الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار- العدد 43

الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)

2020 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


العدد /43/- آب أغسطس2020
الافتتاحية:
العداء لدولة اسرائيل

كتب تيودور هرتزل عقب انتهاء المؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية عام1897، في مدينة بازل (بال) السويسرية، الكلمات التالية في دفتر يومياته: «لو أردت أن أختصر مؤتمر بازل في كلمة واحدة -وهذا ما لن أجاهر به صراحة -لقلت: في بازل أسّست الدولة الصهيونية. ولو قلت ذلك اليوم لقابلني العالم بالسخرية والضحك. ولكن بعد خمس سنوات على وجه الاحتمال، وبعد خمسين سنة على وجه التأكيد، سيرى هذه الدولة جميع الناس». لم تنشر يوميات هرتزل (توفي عام 1904) كاملة حتى عام 1960وكانت نشرت مجتزأة عام 1922. لو قرأ تلك الكلمات غير الصهاينة، وحتى بعض أعضاء مؤتمر بازل، لقابلوا هرتزل ليس فقط بالسخرية بل كانوا اتهموه بالاختلال العقلي. الدولة العثمانية كانت تلعب على لندن وبرلين مستغلة انفجار الخلاف البريطاني -الألماني في مرحلة ما بعد بسمارك الذي أقيل كمستشار للدولة الألمانية عام 1890. كانت روسيا في مرحلة موجة عداء لليهود منذ اغتيال القيصر الروسي عام1881. فرنسا كانت قد خرجت للتو من «قضية دريفوس» التي أظهرت موجة عداء لليهود ذات طابع طاغ في المجتمع الفرنسي. الولايات المتحدة الأميركية كانت تعيش عزلة «مبدأ مونرو» المتبنّى عام1823 تجاه «العالم القديم». كان الطريق مسدوداً أمام هرتزل لكي يفتح طريقاً عبر شقوق العلاقات الدولية نحو الدولة الصهيونية أو اليهودية وفق عنوان كراسه المنشور عام 1896. خلال سبع سنوات قبل وفاته، فتح هرتزل طرقاً عديدة نحو ذلك الهدف، مركزاً على فلسطين ضد مشاريع لإقامة الدولة اليهودية في قبرص أو أوغندا أو الأرجنتين أغرت بعض أعضاء المنظمة الصهيونية، ثم أكمل تلاميذه الهدف الذي تم تحقيقه بالجدول الزمني نفسه الذي حدده في يومياته (قرار تقسيم فلسطين عام 1947 ثم إعلان بن غوريون قيام دولة اسرائيل في 14 أيار 1948وليس 15 أيار كما يظن العرب الذين لا يعرفون حتى تاريخ «النكبة» الذي هو يوم الجمعة 14 أيار 1948 قبل مغيب الشمس والدخول في يوم السبت 15 أيار حيث يدخل اليهودي في لا عمل يوم السبت). لعب تلاميذ هرتزل على شقوق العلاقات الدولية وتشققاتها، ومرّروا الجمل من خرم الإبرة.
الآن، ومنذ بروز وصعود منطق التسوية للصراع العربي - الاسرائيلي، مع أنور السادات، إلى سطح الحياة الفكرية والسياسية العربية، هناك منطق يعاكس منطق كلمات تيودور هرتزل. يقول «التسوويون العرب» التالي: اسرائيل أمر واقع، وهي تفوقنا قوة، وقد هزمتنا في كل الحروب العربية - الاسرائيلية، ويقولون إن الواقعية تتطلب التسوية والقبول بإسرائيل كأمر واقع من أجل الارتقاء بالواقع العربي الذي استغلت الأنظمة العربية العداء لدولة اسرائيل وحالة الحرب معها من أجل تسويغ استبدادها والتخلف العربي الذي فاقمته وكرّسته وجلست على تلّته. السادات وعد منذ زيارته للقدس في 19 تشرين ثاني1977، والآن أنصار «صفقة القرن» من العرب، التي انكشف شقها الاقتصادي أواخر حزيران2019 في مؤتمر البحرين قبل جانبها السياسي الذي أعلنه ترامب، وبجانبه ناتنياهو، في يوم 28كانون ثاني2020، يعدون بالرخاء الاقتصادي العربي مقابل القبول بإسرائيل وإنهاء العداء معها وإعلان نهاية الصراع العربي -الاسرائيلي. هناك منطق جديد يضاف إلى ذلك في مرحلة ما بعد ما يسمى «الربيع العربي» عام 2011، يقول التالي: المجتمعات العربية انفجرت دواخلها و«علينا» التفرغ لإعادة البناء لتلك الدواخل على أسس جديدة، والعداء لإسرائيل «يعيق» ذلك. عند أنصار «صفقة القرن» منطق إضافي، يقول بأنها فاتورة اجبارية من أجل تشكيل تحالف أميركي -اسرائيلي -أنظمة عربية لضرب إيران تفادياً لتكرار «خذلان» باراك أوباما الذي عقد الصفقة النووية مع إيران عام 2015 ضد رغبة حلفاء واشنطن العرب وضد رغبة بنيامين ناتنياهو. تأتي صفقة التطبيع من قبل دولة الإمارات مع اسرائيل بيوم 13آب2020في إطار هذا التوجه ،في وقت يقول ترامب بأنه سيعقد اتفاقاً جديداً مع ايران بمجرد فوزه في انتخابات الرئاسة الأميركية في 3تشرين ثاني2020،لتكون صفقة هي بمثابة تنازل مجاني من دول الخليج ،التي تشكل الامارات الآن رأس حربتها ، فيما ناتنياهو لم يقدم شيئاً بالمقابل،يعبر عن تبعية تلك الدول للمحور الأميركي،ويلحق ضرراً كبيراً بالفلسطينيين،الذين حان الوقت لكي يلغوا اتفاقية أوسلو ومترتباتها بمافيها ما يسمى ب"السلطة الفلسطينية" والعودة إلى مرحلة الكفاح الفلسطيني من أجل التحرر من الاحتلال،كماكان الأمر منذ الرصاصة الفلسطينية الأولى في يوم 1يناير1965.
لم تتحقق وعود السادات بالرخاء الاقتصادي مقابل القبول بإسرائيل، وكل المؤشرات تدل على أنه ليس هناك سوى تكرار تسووي عند ترامب للتجابه الأميركي -الايراني يختلف بتفاصيله عمّا فعله أوباما مع طهران فقط، ولكنه مثل أوباما سينتهي بتسوية بين واشنطن وطهران ولكن بشروط جديدة. اسرائيل منذ بن غوريون كانت ترى خراب الدواخل العربية طريقاً لقوتها.
السؤال هنا: ماذا يقول الاسرائيليون؟ بنيامين ناتنياهو يقبل بـ «صفقة القرن» مقابل التهام اسرائيلي لأربعين في المئة من الضفة الغربية وكل القدس الشرقية مقابل «حكومة فلسطينية» (نفس تعبير جاريد كوشنر في البحرين، وليس دولة فلسطينية) تدير السكان وليس الأرض (تعبير موشيه دايان في أواخر الستينيات مع مشاريع عرضت على رؤساء بلديات الضفة والقطاع). يكون مركز إدارة هذه الحكومة في ضاحية أبوديس قرب القدس والمسجد الأقصى بإدارة إسلامية وحائط البراق (المبكى عند اليهود) لإسرائيل وكنيسة القيامة بإدارة مسيحية، مع حدود مفتوحة لتبادل البضائع وحرية التنقل بين الاسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين، مقابل التخلي عن حق العودة وإنهاء الصراع العربي -الاسرائيلي. اليمين الاسرائيلي الذي هو على يمين حزب الليكود لا يقبل بـ «صفقة القرن» من منطلق أن التجربة التسووية مع مصر والأردن تظهر أن السلام لا يأتي من الحكام بل من الشعوب، حيث أظهر المصريون والأردنيون، كمجتمعات، أنهم لا يقبلون وجود إسرائيل في المنطقة ولا يقبلون بالتطبيع معها ومع الاسرائيليين. هم يرون الحل في «الجدار العازل» الذي هو أقرب إلى سور «الغيتو»، ولكن بدلاً من غيتو يهودي في مدينة فهو دولة غيتو في منطقة معادية على أن تكون هذه الدولة متفوقة عسكرياً وتكنولوجياً وتملك قوة ردع وتفوق عسكري على المحيط المعادي. هذا منطق جديد عند اليمين القومي الاسرائيلي الذي كان يرى السعي إلى «اسرائيل الكبرى» التي تضم فلسطين وشرق الأردن، مع ترحيل الفلسطينيين إلى البلاد العربية بالقوة وتوطينهم هناك. يعاكس هذا المنطق ما كان موجوداً عند فلاديمير جابوتنسكي وعند مناحيم بيغن. الملفت بدء نشوء هذا المنطق عند أرييل شارون الذي أقام «الجدار العازل» في عهد توليه الوزارة الاسرائيلية بين عامي 2001 و2006، ما كان إيذاناً بتخليه، وهو اليميني العتيد، عن «إسرائيل الكبرى»، وهذا ما يدل على إدراك عنده بتقلص أهمية اسرائيل عند الغرب في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة، إذا قارناه بما قاله أواخر عام 1981كوزير دفاع اسرائيلي بأن اسرائيل هي الذراع العسكرية الطويلة لواشنطن في المنطقة الممتدة بين باكستان والمغرب، وكانت تل أبيب يومها قد خرجت للتو من ضرب المفاعل النووي العراقي، وكانت تستعد لغزو لبنان. هناك إدراك عند الاسرائيليين بوجود احتمالية لتكرار تجربة الصليبيين في المنطقة الذين أقاموا كيانات استيطانية ثم زالت بعد قرنين من الزمن وهم يضعون الخطط لتفادي ذلك، وهم يخافون من تجربة جنوب أفريقيا كدولة أبارتهيد للتمييز العنصري 1948-1994 عندما لم تستطع الأقلية البيضاء الحفاظ على حكمها على الأكثرية السوداء، لذلك مع شارون انزاح اليمين الاسرائيلي إلى منطق حزب العمل الذي كان يخاف من التوسع الجغرافي والسيطرة على أغلبية سكانية عربية تقود إلى انتهاء الأغلبية اليهودية عددياً في دولة اسرائيل. في التسعينيات حذر شمعون بيريز الاسرائيليين من مصير البيض في جنوب أفريقيا ومن مصير الصرب في الاتحاد اليوغسلافي. أصبحت الآن هناك أغلبية إسرائيلية مجتمعية تخاف من نقاط ضعف دولة إسرائيل، وهو ما لا يدركه العرب الذين هم في حالة جهل كبير بالأوضاع الاسرائيلية.
الآن، كل المؤشرات تدل على أن «صفقة القرن» لن تمر. منطق التسوية بعد أربعين عاماً على المعاهدة الاسرائيلية - المصرية (26 آذار 1979) لم ينتصر بل هو مهزوم واقعياً عبر الوقائع ولكن ليس عبر الفكر السياسي، الذي ما زال عند رافضي التسوية العرب مبنياً على تفسير حقوقي وأخلاقي للسياسة، وليس على منطق براغماتي ومادي للسياسة يرى بأن الحقوق في الغابة التي اسمها العلاقات الدولية لا تنال سوى بالقوة وبتوازنات القوى، وهو درس لم يتعلمه العرب حتى الآن بعد الدرس الكبير الذي اسمه «إسرائيل»، عندما قبل العالم «المتحضّر» بأن اليهودي المولود في كييف وجوهانسبورغ وبوينس آيرس له الحق في يافا على حساب الفلسطيني المولود هناك منذ آلاف السنين.
بعد فشل خط التسوية العربي الذي بدأ مع أنور السادات، ومع فشل خط التسوية الفلسطيني مجسداً في اتفاقية أوسلو، فإن
العداء لدولة اسرائيل يكتسب المشروعية الواقعية السياسية وما زال يكتسبها وسيظل حتى تزال تلك الدولة من الخريطة.
لماذا يتمسك السارق لأرض فلسطين بمايريد أكثر مما يفعل من سرقت أرضه؟!!!...


التطبيع والمقاومة
- جمال عامر -
تأتي عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني معبرة عن قابلية نفسية اجتماعية لفئات داخل المجتمعات العربية للتطبيع وتعكس واقع موازين القوى على المستوى العربي والفلسطيني على وجه الخصوص المتراجعين حيث يلاحظ المبادرة التي طرحتها السعودية والتي تبنتها الجامعة العربية التي سميت المبادرة العربية للسلام جاءت مستندة على قوة نتائج الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
ما الطرق الكفيلة لردع التطبيع؟
تستدعي عملية تغيُّر موازين القوى داخل كل قطر عربي وفي الجانب العربي ككل الاهتمام بالبحث العلمي واستغلال الكفاءات العلمية والمهنية لأقصى حد ممكن وازالة الطبيعة الوكيلة ( بشكل تدرجي ) للاقتصاديات العربية للمراكز الدولية لإزالة هذا الكيان عن بلداننا وانهاء معاناة مجتمعاتنا من نتائج وجوده الخطر عليها جميعا ، وتستدعي أيضا تمكين الوضع الداخلي وحلحلة الازمات الداخلية من خلال المشاركة الديمقراطية والرقابة الديمقراطية والالتزام بمواثيق الامم المتحدة بما يخص حقوق الانسان والمرأة والطفل والعامل والخلاص من الفساد والاستبداد و حل المشاكل التي تعيق عملية التنمية .
ما حصل فجائيا للجميع لكن بالنسبة لقارئ موازين القوى ووضع الاقتصاديات العربية وانماط الحياة داخل البلدان العربية يراها نتيجة طبيعية وليست غريبةً حدوثها اطلاقا.
ما حصل يتطلب اجماع الدول العربية على موقف عربي موحد رافضا لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني وحق العودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ودعم حق الشعب العربي السوري واللبناني في استعادة اراضيهما المحتلة.
إن تخصيص جزء من الموارد المادية للعلم والبحث العلمي ودمجهما في الصناعة للوصول للصناعة الثقيلة وتشكيل مركز مالي وانتاجي ضخم وتحقيق الاصلاح السياسي من خلال الانفتاح السياسي على جميع القوى الوطنية الديمقراطية والقومية الديمقراطية وتحقيق بشكل تدرجي الرقابة الديمقراطية لعملية الانتاج والسياسة العامة للدولة وتنظيم أفضل للمجتمعات العربية ذلك من شأنه تحصين الداخل العربي لمواجهة الكيان الصهيوني ومسلسلات التطبيع المستمرة بدءا من كامب ديفيد وليس انتهاءا بالامارات.
أخيرا ليس من مصلحة الكيان الصهيوني انجاز اية وحدة عربية تشكل رافعة للمقاومة ضده ويسعى بكل جهد لبث الخلافات والتفرقة بين البلدان العربية وتقوية النزعات المذهبية وادخال بلاد عربية في اتون حروب داخلية وتفكيك الدول ذلك ليضمن استمرار وجوده من خلال سياسة الفوضى الخلاقة التي اعلنت عنها كوندليزا رايس يوما من الايام.

-------------------------------------------------------------------------------------------------
الخميس 16تموز2020 -جريدة "الأخبار"
أزمات المنطقة و"صفقة القرن"
محمد سيد رصاص

في يوم 28 كانون الثاني / يناير 2020، طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكان يقف بجانبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مبادرة سُميت بـ «صفقة القرن» من أجل إنهاء الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. لا يمكن تفسير طرح هذه المبادرة بتقاربات بين طرفَي الصراع، تحاول هذه المبادرة تجسيرها، وإنما بأمر آخر يتمثّل، على الأرجح، بقراءة أميركية ــــــ إسرائيلية، تفيد بأنّ هناك بيئة من الأزمات المتفجّرة في بلدان عربية عدّة تنتج حالة ملائمة لواشنطن وتل أبيب، من أجل إنهاء صراع رسم الخريطة السياسية للمنطقة، داخلياً وإقليمياً، وأتاح إنهاء نفوذ دولي في إقليم الشرق الأوسط (بريطانيا وفرنسا)؛ كذلك، أتاح دخول وحلول نفوذ دولي جديد في الإقليم (الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي)، بعدما رأتا بأنّ تلك الأزمات العربية، التي نتجت عن انفجار البنى الداخلية لبلدان عربية عدّة، تتيح أرضاً خصبة لتمرير «صفقة القرن». هنا، يجب التذكير بأنّ المبادرات الدولية تجاه الصراع العربي ــــــ الاسرائيلي كانت تأتي دائماً إثر انكسارات عربية (القرار 242 بعد خمسة أشهر من هزيمة حرب حزيران ــــــ مبادرة كيسنجر في سياسة «الخطوة خطوة» عامَي 1974 و1975، بعدما لمس لدى الرئيس أنور السادات اتجاهاً مصرياً انفرادياً بمعزل عن السوري في حرب 1973 ــــــ «مشروع ريغان» بعد حرب اجتياح لبنان عام 1982 ــــــ مؤتمر مدريد بعد هزيمة العراق في حرب 1991 ـــــ «خريطة الطريق» التي طُرحت من قبل واشنطن لحلٍّ فلسطيني ــــــ إسرائيلي بعد أسابيع ثلاثة من الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003).
على الأرجح، ليس هناك فقط قراءة أميركية ــــــ إسرائيلية، تقول بأن نضوجاً قد حصل في انهيار أوضاع داخلية عربية عدّة (سوريا ـــــ لبنان ــــــ العراق ــــــ ليبيا ــــــ اليمن)، مصحوباً بأزمة وجودية مصرية تواجهها القاهرة مع السد الأثيوبي الذي يمكن أن يمسك بمفتاح صنبور نهر النيل، بالترافق مع عجزها عن أن تكون فاعلة في أزمات السودان وليبيا، وإنما أيضاً هناك استغلالٌ أميركي ـــــ إسرائيلي، من أجل تمرير «صفقة القرن»، لما تشعر به دول عربية عدّة في الخليج، بأنّ الخطر الإيراني هو أخطر من الإسرائيلي، وللميل الحاصل هناك منذ سنوات عديدة نحو اعتبار أنّ هناك تلاقيات يمكن أن تنشأ بين تلك الدول وواشنطن وتل أبيب، من أجل مواجهة التمدّدات الإيرانية في الإقليم. يضاف إلى ذلك لما تراه واشنطن وتل أبيب من صراع سعودي ـــــــ تركي في عموم المنطقة، ومصري ــــــ تركي يتجسّد الآن في الأزمة الليبية، يمكن أن يجعل دولاً عربية عدّة تفكر في الصراع مع أنقرة، إضافة إلى طهران، بأنه «تناقض رئيس»، وفق تعبير ماوتسي تونغ.
تحضرني، هنا، واقعة حصلت في آذار / مارس 1978: عندما تمّ عرض «مشروع موضوعات المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)» على الأستاذ إلياس مرقص، قام الأستاذ الياس بإبداء اعتراض على عبارة: «إسرائيل تريد تسويات انفرادية للصراع العربي ــــــ الإسرائيلي بعد الاستفراد بالتسوية مع مصر»، شارحاً بأنّ إسرائيل تريد تعفُّن الجسم العربي وانهياره، بعد فصل الرأس المصري عنه، وأنّها لا تريد أيّ تسوية مع باقي العرب بمن فيهم الفلسطينيون، بل تريد أن تكون سيدة المنطقة الضعيفة والمنقسمة بوصفها «مخفر الغرب الأميركي ـــــ الأوروبي». عندما أبدى الأستاذ مرقص تلك الملاحظة، كانت زيارة السادات إلى القدس قد مضى عليها أربعة أشهر، وكان كلّ العرب بمن فيهم ياسر عرفات، يظنّون بأنّ الهدف من الاستفراد بمصر هو إنشاء وضع إسرائيلي أفضل، من أجل الاستفراد بالعرب الآخرين كلّ على حدة عبر تسويات انفرادية. يمكن لاتفاقية أوسلو ومسارها عبر سبعة وعشرين عاماً، منذ 13 أيلول / سبتمبر 1993، أن تؤكد صواب رؤية الأستاذ إلياس مرقص. أيضاً، تؤكد ذلك طريقة تعامل إسرائيل مع الوضع اللبناني، بين عامَي 1982 و2000، وكذلك طريقة تعاملها مع الأزمة السورية طوال السنوات التسع الماضية. يمكن للصواريخ الإسرائيلية المضادة للطيران من طراز Spyder-mr، التي تمّ نصبها على جسم السد الأثيوبي (نشرة «أراب ويكلي»، 2072019) أن تعطي صورة على ما تريده إسرائيل من مصر، غير مكتفية من عزلها عن الجسم العربي، مع إفقادها كلّ دور في آسيا العربية، في فترة ما بعد اتفاقيات «كامب دافيد»، في أيلول / سبتمبر 1978، بل تريد أبعد من ذلك في تعطيشها وتجويعها.
هنا، وفق التصريحات الإسرائيلية المعلنة، لن تكتفي تل أبيب بضمّ الكتل الاستيطانية وغور الأردن، لفصل شرق الأردن عن الضفة الغربية، وإنّما تريد أن يكون مرفأ حيفا مركزاً لأنابيب نفط وغاز من الخليج والعراق ولسكك حديد وأوتوسترادات لتفادي المرور في مضائق هرمز وباب المندب، ولتهميش قناة السويس ومرفأي اللاذقية وبيروت. يجب، هنا، التذكر بأنّ أنبوب نفط كركوك ـــــ بانياس (وفرعه لطرابلس) قد تمّ بناؤه من قبل شركة نفط العراق، في فترة 1949 ـــــ 1952، بعدما أصبح متعذّراً العمل بخط كركوك ــــــ حيفا، بعد قيام دولة إسرائيل. لن يكون هناك عملياً بعد تنفيذ خطة الضم الإسرائيلية، تلك التي تشمل ثلث الضفة الغربية ومعظم مياهها، والتي كان مقرراً أن تتم في 1 تموز / يوليو 2020 ثمّ تأجّلت لحسابات أميركية ـــــ إسرائيلية، أي شيء ممّا كان يسمّى بحلّ الدولتين في اتفاقية أوسلو، بل معازل فلسطينية مقطّعة الأجزاء كما كانت معازل السود في دولة جنوب أفريقيا التي اتبعت سياسة الفصل العنصري.
بتكثيف: لا تريد إسرائيل وضعية «القلعة المنعزلة»، كما قال بعض العرب في فترة ما بعد بناء شارون لـ «السور الواقي»، بل تريد أن تستعيد وضعية «المخفر اليهودي للغرب الأميركي ــــــ الأوروبي»، كما كانت في حروب 1956 و1967 و1982، وأثناء ضرب المفاعل النووي العراقي، عام 1981. شعرت إسرائيل بعملية تقلّص أهميتها بعد انتهاء الحرب الباردة بين الأميركيين والسوفيات، بين عامَي 1947 ـــــ 1989، وبعدما أتى الأميركي إلى المنطقة بعسكره في حربَي 1991 و2003، متخلّياً عن الوكيل الإسرائيلي في نزع «الشوك الأميركي». كما شعرت تل أبيب بضعف دورها عندما جرّبت واشنطن، مع تعثّر مشروعها في المنطقة، استخدام الوكيل الإسرائيلي من جديد في حرب 2006 وفشل. تريد تل أبيب عبر «صفقة القرن» تحقيق «إسرائيل الكبرى»، ليس عبر الجغرافيا، بل عبر الدور في المنطقة.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------
لمحة عن الاقتصاد الروسي المعاصر
نادر عازر
تُعدّ روسيا إحدى الدول الكبرى في العالم، وهي موجودة كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وتمتلك حق النقض "الفيتو". كما لديها ترسانة أسلحة نووية وقدرات عسكرية ورثتها من الاتحاد السوفييتي السابق، الذي كان أحد قطبي العالم في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى العام ١٩٩١.
إلا أن كل تلك المزايا تبقى غير كافية لروسيا لصنع تأثير كبير ومستدام في السياسة الدولية، رغم محاولاتها في أوكرانيا وسوريا وليبيا، وذلك بسبب عوائق عديدة، أكبرها الاقتصاد، إلى جانب البنية السياسية والاجتماعية المضطربة التي أفرزت الفساد والتأخر الصناعي والتكنولوجي والبحثي وضعف الابتكار وزيادة الشيخوخة السكانية وقلة الإنجاب.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أواخر العام ١٩٩١، جرى انتقال قاسٍ من اقتصاد مخطط بشكل مركزي إلى اقتصاد السوق، فكانت نتائجه كارثية بالنسبة لروسيا خلال السنوات العشر الأولى، حيث هبط الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من ٦٠ بالمائة، مع عمليات الخصخصة الهائلة للعديد من الصناعات باستثناء قطاعات الطاقة والدفاع والمصارف والنقل، في محاولة لمعالجة الاضطراب الاقتصادي واتّباع توصيات صندوق النقد الدولي.
ما يزال الاقتصاد الروسي يعاني من الهشاشة حتى الآن، لاعتماده الكبير على تصدير المواد الخام كالغاز والنفط، ما يعرّضه لأزمات كلما تقلّبت الأسعار، كما تعرّضت العملة الروسية الروبل لتغيرات شديدة في قيمتها، وخاصة خلال أزمة العام ١٩٩٨. لكن بعدها ارتفع سعر النفط في العالم وازداد الطلب عليه، فنما الاقتصاد الروسي بمعدل سنوي قدره ٧ في المائة.
على إثر الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨، انخفضت أسعار النفط وجف الائتمان الأجنبي في روسيا، فكان اقتصادها من الاقتصادات الأكثر تضرراً في العالم، حيث انكمش بنسبة ٧,٨ بالمائة، لكن الحكومة الروسية والبنك المركزي استجابا بسرعة وحصرا القطاعات الرئيسية في الاقتصاد، وخاصة المصرفي، ما عجّل من تعافي البلد من آثار الأزمة المالية.
في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١، تمت الموافقة على روسيا كعضو في منظمة التجارة العالمية بعد ١٨ عاماً من الحوار، مما سمح لها بوصول أكبر إلى الأسواق الخارجية.
بدأ الاقتصاد الروسي في النمو مرة أخرى، ليعود ويتباطأ عام ٢٠١٣، ثم شهد صدمتين في العام التالي. الأولى تمثّلت في الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال النصف الأول من عام ٢٠١٤ (بالترافق مع الأزمة الأوكرانية: شباط-آذار2014 وضم شبه جزيرة القرم انفرادياً من قبل روسيا، وهي أراض أوكرانية منذ عام1954حسب قرارات مجلس السوفيات الأعلى، وحسب اتفاقية حل الاتحاد السوفياتي في الأسبوع الأخير من عام1991) ومن سعر ١٠٥ إلى ٦٠ دولار للبرميل، فقفز التضخّم إلى ٧,٥ في المائة.
الصدمة الثانية كانت العقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا، ما تسبب بأضرار كبيرة في الاستثمارات الأجنبية، وهروب رؤوس أموال بمليارات الدولارات من روسيا.
ومن وقتها بدأت روسيا بمحاولات تحويل اقتصادها نحو الصين استجابة للتوترات المالية المتزايدة.
سجل الاقتصاد الروسي انكماشاً بنسبة ٣.٧ بالمائة عام ٢٠١٥، وانخفضت قيمة الروبل بأكثر من ٥٠ بالمائة عام ٢٠١٦، قبل أن يعود الاقتصاد للتعافي وينخفض التضخم.
يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على صادرات المواد الخام مثل النفط والغاز والفحم والفولاذ والألمنيوم التي بمجموعها كانت تشكّل ٨٠ بالمائة من إجمالي صادرات روسيا عام ٢٠٠٧، لتصبح ٦٥ بالمائة عام ٢٠١٥.
الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لروسيا، التي هي بدورها رابع أكبر شريك تجاري له، كما أن ٧٥ بالمائة من أسهم الاستثمار الأجنبي المباشر في روسيا تأتي من الاتحاد الأوروبي.
تتوجه ٦٠ بالمائة من الصادرات الروسية إلى أوروبا، و٣٠ بالمائة إلى آسيا، وأقل من ٥ بالمائة إلى الولايات المتحدة وإفريقيا وأمريكا اللاتينية مجتمعة.
أما الشركات الأمريكية فقد حققت عائدات بأكثر من ٩٠ مليار دولار في روسيا عام ٢٠١٧، حيث يوجد تقريباً ثلاثة آلاف شركة أمريكية في روسيا.
تشمل المنتجات الزراعية الروسية الحبوب والسكر وبذور عباد الشمس والخضروات والفواكه ولحم البقر والحليب.فيما تتألف المنتجات الصناعية من صناعات دفاعية مثل الرادارات والصواريخ والدبابات والطائرات عالية الأداء والسفن والمركبات الفضائية، إلى جانب الآلات الزراعية، ومعدات النقل البري والسكك الحديدية والاتصالات والبناء وتوليد ونقل الطاقة الكهربائية، وأجهزة طبية وعلمية، ومنسوجات ومواد غذائية وصناعات يدوية.
أما الواردات الرئيسية لروسيا فتشمل السيارات والحافلات والمركبات المتنوعة، والآلات الصناعية، والمواد الغذائية من لحوم وفواكه ومكسرات إلى جانب المستحضرات الصيدلانية والمنسوجات والأحذية والبلاستيك والأدوات البصرية والطبية.
الناتج المحلي الإجمالي لروسيا وفقاً لتصنيفي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للعام ٢٠١٩ وضعها في المرتبة الحادية عشر عالمياً بعد كندا والبرازيل وإيطاليا، وقبل كوريا الجنوبية.
ووفقاً للأرقام الروسية الرسمية، فإن ربع سكان البلاد يصنّفون على أنهم من الطبقة المتوسطة. لكن بعض الاقتصاديين وعلماء الاجتماع يعتقدون أن هذا الرقم مبالغ فيه، وأن النسبة الحقيقية تبلغ حوالي ٧ بالمائة فقط، إضافة إلى تفاوت كبير في التطور الاقتصادي بين مناطق البلاد، وتركيز الثروة في موسكو وخاصة في أيدي المسؤولين المقربين من السلطة الحاكمة في روسيا.
هناك العديد من الأسباب التي تعيق ازدهار التجارة في روسيا. منها البنية التحتية المتهالكة، وضعف حماية حقوق الملكية الفكرية، وتدخّل الدولة في القطاع الخاص، والفساد المتفشي في معظم جوانب الدولة، وضعف سيادة القانون.
ووفقاً لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية عام ٢٠١٩ فإن القطاع العام في روسيا حلّ في المرتبة ١٣٧ من أصل ١٧٩ دولة.
جدول مقارنة بعض الإحصاءات في روسيا:
روسيا عام ٢٠١٥ عام ٢٠١٩
نسبة البطالة ٥,٦٪ ٤,٦٪
قيمة الاحتياطي الدولي ٣٦٨ مليار دولار ٥٥٤ مليار دولار
الإنفاق العسكري ٤,٩٪ من الناتج المحلي الإجمالي ٣,٩٪ من الناتج المحلي الإجمالي
إجمالي الصادرات ٣٤١ مليار دولار ٤١٨ مليار دولار
إجمالي الواردات ١٩٣ مليار دولار ٢٥٥ مليار دولار

رغم تحسن العديد من الأرقام الإحصائية إلا أن روسيا تبدو بعيدة عن تحقيق منافسة دولية للقوى للعظمى في المجالات غير العسكرية، كالاقتصاد والصناعة والتكنولوجيا والابتكار في ظل وجودها في موقع اقتصادي وسياسي واجتماعي متأخر عن دول أخرى لا تتعدى مساحتها كيان اتحادي روسي واحد مثل كوريا الجنوبية.
المراجع:
وكالة رويترز
صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
منظمة الشفافية الدولية.
موقع فوكوس إيكونوميكس
----------------------------------------------------------------------------------------------
مصطفى سعد

الحظ العاثر لا يمنعنا من الحلم

The Levant News

الحظ العاثر هل يأتي إلينا عند قدومنا للحياة مترافقاً مع الشقاء، أم أنّ الحظ العاثر تكون نسبه مرتفعة أم منخفضة حسب الدولة التي نولد بها؟ هل الجغرافيا تنتقم أحياناً وتنعم في أحيانٍ أُخر؟ أسئلة بسيطة جداً لكن مختلف عليها دائماً. الحظ العاثر
منذ القدم وإلى يومنا هذا، وعلى الرغم من هيمنة العولمة على هذا الكوكب المنفتح بعضه على بعض، تبقى أهدفنا وطموحاتنا وأحلامنا وقدراتنا رهن الزمان والمكان المتواجدين فيه.
هنا في سوريا، مثلاً، لا نحتاج دراسات محلية أو إقليمية أو دولية، ولن نستشهد بإحصائيات معينة أو تصويت شعبي، لندرك أنّ الأغلبية من الشباب يرغبون في الهجرة والغربة البعيدة عن عادات ومقاييس وأحكام وماء وهواء الوطن.
في الحديث مع أي مجموعة من الناس، على اختلاف طبقاتهم وهوياتهم الفرعية، نسمع الرغبة في السفر، وأنّهم اليوم في حالة سعي لإنهاء مرحلة دراسية أو مهنية لأجل البحث عن ذواتهم وآمالهم خارج قضبان البلاد، غير آسفين على ياسمين وطنهم وزرقة سمائه.
شعب بأغلبيته يجد نفسه في محطة لا يأتي لها أي قطار مهما كانت وجهته، حتى ولو كانت إلى الخلف، ليستقر به في خمسينيات القرن الماضي، شعب بأغلبيته يرى حظّه عاثراً وغير جيد بما يكفي.
أذكر تماماً موقف تكرّر عشرات المرات مع أصدقاء وصديقات وزملاء، يعبّرون ليلاً ونهاراً وفي المجالس الخاصة والعامة وأماكن العمل، عن يأسهم وسخطهم وانعدام الأمل واللاجدوى، وبعد أيام قليلة نجدهم عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي “يشعرون بالسعادة” في اليونان وقبرص وتركيا وألمانيا وهولندا، وحتى في السودان.
عند تسجيل دخولنا للغرف الافتراضية، نرى على الجدار غزل الأقلام الإلكترونية بعذوبة الغربة وجمال الوصول إليها مع بعض النوستالجيا، وعلى جدار مقابل أقلام تتحدّث عن صعوبة الفيزا والسفر ومخاطر السفر بطرق غير شرعية، وتتردد بعض الأسئلة مثل: لماذا لا نستطيع التحليق بكل سهولة بعيداً عن الوطن؟
هذا السؤال يتردد على أدمغة الناس قبيل نومهم، لكن السؤال الأهم: لماذا الناس لا يجدون سبباً واحداً للبقاء في وطنهم بدلاً من إيجاد أسباباً عديدة للسفر؟
على الرغم من أنّ أحلامنا كبرت، وتجاوزت الكهرباء والماء، فقد أضفنا إليها أحلاماً وردية جديدة، كرؤية الحمراء الطويلة القديمة والجديدة، والحمراء القصيرة الورق والكرتون والحمراء البيضاء. وهنا سؤال آخر: لماذا أصحاب الأكشاك ومحلات بيع الدخان في الوطن، يعلقون أوراقاً كُتب عليها لا يوجد لدينا دخان “وطني”؟ البلاد التي عرفناها رحلت، والتي أردناها ستأتي ربما بعد أن نرحل، لكنها حتماً ستأتي. ستأتي بعد أن نستبدل سؤال متى سنرحل؟ بسؤال آخر، كيف سنبقى؟ بإيمان أنّ هذه البلاد لأهلها وشعبها، بالعمل السياسي المنظم بين القوى السياسية الديمقراطية واتحادها على أهداف وطنية جامعة، أولها الانتقال السياسي وبناء نظام ديمقراطي يعمل وفق أسس دستورية وقانونية تقوم على أساس المواطنة، وترفض الهيمنة الخارجية وجميع التواجد الأجنبي على الأراضي السورية.
إدراك أنّ المرحلة القادمة هي مرحلة انتقالية، وهذه، هدف كافٍ لإقامة التحالفات السياسية بين أحزاب تتبنّى أيديولوجيات مختلفة، علماً أنّ الانتقال السياسي ليس هدفاً بذاته، بل هو محطة في طريق الحل، وأنّ علينا ألا ننسى أنّ المسألة الشرقية في القرن التاسع عشر لم تمت، بل هي في حلّة جديدة الآن، وأنّ الوصاية والهيمنة الغربية لها أشكال مختلفة، أولها التدخل العسكري المباشر، وليس آخرها خلق كتل سياسية وأنظمة تنفذ أجندات تلك الدول، كما أنّ مشاريعهم الدستورية المقدمة لسوريا كلها تحمل “ديمقراطية” على أساس المكونات، مرفوضة في بلدان لعالم الأول، وما تزال التجربة الفرنسية في لبنان قائمة، وتجربة الولايات المتحدة في العراق قائمة أيضاً.
الآن روسيا الاتحادية، ومعها الغرب الأوروبي والولايات المتحدة والدول الإقليمية الفاعلة، إيران وتركيا، تحاول رسم دستور لسوريا على غرار دستوري كل من العراق ولبنان (كما هو واضح في مشروع الدستور الذي قدمته روسيا كمقترح للدراسة)، وما شهدناه لمؤتمرات الطوائف ودعم لقوى كردية على حساب قوى أخرى في السنوات السابقة لا يصبّ إلا في السياق ذاته، تحويل المنطقة إلى كانتونات وشعوب وقبائل خلقت لتتقاتل. وهذا كله ليس مؤامرة طبعاً، لكنه من مصالح الإمبريالية الثلاث، كما حددها الراحل الكبير الياس مرقص، في كتابه “نظرية الحزب عند لينين والموقف العربي الراهن”.
هنا أيضاً أكثر من سؤال: لماذا معظم من أيّدوا مؤتمرات الطوائف ومشاريع التقسيم بشكل واضح أو موارب، وأيدوا ديمقراطية المكونات، كانوا ضمن أحزاب تتحدث إلى فترة قريبة جداً بأبعد من سوريا، كالأمة الإسلامية أو القومية العربية أو الأممية أو الأمة السورية؟ لماذا معظم السوريين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وقومياتهم ومواقفهم السياسية يرفضون هذه الخواء كله؟
الآن، ستعاود اللجنة الدستورية اجتماعاتها، وسيكون العبء الأكبر على المعارضة السورية الوطنية التي عملت بعيداً عن أجندات دولية واستخباراتية، للسعي نحو إنجاز الحل السياسي، وفقاً لبيان جنيف، والقرار 2254، والعمل على دستور يضمن حقوق السوريين، كمواطنين، لا كقطعان بشرية وجماعات تحت اسم مكونات، رغم يقيننا أنّ هذا الحل ليس إلا بداية طريق طويل لاسترجاع السيادة والتخلص من التواجد الأجنبي على أراضي البلاد وبناء وطن حقيقي يتّسع لكل سكانه.
نعود إلى السطر الأول، الحظ العاثر ولعنة الجغرافيا، فالسوريون الذين خرجوا رافضين عقوداً من القمع والقهر والاستبداد، الذي لا يمكن أن يبني وطناً ولا يدحر محتلاً، أرادوا بناء وطن لكن سرعان ما تم تحييدهم، ليخوض معركتهم بالنيابة عنهم ميليشيات وتنظيمات، نسيت أنّ محاربة الاستبداد يجب أن تكون للوصول لغدٍ أفضل ولتحرير الأرض، لا لاستجلاب محتلين جدد، فاختلف تعريفهم للوطن.
هاموا في المعمورة كل يبحث عن وطنه، أولهم _كما حدّثنا الماغوط_ يرى الوطن يساوي حذاء، وأحدهم يرى الوطن يساوي مجداً، وكثيرون قالوا إنًّ الوطن يساوي شهيقاً بلا بارود، وآخرون يرون الوطن في رغيف خبز، والبعض يساوي الوطن عندهم وسادة تحت سقف (لكن غير سقف الوطن)، ومنهم من يساوي الوطن عندهم سريراً في مشفى عام، الوطن يساوي جرة غاز، الوطن يساوي فلافل، الوطن يساوي ليتر عرق، الوطن يساوي علبة دواء… إلخ.
ختاماً، المرحلة القادمة مرحلة تحرّر وطني بامتياز تتطلب العمل الممنهج المنظم، المبني على أسس علمية، وهذه البلاد قادرة بجهود عقلائها وكل أبنائها في الداخل والخارج لتكون وطناً حقيقياً للجميع، لكن إلى ذلك الحين يبقى سؤال أخير: إلى أين سأستطيع السفر ومتى وكيف؟


--------------------------------------------------------------------------------------------
.
جدول زمني يتناول بداية
الأزمة اللبنانية:

ثورة 17 تشرين الأول هي سلسلة من الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في 17 تشرين الأول 2019 إثر فشل الحكومة اللبنانية في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي بدأت تلوح في الأفق. بدأت الاحتجاجات الشعبية بشكل مباشر إثر الإعلان عن خطط حكومية لفرض المزيد من الضرائب على البنزين والتبغ، إضافة على استحداث ضرائب على استخدام تطبيقات المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت، والتي قرر التصديق عليها في 22 تشرين الثاني 2019 ثم توسعت الاحتجاجات حيث بدأ المتظاهرون بالمطالبة بإسقاط الرئاسات
الثلاثة في لبنان.
خلفية الأزمة:
إن الاحتجاجات جاءت نتيجة للأزمات المتراكمة خلال الأسابيع السابقة لشهر تشرين الأول من عام 2019 ، من أزمة الدولار إلى محطات الوقود التي وقفت الطوابير أمامها ، بالإضافة إلى حرائق الغابات التي ضربت لبنان نتيجة سوء إدارة الحياة البرية وعدم القدرة على السيطرة عليها نتيجة إهمال صيانة طائرات الهليكوبتر ، وفرض ضرائب على البنزين والقمح والمكالمات الهاتفية عبر الأنترنت .ومع بداية ظهور احتجاجات صغيرة أعلن البنك المركزي اللبناني عن وعود بتقديم الدولارات للشركات المعنية باستيراد البنزين والقمح والمستلزمات الطبية.
في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في 17 تشرين الأول اقترحت الحكومة استراتيجيات لزيادة ميزانية الدولة لعام 2020، ومن هذه الاستراتيجيات زيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 2بالمئة، وإضافة بحلول العام 2022 اثنين بالمئة أيضا مما يجعل تلك الضريبة تصل إلى ما مجموعه 15 بالمئة بالإضافة إلى الضرائب سابقة الذكر.
الاحتجاجات:
شرارة البداية:
: 17 تشرين أول 2019
في مساء 17 تشرين أول كان هنالك حوالي مائة ناشط مدني في وقفة احتجاجية على الضرائب الجديدة المقترحة، ونتيجة لوجودهم في وسط المدينة وحولها كانوا يسدون الشوارع الهامة جداً التي تربط غرب وشرق بيروت.
وتزامن هذا مع مرور وزير التعليم العالي أكرم شهيب مع موكبه بالقرب من المظاهرة، فاعترض المتظاهرون موكب الوزير وقام أحد حراس الموكب بإطلاق عدة أعيرة نارية في الهواء مما أثار غضب المحتجين على الرغم من عدم تسجيل إصابات. والجدير بالذكر أن الوزير أكرم شهيب عضواً في الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وقام رئيس الحزب بالتغريد على أنه قام بمحادثة الوزير ودعوته إلى تسليم الحارس مطلق النار إلى القانون.
بدأ عدد أكبر من المتظاهرين بالنزول إلى ساحة الشهداء، وساحة النجمة، وشارع الحمراء ومناطق أخرى أيضا.
حدد رئيس الحكومة اجتماع طارئ لمجلس الوزراء بناء على طلب الرئيس ميشال عون، وفي ظهر اليوم التالي " 18 تشرين الأول" ازدادت الاحتجاجات حدة وأعلن وزير التعليم أكرم شهيب أن جميع المدارس والجامعات ستظل مغلقة في يوم 18 تشرين الأول، وألغى وزير الاتصالات محمد شقير فكرة وضع ضريبة على الو تسأب في حوالي الساعة 11 من مساء 17 تشرين الأول.
18-تشرين الأول:
قام محتجون في كل من النبطية وطرابلس بتخريب مكاتب حزب الله وحركة أمل والأحزاب التابعة للتيار الوطني الحر الذي يقوده رئيس الجمهورية ميشال عون كاحتجاج على فساد الحكومة. اتجه بعض المتظاهرين نحو مبنى البرلمان، لكن تم إيقافهم عن طريق الغاز المسيل للدموع من قبل قوى الأمن الداخلي.
وأنشأ المتظاهرون حواجز على الطرق الرئيسية بواسطة الإ طارات وعلب القمامة. وتزامن هذا مع إعلان موظفي الخدمة المدنية عن إضرابهم بحجة أن الإصلاحات المقترحة ستقوض حقوق الموظفين والمتقاعدين على وجه الخصوص. وفشل انعقاد اجتماع مجلس الوزراء المقرر في 18 تشرين الأول نتيجة لامتناع وزراء القوات اللبنانية عن الحضور.
ودعا زعيم القوات سمير جعجع إلى استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري بسبب الفشل الذريع في وقف تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
ودعا وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي إلى التحرك الهادئ والسلمي ضد ولاية ميشال عون كرئيس للجمهورية. ودعا بيير عيسى من الكتلة الوطنية إلى تشكيل حكومة جديدة من المختصين، ولكنه
انتقد دخول الأحزاب السياسية في هذه الاحتجاجات حيث أن هذا أمر متروك للمواطنين.
وخرج رئيس الوزراء سعد الحريري وألقى كلمة منح فيها شركاؤه في الحكومة 72 ساعة لدعم الإصلاحات، وإن لم يتوصلوا لاتفاق قال بأنه سيتبع نهج مختلف.
فيما يلي سنقوم بسرد أحداث الأزمة اللبنانية
وتطوراتها على شكل ملخصات أسبوعية لفترة
الأزمة
الأسبوع الأول:
قتل المواطن اللبناني حسين العطار خلال المظاهرات. إطلاق حراس النائب السابق مصباح الأحدب النار على المتظاهرين.
خطاب حسن نصر الله الذي أكد أن حزب الله لا يتفق مع حكومة سعد الحريري، ولكن الحكومة السابقة للحكومة الحالية تتحمل أيضا المسؤولية في حصول الأزمة.
إطلاق النار من قبل عناصر حركة أمل النار على المتظاهرين.
تنظيم مظاهرات تضامنية في المدن الأوروبية الكبرى وأميركا الشمالية وأستراليا.
حدوث أكبر المظاهرات في البلاد منذ عام 2005، وترافقت مع إضراب عام في جميع أنحاء البلاد، مما اضطر إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء الذي اتخذ تدابير اقتصادية تهدف إلى:
1ـ خفض العجز
2ـ خفض أجور السياسيين إلى النصف
3ـ تقديم المساعدة للذين يعانون الفقر
4ـ بالإضافة إلى أن الرئيس الحريري لوح باستقالته في حال لم يتم إقرار الإجراءات.
ولكن المتظاهرين رفضوا الإصلاحات ووصفوا حكومة الحريري باللصوص، وقالوا إن هذه الإصلاحات أكدت أن هذه الحكومة قد أسأت معاملتهم لسنين. وفي اليوم التالي التقى الرئيس الحريري مع فريق الدعم الدولي للبنان، المتمثل ب: سفراء الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، وممثلين من الصين والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. الذين أعربوا عن دعمهم للإصلاحات الاقتصادية وحماية المتظاهرين وحثوا الحكومة للدخول بحوار مفتوح مع الشعب.
وبعدها عقد الرئيس الحريري اجتماع مع اللجنة الوزارية المكلفة بالإصلاحات الاقتصادية، وناقش مشروع قانون بشأن استرداد الأموال العامة وطلب اقتراحات من مجلس القضاء الأعلى في غضون أيام.
وفي ختام الأسبوع الأول للاحتجاجات خرج الرئيس ميشال عون وأبدى استعداده لدخول حوار مفتوح مع المتظاهرين وإيجاد أفضل الحلول للمضي قدما. أيد إصلاحات الرئيس الحريري ولكنه وجه إلى أن تكون الإصلاحات داخل مؤسسات الدولة وعن طريق الآليات الدستورية وليس عن طريق الاحتجاج. ولكن المتظاهرين رفضوا دخول أي حوار حتى استقالة الحكومة الحالية. وحدث مشاجرات داخل بيروت بين المتظاهرين ومؤيدين لحزب الله. والجدير بالذكر أن تقرير صادر عن شركة الخدمات المالية ستاندر آند بورز، صنفت لبنان على " ائتمان الساعة السلبية " بسبب تدني الجدارة الائتمانية والضغوط الاقتصادية المتعلقة بالإصلاحات. واستمر إغلاق بنوك البلاد بسبب مخاوف السلامة.
الأسبوع الثاني:
استمرت الا حتجاجات وقطع الطرق الرئيسية والدعوة لاستقالة الحكومة. على الرغم من دعوات الرئيس ميشال عون إلى الدخول في حوار مفتوح، وحصلت مشاجرات بين متظاهرين وعناصر لحزب الله في بيروت. ونأتي هنا على ذكر المواقف التي عبر عنها بعض رجالات الدين المسيحين: حيث أن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، اعتبر أن الناس يعيشون ثورتهم الإيجابية والإصلاحية.
وخاطب البابا فرنيسيس الشعب اللبناني معربا عن كفاحه في مواجهة التحديات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية في البلاد، ومقدما صلواته لكي يستمر لبنان مكانا للتعايش السلمي، وحث الحكومة على الاستماع إلى اهتمامات الشعب. هذا وقد شارك حوالي 170000 شخص في سلسلة بشرية امتدت على الساحل من مدينة طرابلس الشمالية إلى صور الجنوبية، وتم تنظيم هذه الوقفة لإظهار وحدة الشعب اللبناني في مختلف المناطق ومن مختلف الطوائف الدينية. وإن أهم حدث في هذا الأسبوع هو إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته عبر خطاب متلفز، وتبع هذا احتفال حذر للمتظاهرين إثر هذا الخبر. وبعدها استؤنفت المظاهرات في مختلف المناطق، واستمر قطع الطرق الرئيسية في البلاد من قبل المتظاهرين.
وفي يوم 31 تشرين الأول بعد يومين من إعلان رئيس الحكومة استقالته، خرج الرئيس ميشال عون مخاطبا الشعب ومتحدثا عن الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية التي تشهدها البلاد، كما تحدث عن التزامه في مكافحة الفساد وضمان الاستقرار السياسي والقضاء على الإرهاب وعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ووعد أن الحكومة الجديدة سوف تتألف من مختصين بدلاً من الموالين السياسيين. استمرت الاحتجاجات وقطع الطرق، وطالب المتظاهرين بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وتشكيل حكومة تكنوقراطية) أي حكومة قائمة على الكفاءات ذوي الخبرة والمعرفة الصناعية والتجارية والاقتصادية بعيداً عن الانتماءات
الحزبية والولاءات السياسية (.
الأسبوع الثالث:
في 1 نوفمبر خرج حسن نصر الله ببيان ينص على أن حزب الله يخشى سقوط الحكومة مما يترتب عليه من فراغ، وادعى أنه من المرجح تعيين رئيس مجلس وزراء جد يد في الأيام التالية. ولكن خطاب حزب الله هذا قدم تناقضا كبيراً حول إذا ما كانوا يرفضون أو يدعمون الثورة على مستوى البلاد. وتوافد أنصار التيار الوطني الحر بالآلاف للقصر الرئاسي للمساندة. الذين يرفضون قوانين مكافحة الفساد، والسياسيين الذين يفلتون من المساءلة، والقضاة الذين لا يطبقون القانون. كما طالب برفع السرية المصرفية عن حسابات
المسؤولين السياسيين، وإعادة الأموال التي سرقت سياسيا. وازدادت أعداد المحتجين الذين اجتاحوا كامل البلاد تقريبا، وأغلقوا معظم الطرق. وترافق ذلك مع تعرض المتظاهرين الذين أغلقوا الطرق في بيروت إلى هجمات، ويعتقد أن منفذي هذه الهجمات منتمون لحزب الله. بعد مضي عشرين يوما على الاحتجاجات بدأت بعض المدارس والجامعات تفتح أبوابها. لكن الطلاب لم يلينوا في جهودهم الاحتجاجية، وقابلتهم اشتباكات عنيفة من جنود القوات المسلحة اللبنانبة، وقد سجل العديد من التهديدات للطلاب. وقام المتظاهرون في النبطية بإغلاق العديد من الشركات والبنوك ومصرف لبنان المركزي، على الرغم من المعارضة السياسية الشديدة للمتظاهرين في هذه المناطق. تعرضت البنوك في بيروت وشركات الكهرباء للضغوط من قبل المحامين، وبالتالي تم إغلاقها، واعتمد المتظاهرين على المولدات الخاصة بعد إغلاق محطات الكهرباء في المدينة، وقام المتظاهرون بإلقاء الحجارة والزجاجات على مباني الشركة الكهربائية،
محبطين من عقود من انقطاع الكهرباء والخدمات الكهربائية السيئة. وازدادت أعداد المحتجين وأعداد طلبة المدارس والجامعات المنضمين للاحتجاجات، وأجبروا بعض المؤسسات الحكومية والخاصة على إغلاق أبوابهم.
الأسبوع الرابع:
إن مخاوف كبيرة بدأت بالانتشار من ارتفاع أسعار البنزين والمواد الغذائية وغيرها من المستلزمات الحيوية، نتيجة سياسات تقنين الدولار التي تطبقها البنوك اللبنانية. وصرح رئيس نقابة المستشفيات اللبنانية بأن: المخزون الطبي في البلاد لن يستمر لأكثر من شهر إذا لم يتم إيجاد حل. ومع اقتراب انعقاد الدورة التشريعية في البرلمان لمناقشة قانون العفو العام المقترح، الذي يمكن أن يمنح الأعضاء السابقين والحاليين الحماية من المقاضاة بتهم الفساد وإهدار المال العام. مما أدى إلى تصاعد غضب وحدة المظاهرات، وطالب المتظاهرون بتنظيم إضراب عام، ونشروا قائمة مطالب تضمنت ما يلي:
1. تعزيز الضمانات لمحاكمة سريعة.
2. العمل لإيجاد حل للأزمة الاقتصادية.
3. ضمان استقلال القضاء.
4. التحقيق في سوء استخدام الأموال العامة.
عقد رياض سلامة حاكم المصرف المركزي اللبناني مؤتمراً صحفيا، نفى فيه إمكانية السيطرة على الودائع، وقال: أن حلق الحسابات الكبيرة ليس ممكنا.
أعلن رئيس البرلمان نبيه بري عن تأجيل انعقاد الجلسة البرلمانية، وادعى أن ذلك لأسباب أمنية، ولكن إن المرجح هو خضوع الحكومة لغضب المتظاهرين الرافضين لقرارات مجلس النواب.
طالب رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري بالعودة عن استقالته وتشكيل حكومة جديدة، لكن الحريري رفض طلبه.
لقد تصاعد الغضب الشعبي وأغلق المتظاهرين عدداً لم يسبق له مثيل من الطرق والمحاور الرئيسية، وجاء ذلك كنتيجة لمقابلة أجراها الرئيس ميشال عون، رفض فيها دعوات لحكومة تكنوقراطية كاملة، وجذر من سحب الأموال من البنوك لأنه يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الأضرار بالقطاع الاقتصادي، ودعا لوضع حد فوري للاحتجاجات لمنع حدوث كارثة، واتهم عون المتظاهرين " بطعن الشعب بالخنجر "
واتهم المتظاهرين الذين أغلقوا الطرق بانتهاك القانون الدولي. صرح عون أيضا بأنه يمكن لأي شخص لا يجد ثقته بالحكومة اللبنانية الحالية المغادرة والعيش في أي مكان آ خر.
الأسبوع الخامس:
كان من المقرر انعقاد جلستين للبرلمان في 19 نوفمبر، بما في ذلك جلسة تشريعية عارضها المتظاهرون لأنها تحدد جدولاً زمانيا لقانون العفو الذي رفضه المتظاهرون سابقا.
ومع امتناع 58 عضو من أصل 128 من الحضور للبرلمان، كان ذلك غير كافي لإحباط الجلسة البرلمانية. تم التخطيط لسلسلة بشرية حول مبنى البرلمان لمنع الأعضاء من الدخول، وبالتالي عدم انعقاد الجلسة. وسجلت حالات قام بها عدد من النواب بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين والإسراع في مواكبهم في محاولة لتفريق الاحتجاجات، مما أدى لإصابة العديد من المتظاهرين بإصابات خطيرة.
في الساعة 12 صباحا من نفس اليوم، خرج الأمين العام للبرلمان اللبناني عدنان ضاهر إلى وسائل الإعلام المحلية وقال: أنه تم تأجيل الجلستين البرلمانيتين إلى أجل غير مسمى.
هذا كان بمثابة انتصار كبير للمتظاهرين وتحقيقا لإرادتهم.
الأسبوع السادس:
في بداية هذا الأسبوع تم الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال اللبناني ال 76 في 22 نوفمبر. وقد نظم المجتمع المدني احتفالاً واستعراضا ضم كافة فئات المجتمع، وكانت الدعوى عامة. ونظمت الحكومة اللبنانية استعراضا عسكريا بدعوى خاصة. اعتقلت المخابرات العسكرية خمسة أشخاص بينهم أطفال بعد إنزالهم لافتات للتيار الوطني الحر، وهو حزب الرئيس ميشال عون. أخبر أهاليهم وسائل الإعلام وتم
إطلاق سراح الأطفال بعد تدخل محاميين ومتطوعين. علَق السفير الأمريكي السابق في بيروت جيفري فيلتمان قائلاً": لحسن الحظ تتماشى ردود أفعال السياسيين والمؤسسات اللبنانية مع حزب الله والمصالح الأمريكية". مما أسفر عن قيام احتجاجات خارج السفارة الأمريكية في بيروت لمعارضة التدخل
الأجنبي. اتهم حزب الله الولايات المتحدة بالتدخل وتأجيل تشكيل الحكومة. واشتبك أنصار لحزب الله وحركة أمل مع المتظاهرين لوضع حد للحواجز التي يقيمها المتظاهرون على الطرق. واعتدى المتظاهرون على شخصين بعد الاشتباه بأنهم من أنصار حزب الله.
أحرق أنصار لحزب الله وحركة أمل خيام المجتمع المدني وحطموا سيارات وأحدثوا أضرار بالممتلكات العامة والخاصة. مما استدعى تدخل الجيش بالغاز المسيل للدموع لتفريق الاشتباكات.
أعلن رئيس الحكومة المستقبل سعد الحريري أنه لن يترشح لرئاسة الحكومة ثانيةً، وأعلن رجل الأعمال سمير الخطيب عن استعداده لتشكيل حكومة جديدة، وحاز على تأييد ودعم الأحزاب السياسية.
نظم أنصار التيار الوطني الحر) حزب رئيس الجمهورية ميشال عون (مظاهرة أمام منزل الرئيس السابق أمين الجميَل، واشتبكوا مع أنصار حزب الكتائب اللبنانية) حزب الجميَل (، ووقع الكثير من الإصابات.
كما قام أنصار حركة أمل وحزب الله بحرق خيم المتظاهرين وتخريب نظامهم الصوتي
، مع استمرار وقوع الاشتباكات في مختلف المناطق اللبنانية.
نتيجة حجم الخسائر التي تلقاها قطاع الوقود بسبب وجود سعرين في السوق اللبنانية،
أعلنت نقابة أصحاب محطات الوقود في لبنان إضرابا مفتوحا.
أعلنت مصادر في وزارة المالية عن نية الحكومة في تسديد 1،5 مليار دولار من
سندات اليورو في الديون المستحقة على لبنان، ولكن الطريق التمويلي لهذا الدين غير
واضح بدون تشكيل مجلس وزراء.
الأسبوع السابع:
تنظيم احتجاجات أمام البنك المركزي اللبناني والمؤسسات القضائية والإدارية، بهدف
منع دخول موظفي القطاع العام لهذه المؤسسات. وصرَحت مصادر مقربة من الرئيس
ميشال عون عن تأجيل المشاورات البرلمانية الملزمة التي كان من المقرر انعقادها في
28-نوفمبر ، على أمل أن رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري سوف يتراجع عن
قراره بعدم قيادة الحكومة المقبلة.
الأسبوع الثامن:
ثار غضب شعبي كبير نتيجة انتحار المواطن ناجي فليطي 40 عاما، بسبب خسارته لعمله والأوضاع المالية والاقتصادية السيئة وعدم قدرته على إعانة أسرته. وترشح رجل الأعمال سمير الخطيب لمنصب رئيس مجلس الوزراء، وإجماع السياسيين على ذلك، مما أدى إلى تصاعد غضب المتظاهرين وإغلاقهم للمزيد من الطرق. وفي النَهاية فشل ترشيح سمير الخطيب لعدم حصوله على دعم نواب البرلمان
المسلمين السنة. وبقي المرشح الوحيد هو سعد الحريري، مما أدى إلى تجمهر عدد كبير من المحتجين خارج مبنى البرلمان تنديداً بذلك ومطالبين بمرشح مستقل.
الأسبوع التاسع:
انهار منزل في طرابلس بعد أمطار غزيرة مما أسفر عن وفاة أخوين، وزاد هذا الحادث الغضب الجماهيري، حيث أنه يعتقد أن انهيار المنزل حدث نتيجة إهمال بلدية طرابلس. واجتمع المتظاهرون أمام مجلس بلدية طرابلس واقتحموا مركز الشرطة وحاصروا بيت العمدة وحطموا النوافذ والسيارات وأحرقوا غرفة، مما استدعى تدخل الجيش لتفريقهم.
تم اعتقال شبان لإغلاقهم طريق جونيه السريع، وتم الإفراج عنهم في اليوم التالي نتيجة إغلاق المتظاهرين رداً على ذلك لطريق جونيه السريع ثانيةً.
حاصر المتظاهرون منازل مسؤولين سياسيين سابقين وحاليين، وأرادوا الوصول لمنزل وزير الأشغال العامة، ولكن تدخل أشخاص يلبسون زي قوات الأمن، وهاجموا المتظاهرين وألحقوا بهم جرحى بالعشرات. استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد أشخاص قاموا بمهاجمة معسكرات
المتظاهرين.
تصاعدت الاحتجاجات نتيجة أخبار تفيد بأنه هنالك نية لإعادة تعيين سعد الحريري كرئيس للوزراء وتم ضرب المتظاهرين من قبل رجال أمن بالهراوات والرصاص المطاطي مما أدى إلى عشرات الإصابات في صفوف المتظاهرين.
الأسبوع العاشر:
استمرت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، والمتظاهرين وأنصار حزب الله وحركة أمل.
أكد سعد الحريري ثانيةً على عدم قبوله لمنصب رئيس الحكومة، ودعا الرئيس ميشال عون إلى ضرورة تعيين رئيس للحكومة على الفور.
ادَعت قناة الجديد أن باقي المرشحين لرئاسة مجلس الوزراء الآن هم :
تمام سلام ) رئيس مجلس وزراء سابق ( .
نواف سلام ) الممثل السابق للبنان في مجلس الأمم المتحدة ( .
خالد محي الدين قباني ) وزير الدولة السابق ( .
الأكاديمي حسان دياب ) وزير التعليم السابق ( .
وكان دياب هو المفضل لأنه يتمتع بدعم حزب الله و حركة أمل . جرت مشاورات
برلمانية وجرى تكليف حسان دياب بتشكيل الحكومة اللبنانية بيوم 19كانون أول2019. وتبع هذا
مظاهرات حاشدة وإغلاق للطرق رفضا لتعيين دياب كرئيس للحكومة.
الأسبوع الحادي عشر:
اشترك آلاف المتظاهرين القادمين من الشمال ووادي البقاع في الاحتجاجات رفضا لتعيين دياب رئيسا للحكومة.
تم الإعلان أن السياحة تراجعت 80 بالمئة، وتم إغلاق 265 مطعما ومنشأة سياحية
نتيجة الاحتجاجات.
اشترك أيضا كثيراً من المسلمين السنة في الاحتجاجات رفضاً لتعيين دياب رئيسا للحكومة. على الرغم من ذلك استمر دياب بالمشاورات من أجل تعيين الوزراء الجدد.
المجلس الدّستوري، وبما يتوافق مع الدّستور الفرنسي، يحكم بشأن اتفاقية CTEA:

صحيفة "اللوموند" الفرنسية
اسم الكاتب: ماري شاورت
تاريخ النشر31 تموز2017

CTEA: اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكندا
Ceta) in English)
(المقال يدرس التنازع بين الوطني وبين النطاق الأوروبي عند دول الاتحاد الأوروبي)
في يوم الاثنين، أدرك النّواب اليساريّون واستنتج المجلس الدّستوري الفرنسي أنّ الاتّفاقية التّجاريّة بالتّبادل الحر بين الاتّحاد الأوروبي وكندا لا تفرض مراجعة الدّستور.
هذا القرار قد كان متوقّعاً بشكل محدد من قبل المنظمات غير الحكوميّة "ONG"، وجزء من حلف اليسار، وجميع أولئك الّذين يقلقون من فائض التّبادل الحر. يوم الاثنين في 31 تموز قام المجلس الدّستوري، والّذي بغالبية أعضائه المؤلف من 60 نائباً من حلف اليسار، بإصدار قرار بخصوص اتّفاقية التّجارة الحرّة بين الاتّحاد الأوروبي "UE" وكندا، (AECG، so it CETA en anglais). والنّتيجة أنّ أعضاء المجلس الدّستوري يعتبرون أنّ هذا القرار ليس مخالفاً للدّستور الفرنسي.
بحسب البيان الصّادر يوم الاثنين، قرّر المجلس الدّستوري أنّ هذه الاتّفاقية لا تفرض مراجعة الدّستور، وقد جاء هذا القرار في نهاية تحليله وضمن الإطار الصّارم للاختبار الدّستوري للاتّفاقية الّتي تندرج بأغلبها ضمن الاختصاص الحصري للاتّحاد الأوروبي.
هذا القرار لا مثيل لهُ:
لأنّ هذه هي المرّة الأولى الّذي يقوم بها المجلس الدّستوري بالاستحواذ على اتّفاقية تجاريّة موقّعة من بروكسل، والّتي جزّأها الرّئيس حيث تدور الصّلاحيات الخاصّة بالاتّحاد الأوروبي، وفيما يخصّ هذا المجال فإنهُ يجب على محكمة العدل التّابعة للاتّحاد الأوروبي بأن تقوم بالحكم.
كل المناقشات فيما يخصّ اتّفاقية "الجيل الجديد" هي مناقشات حسّاسة سياسيّاً. في الواقع هذه الاتّفاقية تتجاوز بشكل بالغ الاتّفاقيات التّقليديّة للتّبادل الحر هادفة إلى تقليل الحواجز غير الجمركيّة بين كندا وأوروبا. بالنّسبة لمشجعيها فهي فرصة زيادة التّبادلات بين الاتّحاد الأوروبي وكندا تقريباً بنسبة 25%. أمّا بالنّسبة لمنافسيها وخصوصاً المنظمات غير الحكوميّة وهي جزء من حلف اليسار الّذين يتهمونها، فهي تمثّل خطر تراجع فيما يخصّ المعايير الاجتماعيّة والبيئيّة.
البرلمان الأوروبي يصادق على اتّفاقية التّبادل الحر بين الاتّحاد الأوروبي وكندا:

بشكل منفصل فإنّ المجلس اهتمّ بأربع قضايا كبرى مميزاً بذلك ما قد يندرج ضمن الاختصاصات الحصريّة المشتركة مع الدّول الأوروبيّة، ويُقصد بذلك جوهر الاتّفاقية للاتّحاد الأوروبي والّتي هي اختصاصات مشتركة مع الدّول، وذلك هو جوهر الاتّفاق. وقد أكّد المجلس في جزئهِ الأوّل أنّ الاتّفاقية بمجملها لا تُشكّك في "الهوية الدّستوريّة بفرنسا" وهناك أيضاً مبدأ قوى والّذي استناداً عليه يحتفظ المجلس بحقِه، ينطق الحكم في المستقبل بما يخص المعاهدات التّجاريّة المستقبليّة الموقّعة في أوروبا.
هيئة التّحكيم:
إضافةّ لذلك فإنّ المجلس قد اهتمّ بالآليّة الّتي أقرّتها CETA من أجل تسوية النّزاعات القائمة بين المستثمرين والدّول الأعضاء. هذه هي النّقطة الّتي تندرج تحت الصّلاحيات المشتركة وهي الّتي تشجبها المنظمات غير الحكومية وحزب اليسار بقوة. في الواقع فإنّ هيئة الحكم ستسمح للشّركات الكنديّة بمقاضاة الدّول الأوروبيّة إذا كانت هذهِ الشّركات تعتبر أنّ القرارات العامة تتعارض مع التزامات المعاهدة. وفي مذكّرة مكتوبة من قبل المحاميين فإنّ المنظمة غير الحكوميّة "FOOD WATCH" بالتّعاون مع مؤسسة فيبلين ومؤسسة الطّبيعة والإنسان FNH ومؤسسة هولوت السّابقة، إنّ هذا يتناقض مع المبدأ الدّستوري في المساواة، بما أنّ الشّركات الفرنسيّة لن تتمكن من الوصول إلى المحكمة.
CTEA سوف تدخل حيز التّنفيذ حتى قبل المصادقة عليها:

المجلس الدّستوري بدوره يقضي بأنّهُ لا يوجد أيّ شيء مخالف للدّستور، كما أنّهُ يذكّر بأن المحكمة لا يمكنها أن تفسر أو تلغي القرارات المتّخذة من قبل الدّول أنّ صلاحياتها تقتصر على دفع تعويضات ماليّة على الممتلكات وأنّ هناك ما يكفي من القواعد والمبادئ الأخلاقيّة الّتي تحكم عملها في هذهِ الظّروف فإنّ المجلس يعتبر مبدأ المساواة لا يُنتهك وأنّ الاتّفاقية لا تتناقض مع شروط ممارسة السّيادة الوطنيّة.
كما أنّ أعضاء المجلس الدّستوري صوّتوا أيضاً لمبدأ الاحتياط وبخصوص هذا فإن معارضو CTEA يرفضون فكرة عدم وجود أيّ إشارة لهذا المبدأ في الاتّفاقية، ورغم أنّهُ قد أُدرج في الدّستور الفرنسي منذ عام 2005من خلال ميثاق البيئة.
لكن المجلس الدّستوري يعلن رغم ذلك أنّ مبدأ الاحتفاظ مضمون بما أنّهُ محمي بموجب قانون الاتّحاد الأوروبي المُطّبق في هذا المجال.
لجنة تمّ التنازع عليها:

نقطة أخيرة حسّاسة: التّطبيق المؤقت. في15 من شباط الماضي تمّ تشريع CTEA من قبل البرلمان الأوروبي وذلك بعد عمليّة مفاوضات دامت سبع سنوات وسبب تأخر هذهِ العمليّة هو معارضة الدّول الأعضاء. وحتّى لو أنّهُ لا يزال يتوجب عليها الحصول على موافقة ثمان وثلاثين برلمانياً وطنيّاً وإقليميّاً من الدّول الأعضاء لكي تدخل حيّز التّنفيذ فإنّ الضّوء الأخضر من البرلمانيين سيسمح بتطبيقها بشكل جزئي اعتباراّ من 21 أيلول.
مرة أخرى، فإنّ أعداء CTEA يعارضون هذا الإجراء بشدّة. سوف يتعلق فقط بالأحكام الّتي تندرج ضمن الصّلاحيّة الحصريّة للاتّحاد الأوروبي (أيّ أكثر من 90% من الاتّفاقية)، مماثلاً لتلك الّتي تخصّ الوصول إلى السّوق. وإنّ الجزء الأكثر إثارةً للجدل من عملية التّحكيم، والّذي يخصّ المحاكم الخاصّة المفروض عليها تسوية النّزاعات بين الشّركات متعددة الجنسيّات والدّول، لن يكون جزءاً منها. وبالتّالي فإنّ المجلس، والّذي لا يعارض هذا التّطبيق، يشير إلى أنّ الاتّفاق غير قابل للنّقض وأنّهُ لا يمسّ مجالاً متأصلاً بالسّيادة الوطنيّة، وخاصّةً أنّهُ من الممكن إنهاء هذا التّطبيق المؤقت في حالة استحالة التّصديق عليه من أيّ طرف. مع العلم أنّ البرلمانات الوطنيّة هي الّتي سيتوجب عليها إثبات النّص.
يحلل ذلك خبيربالنصوص الدّستورية قائلا: هذا القرار يتعلق فقط بدستوريّة الاتّفاق وليس بميثاقه أو فائدته فبما يخصّ أوروبا وفرنسا. والخطر يكمن في أنّ المؤيدين والمعارضين لهذا الاتّفاق يمنحونهُ أهميّة سياسيّة لا يملكها بالحقيقة.
لا يزال يلزم عدة سنوات قبل أنّ تقوم البرلمانات الوطنيّة والدّينيّة بدورها بتشريع CTEA. ماذا سيحدث إذا قال أحدهم "لا"؟
من الصعب قول "لا" لأنّ هذا لم يسبق وأن حصل أبداً. وفي فرنسا تمّ انتقاد هذه الاتّفاقية بشدّة انطلاقاً من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين مروراً بعلماء البيئة. إيمانويل ماكرون، والّذي هو من مؤيدي CTEA، وعد بإعادة النّظر في موقفه بما أنّ لجنة الخبراء قد اعتبرت رأيهُ سلبيّاً.
في السّادس من تمّوز سيقوم رئيس الوزراء إدوارد فيليب بتفصيل إقرارها. وستقوم كاتلين شوبرت، الخبيرة الاقتصاديّة في مجال البيئة والأستاذة الجامعيّة بمدرسة الاقتصاد بباريس، برئاسة لجنة من تسع خبراء، وهم أخصائيين في البيئة، بالزراعة، بالصحة، أو حتّى محامين متخصصين بالقانون الدّولي، والّذين ستكون مهمتهم أن يقدموا تقريراً في بداية أيلول.
لقد تمّ التّنازع مسبقاً على اللّجنة: FNHومؤسسة الفيبلين، واللّذان يصرّان على إنشائها، يعتبرون أنّهُ لم يتم التّقيد بشروط تقييم مفيدة ونزيهة، ويطالبون بتعريفها بطرق مختلفة.
----------------------------------------------------------------------------------------




زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org
موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي