب، ولا يحق لغيرهم ان يمدوا يد المساعدة للدول المعتدى عليها".
واكد خلال كلمته في إحياء ذكرى عاشوراء" ان الحدود الجغرافية لا تسقط المسؤولية وان دعم الشعب الفلسطيني، او الذهاب الى سوريا لمقاتلة الجماعات الارهابية، فيه مصلحة وطنية كبرى، منددا بتدخل العديد من الدول العربية وغير العربية بالشأن اللبناني، في وقت تطالب فيه لبنان بالحياد".
وأخيراً وباختصار شديد : فإن البطريرك الراعي، بمواعظه حول "حيادية لبنان ونزع سلاح حزب الله" ، عمل ولا يزال يعمل على تحويل البطريركية، إلى منصة لفريق (14) آذار وللغرفة السوداء الأمريكية الصهيونية السعودية، للتصويب على حزب الله وحلفائه.

كاتب وباحث فلسسطيني....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع