الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حل السلطة بات حلا وطنيا مطلوبا

عماد صلاح الدين

2006 / 7 / 3
القضية الفلسطينية


أنشئت سلطة الحكم الذاتي بموجب الاتفاقات الفلسطينية الاسرائيلية التي عقدت بين قيادة منظمة التحرير في حينها وإسرائيل , وكان اتفاق إعلان المبادىء " أوسلو" سنة 1993الناظم الاساسي لهذه السلطة من حيث طبيعتها وماهيتها وحدود اختصاصاتها , وإلى غير ذلك من الامور المتعلقة بها .

إن المرجعية القانونية والسياسية لاتفاق أوسلو وعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية برمتها هما القراران الدوليان رقم 242 , 338 الصادران عن مجلس الامن الدولي لسنتي 1967 , 1973 على التوالي, والقرار 242 يتحدث في المجمل عن انسحاب إسرائيل من أراض احتلت عام 67 وليس من الاراضي المحتلة , بحيث تستطيع أن تفسر إسرائيل أي انسحاب منقوص على أنه انسحاب كامل طبقا لما ورد في القرار المذكور سابقا , والقرار يتحدث عن سلام بين الدول وعن حق هذه الدول بالأمن وبالحدود الآمنة وعن احترام سيادة الدول في المنطقة بشكل عام, ولذلك القرار لا يتحدث لا من قريب ولا من بعيد عن حقوق الشعب الفلسطيني وبالتالي عن حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المنشودة في سياق حدها الأدنى على أراضي أل67 وعاصمتها القدس الشريف , وأما بالنسبة للقضية المركزية للشعب الفلسطيني وهي قضية اللاجئين الفلسطينيين , فالقرار لا يتحدث عن اللاجئين الفلسطينيين وإنما يتحدث عن اللاجئين بشكل عام , بحيث يفهم من القرار بناء على التفسير الإسرائيلي والامريكي له على أنه يتعلق بعملية مقايضة ما بين اللاجئين الفلسطينيين الذين طردو أ وههجروا عن ديارهم بقوة العنف والارهاب وما بين يهود الدول العربية الذين هاجروا طواعية وأيضا من خلال عصابات العمل الصهيونية في تلك الفترة , والتي اتبعت معهم ايضا أسلوب الاكراه والارهاب, وبالنسبة للقرار 338 لسنة 1973 فهو يعيد التأكيد على ما ورد في القرار 242 .
هذا باختصار هو مرجعية عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية , والتي كان الغرض منها ليس إعطاء الفلسطينيين دولة على كامل حدود الأراضي المحتلة عام 67 فضلا عن إعادة اللاجئين والنازحين , بل كان الغرض الاساسي من عملية السلام هذه هو أولا: الاعتراف بشرعية الاحتلال من قبل فلسطينيين على أراضي 48 , وهذا ما كان لهم من خلال اعتراف قيادة منظمة التحرير بإسرائيل دون أن تعترف الأخيرة بالشعب الفلسطيني , وإنما بمنظمة التحرير ولكن بعد أن تم مسخ هذه المنظمة وتفريغها من الاسس والثوابت التي تقوم عليها , وثانيا: كان الغرض منها هو تكريس شرعية الاحتلال على ما تبقى من أرض فلسطين وهي بالطبع اراضي أل67 , وذلك بالاستناد إلى مرجعية عملية السلام وهما القراران 242 , 338 . وثالثا محاولة شطب حق العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين.
لهذا كله , فإننا نفهم جليا لما تمسكت أمريكا وإسرائيل بشروطها المعروفة في مواجهة قيادة المنظمة وهي الاعتراف بالقرارين المذكورين سابقا , والاعتراف بإسرائيل بشكل واضح وعلني ومباشر وكذلك نبذ العنف , ونبذ العنف يعني من الناحية اللغوية التعهد بعدم ممارسته بالإضافة إلى الاعتراف بالذنب والندم على ما تم القيام به سابقا , والامر في هذه الحالة يتعلق بالمقاومة ومشروعيتها, وبالفعل لبت منظمة التحرير جميع هذه الشروط المطلوبة أمريكيا وإسرائيليا .

لننظر إلى الحقائق والوقائع على الارض منذ توقيع اتفاقات السلام وحتى يومنا هذا , لنرى فيما إذا كان ما نذهب إليه من أن الغرض من عملية السلام كان تكريس شرعية الاحتلال على ما تبقى من أرض فلسطين أم لا ؟

فمنذ تلك الاتفاقيات التجزيئية مع بداية العقد الأخير من القرن الماضي لاحظنا أن عدد المستوطنين والمستوطنات قد ازداد بشكل ملحوظ , وتم تقسيم وتمزيق الضفة الغربية إلى معازل مقتولة هنا وهناك لا يصل بينها واصل ديمغرافي وجغرافي حقيقي , وتهويد مدينة القدس بقي مستمرا ويتم عزلها الآن من خلال جدار الفصل العنصري الذي يقضم بالاضافة إلى ذلك أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية , بالاضافة إلى عملية ضم الاغوار الشرقية وعزلها , والآن تقوم اسرائيل بعملية تجميع المستوطنات بحيث تحتفظ بموجبها إسرائيل بالمستوطنات الكبيرة الاربعة في الضفة الغربية والقدس , وهذه المستوطنات والحالة هذه تشكل جيوبا إقليمية لا يمكن بوجودها الحديث أبدا عن دولة مستقلة على كامل أراضي الرابع من حزيران.

إن هذه الحقائق والوقائع ليست موجودة الآن بل هي موجودة وتم تكريسها في زمن حكم قيادة المنظمة والسلطة التي تفاوضت ووقعت اتفاقات السلام مع إسرائيل.

لقد أرادت إسرائيل من كيان الحكم الذاتي أن يقوم بدورين بالنيابة عنها حتى تمضي قدما في مشروعها المذكور سابقا , وهذان الدوران هما أ: أن تقوم السلطة بدور الوكالة الامنية لإسرائيل وهذا بالمناسبة ما تم الاتفاق عليه في أوسلو , ولذلك كانت أجهزة السلطة تقوم بدور التنسيق الامني مع إسرائيل في هذا الجانب ولذلك فهي للأسف شاركت في تصفية واعتقال الكثير من المجاهدين وبالتحديد من حركتي حماس والجهاد الاسلامي ب: أما الدور الثاني : فقد تمثل بتحمل الاعباء المدنية والانسانية للفلسطينيين في الضفة والقطاع بدلا من إسرائيل.

إذن السلطة في هذه الحالة ليست مؤهلة على الاطلاق بناء على الفلسفة والغرض الذي تقوم عليه والذي هو ترجمة للرؤية الامريكية والإسرائيلية لها , والذي يتضح جليا من خلال هيكليتها البنيوية والادارية لأن تنقلب إلى دولة حقيقية أو أن تقود مقاومة الشعب الفلسطيني.

إن كاتب هذه السطور كان قد دعا في إحدى مقالاته إلى تغيير الفلسفة التي تقوم عليها السلطة الفلسطينية من فلسفة تفاوض إلى فلسفة تحرير , وما ينبني على ذلك من إعادة هيكلة لها بما يتناسب مع الفلسفة الجديدة, وقد كتبت هذا الكلام حينما خرجت بعض الدعوات لحل السلطة على إثر اختطاف سعدات والشوبكي من سجن أريحا, لكن الحكومة الجديدة ما أن استلمت مهامها حتى تم محاصرتها ماليا وسياسيا على الصعيد الدولي والاقليمي والمحلي , ففي سبيل أداء مهماتها المختلفة واجهت هذه الحكومة مؤسسة الرئاسة التي قامت بسلب وسحب الكثير من اختصاصاتها وصلاحياتها, حتى غدا الكثير من الوزراء بلا صلاحيات كما هو الحال مع وزير الداخلية والاعلام وغيرهما .

قامت إسرائيل ومنذ تسلم الحكومة الجديدة بالكثير من المجازر والاغتيلات بحق أبناء الشعب الفلسطيني وبالتحديد في قطاع غزة , رغم التزام الفصائل بالتهدئة وحركة حماس على وجه الخصوص منها, مما اقتضى في نهاية الامر أن ترد المقاومة على جرائم الاحتلال , ولقد تكرس هذا الرد من خلال العملية النوعية التي سميت وبحق "الوهم المتبدد" لابعادها الامنية والعسكرية والسياسية , وفي ضوء هذه العملية قتل عدد من الجنود الصهاينة وجرح منهم من جرح بالاضافة الى اسر الجندي جلعاد شليط.

وعلى إثر ذلك أقام الغرب الاستعماري وعلى رأسه الولايات المتحدة الارض ولم يقعدوها منددين ومجرمين لهذه العملية , ولم يفت الأمر كذلك الامين العام للامم المتحدة وأطراف أخرى , وطالبوا كلهم بإطلاق سراح الجندي الأسير فيما الاف الاسرى الفلسطينيين من بينهم الاطفال والنساء يقبعون في سجون وزنازين الاحتلال التي لاتتوافر فيها ادنى احتياجات الانسان العادي.

ولأن موقف الحكومة الفلسطينية ينبع من مصلحة الشعب الفلسطيني الحقيقية ولانحيازها كذلك إلى خيار المقاومة , فإن إسرائيل الآن تشرع بمهاجمة قطاع غزة واستباحة الضفة باختطافها للعشرات من وزراء الحكومة وأعضاء المجلس التشريعي الذين يتمتعون بالحصانة القانونية والسياسية والاخلاقية , وإن دل هذا فإنما يدل على أن من يريد أن يتولى السلطة لابد له أن ياتي وفقا لإرادة الاحتلال الاسرائيلي ومن ورائه أمريكا والغرب الاستعماري , أما أن تكون القيادة منتخبة من الشعب الفلسطيني وتريد تمثيل مصالحه فهذا ملا تقبله إسرائيل والاستعمار الغربي برمته .

لهذا فالخيار الحقيقي والوطني الصائب لتحقيق المنجزات للشعب الفلسطيني هو أن تحل هذه السلطة التي كبلت الشعب كثيرا باتفاقيات مهينة ومذلة , وأن يختط الشعب وقيادته الخط والمسار الذي يتناسب ويناسب طبيعة المعضلة والمشكلة وهي هنا الصراع العربي الاسرائيلي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يحصل على -الحصانة الجزئية- ما معنى ذلك؟ • فرانس 24


.. حزب الله: قصفنا كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا ردا على




.. مشاهد من كاميرا مراقبة توثق لحظة إطلاق النار على مستوطن قرب


.. ما الوجهة التي سينزح إليها السكان بعد استيلاء قوات الدعم على




.. هاريس: فخورة بكوني نائبة الرئيس بايدن