الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة الاستسلام / بين خيمتنا وخيبتنا ...

مروان صباح

2020 / 9 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


/ هذه القصيدة سوف تجيب عن كثير من الأسئلة العالقة وبالتالي ، هل جاءت كمرآة صحيحة وعكست مركزية الثورة أم كانت مقدمة لمسرحية دراماتيكية عاصفة كما تفرض الخشبة إياها والتى تتستر بصمت عن نظام وليد ، أندفع إلى مغامرات مجهولة المصير ، كانت قصيدة محمود درويش أحد عشر كوكبا ، بكاء على وطنه وأرضه ، بل هي إعلان صريح عن استسلام الفلسطيني للإسرائيلي ، مشابه للاستسلام الأندلسي العربي للإسبان أو كما سماهم بالغجر ، وهنا خاطب درويش تحديداً الفلسطيني ، قال محمود ( للحقيقة وجهان كان الشعار المقدس سيفنا لنا وعلينا / فماذا فعلت بقلعتنا قبل هذا النهار / لم تقاتل لأنك تخشى الشهادة / لكن عرشك نعشك / فاحمل النعش كي تحفظ العرش ، يا ملك الانتظار / إن هذا السلام سيتركنا حفنة من غُبار / من يدفن أيامنا بعدنا / أنت أم هم / ومن سوف يرفع راياتهم فوق أسوارنا ، أنت أم فارس يائس / ومن يعلق أجراسهم فوق رحلتنا ، أنت أم حارس بائس / كل شيء معد لنا ، فلماذا تطيل التفاوض / يا ملك الانتظار ) .

لم يكون التطبيع بين العرب واليهود شيء جديد على الإطلاق ، فاليهود عاشوا بين العرب والبشرية ، يحملون حلمهم الذي تحول بعد ذلك إلى واقع ، وبالرغم من وجودهم في المجتمعات المختلفة إلا أنهم كانوا يحتفظون بذات المسافة بينهم وبين الشعوب الأخرى ، وبالتالي مع الزمن استطاعوا تأسيس حركتهم المؤدلجة والمسلحة ( الصهيونية ) ، بل التطبيع مع الفلسطينين بدأ مبكراً قبل قيام الدولة الإسرائيلية ، من خلال المشاريع الاقتصادية المشتركة وكان يبرر ذلك تحت ذريعة التسامح بين الديانات السماوية ، وتجلى ذلك عندما دخلا أول عضوين عربين للكينست الإسرائيلي ، وايضاً مع إلتحاق ، الدفعة الأولى للجنود من الدروز والبدو في الجيش الإسرائيلي ، كان كل ذلك كفيل في صنع تحويلات جذرية بشكل عام ، إذن ما كان مستنكراً أو غريباً تحول تدريجياً إلى شيء مقبول ، بل ايضاً منذ ولادة الدولة العبربة شهد الكيان حراكاً سياسياً مشتركاً بين اليهود والعرب وايضاً كان هناك تخندق عسكري ، تحولوا من تخندقوا فيه إلى رفاق السلاح ، بالطبع اللغة الخطابية العالية للمثقفين الفلسطينين في داخل الكيان الإسرائيلي وايضاً خطابات السياسيين ، تصنع أحياناً خلط عند المراقبين والجماهير ، لكن ما صنع في الحقيقة ، تحديداً في فلسطين التاريخية ، كان قد أساس لما يصنع اليوم من تطبيع علني في العالم العربي ، لم يسجله التاريخ في دفاتره من قبل على الإطلاق ، بأن شعب بالكامل ينخرط بالحياة مع محتله في مختلف المجالات ، كم فعل الشعب الفلسطيني .

كان يوماً ما قد وقع إشكال بين محمود درويش وناجي العلي حول دعوة مشتركة من الأول مع ادونيس وإدوارد سعيد للقاء بين أدباء يهود وعرب ، ولأن ناجي لم يعيش تجربة درويش الخاصة في التكوين المزدوج بين المجتمعين اليهودي والفلسطيني ، وايضاً العلاقة العاطفية بين محمود وبنت يهودية ( ريتا ) ، نشر كاريكاتيره الشهير ( محمود خيبتنا الأخيرة ، مستعيراً بعبارة درويش بيروت خيمتنا الأخيرة ، لأن واحد مثل ناجي الذي لم ينجو ، كان في تكوينه التربوي والثوري يعتبر مجرد الجلوس مع من يمثل الكيان الإسرائيلي ، كُفر وهو من المحرمات ، بل لم يعترف بالفارق بين اليهودية والصهيونية لأنه أعتبرها الجناح العسكري للأولى ، بل أشار إلى مسألة جوهرية لا يمكن القفز عنها ، العلاقة بين إسرائيل وفلسطين تقتصر على من يقدم الشرعية للآخر ، وهذه الشرعية لا تكون إلا إذا منحها طرف من الطرفين للآخر وبالتالي ، منحها الفلسطيني للإسرائيلي دون أن يمنحها الإسرائيلي للفلسطيني ، بل بعد تمرير منظمة التحرير نقاطها العشرة ، تغير الحال في الوطن العربي ، وأصبح بين العرب من يجرؤ بالإعلان عن مواقفه الدفينة ، على سبيل المثال ، شخص مثل سعيد عقل صاحب قصيدة زهرة المدائن التى غنتها فيروز ، كان قد عبر عن سروره في دخلوا شارون والجيش الإسرائيلي إلى بيروت بل ذهب إلى أبعد من ذلك ، عندما قال كنت أرغب بمشاركة الإسرائيلي ذلك الحدث التاريخي ، لكن ظروفي الصحية لا تسمح ، في المقابل ، أعتقد كثير من المثقفين العرب بأن المسألة الفلسطينية ليست لها في المنظور القريب أفق للحل وبالتالي لا بد من التعامل مع الواقع ، والواقع هو الإسرائيلي أما الفلسطيني له الله .

في كتاب أحمد عبد الرحمن عشت في زمن عرفات ، أحد مستشاريه الإعلاميين ، يقول بالحرف ، لقد وافق عرفات عام 1988م ، قراءة نص لوزير الخارجية أمريكية جورج شالتز آنذاك ، على أن يعترف الأول بحق إسرائيل في الوجود ونبذ الإرهاب يعني الكفاح المسلح ، هذا النص كان بعلم ياسر عبدربه ومحمود درويش ، وايضاً أشار كيف كان أبوعمار يؤنب نفسه أثناء ذهابه لإلقاء النص المفروض عليه من الأمريكان ، كان يردد ، يا أبوعمار ، عبدالناصر لم يجرؤ على ذلك ، وبالتالي مازال العرب عموماً والعالم ، غير قادرين على معرفة حجم الفعلي لقدرات اليهود في التخطيط والتكتيكي للوصول إلى أهدافهم الإستراتيجية ، لقد حشروا الإسرائيلين الفلسطينيون في قراهم من عام 1948م - 1967م ، منعوا من الخروج إلا بتصريح من الحاكم العسكري وبعد ذلك الحصار ، تحول الفلسطيني همه الوحيد الاعتراف به كمواطن إسرائيلي بدرجة عاشرة ، أي أن انتقلت الحكاية من علاقات تجارية بين الطرفين إلى أن تكللت في النهاية بدولة إسرائيلية وطرد أغلب الشعب الفلسطيني ، ومن تبقى منهم يقفون على الأبواب ، أيضاً من مؤتمر مجلس الوطني في الجزائر عام 1983م الذي وضع بخجل برنامج سياسي جديد للمنظمة ، حظي بتوافق بعض الفصائل الفلسطينية وقبولها بمشروع فاس الذي دعى إلى إقامة دولة فلسطينية بحدود أراضي 67 وعودة اللاجئين وإقامة السلام بين الطرفين ، بالطبع كان المؤتمر السبب في انشقاقات بصفوف حركة فتح وفصائل أخرى عن أبوعمار والتى سمت نفسها بجبهة الرفض ، وبين مجلس الوطني الذي عقد في قطاع غزة وبحضور الرئيس كلينتون عام 1998م ، 15 عام بين مؤتمرين الجزائر وقطاع غزة ، تناقض تام بالحضور ، الهدف من المؤتمر الأخير ، هو إلغاء الميثاق الفلسطيني بالكامل ، لم يكتفوا الأعضاء برفع اليد الواحدة بل رفعوا اليدين الاثنيتين وتعمدوا بالوقوف امام الرئيس كلينتون وفي مقدمتهم صاحب كتاب عشت في زمن عرفات ، وتوجت واقعة رفع اليدين ، التى أشارت عن استسلام كامل ، ما صنعه الممثل غسان مطر عندما وقف وخاطب الرئيس كلينتون بانجلزيته المكسرة بشكل مباشر ، قائلاً ( من أجل يعونك يا سيادة الرئيس نحن سنلغي مثاقنا الوطني ) ، لم تكتفي الصهيونية بذلك ابداً ، وضعت كل ذلك على الرف وقالت هل من مزيد ، فأنا أمثل الجحيم في الدنيا ، عقدت الأمة العربية نقمتنا أو عفواً قمتها في بيروت وقدمت عرض عربي ، السلام مقابل الأرض ، لكن النتيجة كانت سيطرة المستوطنون على القدس والضفة العربية وتكلل ذلك بإبرام إتفاق جديد مع ابوظبي .

الآن كيف يمكن للفلسطينيون التعامل مع هذا الواقع ، لأن حالة الإنكار لم تعد تنفع والاستسلام ونبذ العنف والاعتراف لم يأتوا جميعهم بشيء ، بل بصراحة وحسب التغيرات التى سردناها ، قد يصل حال الفلسطينين في القدس والضفة الغربية إلى حال يشبه لحال الدروز والبدو ، وبالتالي هناك مسؤولية تاريخية تقع على منظمة التحرير ، لا مفر لها من إعلان سحب إعتراف المنظمة بحق وجود الإسرائيلي على الأرض وحقه في أرض فلسطين التاريخية ، لأن الإعتراف من جانب واحد ، سيسجله التاريخ على أنه تنازل عن وطن ، ومن ثم الإبقاء على السلطة وعقد إتفاق مع الاحتلال على إدارة شؤون الناس في المناطق الفلسطينية ، لأن ايضاً حل السلطة في هذا التوقيت يمنح الإسرائيلي استبدال الحاليين بآخرين وهو أمر يرتقي إلى قطع الطريق على أي شخص أو مجموعة ليس لديهم المانع من التعامل مع واقع الإسرائيلي الذي يرغب بكل الأرض ، لقد تورط الفلسطيني في مشاريع كان هو بالغنى عنها تماماً ، بل لم يكن على دراية كافية بإمكانيات الحركة الصهيونية التى طوعت العالم كله لصالحها ، وبالتالي اليهود صبروا آلاف السنين في كيبوتسهاتهم وتحملوا المحارق الجمعية ووضعوا القرش على الآخر لكي يحكمون معدة وفرج وعقل الإنسان أينما كان، ووضعوا الحمرا على شفتين المرأة بحجة تخويف الأطفال وليس الاغراء ، فالصراع هو صراع جذور وليس كما أعتقد البعض سطوح أو أنها نزهة في ربوع الحركة الصهيونية .

سوف تتوقف هذه السطور عند شخصية فازت لدى الأغلبية بالاحترام ، رغم إخفاقاتها المتعددة ، عندما كانت الثورة في عنفوانها وعطاءها كانوا الإسرائيليين يصفونها على الدوام بالإرهابية ويكيلون عليها التهم والشتايم ، لكن في لحظة سبحان الله تغير الحال وبدأت مكنة المجاملات تعمل وتصدر مصطلحات كالشجاعة والشجعان حتى دخلت إلى القفص ، أصبحت كل ما تملكه إسرائيل لشريكها في السلام ، الإهانة والعربدة والإهمال ، وهذا يذكرنا بمقولة لجمال عبدالناصر ( إذا مدحني عدوي ، يعني أنني أمشي في الطريق الخطأ ، أما إذا وجهه لي الشتائم ، يعني أنني في الطريق الصحيح . السلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م