الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الريف بين الهجرة والتهجير

محمد أسويق

2006 / 7 / 3
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


إذا كان الروائي السوداني طيب صالح تحدث عن الهجرة إلى الشمال فإننا سنتحدث اليوم عن الهجرة من الشمال الذي هو شمال المغرب بخصوصياته المتنوعة والمتعددة والذي يصطلح عليه في القاموس السياسي بالريف وهو الكيان الذي له تاريخ عريق ولم يسبق له طوال المسار السياسي أن خضع لأي حكم مركزي تابع للإدارة المخزنية إلا بعد سنة 56 الشي الذي نجدأنه كان يوصف ببلاد السيبة من لدن الاجهزة الحاكمة كونه كان يرفض الشطط في استعمال الشلطة واستغلال الثرواة والإجهاز على حقوق الناس والإساءة بكرامتهم
وهذا مادفعه بالإمتناع عن اداء الضرائب وتقديم أولاده للجندية لأن النظام السائد كان لا يعكس الطموحات الموضوعية لعامة الناس الذين قاوموا ضد الطغيان والإستبداد...... إلا ان تمرد أهل الشمال كان يهدد المصالح المخزنية التي كانت تعتمد النهب والإبتزاز خصوصامن الريف عينه ذات الموقع الجغرافي المتميز والمطل على البحر الابيض المتوسط . فحين كان المخزن مستبدا بهذه المنطقة الأمازيغية اضطر أهلها إالى التمرد والعصيان مستنكرين الجشع وتمييع الاعراف التي تشكل أحد البنيات الثقافية الحاضرة بقوةو حتى يبقى الرف بشهامته وشخصيته المقتدرة إلا ان المخزن كقوة استبدادية لم يستسغ مثل التمرد الذي عرفه الريف دفاعا عن حقوقه ومكتسباته. مما سيظل هذا الريف عبر الزمن اسطورة مرعبة للمخزن الذي سيفرض عليه وبالقوة كل أنواع الحصار: من الاقتصادي إلى الثقافي ...... لإضعافه ومحو وجوده المتميز وذالك ما سيتركه عرضة للضياع والتهميش والجوع دون ادنى إلتفافة . لنجده اليوم بدون بنيات تحتية أواستثمار اوشبكة طرقية تربطه بالداخل والخارج. علما انه يمتلك مؤهلات كبيرة للعيش بها خصوصا السياحة والصيد البحري والسياحة الجبلية .......إلا ان الظروف السياسية حتمت عليه الموت والعيش في جو انغلاقي كما سطره المخزن كقوة إستبدادية طاغية فرضت عليه نوع من التعتيم للتستر على الجرائم المقترفة وحتى لا يكسب تعاطف أممي أو وطني فكان حظه دراميا لايحسد عليه إلى الابد كما عايشناه عن قرب وبشكل يومي وفي صورة جحيمية من اجل تركيعه وتعريبه ومحو هويته
وقد استعملت أبشع الممارسات التي لن ينساها التاريخ سنة 58_59حين رفض الريفيون التخلي عن المقاومة المسلحة واعتبروا إكس ليفن مناورة عسكرية لايمكن ان تحمل إلينا على دباباتها الديمقراطية والعيش الكريم وأنه استعمار في ثوب جديد. مما اضطر امازيغ الريف إلى المناداة بالمقاومة على خط اتروتسكي من أجل تحرير الريف واحترام قيمه وخصوصياته وعودة ابن عبد الكريم من مصروإجلاء حزب الإستقلال من المنطقة .....إلى غير ذالك من المطالب التي كانت تحملها الحركة التي قاد شرارتها ابن الحاج سلام امزيان ومعه جل الريفيين الامازيغيين المقاومين . لأنهم لم يستشاروا في صياغة القوانين المنظمة للحياة السياسية والمشاركة في الحكومة علما أنهم لعبوا دورا بارزا في المقاومة . وكان حزب الإستقلال هو التيار الرجعي الذي سيفوز بثمار المقاومة والهيمنة على المناصب السياسية مما سيساهم هو الآخر في قمع الريف من موقعه الوزاري الذي لم يرحم السكان . مما يمكننا القول بأن عام- ئقبان-كما يصطلح عليه في الريف هو تحالف مخزني وحزب الإستقلال لهزم الريف من جميع النواحي خوفا ان يقاسمهم احدا السلطة التي تمنح لهم كامل الصلاحية لحماية مصالحهم واستحواذهم على خيرات البلاد
فتم استعمال السلاح المتطور والطائرات والقنابل لإسكات الصوت المنادي بالحرية والوطن . وتم تجريد المقاومين من الاسلحة بشكل وحشي وتعذيبهم بشكل فظيع وراح ضحية ذالك اطفال وشيوخ ونساء اللواتي تعرضن للإغتصاب لا لشيئ سوى انهم أجهروا بالحقيفة دفاعا عن قيمهم وسمعتهم وشخصيتهم . وليس في ذالك أية نعرة أخرى كما يحلوا للبعض أن يحرفوا الحركة الإحتجاجية للتستر على الجرائم التي أرتكبت في الريف من تصفيت المقاومة المسلحة وتصفيت اهم كوادرها عباس المسعدي مرورا باغتصاب النساء والهجوم العسكري على مسكن ابن الحاج سلام أمزيان الذي سيضطر للمنفى خارج بلاده ولن يعود في كفن ابيض سنة 1995
وللإشارة فإن الحركة التمردية التي عرفها الريف ضد المخزن وحزب الإستقلال كانت حركة منظمة ذات اهداف وطنية وإنسانية ولم تكن ابدا تروم أي طرح إثني أوإقليمي وكل ما هنالك هو إعادة الإعتبار الريف وعدم الزج به في غياهب التهميش عبر اشراكه في تسيير الشأن العام واستشارته في دستور نابع من إرادة الشعب واحترام خصوصياته اللغوية والثقافية وهذا ماكان لا يحتمل اسماعه اهل فاس خصوصا الذين تشبعوا باسطورة العروبة التي ترفض التعددية والإختلاف والذين ظلوا يكنون الرفض التام لكل ما هو امازيغي والبحث عن مختلف النعرات لتشويه سمعة الأمازيغ
الشي الذي جعل الريف الامازيغي متهما في كل وقت وحين و كلما حاول الرفيون المطالبة بحقوقهم المقموعة إلا ولفقت لهم تهم التفرقة والمطالبة بالجمهورية والتشويش على النظام العام لينالوا التنكيل والتعذيب والسحق بالسوط والرصاص كما هو الشأن في 58- 84 علما أن الحقيقة غير تلك التي يعبر عنها المخزن في إعلامه الرسمي كما يشاء. لإبعاد المظاهر البشعة التي تصرف بها مع أناس عزل لا يحملون غير هم الوطن والحلم بالسعادة والعيش الكريم
إن ما تعرض له الريف هو جزء من سنوات الرصاص التي التي تتحدث عنها اليوم هيئة الإنصاف والمصالحة التي لا ننوي إطلاقا على أنها ستنصف أهل الريف من خلا ل تقريرها الأخير الذي لم يأخذ بعين الإعتبار الإغتصاب الجماعي الذي تعرضت له النساء بشكل وحشي والتعذيب البشع الذي تعرض له المقاومين والمتعاطفين مع جيش التحرير والمعاناة التي ظلت تجترها المنطقة إلى حدود اليوم
وفي الاخير: ونظرا للتهميش والقمع السائد وظروف الجفاف والازمة الإجتماعية التي كان يعرفها الريف على مدار كل سنة تقريبا ومع غياب فرص العمل سيضطر الريفيون للبحث عن لقمة العيش خارج الوطن للحفاظ على الوجودهم على الاقل. لأن الريف سيعرف ظروف اقتصادية واجتماعية مزرية لا تسمح بالإستقرار تماما
وهذه الهجرة إلى ألمانيا وفرنسا وهولاندا ...........هي بالدرجة الاولى تهجير مخطط له من طرف المخزن السياسي لا ستبعاد الريف الذي بات يؤرق احلامه الجميلة المتمثلة في استغلا ل ثرواة الشعب بدون رقيب يذكر
مما صارت الهجرة طموح كل الريفيين كلما ازدادت الازمة واستشرت البطالة والمجاعة وقلت فرص الشغل والتشغيل .
وكما نعلم ظل المخزن يخطط طوال مراحله السياسية لهذا التهجير من أجل ان يتخلى أهل الريف عن هويتهم ولغتهم ووطنيتهم ونسيان محيطهم إلا ان الأمر سيعكس غير ذالك بحيث أن ظروف الغربة القاسية ستعزز الروابط الاسرية من جديد وتقوي حب الوطن والحنين لوطن الأم والتعطش للريف رغم معاناته ولن يفكر أي احدمن الجبل الأول والثاني العيش خارج الريف الذي سيظل يسكن الوجدان حتى آخر نبضة قلب
فعلا كانت الهجرة ايجابية على المستوى المادي والإجتماعي إلا أنها كانت خسارة على مستوى الثقافي واللغوي بحيث ان الجيل الأخير لم يعد يعير أدنى اهتمام للغة الأم والثقافة وانساق خلف العولمة ناسيا دلالة اللغة وعلاقتها بالشخصية والفكر وهذا ما سيشكل مع مرور الوقت بالنسبة للطفل المهجر أوالمهاجر أزمة الهوية التي تتحمل فيه دول الأصل مسوؤلية كبيرة بحيث لم تعرف كيف تدخل في اتفاقيات ثنائية مع دول المهجر لحماية ولربط مواطنينا بكيانهم الثقافي والتراثي كما هو الشان عند باقي الجاليات .
عفوا إن هذا ماكان ينتظر من الريفيين الذين هجروا ولم يهاجروا طوعا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج