الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطبيع العراق العلاقات مع إسرائيل: الأسطورة والواقع

فالح الحمراني

2020 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بددت غالبية الدول العربية أخرى أحلام تل أبيب وواشنطن في أنها ستحذو حذو الإمارات وتوافق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبعد بيان جامعة الدول العربية بان التطبيع لن يقوم من دون تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، أكدت هذا الموقف أيضا الدول التي راهنت واشنطن وتل أبيب على التحاقها بموكب "التطبيع" والتي زاراها وزير الخارجية ماك بومبيو بما في ذلك عُمان والبحرين والسعودية والسودان. وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد الغى اجتماعا كان من المفترض عقده مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن في هذا الأسبوع. وراهنت تل ابيب وواشنطن على ان محمد بن سلمان سيعلن عن التطبيع مع إسرائيل. وضمن هذا السياق تولى تل أبيب أهمية كبيرة لجر العراق الى "صفقة تطبيع" مستثمرة بذلك الانعطاف في علاقاته مع الولايات المتحدة، والصعوبات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تمر بها البلاد، وضعف القيادات الحالية في التغلب على الأزمات والتحديات المستفحلة. ان قراءة الخارطة السياسية العراقية تؤكد ان العراق سيبقى، على خلفية استمرار العجرفة الإسرائيلية والمضي باستيطان الأراضي الفلسطينية، الى صف القوى الإقليمية التي ستستمر في الممانعة ولو بدون قتال، وليس مع قوى الاستسلام من أجل تحقيق مصالح أنانية، واتقاء شر إسرائيل والولايات المتحدة.
وبدأ المحللون بعد تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات، في فرز المرشحين المحتملين الآخرين الذين كانوا مستعدين لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل. ليس من المستبعد أن يكون العراق في المستقبل المنظور من بينهم ، في الماضي أحد ألد أعداء القدس.
ونشرت صحيفة "هآرتس" مقالاً بقلم تسفي باريل يزن فرص التسوية السلمية للعلاقات مع بغداد ونشرت ترجمتها بالروسية. وتضرب مثالا على وجود قوى عراقية تدعو للتطبيع بتصريحات مثال الألوسي، وكونه زار الدولة اليهودية رسميا مرتين. وحدث هذا لأول مرة في عام 2004 ، عندما كان عضوا في فريق تحقيق يحقق في أنشطة مسؤولي حزب البعث الحاكم السابق. وفي زيارة ثانية عام 2008 ، حضر مؤتمر حول الإرهاب في المركز متعدد التخصصات في هرتسليا.
وونقل عن الآلوسي في مقابلة بعد إعلان اتفاق السلام مع الإمارات " يجب على العراق الخروج من فترة الحرب والتطرف والوهم، حيث انه يحتاج الى بناء علاقات مستقرة مع كل دول العالم". وبحسبه ، "يحتاج العراق إلى اتفاق سلام مع إسرائيل"! ، على غرار الاتفاق الذي سيتم توقيعه مع الإمارات. "هناك علاقات غير رسمية بين بعض السياسيين العراقيين وإسرائيل ، لكن النفوذ الإيراني يمنع المزيد من تطوير هذه العلاقات".
ويشير باريل من ناحيته إلى أن تصريحات الألوسي أثارت انتقادات حادة من السياسيين الموالين لإيران. ومع ذلك ، لا تستبعد تفاصيل اللحظة الحالية. كل هذا يحدث في وقت يدخل فيه العراق في حوار استراتيجي مع الإدارة الأمريكية. معيدا الأذهان إلى استقبال البيت الأبيض " بحرارة" لرئيس الوزراء مصطفى القدمي الأسبوع الماضي. لذلك ، أعرب معارضو العلاقات بين إسرائيل والعراق عن شكوكهم في أن العراق "سيقع في الفخ الذي نصبته الإدارة الأمريكية".
وير الخبير الإسرائيلي ان للعراق أهمية استراتيجية كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية لأنها تُنظر إليه على أنه الدعامة الأساسية لإيران في الشرق الأوسط ، حتى أكثر من سوريا أو لبنان. ويشير المحلل إلى أنه على الرغم من الكم الهائل من النفط الذي يمتلكه العراق ومليارات الدولارات التي استثمرتها الولايات المتحدة ، فإن البلاد لا تستطيع إحلال الاستقرار. وتجاوزت ديونها لمؤسسات مالية أجنبية 104 مليار دولار.
وتأتي الكهرباء والغاز بشكل أساسي من مصادر إيرانية ، وتبلغ التجارة مع إيران حوالي 12 مليار دولار ، وبعض الأطراف العراقية قريبة من النظام الإيراني وتعمل كوكلاء لطهران في بغداد. هذا بالإضافة إلى الميليشيات الشيعية في العراق التي تتلقى دعمًا ماليًا من إيران.
حصل العراق على إعفاء جزئي من العقوبات الأمريكية على إيران بسبب الاعتراف باعتماد العراق على إيران والرغبة في منع الانهيار الكامل للدولة. على الرغم من العقوبات الأمريكية ضد إيران ، فمن الواضح لواشنطن أنه طالما توجد علاقات تجارية واقتصادية ودبلوماسية وثيقة بين العراق وإيران ، فإن الرغبة في بناء جدار عقوبات محكم حول إيران لا يمكن أن تصبح حقيقة واقعة.
من جانبها ، تدرك بغداد أنه بدون الدعم والمساعدات الأمريكية ، لا يمكن للعراق استعادة اقتصاده وتحقيق الاستقرار السياسي. لا تزال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في العراق مطلع العام وأطاحت بحكومة عادل عبد المهدي مستمرة.
في الوقت نفسه ، الحكومة العراقية ملزمة بقرار مجلس النواب بسحب جميع القوات الأجنبية من العراق. في اجتماع بين رئيس الوزراء الكاظمي والرئيس ترامب ، أعلن كلاهما علنًا أن الولايات المتحدة ملزمة بسحب قواتها من العراق. ومع ذلك ، لم يتم بعد تحديد الجدول الزمني للانسحاب. لكن تم توقيع اتفاقيات بقيمة 8 مليارات دولار بين العراق وشركات الطاقة الأمريكية لتطوير حقول النفط العراقية وبناء محطات طاقة ستحرر العراق من التبعية الإيرانية.
وتعمل واشنطن أيضًا على تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين العراق والسعودية وتسعى للحصول على مساعدة مالية للعراق من دول الخليج الأخرى ، بما في ذلك الإمارات ، كجزء من استراتيجيتها لفصل العراق عن إيران. بالإضافة إلى ذلك ، أعلنت عن تخصيص مساعدات إنسانية إضافية للعراق بمبلغ 204 ملايين دولار.
باريل متشكك في آفاق الاستراتيجية الأمريكية بالنظر إلى الهيكل السياسي للنظام العراقي ، وتركيبة سكانه ، والأموال التي سيأخذها لجعل العراق مستقلًا اقتصاديًا. في رأيه السلام مع العراق حلم أكثر منه حقيقة.
من وجهة نظر بعض المراقبين في إسرائيل ، "هناك احتمال لتطبيع العلاقات مع بغداد". في مؤتمر هرتسليا الأمني ، الذي عقد في تموز (يوليو) الماضي بعد إعلان الشق الاقتصادي لـ "صفقة القرن" ، أعرب عدد من الخبراء الإقليميين عن شكوكهم في تنفيذ الصفقة. ويعتقد البعض الآخر أنه كان حقيقيًا بشكل أو بآخر.
وكان جزء مهم من الصفقة تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل مقابل مساعدات أمريكية سخية. في الوقت نفسه ، لم يُمنح الفلسطينيون دورًا مركزيًا ، يمكنهم دعم الصفقة والحصول على مساعدة كبيرة أو البقاء على الهامش ، والاستمرار في فقدان التمويل المتبقي.
وحسب الخبير الإسرائيلي إن مثال الإمارات يظهر أن الدول العربية ، بعد مصر والأردن ، فضلت "سلاماً سيئاً" مع إسرائيل ، بالإضافة إلى المساعدات الأمريكية السخية. لذلك "لا يوجد شيء لا يصدق في فكرة تطبيع العلاقات بين بغداد وتل أبيب". منوها بان المهاجرين العراقيين يشكلون جزءًا مهمًا من المجتمع الإسرائيلي.
ان كل هذه الآمال ما هي إلا اطغاث أحلام، فالشعب العراقي، بغض النظر حتى عن حكوماته، لا يمكن ان يسمح باتخاذ أية خطوة مشبوهة تسيء للشعب الفلسطيني، ووضع عراقيل أمام تحقيق حقوقه المشروعة، ومهما كانت المغريات والضغوط على بلاده، زد على ذلك الموقف السائد عن نوايا إسرائيل وطموحتها باستباحة العالم العربي وأسواقه وتحويله الى مصدر لتحقيق مشاريعها التوسعية، وتفوق العنصر العبري، ليس إقليميا وإنما عالميا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج