الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو كنت حمارا

عطا مناع

2020 / 9 / 6
كتابات ساخرة



شهدت ستينيات القرن الماضي حضورا ملفتا للحمير، كان لها قيمة لدرجة أنها زاحمت البشر، كانت الحمير تحظى باحترام، فهي تجسد القيمة الحقيقية للعمل، لم نكن وقتها ندرك قيمة العمل ، الحمير كانت خير شاهد على هذه القيمة فكرا وممارسه.
اليوم وأنت ترى كيف تطحن لتتوه في دهاليز متاهته من الصعب الخروج منها تتمنى لو كنت حمارا، ما أسقط علينا من ثقافة تقول ان الحمار لا يفكر أكثر من نهاية ذنبه، وانطلاقا من هذه القاعدة تراودني أفكارا شيطانية قوامها ماذا لو كنت حمارا؟؟؟؟
لو كنت حمارا لكانت نظرتي للحياة أكثر واقعية، ولو كنت حمارا لما عانقت أحلامي السماء، كنت سأقرأ واقعي بروية بعيدا عن النرجسية والفكر الطفولي، ولو كنت حمار لعرفت أننا ننتمي لكائنات لا تتقن سوى النهيق وهز الذنب، عندها كنت سأفكر جيدا وسأتجاوز الكم الهائل من محاولات القفز في الهواء معتقدا أنها مواقف ومعتقدات.
لو كنت حمارا لما قرأت الجريدة ولكانت الكتاب ألد أعدائي، ولكان الشعر بالنسبة لي مجرد عبث، ولو كنت حمارا لعشقت النهيق، ولأدركت أن النهيق خلاصي حتى لو كان حبلا يلتف حول عنقي، نحن معشر الحمير نتلذذ بتعذيب الذات ونحاول اقناع أنفسنا بالتقشف.
لو كنت حمار لتعلمت من التكرار انطلاقا من القاعدة التي تقول أن التكرار يعلم الحمار، مصيبة أن لا نتعلم نحن الذين نعتقد أننا أعلى مرتبة من الحمير من التكرار.
المفارقة أنني وكثر مثلي نعتقد بغير ذلك، وهنا أفكر بطريقة استنكارية، لماذا لم نتعلم من التكرار؟؟؟ ولماذا تخجل الحمير من ثقافة النهيق المشوهه المسيطرة علينا؟؟؟ ولماذا يتنكر الواحد منا لكونه ذنب يهز بمناسبه وغير مناسبه، ولماذا هجرنا ثقافة الرفس.
للحمير كما بقية الكائنات قوانين وقيم ومثل، يبدو أنها الغريزة التي تحافظ على استمرار النوع، وفي حالتنا هناك التباس، لم نعد ندرك ماهيتنا، نعتبر نهيقنا الذي لا يتوقف صهيل، نهز اذنابنا للفاسد والفاجر والسكير والحرامي من اعتاد اكل الجيف ونفاخر، نتعامل مع واقعنا كالصبي الذي يمارس العادة السرية، ليلنا نهيق ونهارنا صهيل.
أحيانا أفكر مطولا في تكويننا، لم نعد نحن، كل ما يصدر عنا مزيف، حتى أننا ام نعد نتقن النهيق، التداخل احتل عالمنا، الاصوات لم تعد كما كانت، حتى النهيق لم يعد له طعم، تراجع لصالح هز الذنب ولحس الاحذية وما اكثرها، وفي خضم حالتنا لا بد من تناغم النهيق الذي سيؤدي حتما لرفس من وضعوا الشوفات على عيوننا والبردعة على ظهورنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل