الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم بين الوطني والرهانات الدولية

حميد المصباحي

2020 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تقديم
بالكتابة انتقل الفكر الإنساني إلى مراحل جديدة في وجوده،الفردي والجماعي،إذ تأكدت ضرورة تطوير مكتسبات الكائن البشري وفق قواعد جديدة،تستحضر أهمية التجارب في التعلم،وضرورة وجود منهج يؤكد التواصل ويذهب به نحو هدف محدد مسبقا،بدل انتظار صدف التعلم من السماء،عن طريق الخارقين والمفارقين من الحكماء،بذلك كان لزاما على البشرية أن تتعلم من بعضها،قابلة بالاستفادة من أخطائها،التي لم تعد خطايا موجبة لعقوبات وعقاب الآلهة،لكن هذه المرحلة لم تكن كافية،بل تم السطو عليها من طرف مؤسسات بديلة،خنقت العقلانية اليونانية،وانتصرت لفكر الكنيسة الذي أعد آليات أكثر عنفا من عنف الأساطير التي هزمتها العقلانية اليونانية،فكان لزاما انتظار مرحلة الأنوار وقبلها النهضة كممهد لها،مما يعني أن التعليم،منذ القدم كانت تتدخل فيه القوى العظمى،وتسعى به لفرض وجودها وقيمها،فهل لا زال هذا الرهان قائما؟
ماهي غايته،وهل هناك استراتيجيات وطنية مستقلة عما هو دولي وأممي؟
هل هناك سياسة وطنية منتجة لفكر تعلمي خاص بها،رهانا غايات وبداغوجيات؟
1_المنظمات الدولية والتعليم.
_________________
بقراءة تقارير كل المنظمات الدولية،سواء المهتمة بالثقافة،أو الطفولة،أو العلاقات بين الدول،كالأمم المتحدة،بل حتى المالية منها،كصندوق النقد الدولي،نجد توصيات وقرارات،لها غايات مشتركة،لا يمكن حدوثها صدفة،من قبيل ربط التعلم بالتكنولوجيا،كوسيلة حاملة لمعارف وقيم، وليس مجرد وسيلة ديداكتيكية كما يزعم البيداغوجيون التقنيون،كما ينضاف إلى ذلك،القول بضرورة ربط التعليم بالتنمية والنمو الذاتي للمجتمعات البشرية،وخصوصا الأقل نموا،أو التي نموها غير منتظم،كما أن فكرة الاستراتيجية الجديدة لمهننة التدريس،لم تظهر اعتباطا في الخطابات التربوية وحتى السياسية،بدءا من الشرق الأوسط وشمال افريقيا والخليج العربي،وقد اتضح ذلك في خطة الإصلاح 2015_2030_كما أجمعت عليها كل هذه المناطق،وتأكدت بلقاءات قارية،آخرها نيروبي،هكذا فجأة انتبه العالم إلى التعليم والتربية،وضرورة تغيير لغات العالم، والتفكير فيما عرف باللهجات المحلية،لا مجال للصدف هنا ولا المفاجآت،إن استحضار منهجيات العمل التربوي،هو إعداد لذهنيات،محكومة بتوافقات،لا يمكن إخفاؤها باختلافا نظريات البداغوجيا،بما هو رؤى وتصورات،للمعرفة، ولكن أيضا للإدماج الاجتماعي والثقافي للأفراد والجماعات,التسليم بسيادة مقاربة لها جذورها الثقافية والحضارية،والتي يعتبر عالمنا العربي موضوعا لها،رغم غياب التنظير فيه على هذا المستوى رغم المجهودات التي تبذل في هذا الاتجاه.
2_مغرب الأهداف والكفايات
________________
بذلت مجهودات من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين،قابلت بين النموذج القديم،بما هو تأسيس لبناء المضامين،وتوجيهها إلى أهداف،مؤسسة على حفظ الهوية الوطنية،وفق نظام القيم السائدة اجتماعيا،لضبط السلوك والنفسية والمعتقد،بما تفرض من وحدة المذهب والاعتداد بالنموذج المغربي،سياسيا وثقافيا ودينيا،لكن انفتاحا على العالم وما يعرفه من تحولات وتفاعلات،كان ديمقراطيا لابد من الانتباه إلى المجتمع،التلميذ_الأسرة_أي السماح للمتعلم بالتعبير عن ذاته والمساهمة في بنائها،بدل الأسلوب التقليدي،القريب من منطق الفقه أكثر من علوم التربية،وقد فرضت تحولات العالم،القبول بحيوية المتعلم والإنصات لما يموج داخله،والإقرار بحقه في الاختيار والدفاع عن قناعاته حتى إن كانت مجرد تمثلات اجتماعية عامة،ينبغي السماح لها بالظهور والدفاع عن وجودها،ثم الإقناع بضرورة تغيير بعض محتوياتها التي تعج بالتناقضات،هنا يظهر العالم تربويا وحتى سياسيا،فالديمقراطية،أو بعضها يفرض دمقرطة التعلمات وانفتاحها على ما هو كوني،والرؤية الاستراتيجية للتعليم_التعلم_تبدع في الحفاظ على ما هو خاص،أي تقليدي لضمان التوازن بين الجديد،المفروض والعتيق الثقافي ليتحرك تلقائيا ويقتنع بما كان يرفضه سابقا،من قبيل تجديد بعض تجليات أشكال التدين وعدم المبالغة فيها كوسيلة وحيدة للإدماج والاندماج الثقافي في الممارسة التعليمية التعلمية.

3_بيداغوجيا التكيف
____________
الممارسة البيداغوجية في المغرب،اتجهت نحو الكفايات،بما تحتمله من أهداف في الأخير،لأن مقبوليتها تطورت،يمكن اعتبارها كفايات،طبعا هي عرضانية مشتركة بيم كل المواد،لكن هذه الكفايات حتى عندما نستهلها بما عرف بالوضعيات المشكلات،نجدها تصطدم بعقلية المتعلم،فهو ليس أمريكيا،يعشق المغامرة،ويصر على الفهم،فقد قيل له،لا تسأل كثيرا،لأن السؤال شبه محرم،وهو خجول من ذاته، وبسبب ذلك،يكاد صوته يزعجه في المعرفة، ويفتخر به في الصراخ كشاب أو يافع وربما حتى كطفل،طبعا الكفايات لها قيم،تتفاعل مع غيرها بالاحتواء والتفهم،وحتى التقدير،لكن هناك قضايا تترك قصديا في المغرب للاجتهاد وحتى غض الطرف،لأنها موضوع تجاذبات اجتماعية وحتى سياسية بين الفاعلين،هذا شيء مفهوم،وإن لم يكن مقبولا،فاختياراتنا تخاف الوضوح،وتعمل على حفظ التوازنات،بيم الجديد والقديم،الدولي والوطني،الفكري والجسدي،الفني الهادف والفرجوي الساخر،وربما حتى بين الجهالة والمعرفة،وكأننا لا نريد الحسم إلا فيما حسم فيه نهائيا،وحتى إن حصل،نؤجل الخوض فيه تجنبا للحرج،أو هربا منه،قد يعتقد البعض أن هذه إكراهات كانت ملازمة لبنيتنا الفكري والثقافية والفقهية،ليكن ذلك،فإن التغلب عليه لا يحدث إلا بالانفتاح على الكوني علما خالصا وفنونا وثقافة،وإذا ما استوعبت مؤسسات التعليم والتربية هذه الرهانات ومضت فيها بعيدا،فإن الحرج حتما سوف يخف وقد يتراجع.
خلاصات
______
كما ورد في التقديم،فنظريات التعلم ليست مجرد توجهات أو مقاربات،بل نظرة للإنسان،نتجت عن تعريف له،فهو إما معارف،أو سلوكات أو بناءات عقلية عاطفية،أو بنية تفاعلية مع محيطها ومجتمعها،وكل رؤية هنا تحيل على بيداغوجيا،وأيضا مقاربة أنتجتها هذه الحضارة أو تلك،وليس هنا مشكل القبول أو الرفض،غير أن عدم القبول يحرج بالسؤال عن البديل،كما أن القبول يسائل درجات الفهم والتفهم وضرورة التطوير حتى لا نظل مكررين لما قبلنا به،تطوعا أو اقتناعا أو حتى تشبها وتشبعا.
حميد المصباحي_كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة