الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارضو الامس هم حكام اليوم

سليمان الفهد

2006 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ولكن ما هو مصير الشعب العراقي
منذ اجتماع الأحزاب السياسة العراقية المعارضة لنظام صدام حسين في لندن بإدارة الأمريكي ريتشارد دوني إضافة إلى ممثل من الخارجية البريطانية تُثار علامة استفهام كبيرة لأن هذا الإجتماع وصمَ تلك الأحزاب المشاركة بالعمالة والارتباط بالأجنبي ودافع حينها المؤمنون بالنهج الغربي بأنّ نهج التغيير داخل العراق أصبح مستحيلا دون دعم أمريكي – بريطاني، ودافع آخرون بضرورة مراعاة العامل الدولي في كل مشروع قادم للتغيير، واعتبروها أفضل من عدمه، فقد غاب المشروع الوطني الممكن لتغيير الأوضاع .
هذا واتفق الجميع في مؤتمر لندن بأن يكونوا ذيولا أمريكية – بريطانية فيما تهرّب كل من الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة الإسلامية لأسباب عدة وضعت على هيأة تساؤلات ليس إلا وخوفا من ضياع فرصة قد تكون حقيقية في التغيير، فماذا تريد أمريكا وبريطانيا من العراق؟ وما هو النهج المطلوب بالتقاء المصلحة مع دولة استعمارية حالمة؟.
نعم حقا ولأول مرة استشعرت الأحزاب السياسية العراقية جدية أمريكا وبريطانيا بإسقاط نظام صدام حسين بعد أن كانا هما الجهة المسببة لارتقاء البعث سدة الحكم، كما إنهما أداما جرائم صدام بحق شعبه حيث أن عملية القمع لم تكن ممكنة دون الدعم الغربي، ولطالما اعترف مسؤلون أمريكيون وبريطانيون وغربيون عموما بمساعدة صدام حتى فترة ما بعد غزو الكويت واحتلاله.
وإنها كحقيقة عبّأوا الرأي العام الأمريكي والبريطاني ضد صدام بعد احتلال الكويت حيث كانت الرغبة بتبديل صدام كشخص ليس إلا والإبقاء على النظام وأجهزته القمعية لأنها مشروع غربي لإدارة بلد كالعراق، كما إن هذه الرغبة تصطدم بمصالح عديدة تجعل من صدام آلة لتحويل المنطقة كبقرة حلوب تدرّ على أمريكا صفقات الأسلحة، وسببا لتواجد عسكري دائم في المنطقة، وتبعية العديد من الدول، وسيرها في الركب الأمريكي، فضلا عن الإحساس بالعصا الأمريكية، فرغبة أمريكا بتغيير صدام ونظامه الفاشي لم تجد مخرجا كما تريده هي إلا باحتلال العراق تحت شعار الديمقراطية والحرية للشعب العراقي، وفي الحقيقة فإن هناك وهماً كبيرا وقع فيه اغلب الأحزاب السياسية العراقية واللابسين ثياب السياسة عند الحاجة وجعل المتسابقين لصعود الدبابات الأمريكية يسارعون الخطى لإنقاذ الشعب العراقي من جلاده على الطريقة الأمريكية الموعودة ولغاية في قلب يعقوب وهو كرسي السلطة متناسين أن أمريكا لا تريد إخراج صدام من الحكم إلا وتأتي بخليفة له يحافظ لها على مصالحها بعدما فشل الصنم أو تمرد في أداء مهماته ويجب تبديله بوجه يضمن المصالح أولا ويلبس برقع الحرية والديمقراطية ثانيا.
ومع الأسف الشديد فلم يستطع السياسيون العراقيون التمييز بين إسقاط صدام حسين لإنقاذ الشعب وخلاصه من القمع والرعب والقتل غير المبرر وتبديد الثروة في التسليح والنزوات الشخصية وبين إسقاط صدام الذي تريده أمريكا وهو لا يعدو أكثر من تبديل دور شطرنجي لعميل جديد في عالم لم يعد يطيق العمالة المباشرة، ولو تأملنا الوضع العراقي برمته منذ الاحتلال وحتى مبادرة المالكي العراقية الوجه الأمريكية الصنع والتخطيط وقرأنا البنود بإمعان وتمحيص شديدين لرأينا التركيز على إطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم وهذا ما حصل فعلا بخروج الآلاف في الآونة الأخيرة حيث يقودنا التساؤل إلى كيف اعتقلتم هؤلاء منذ البداية وبهذا العدد الضخم وغير المبرر؟ أم حقا إنها صفقة أمريكية طُلِبتْ منكم أيها الساسة الجدد لتنفيذها .
والمضحك المبكي تسارع بابا بوش بتأييد مبادرة المصالحة على ان لا تشمل من قتل أمريكيا، فإذن مع من تتصالحون؟ مع إرهابيي القاعدة أم مع أنفسكم التي لا تحتاج إلى مصالحة أصلا كونكم اتفقتم جميعا على حكم المحاصصة البغيضة؟ وها أنا ابحث بين طيات الكلمات فلم أجد الإجابة في بنود المصالحة التي لم أعرف هي مع من؟! واخطر بنود المصالحة الوطنية النظر بإلغاء هيئة اجتثاث البعث وإن لم يكن التصريح بهذا الموضوع على الهواء مباشرة ومد يد المصافحة مع مجرمين عانى منهم الشعب العراقي الويل والثبور لسنين طويلة، وبهذا تكونون قد حققتم الخطوة الأولى والمهمة بعودتهم للحكم من حيث لا تعلمون وبأمر من المحتل الباحث عن هذا الحلم الجميل الذي يريد تصحيح خطأه بإقصائهم منذ البداية .
أما قضية النظر بالدستور فحدث ولا حرج فلقد قلبتم الدنيا ولم تقعدوها لتثبيت دعائم الدستور العراقي وها أنتم تنقضّون عليه دون سابق إنذار ومن اجل تنفيذ أحلام المحتلين وتمرير مخططاتهم التي سوف تجعلكم سكة لقطار يفتقد العجلات لتكونوا كبشا للحلقة القادمة من المخطط المزمع تنفيذه على مراحل وبنار هادئة جدا، لقد صدّقتم ربحكم الانتخابات المزورة الماضية لتقودوا العراق على أساسها بعد أن غيّبتم كل الوجوه المؤمنة بالتغيير الحقيقي لكن خيبة الأمل جاءتكم بعد أن فرض ما كنا نتوقعه عليكم تحت ألف عنوان وحجة، وكان المهندس للوضع بأجمله آية الله خليل زاد دامت أفضاله!! وصدقتم أنفسكم بأنكم تحكمون العراق بكل حرية واستقلالية فوالله لا يستطيع أن يخرج أحد منكم خارج المنطقة الخضراء إلا بورقة عدم تعرض وحماية المحتل، فالشارع ينتظر منكم الكثير وجياع الشعب غير الامنين قد يعلمون أو لا يعلمون بأنكم لا حول لكم ولا قوة ومجرد أحجار شطرنجية لا تغني ولا تسمن من جوع ... فتأملوا جيدا معي يا من لم تستطيعوا إتقان اللعبة الأمريكية منذ مؤتمر لندن ولا زلتم تتخبطون هنا وهناك والمحتل يمشي قدما وبلا هوادة بتنفيذ مخططه، فهل سألتم أنفسكم أين الأربعة ألاف مقاتل الذين دربتهم أمريكا قبل الاحتلال؟ ومن يقوم بعمليات اغتيال الكفاءات العراقية؟ ومن يثير الفتنة الطائفية؟ ومن يسيّر الاقتصاد العراقي؟ ومن الحاكم الفعلي للعراق ألان؟ فعندما تجدون الإجابة سوف تلعنون اليوم الأسود الذي جلستم به في لندن مع ريتشارد دوني وسوف يتذكر البعض الذي قال يومها في بيان صريح في أدبياته أنّه "سوف لن يرحمنا التاريخ إذا دخلنا بأي حلف مع أمريكا" ولكنه استثنى ذلك بركب قطار الشبح الأمريكي الغاشم كي لا يفوته قطار الغنائم.
فإني حقا في حالة ذهول لتاريخ بعض السياسيين العراقيين من معارضي الأمس وحكام اليوم الذين انقلبوا على أعقابهم ثلاثمائة وستين درجة بالاتجاه المعاكس وبدأوا يتخبّطون خاسرين الرصيد الشعبي الذي بنته لهم قافلة من دماء الشهداء الذين سقطوا من اجل الوطن.
أجل هذا غيض من فيض يدمي الجبين ويسقط الاقنعة، وإنها لمجرد ذكرى عسى أن تنفع المؤمنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار مسلسل قتل -البلوغرز-.. وصباح العربية- يكشف أسرار اغت


.. الخارجية القطرية: المفاوضات بين حماس و إسرائيل توقفت




.. رويترز: وفد من حماس يزور القاهرة غدا لبحث مقترح الوسطاء


.. نقاط الاختلاف بين إسرائيل وحماس بشأن المقترح المصري




.. تظاهرات طلابية تشهدها جامعة ماكجيل بمدينة مونتريال الكندية ل