الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدو الأمس صديق اليوم (إسرائيل)

دينا عبد الحميد
(Dina Iraqi)

2020 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


اخيرا سوف تتحقق المقولة الشهيرة (عدو الامس هو صديق اليوم) هكذا هى السياسة فلا شئ يدوم الى الأبد والثابت الوحيد في السياسة انها متغيرة , في هذه الاوقات نشهد حدث تاريخى وهو ابرام اتفاق سلام بين اسرائيل ودولة الامارات العربية , و هذه تعتبر خطوة كبيرة من دولة لها ثقلها في العالم العربي والعالم بأكمله , فدولة اسرائيل اصبحت أمر واقع في المنطقة لا يمكن إنكاره والمقاطعة لن تجعل اسرائيل تختفى من الخريطة , حان الوقت لننبذ الكره والعنف ونبدأ في بناء أوطاننا , لا أحد يفوز في الحرب الكل خاسر, وحده السلام الذى يحقق الرخاء والازدهار والتقدم , اعرف ان رأيى تغير كثيرا عن الماضى ولكن كما قال افلاطون (الاحمق فقط هو الذي لا يغير رأيه ) .. كنت في الماضى أعارض وبشدة اتفاقية كامب ديفيد التى ابرمها الرئيس الراحل السادات مع الاسرائيليين لانى للاسف كنت مشبعة بكم من المعلومات المغلوطة و الشحن الايديولوجي . وفي ذلك الوقت كانت البلاد قد خرجت من ثلات حروب ضارية كلها مع اسرائيل فطبيعى ان اخبار الحرب والموت تزرع داخلنا كره وعداء شديد حتى انى عندما كنت صغيرة كان في مخيلتى ان اليهود ليسوا بشرا وانما وحوش وكنت دائما اسأل امى (هل اليهود يحبون الأطفال؟!!) حتى اطمئن على نفسي اذا ما قامت حرب أخرى وهجم اليهود علينا فهل سأكون في أمان ام سيقتلونى كان تفكير ساذج جدا ولكن يعكس كم الخوف والكراهية لليهود التى كانت في ذلك الوقت بسبب الحروب , ولكن بعد ان نضجت سياسياً وأعدت قراءة التاريخ بطريقة موضوعية مجردة من الموروثات والاراء السياسية التى لطالما صدقتها واعتنقتها أدركت ان ما قام به السادات كان عين الصواب لان إتفاقية السلام هى التى اتاحت الفرصة لمصر ان تنهض من جديد بعد خوضها ثلاث حروب وايضا اتاحت الفرصة للجيش المصرى ان يتعافى ويستعيد اتزانه وقوته من جديد كما اننا استعدنا ارضنا التى كانت قد احتلت من قبل اسرائيل و بدون اراقة قطرة دم واحدة . كان الرئيس السادات رجل ذكى يتميز برؤية وبصيرة ثاقبة فقد أدرك ان دولة اسرائيل قائمة لا محالة وعليه ان يتعامل مع الوضع الجديد واخذ كل ما يستطيع الفوز به وكان من اهمها استعادة سيناء وطابا فيما بعد ، ورغم ان السادات دعا اسرائيل الى طاولة المفاوضات سنة 1970 إلا أن جولدا مائير لم توافق على السلام وقتئذ لانها كما ورد على لسانها لم تكن مضطرة لابرام السلام مع مصر وهذا ما جعل السادات يخوض حرب اكتوبر 73 لإجبار جولدا مائير ان تأتى للسلام وحتى يومنا هذا لم ينسى الاسرائلييون لجولدا انها كانت السبب الرئيسي في حرب يوم الغفران ..
و كان رجل الاعمال الناجح (اشرف مروان) من المقربين جدا للرئيس السادات حين ذاك وكان له دور فعال جدا للتقارب بين مصر واسرائيل وانا اعتقد انه المهندس الحقيقي لعملية السلام , اتهمه البعض انه جاسوس وعميل مزدوج ولكنه في الحقيقة كان بطل وطنى في مصر والملاك كما أطلقوا عليه في اسرائيل والكلام عن اشرف مروان يحتاج مقال خاص حتى يفهم الناس حقيقة اشرف مروان وما هو دوره في اتفاقية السلام..
بعد معاهدة السلام قاطعتنا معظم الدول العربية والان وبعد 40 عام تذهب الدول العربية للسلام مع اسرائيل لانه الخيار الطبيعى والمنطقى فقد ولى زمن الحروب ولا سبيل للمضى قدما إلا بالسلام , وعلى الشعوب العربية ان تتعلم التعايش مع الأخر ونبذ الكراهية لان الحرب انتهت. هكذا فعلت الشعوب الاوروبية بعد حربين عالميتين فقد تعلموا كيف يتعايشوا مع بعضهم البعض بعد مقتل 40 مليون شخص في تلك الحرب حتى انهم أقاموا اتحادا فيما بينهم بعد ذلك (الاتحاد الاوروبي) ..
خلافى مع اسرائيل كان دائما خلاف قومى وطنى وليس دينى , لا أكره اليهود ولا اكره إسرائيل ولكن اكره من يعادى وطنى ويتآمر ضده ولذلك اعتقد ان السلام والتطبيع مع اسرائيل سوف يؤتى بثمار جيدة جدا على مصر , وجميل ان يكون جارك صديقك فهذا سيعود بالمنفعة على كل الاطراف ..
ولكن هل كانت فعلا دولة اسرائيل دولة عدوة للدول العربية و دول الشرق الاوسط ؟! فإن كانت كذلك فكيف نفسر العلاقات التجارية والاستيراد والتصدير بين بعض الدول العربية واسرائيل , فكم من البضائع والشركات تعمل منذ وقت طويل في كل الدول العربية ولكن بجنسيات أخرى اوروبية وامريكية وهى في الاصل اسرائيلية , اذا ما يحدث اليوم ما هو الا تقنين العلاقات مع دولة اسرائيل وإخراجها الى العلن, كما ان الشعوب العربية نضجت بما فيه الكفاية ومستعدة تماما للتطبيع واقامة علاقات طبيعية مع الجارة اليهودية ..وفى ذات الوقت اتمنى إقامة دولة فلسطين المستقلة وانهاء الخلاف الأزلى وتحقيق السلام والعدل لمواطنيها , فالمواطن الفلسطينى البسيط هو اكثر المتضررين من هذا العداء اما قادته فهم للاسف المستفيدين من إبقاء الوضع على ما هو عليه , فهم يعيشون في القصور ولديهم جنسيات أخرى تتيح لهم السفر لاى مكان في العالم بطائراتهم الخاصة ورغم الاموال الطائلة التى يحصلون عليها من كل دول العالم مساعدة للمواطنين الفلسطينىين إلا انهم لا يتحصلوا الا على اقل القليل من تلك الاموال ..
وأٌقول للمعترضين ان السلام قادم سواء شئتم أم أبيتم فهناك مشروع قانون جديد الان يدرس في الكونجرس الامريكى للموافقة عليه وينص القانون على معاقبة اى دولة ترفض السلام مع اسرائيل ويتضح من ذلك ان هناك قرار سياسي امريكى لحل قضية الشرق الاوسط نهائياً في أقرب وقت ..تلك القضية التى استنزفتنا وأخرت تقدمنا سنوات ضوئية عن باقى دول العالم آن لها ان تنتهى الان , و بالاخص في زمن هذا الوباء الذي يتطلب كثيرا من التسامح و التعاون للتغلب على أثاره. فكما قال مارتن لوثر كينج ( اتينا الى هنا على متن سفن مختلفة , و لكننا الان على نفس السفينة جميعا).
نعم للسلام والتطبيع مع اسرائيل كفانا حروب وخراب ودمار وموت. الشعوب تريد الحياة والرخاء وبناء المستقبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عدو الأمس صديق اليوم (إسرائيل)
john angel ( 2020 / 8 / 31 - 14:01 )
سيدتي
مقالة أكثر من رائعة وفي الصميم .لحل مشكلة فلسطين بل أكثر مشاكل العالم العربي والأسلامي هو غلق مؤسسة الأزهر لأنها هي من تفرخ الأرهابيين وتعلمهم كراهة الأخر


2 - تجربة مصر والأردن أثبتتا فشل السلام مع الصهاينة
عبد الله اغونان ( 2020 / 9 / 1 - 10:24 )
هذه ثالث دولة عربية توقع سلاما مع اسرائيل وهي دولة عرفت بمالها وعدوانها في اليمن وليبيا وسوريا
سنرى مامعنى هذا السلام

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز