الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستطبع الانظمة العربية مع الدولة الصهيونية ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ان هذا السؤال ليس غريبا ، لان طرحه وفي هذا الزمن الموبوء والرديء ، لا يعني ان التطبيع غير موجود بين الأنظمة العربية وبين إسرائيل ، ان التطبيع موجود واخذ اشكالا كثيرة تختلف من دولة الى أخرى ، حسب المصالح والمنافع ، وحسب الخدمات التي تقدمها الأنظمة لخدمة إسرائيل ، لإرضاء الإدارة الامريكية حتى تؤيد او تتجاهل تعيين رئيس عربي ، ليخلفه ابنه في الحكم بطريق الوراثة ، وليس بطريق الديمقراطية كحسني مبارك ..
فحفاظ الأنظمة العربية على علاقات من تحت الطاولة مع إسرائيل ليس سرا ولا بالشيء الجديد ، بل هو معروف منذ زمان طويل ، يتم الإفصاح عنه مرة مرة كلما كان في الامر ما يدعو الى الإفصاح ، او الى الفضح من قبل معارضي النظام الذي يقيم علاقات مع إسرائيل من تحت الطاولة ..
ان الفرق بين ما كان يسود العلاقات التطبيعية الإسرائيلية العربية ، انها أصبحت اليوم تقام بدون مورابة ، ولا خوف ، ولا استحياء ، فالأنظمة التي كانت تحافظ على علاقات تحت الطاولة ، أصبحت تكشف وجهها الحقيقي في الهرولة الى التطبيع ، وكأنها تتسابق لنيل وسام التطبيع الأمريكي الذي تعتبره شرفا لها ضدا على شعوبها ، وطعنا وغدرا في الحقوق التاريخية العربية التي كانت ولا زالت ، تمثل راس الحربة في الصراع العربي الإسرائيلي ، الذي هو صراع احتلال ، وصراع حضارة ، وصراع وجود ..
وبالرجوع الى تاريخ العلاقات الإسرائيلية بالأنظمة السياسية العربية ، سنجد ان هذه العلاقات كانت تختلف ، وفي وقت سابق من الاعتراف المباشر وتبادل السفراء كمصر والأردن ، ، وفي وقت سابق المغرب ، وابوظبي اليوم ، ومنها من يحتفظ بالعلاقات دون ان تصل الى تبادل السفراء ، كالمغرب ، والسودان ، وموريتانية ، وعُمان ، والبحرين . فالمسؤولين الإسرائيليين كانوا ولا يزالون يحتفظون بعلاقات خاصة مع الحكام العرب ، كما ان هناك تنسيق بين الأجهزة البوليسية الإسرائيلية ، ونظيرتها العربية ..
السؤال . اذا كانت التطبيع يجري بالعلن وعلى قدم وساق ، بين الأنظمة العربية ، حتى ولو لم يصل التطبيع عند بعضها الى تبادل السفراء ، لماذا تحتج قيادة رام الله وقيادة القطاع ، على هكذا تطبيع ، في حين نجد ان من اكبر المطبعين هم قيادات منظمة التحرير برئاسة محمود عباس ، والقيادات الفتحوية المرتبطة به ... فلا يخفى على احد التعاون البوليسي المكشوف ، بين أجهزة السلطة ، وبين الشاباك الإسرائيلي في تبادل المعلومات ، وفي الإسراع بتقديم وتسليم المقاومين والمجاهدين ، الى سلطات الاحتلال ليتم الحكم عليهم بسنوات طويلة سالبة للحرية ... في حين نجد ان الاحتلال الإسرائيلي يحمي كل مستوطن اعتدى على عائلة فلسطينية ، او اعتدى على احد الفلسطينيين ، وهناك حالات كثيرة شاهدة على هذا اللاّتكافؤ في معاملة الفلسطينيين بين الشباباك ، وبين أجهزة السلطة البوليسية المندمجة في المخططات البوليسية الصهيونية ..
ان مرد هذا الارتداد الذي تعيشه اليوم القضية الفلسطينية ، والذي بلغ حد التماهي والتفاخر العربي بخدمة المشروع الصهيوني بالمنطقة العربية ، وتسابق الأنظمة لإقامة علاقات من تحت الطاولة ، او علاقات مباشرة بتبادل السفراء ، سببه القيادة الفلسطينية التي انخرطت في المشاريع الصهيونية المدروسة والمتقنة ، دون ان تدرك المقلب والمخطط الصهيو/امريكي الذي كان يرمي الى قتل القضية الفلسطينية باللعب على الزمن ، ومن جهة تغيير نمط عيش قيادات منظمة التحرير ، حين اغرقوهم في اوساخ الدولار، فاستبدلوا اللباس العسكري الميداني ، باللباس الانيق الإيطالي ، الفرنسي ، والانجليزي المصنف ، وبربطة العنق ، وتصفيف وصباغة الشعر ، وتشذيب الاظافر ، وترك حذاء الحرب ، واستبداله بأحدية الطليان من جلد التمساح والثعابين الضخمة ، وارتداء القبعات الاوربية ، وملء الايدي بالساعات الثمينة ، والتعطر بالعطر الباريزي ، كما استبدلوا ركوب سيارات الخدمة العسكرية Les jeeps ، بالسيارات الفارهة من نوع المرسديس و BMW ... كما أصبحت العديد من القيادات يملك الدولار بالملايين ، ومنهم من له فنادق بالدول الاسكندنافية كياسر عبده ربه ، ومنازل وشقق ببريطانا وباريس ... لخ
إضافة الى هذا النمط الجديد في العيش ، الذي تزامن مع دفن البندقية ، وقطع الصلاة مع الكفاح المسلح ، وغرق المنظمة في مرطونية الحوار ، او في التفاوض العقيم الذي كان يراهن على طول الوقت ، للوصول الى نهاية اقناع المفاوضين الفلسطينيين بجدوى الحلول الإسرائيلية ، التي أضحت مفروضة بمساندة واشنطن ، وبمباركة الأنظمة العربية الخائنة ، والتي وصلت الى مخطط الضم لما تبقى من الضفة وعلى راسها غور الأردن .. فان اكبر خطأ استراتيجي سقطت فيه قيادة منظمة التحرير ، هو عندما آمنت بالحلول السلمية لاسترجاع حق أُخذ غصبا وبالقوة ، مع محتل يحسن فن المناورة ، وفن اللعب على طول الوقت ، لإفراغ القضية من زخمها التثويري الكفاحي ، والدفع بجماعة خيار التفاوض الى الاستسلام النهائي ، ومن ثم اقبار شيء كان يسمى في وقت من الأوقات بالقضية الفلسطينية ..
ان السقوط في متاهات مؤتمر مدريد في سنة 1982 تاريخ خروج الفلسطينيين من بيروت ، وان السقوط في متاهات وايْ ريفرْ ، ووايْ بْليْتيْشنْ ، وان السقوط الكبير في متاهات أسْلو في سنة 1993 ، كان اكبر ضربة تم تسديدها للقضية الفلسطينية ، بمباركة الفلسطينيين انفسهم الذين انتهى بهم المطاف ، بعد مرور ثمانية وثلاثين سنة عن مؤتمر مدريد ، ومرور سبعة وعشرين سنة عن اوفاق أسلو ، ان يجدوا انفسهم مصدومين بمشروع الضم ، ورمي حل الدولتين الذي كان أكذوبة تاقت بها القيادة الفلسطينية ببلادة قل نظيرها ، الاّ عند جبهة البوليساريو التي سقطت في نفس المقلب الذي تم صنعه للفلسطينيين ، فالبوليساريو منذ ثلاثين سنة وهي تنتظر تنظيم الاستفتاء ، وتعول على الأمم المتحدة التي اخلت بالقضية الفلسطينية ، ان تنوب عنها في تنظيم الاستفتاء في الصحراء ، وهو حلم تلاشى بمرور الزمن الذي يذيب الحجر وليس فقط البشر ..
الآن هناك مخطط الضم الذي ينتظر ترتيباته الأخيرة ، لكن الخطير هناك تأييد الحاكم العربي لهذا المخطط الذي ابتلع كل فلسطين ، وابتلع الأراضي اللبنانية التي بلعتها الدولة العبرية ، التي بلعت الجولان ، كما ابتعلت بحيرة طبرية ...
فما معنى ان يقوم النظام العربي وفي هذا الزمن الموبوء ، والرديء ، بالتطبيع مع الدولة العبرية التي داست على كل الحقوق التي تغنت بها أجيال من العرب المصدومة ، بما حدث من خيانات في النهار قبل الليل ..
فلو كان التطبيع قد حصل منذ عشرين او ثلاثين سنة خلت ، لقلنا ربما ان الهدف من التطبيع هو كسر جبل الجليد الصهيوني ، لاسترجاع فقط أراضي 1967 ، التي كان جزء منها يخضع لمصر ( غزة ) ، وجزء آخر يخضع للأردن ( الضفة ) ، والجولان ارض سورية ، في حين ان فلسطين 1948 ، تنازل عنها الحاكم العربي ، دون استشارة الشعب عن هذا التخلي الخيانة ..
ولقلنا كذلك ، ربما ان تطبيع الحاكم العربي يهدف الى خلق مفاوضات جدية مع دولة صهيون ، وبضمانة دولية لم تكن بدورها ضمانة ، بل كانت مؤامرة ضربت في القلب قلب الصراع العربي الصهيوني منذ غزو اليهود لفلسطين ...
لكن ان يتم التطبيع مع دولة مارقة كاذبة ، لا اخلاق لها ، ولا تعرف غير القوة والقتل ، وتتنكر لكل تعهداتها ، بضم الجولان وبحيرة طبرية ، وابتلاع الأراضي اللبناني ، وضرب حل الدولتين عند تعويضه بمشروع الضم والابتلاع ، وبمساندة واشنطن عراب الدولة العبرية .... فالتطبيع في هذه الحالة هو خيانة كبرى للقضية الفلسطينية ، ولأرواح الشهداء التي سقطت منذ سنة 1948 ، وسنة 1967 ، وفي كل الحروب التي عرفتها المنطقة لاسترجاع الأراضي المحتلة التي أصبحت إسرائيلية ..
ان التطبيع في هذا الزمن الموبوء والرديء ، هو اعترف صريح من الحاكم العربي بان القدس صهيونية ، فلسطين صهيونية ، الجولان صهيوني ، مزارع شبعا وغير ها من الأراضي الاخرة صهيونية ..
فماذا تبقى من شيء كان يسمى بفلسطين ، وكان يسمى بالصراع العربي الإسرائيلي ؟ لا شيء ..
لقد خسر الفلسطينيون فلسطين ، لانهم خانوا القضية عندما تم التخلي عن الكفاح المسلح ، وتم التخلي عن العمليات الاستشهادية ، وتم شلل الانتفاضة الشعبية ... وارتموا بطيب خاطرهم في الحضن الصهيو / امريكي ... وهو ما شجع الحاكم العربي الخائن ، الا يخفي وجهه البشع عند التسابق للتطبيع مع دولة بلعت كل شيء ولم تترك أي شيء ..
واذا كان بعض القياديين كالحوراني يهدد بالرجوع الى الكفاح المسلح ، فالتهديد هذا هو لدغدغة المشاريع الشعبية الفلسطينية المأزومة ، وهو متنفس تتجار به القيادة العميلة التي تخلت عن فلسطين عندما باعتها بالدولار ..
ان الكفاح المسلح بتطلب قواعد عسكرية ، ويتطلب أسلحة من الخفيفة الى المتوسطة ... والسؤال : اين هي هذه القواعد والمعسكرات ... لا شيء ... إسرائيل بلعت كل شيء .. وتراقب وتتحكم في كل شيء ..
كل من طبع مع الكيان الصهيوني في هذا الزمن الموبوء خائن ، واكبر الخونة قيادة منظمة اللاّتحرير ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح


.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير




.. النشيد الوطني الفلسطيني مع إقامة أول صف تعليمي منذ بدء الحرب


.. بوتين يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن الحوار مع الغرب ممكن في




.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق