الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش الوظيفي!!

حارث رسمي الهيتي

2020 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يكاد لا يبتعد العنوان كثيراً عن توصيف المفكر العربي عبد الوهاب المسيري الذي يوضح في احدى محاضرته ويتحدث عن اليهودي الوظيفي، وهو يشير هنا الى من هم من غير اليهود او الصهاينة لكنهم يعملون على نفس المنهج، سواء كان عملهم بتوجيه منهم أو من تلقاء أنفسهم لأسباب كثيرة.
الموضوع لا يختلف كثيراً عن تلك المقاربة، فالقراءة السطحية هي وحدها التي تقدم على تأرخة ظهور داعش يوم اعتلى ابو بكر البغدادي في 29/6/2014 منبر الجامع الكبير في الموصل وأعلن دولته المزعومة، وهي نفس القراءة التي تعتبر ان هذا التنظيم قد انتهى يوم أعلن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي النصر على داعش الارهابي في 10/12/2017 وتحرير الاراضي العراقية. فتنظيم داعش كان قد بدأ العمل في المحافظات التي سيستولي عليها عام 2014 منذ اواخر عام 2011 ومطلع 2012، في محافظة الأنبار مثلاً، بدأ هذا التنظيم مبكراً منذ أن كان يطرق مسامعنا إن مشروعاً ما كان قد توقف بسبب عدم وجود المبالغ الكافية التي كانت تدفع اتاوى لهذا التنظيم عن طريق سماسرة وشبكات معقدة. أو حين أجبر فيما بعد بعض افراد القوات الامنية على اعلان التوبة والبراءة لضمان عدم تعرض حياتهم لخطر تلك العصابات.
منذ 2003 سنة انهيار نظام البعث الحاكم والقيادة الفردية للديكتاتور صدام حسين وما لحقها من خطوات مدروسة عمل عليها الاحتلال الامريكي لتفكيك ما تبقى من الدولة العراقية ولغاية اليوم أصبحنا على يقين تام من إن البعث و التنظيمات الارهابية التي ارتبطت به بصورة أو باخرى وحتى تلك التي لاقت دعمه وتأييده فيما بعد من القاعدة وصولاً الى داعش هي لا تختلف كثيراً عنه بل هي تشبهه في الجوهر باعتبارها طريقة عيش واسلوب تفكير.
فالبعثي الوظيفي هو نفسه البعثي القيادي الذي كان "القاط السفاري" لا يفارقه مثل اقلامه التي تعلق على الكتف الأيسر، البعثي الوظيفي هو من وجد نفسه يمارس نفس الدور في "كسر رقاب الفقراء" الذين لا حول لهم ولا قوة هو نفسه المخبر السري "كاسر رقاب" ما بعد 2003!!
لداعش ومثيلاتها من التنظيمات الارهابية والظلامية عقيدةٌ محرّكة، عقيدة يؤمن بها افرادها ويدافعون عنها باعتبارها تمثل وجودهم، والدفاع عنها هو دفاع عن هذا الوجود وهو ما يبدو واضحاً من اقدامهم على القتال حتى يقّتلوا، أو ينسفوا أنفسهم آخذين معهم العشرات من الابرياء في كل مرة. هذه العقيدة هي ما تدفعهم الى الموت في سبيلها معتبرين ان ما يقاتلون من اجله هو الحق المطلق، تساندهم وتدفع بهم فتاوى شيوخهم الذين تزداد مكاسبهم وتترسخ مكاناتهم مع كل حزام ناسف يؤدي بضحايا أو عبوة لاصقة تخلصهم من خصومهم الذين يجري تحديدهم بدقة. هذه الفتاوى التي اعطتهم الصلاحية بالقتل والتهجير والسبي والسلب والتشريد لآلاف من العوائل التي لم تقترف ذنباً سوى انها لم تكن راغبة بالعيش في بيئة يحكمها هؤلاء.
وليس بعيداً عن هؤلاء العقائديون هناك من لم ينتم لداعش يوماً، بل أجزم ان طريقة عيشه هي ذات الطريقة التي تحاربها تلك التنظيمات الارهابية، الا انه يتشارك من حيث لا يدري مع مخططات داعش في المحصلة النهائية.
متأكد الى درجة القطع واليقين إن فرداً من داعش لا يختلف بالمرة عن آخرالذي بحكم موقعه أو علاقاته أو تأثيراته اللامحدودة يستطيع أن يؤخر صفقة علاج مرضى السرطان، أو لقاحاً خاصاً باطفالنا أو أن يمنع بأي وسيلة كانت أية خطةٍ أو رؤية تفضي الى وضع حد لتردي الكهرباء في هذا البلد وما يرافقها من تأثيرات مدمرة على مئات من المصانع العراقية التي بامكانها ان تستوعب كل اولئك الخريجين الذين تهشمت رؤوسهم وهم يطالبون بحقهم بفرصة عمل لا يختلف عن داعش، وهل ابالغ ان قلت أنه يشكل خطراً أكثر وأكبر من الخطورة التي يشكلها الارهابي نفسه.
في خاتمة المطاف كل ما كان يريده داعش لحظة مطاردته لنا هو ان نرضخ لما يرتأيه هو صحيحاً، كل ما يراه هو حقاً وغيره باطلاً يستحق الموت، كل ما كان يريده هو أن ينهي حياتنا.
وبهذا يتشارك كل من يرغب بأن ينهيها مع داعش جوهراً، حتى وان لم يقصر جلبابه أو يحمل تلك الراية السوداء!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي