الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى (19) لاستشهاد أبو علي مصطفى : إرثك الفكري والنضالي زاد لكل القابضين على الجمر في مسيرة الكفاح والتحرير

عليان عليان

2020 / 8 / 30
القضية الفلسطينية


في الذكرى (19) لاستشهاد أبو علي مصطفى : إرثك الفكري والنضالي زاد لكل القابضين على الجمر في مسيرة الكفاح والتحرير
الثوريون لا يموتون أبداً"، هذا العنوان لكتاب مذكرات حكيم الثورة الدكتور "جورج حبش" ينطبق على القادة الوطنيين والقوميين والأمميين ، الذين تركوا بصمات خالده في مسيرتهم الكفاحية ضد الصهيونية والامبريالية ، ومثلما ينطبق هذا العنوان على الحكيم - الدكتور جورج حبش ، فإنه ينطبق بجدارة على القائد الشهيد " أبو علي مصطفى" ،الذي تولى موقع الأمانة العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 2000م ، إثر استقالة القائد المؤسس الدكتور جورج حبش.
في ذكرى استشهاد " أيقونة الثورة وقمر الشهداء" ،أشير إلى مسألة محددة ابتداءً، ألا وهي أن هنالك رؤساء وقيادات ، تمحي أسماءهم من الذاكرة بعد أيام من رحيلهم ، وهنالك قادة يظل اسمهم خالداً وحاضراً بعد رحيلهم أو استشهادهم ، لعشرات ومئات السنين ، وذلك لأسباب تتصل بحضورهم الكارزمي السياسي والنظري في النضال الوطني والقومي ، ولقدرتهم على التعبئة النضالية، ولرفضهم الانخراط في نهج المساومة على الثوابت الوطنية ، وللمواصفات والقيم النبيلة التي يتحلون بها.
ولا نبالغ إذ نقول ، أن "أبو علي مصطفى" هو من أهم قيادات العمل الوطني ، التي تنطبق عليهم تلك العوامل والأسباب ، منذ انتسابه لحركة القوميين العرب في خمسينات القرن الماضي، وهو في ريعان شبابه (17) عاماً، ومنذ دخوله المبكر في تجربة الاعتقال في معتقل الجفر الصحراوي( 1957- 1962) وتبوأه بعد ذلك قيادة منطقة الشمال للحركة في الضفة الغربية ، ودوره في بناء الركائز العسكرية الفدائية الأولى للحركة عبر منظمة " شباب الثأر" بعد أن استجابت قيادة الحركة لطلب الفرع الفلسطيني فيها بشأن التحضير للكفاح المسلح، ومن ثم تبوأه موقع المسؤول العسكري الأول للجبهة الشعبية بعد حرب حزيران 1967 ،وتفرغه الكامل لبناء التنظيم في الداخل ، وتبوأه موقع نائب الأمين العام للجبهة عام 1972 ، وصولاً لتوليه موقع الأمين العام للجبهة في مؤتمرها الوطني السادس عام 2000م.
مسيرة طويلة حافلة بالتضحيات للقائد الرمز ، اتسمت بالنضال الدؤوب لتحقيق الهدف المركزي للجبهة الشعبية وللثورة الفلسطينية ، ألا وهو تحرير فلسطين ، سواءً من خلال قيادته للعمل في الداخل ، أو من خلال قيادته للعمل العسكري في الأغوار وتوجيه الضربات النوعية للعدو في الضفة الغربية وقطاع غزة .
وإثر انتقال جسم الثورة وقيادتها إلى لبنان عام 1971، لعب أبو علي مصطفى دوراً مركزياً في قيادة الجبهة الشعبية، إلى جانب الحكيم وبقية أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للجبهة، وفي تفعيل الجانب الكفاحي العسكري الذي اضطلع بمسؤوليته الرفيق " أبو أحمد فؤاد"، ويسجل له أنه لعب دوراً فاعلاً وحاسماً في الحفاظ على وحدة الجبهة ، في مواجهة الانشقاقات المبرمجة بدعم من اليمين الفلسطيني ، وآخرها انشقاق ما سمي في حينه " بالجبهة الشعبية الثورية" الذي لا أبالغ إذ أقول " أنها مات لحظة ولادته".
ويسجل للقائد الرمز ، بأنه في مسيرته الكفاحية والسياسية ، كان على مسافة واحدة مع بقية رفاقه في المكتب السياسي ، رغم التباين أحياناً في الرؤية التكتيكية حيال العديد من المسائل السياسية ، التزاماً منه بمبدأ " المركزية الديمقراطية "، ناهيك أنه لم يمارس يوماً في حياته التنظيمية " الكولسات" وأساليب " التخندق" ، فكان مثالاً يحتذى في التزامه التنظيمي الصارم ما أكسبه احترام رفاقه في كل المراتب التنظيمية للجبهة .
ويسجل للقائد الرمز على الصعيد القيمي والإنساني " مناقبيته العالية" ، في نزاهته وعفته ونقائه وشفافيته وتواضعه ، وأخلاقه العالية في علاقته مع رفاقه في الجبهة وفي الثورة الفلسطينية ومع أبناء شعبه ، ونظافة كفه ويده ولسانه ، إذ لم تشب ثوبه الأبيض أية شائبة حيث أهلته هذه الصفات، بأن يحظى على الدوام ، باحترام خصومه قبل رفاقه ومؤيديه .
وفي علاقة الجبهة الشعبية مع الحركة الوطنية اللبنانية ، ولا سيما مع القوى القومية واليسارية فيها ( الحزب الشيوعي والحزب القومي السوري الاجتماعي) كان شأنه شأن الحكيم وبقية قيادات الجبهة ، مصراً على تمتين التحالف معها، رافعاً شعارا رئيسياً بأن "التحالف يجب أن يكون وبالضرورة بقيادة الحركة الوطنية اللبنانية" ما أكسبه وأكسب الجبهة الشعبية احتراما خاصاً من قبل الجماهير الشعبية اللبنانية.
وفي السياق النظري الفكري، من حيث الالتزام والاسترشاد بالماركسية اللينيية ، فقد تمكن أبو علي مصطفى من قطع شوط كبير في هضم النظرية، وتطبيقها على واقع القضية الفلسطينية بعيداً عن الفذلكات النظرية التي امتاز بها البعض ، وبعيداً عن الجمل الثورية ، وكان له أسلوبه الخاص في طرح القضايا النظرية، على الواقع الوطني والقومي ، ومؤكداً على الدوام على ضرورة الربط الجدلي بين الخاص الوطني والعام القومي.
ويسجل لقمر الشهداء أنه رجل الوحدة الوطنية، والضمير الجمعي لها ، رغم التباينات بين الجبهة الشعبية وبين فصائل أخرى، في مختلف المحطات السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية سواءً في مرحلة ما بعد حرب تشرين ،بعد طرح برنامج النقاط العشر حين لعبت "الشعبية" دوراً قائداً لجبهة الرفض الفلسطينية ، أو في مرحلة ما بعد الخروج من بيروت بعد العدوان الصهيوني عام 1982 ، عندما وافقت قيادة المنظمة على مشروع فاس وتعاملت بصيغة " اللعم " مع مشروع ريجان وصولاً للموقف من قرار 242 في الدورة 19 للمجلس الوطني.
لقد ظل أبو علي مصطفى يناضل دون كلل أو ملل ، من أجل منع الانحراف في مسيرة الثورة ومن أجل تحقيق الوحدة الوطنية، على قاعدة الالتزام بالثوابت الاستراتيجية الواردة في الميثاق الوطني ، وظل مشدوداً على امتداد مسيرته النضالية ، للتناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني ، ومع بقية أطراف معسكر الأعداء.
ورغم مرارة أوسلو ( 1993) ودورها الخطير في ضرب الثوابت الفلسطينية، إلا أن الجبهة وعبر الحضور الفاعل للقائد أبو علي مصطفى ، لم تستكن للتحديات الناجمة عنها ، وعملت على تعبئة الجماهير ضدها، دون أن تلجأ للصدام الدموي مع أرباب أوسلو ، وكان للجبهة الشعبية ، ومن خلال دينامية أبو علي إلى جانب الحكيم في المكتب السياسي واللجنة المركزية للجبهة ، دوراً كبيراً في التصدي لأوسلو ومشتقاتها ، مثلما كان لها دورها المركزي في انتفاضة الحجارة ( 1987-1993) ودورها المركزي لاحقاً في انتفاضة الأقصى عام 2000م.
وفي سعي من الجبهة لإعادة بناء التنظيم في الداخل ، توجه أبو علي مصطفى للوطن نزولاً عند تصويت المكتب السياسي ، رغم قناعته المغايرة للدخول في هذه المرحلة ، وذلك التزاماً منه بالمبدأ التنظيمي – الذي طالما دافع عنه – " المركزية الديمقراطية".
ولحظة أن وطأت قدميه أرض الوطن عام 1999 م ، قطع أبو علي أي لبس حول عودته وموقفه من أوسلو قائلاً :
"لقد عدنا لنقاوم وندافع عن شعبنا وحقوقنا، ولم نأت لنساوم" وقد ترجم أبو علي مصطفى هذه المقولة ، عبر عمله الدؤوب على امتداد مساحة الوطن، مواصلاً الليل بالنهار ، لإعادة بناء التنظيم ولتفعيل الفعل المقاوم على غير صعيد ، إلى أن انطلقت انتفاضة الأقصى في 28 أيلول (سبتمبر) عم 2000م ، التي لعب فيها أبو علي دور " الدينامو " مع بقية الأخوة والرفاق في قيادة الانتفاضة ،وخاصةً مع المناضل مروان البرغوثي- أمين سر حركة فتح- .
لقد تابع العدو الصهيوني واستخباراته، التحرك النضالي المكثف للقائد أبو علي مصطفى ودوره في تفعيل الانتفاضة وإنجاز شروط إدامتها، واتخذ رئيس وزراء العدو أرئيل شارون قراره بتصفيته بتاريخ 27 آب ( أغسطس ) 2001 ، في محاولة منه لتسجيل نصر تكتيكي في مواجهة الانتفاضة ، حين قصفوا جسده الطاهر ، على نحو وكأنهم يقصفون جبلا.
لكن خلايا الجبهة الشعبية لم تنم على ضيم، وسجلت رداً غير مسبوق باغتيال الوزير الصهيوني " رحبعام زئيفي" في القدس، بعد مرور (40) يوماً على استشهاد أبو علي، ما شكل صدمةً كبيرة للقيادات الأمنية والسياسية في الكيان الصهيوني.
وأخيراً : -ستظل أيها القائد الرمز خالداً في ضمير شعبك وأمتك، وعزاء رفاقك وشعبنا أنك بعد أن ارتقيت إلى العلا قمراً للشهداء ، أرسيت إرثاً نضالياً وفكريا ، يشكل زاداً وزوادة لكل القابضين على الجمر في مسيرة الكفاح المستمرة حتى التحرير.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو