الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعادة والزمن _ الباب الأول

حسين عجيب

2020 / 9 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


كتاب السعادة والزمن _ الباب الأول
....
قرأت حديثا كتاب حنة أرندت " بين الماضي والمستقبل " ترجمة عبد الرحمن بشناق .
وأقرأ حاليا كتاب غاستون باشلار " جدلية الزمن " ترجمة خليل أحمد خليل " .
كما قرأت العديد من النصوص والمقالات المتفرقة ، التي يجمعها موضوع واحد " الزمن " .
لم أكن لأكترث للتناقض الصارخ بين العنوان والمحتوى في جميع تلك الكتب والنصوص ، وربما لم أكن لأنتبه لذلك أصلا قبل 2018 .
كنت أفكر مثلهم بالضبط .
سنة 1998 شاركت في مسابقة فكرية _ أدبية ، أعلنت عنها مجلة النداء اللبنانية الناطقة باسم الحزب الشيوعي ، والمسابقة نظمتها مؤسسة يسارية ألمانية نسيت اسمها .
بالمختصر المفيد ، كنت ضمن الموقف السائد عالميا وليس عربيا او محليا فقط ، حيث يشعر ويعتقد القارئ أو المستمع لكلمات : واقع ، فكر ، زمن ، حاضر ...أنه فهمها مباشرة .
....
لا تفكر حنة أرندت وهي تناقش بين الماضي والمستقبل ، أنها لم تفكر سابقا ( ولا لاحقا ربما ) في معنى كلمات مستقبل أو ماض أو زمن ....كما نفعل أنت وأنا والجميع .
باشلار وجدلية الزمن شأن آخر ، صاحب التعريف الأشهر للعلم : " العلم تاريخ الأخطاء المصححة " ، يكتب عن الزمن بكسل عقلي يصعب تصديقه .
أليس هذا هو الموقف السائد من الزمن علميا وعالميا حتى اليوم ؟!
نعم للأسف .
يشبه الموقف تلك الثقة ، التي كانت سائدة قبل غاليلي وكوبرنيكوس ، بأن الأرض مركز الكون وحولها تدور الشمس والقمر والنجوم .
....
الغد يتحول إلى اليوم
واليوم يصير الأمس
وأنا بلهفة
أنتظر الغد الجديد .
هكذا ما كتبه رياض الصالح الحسين ، بالحرف ، قبل نصف قرن .
كان يعرف أن اتجاه حركة الزمن من المستقبل إلى الماضي ، وليس العكس بالطبع .
النتيجة المباشرة ، أن التاريخ لا يتقدم إلى المستقبل .
التاريخ يعود إلى الوراء ، كل لحظة ، ثم يتلاشى في الماضي المطلق .
....
أملي ، ان تحرض كتاباتي عن الزمن والسعادة والحب والمعرفة والحرية ، أصحاب العقول المتفتحة . وهي بغالبيتها أفكار الآخرين ( شعراء وعشاق وفلاسفة وعلماء وروائيين وموسيقيين وفنانين ، وغيرهم من بناة العالم الحقيقيين ) .
املي ، ان تحرض هذه الآراء على قراءة... حنة أرندت وغاستون باشلار ، ورياض الصالح الحسين بصورة خاصة . الشاب الأصم الذي مات ولم يكمل 28 سنة . وما يزال يشكل العلامة الفارقة ، ليس في الشعر السوري فقط ، بل العربي كله .
....
السعادة والزمن _ حلقة مشتركة
يجدر الانتباه ، والتركيز بالفعل على هذا التناقض الصارخ :
كل يوم جديد ، ويحدث لأول مرة .
بالتزامن :
كل يوم قديم ، وتكرار بلا نهاية .
عدا استثناء وحيد ، ومزدوج : يوم الولادة ، ويوم الموت .
تلك هي حياة الفرد الإنساني بلا استثناء _ تشابه كامل _ ومع ذلك ، ما يزال الغالبية المطلقة من البشر يعتقدون أن اتجاه سهم الزمن من الماضي إلى المستقبل ، وقد تستمر الغفلة طويلا !
( لا يمكن فهم الواقع الموضوعي ، قبل تصحيح التصور التقليدي لحركة الزمن ) .
هل يمكن حل قضية على هذه الدرجة من الوضوح والغموض معا وبنفس الوقت !؟
يمثل هذا النص ( كتاب السعادة ) بالتزامن ، مع كتاب النظرية الرابعة ، محاولة جدية للحل .
....
خلال عشرات القرون ، وحتى اليوم ، بقي موقف العقل الإنساني _ على المستويين الفردي والمشترك في حالة فصام صريحة ، حيث يقبل الفكرة ونقيضها ( الشيء ونقيضه ) بالتزامن !
من جهة ، يمثل الموقف الجدلي حلقة مفرغة ، داخل دائرة الراحة والأمان إلى الأضيق فالأضيق ، حالة التكرار والتشابه بشكل دوري ومغلق :
لا جديد تحت الشمس .
العود الأبدي .
الاجبار على التكرار .
وغيرها كثير ...
بالمقابل الموقف التعددي خارج دائرة الراحة والأمان ، حيث المجهول والاختلاف ، وحالة الابتعاد القصدي والواعي خارج دائرة الإلفة والعادة ، إلى الأبعد فالأبعد :
أثر الفراشة .
انت لا يمكنك السباحة في مياه النهير مرتين .
كل لحظة يتغير العالم .
وغيرها كثير ...
1
الحاضر يجمع النقيضين ، ربما يدمجهما ، ولا نعرف حتى اليوم كيف يحدث ذلك ولماذا .
وبدل الاعتراف بالموقف العلمي _ المعرفي المتواضع بالفعل ، وخاصة معرفة الزمن والحاضر ، وبعد ذلك البدء بشكل جدي في محاولة تحديد معرفتنا الحالية وما نجهله !
لكن ما يحدث غالبا هو على العكس ، حيث الرطانة الفلسفية ، والعلمية أكثر تغطي سباق الفئران إلى قطعة الجبن ، ولا شيء تقريبا غير ذلك .
لنتأمل فقط في نظرية الانفجار الكبير ، وبعض تناقضاتها :
1 _ تعتبر النظرية أن لحظة الزمن والحياة واحدة ، بينما هما على العكس تماما ، متناقضان ، ويختلفان عن لحظة المكان أيضا ( الاحداثية ) . ولكم النظرية تفترض أن الثلاثة واحد .
2 _ تفترض النظرية بشكل مضمر ، أن الكون نظام مغلق ، وله بداية بسيطة ومفردة .
وهذا المستوى من التفكير أولي ، في أكثر التعابير لطفا ، فهو دون المنطق الذي أسسه الفلاسفة منذ عشرات القرون في اليونان والهند والصين ، وغيرها أيضا .
3 _ النظرية تجسد الموقف التقليدي ، التمركز الشديد على الذات ، حيث تعتبر بشكل ضمني أيضا أن المركز هنا ( الأرض ، أو الشمس ، أو المجرة ) ، بينما في الحقيقة ما يزال كل ذلك مجهولا بشكل تام ( حدود الكون ، وطبيعته ، ومكوناته الأساسية بالإضافة إلى البداية والنهاية ، والخارج والداخل وغيرها من الأسئلة المجهولة بالكامل ) .
....
تشكل النظرية الرابعة للزمن " أو الجديدة " مساهمة فعلية في حل هذه القضية ( طبيعة الواقع ومكوناته ، والزمن خاصة ) ، المشتركة بين العلم والفلسفة ، والمعلقة منذ قرون .
وبعد معرفة الوضع المزدوج لليوم ( لكل يوم جديد ) ، والمتناقض بطبيعته ، حيث يجمع الحاضر والحضور بطريقة ما نزال لانعرف كيف تحدث ، ولماذا ؟!
الحاضر زمن ( الآن وقت محدد ، في الغد أو اليوم أو الأمس ) ، بينما الحضور حياة ( هنا ، نبات وحيوان وإنسان ) .
يوجد ازدواج آخر لليوم ، حيث سهم الحضور ( الحياة ) يبدأ من الماضي إلى الحاضر ، والمستقبل في المرحلة الثالثة والنهائية . على العكس من سهم الحاضر ( الزمن ) فهو يبدأ من المستقبل إلى الحاضر ، والماضي في المرحلة الثالثة والنهائية .
باستثناء يوم الولادة ، ويوم الوفاة أيضا .
وهذه الأفكار الجديدة والجريئة ، مع أنها ما تزال غير تجريبية ، لكنها مع ذلك تقبل الملاحظة والتعميم ، وهي تنسجم مع المنطق المشترك ، وخاصة مبدأ عدم التناقض _ المبدأ المحوري في الفلسفة .
....
يمكن وبسهولة التمييز بين ثلاثة مراحل للزمن بدلالة عمر الفرد :
1 _ المرحلة الأولى ، قبل الولادة .
وهذه المرحلة مدهشة بالفعل ، حيث يكون الانسان لجهة الحياة موجودا بالأثر عبر جسد الأبوين ، بالتزامن يكون زمنه ووقته ( عمره ) ما يزال في المستقبل ( وجود بالقوة فقط ) .
مرحلة الوجود بالقوة ، هي التسمية الفلسفية الكلاسيكية لهذه المرحلة .
2 _ المرحلة الثانية ، من الولادة إلى الموت .
وهذه المرحلة البارزة ، المباشرة والحقيقية ، حيث ينكر الكثيرون وجود ما عداها .
3 _ المرحلة الثالثة أو النهاية ، بعد الموت .
أغلب البشر يتعرضون للفناء والتلاشي ، بعد سنوات قليلة من موتهم .
بينما قلة من البشر ، تبدأ حياتهم الحقيقة ( تأثيرهم وأثرهم في العالم ) بعد موتهم .
توجد أمثلة في مختلف الثقافات والمجتمعات ، على الحياة الحقيقية بعد الموت .
عالميا يمثل الشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا الحالة الأبرز ، يشاركه الفرنسي مارسيل بروست على سبيل المثال .
سوريا المثال الأبرز رياض الصالح الحسين .
وفي بيت ياشوط عماد جنيدي والمسيو بابلو .
2
اليوم الأول ( الولادة ) :
يوجد اختلاف كبير على تحديد يوم الولادة الفعلية للفرد .
وهذه مشكلة لغوية وفكرية مشتركة ، وقد ناقشتها بشكل مستقل في كتاب النظرية الرابعة .
البعض يعتبرون أن تحديد يوم الولادة الحقيقي ، يعود للفرد نفسه . وهذا تقليد ديني وفلسفي قديم ، ومشترك بين أغلب الثقافات .
أيضا من الجانب الفيزيولوجي ، يتعذر تحديد البداية ، حيث يمكن اعتبار كلا من جسدي الأم والأب حلقة مشتركة ، بين الأجداد والطفل _ة الجديد _ ة .
جدل البداية والنهاية ، قضية فلسفية كلاسيكية ، ومن ت _ يرغب في التوسع بالموضوع يمكنهما الاستعانة بغوغل ، وقد ساهمت في بحث هذه القضية سابقا .
اليوم الأخير ( الموت ) :
يتكرر الاختلاف بطرق أخرى حول الموت ، أيضا موقف العلم يتغير من الموت مع تغير الأزمنة وتعاقب الأجيال . حتى القرن العشرين كان يعتبر موت الفرد يبدأ من توقف القلب ، واليوم انتقل التركيز إلى الدماغ ، وسوف يتغير الموقف مع التقدم العلمي بشكل بديهي .
....
....
كتاب السعادة _ المقدمة
1
" هل كان أحد ليختار الشقاء "
سؤال التنوير الروحي ، قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام ، محور هذا الكتاب .
من البديهي أن السعادة أو نمط لعيش السليم ( الذي يحقق الرضا وراحة البال ) ، غاية الانسان _ كل إنسان ، بصرف النظر عن الثقافة والجنس والدين والعمر واللغة وغيرها من المحددات السطحية للفرد ، والعنصرية بطبيعتها .
....
لماذا لا يعيش الفرد الإنساني الراشد ، والحالي خاصة ، بسعادة ؟
هذا السؤال ، كان محور البحث الذي قمت به على مدة سنوات ، وهو منشور على موقعي الشخصي في الحوار المتمدن " بحث السعادة " . وأعتقد أنه يغني عن الشرح ( وتفسير ) غياب المراجع في هذا الكتاب أيضا .
الجواب الأول والبسيط : لأنه لا يعرف كيف يعيش بسعادة .
السؤال والجواب ، ليسا أكثر من شرح ، وتفسير ، لسؤال التنوير الروحي السابق .
السؤال الثاني : لماذا لا يعرف الفرد الإنساني كيف يعيش بسعادة ؟
الجواب الثاني بسيط أيضا : لأنه لا يعرف نفسه .
والفضل في هذا الجواب يعود إلى أريك فروم ، وانصح بقراءة الانسان لأجل ذاته خاصة .
السؤال الثالث : لماذا لا يعرف الفرد الإنساني ( الحالي ...أنت وأنا ) نفسه ؟
الجواب أيضا بسيط : لآنه لا يحترم نفسه ، والأسوأ لأنه لا يحب نفسه .
السؤال الرابع : لماذا لا يحب الانسان ( الحالي خاصة ) نفسه ( عكس الاعتقاد السائد ) ؟
البعض يكتفي بالجواب الدائري لأنه لا يعرف نفسه .
لكني أعتقد أن الجواب مشترك ، اجتماعي وثقافي أولا ( واقتصادي بالطبع كي لا يزعل أصدقائي في اليسار ) : لا يحب الانسان نفسه ، لأنه يعتقد أن الحقيقة خارجه _ هناك .
وهنا لابد من الإشارة إلى عالم النفس الشهير كارل يونغ ، وتركيزه على المعتقد ، واعتباره محور الصحة النفسية والعقلية الثابت والجوهري .
2
السعادة ( طبيعتها وأشكالها ومعاييرها ) ...
هل السعادة نمط عيش ، أم نضج في الشخصية مع تحقيق الصحة العقلية المتكاملة ، أم العيش في مجتمع سليم وصحي ، أم هي كل ذلك معا بالتزامن ، أم أنها غير ذلك ، وربما يكتشف العلم لاحقا عضو السعادة _ أو محدداتها الموضوعية والدقيقة _ في الجسد أو في المجتمع أو في الثقافة ...؟!
هل تنفصل السعادة عن الصحة العقلية المتكاملة ، والحب ، والمقدرة على التسامح ، والتفكير الإبداعي ، والإرادة الحرة ، وتشكيل قواعد قرار من الدرجة العليا ، ...وغيرها من المهارات الإنسانية العليا ، والمشتركة بطبيعتها .
هل السعادة شعور وعاطفة ، أم نمط من التفكير ، أم طقوس وعادات سليمة ومناسبة ، أم أنها كل ذلك دفعة واحدة وبالتزامن ؟!
سوف تبقى الكثير من الأسئلة الواردة بدون إجابة مباشرة ، ومكتملة .
لكن ، آمل عبر المناقشة والحوار المفتوح ، أن يخرج القارئ _ة بنتيجة مناسبة وخبرة مرضية منطقيا وعاطفيا ، وسوف أحاول تطبيق أساليب متعددة في التعبير والحجج ، على خلاف ما حصل في الكتاب السابق ( النظرية الرابعة ) بنهجه العلمي ، والجاف بالطبع .
....
مقدمة غير تقليدية ، وصادمة ربما
الذين لا يستطيعون الكذب مطلقا ، هم الأكثر مرضا عقليا بيننا ( عاطفيا واجتماعيا أيضا ) .
بعبارة ثانية ، المقدرة على الكذب خطوة أولى ( أو مستوى معرفي _ أخلاقي ) ومتقدمة ، في طريق النضج العقلي المتكامل .
1
الصحة العقلية بدلالة دائرة الراحة والأمان ، أو المجال الحيوي للفرد ، أحد ثلاثة أنواع :
1 _ المستوى الأولي في القيم الأخلاقية .
دائرة الراحة الذاتية ، أو النرجسية .
لا أظنها تحتاج إلى أدلة ، أو توضيح ، حيث كل المجتمعات المعروفة تعتبر أن من حق الفرد أن يعيش ، ويفكر بحالة التمركز الذاتي ، الأناني بشكل صريح ومباشر .
نمط العيش في هذا المستوى ، يكون وفق اتجاه اليوم أفضل من الغد بشكل ثابت ، ودائم .
2 _ المستوى الثانوي في القيم الأخلاقية .
دائرة الراحة الإنسانية ، أو الموضوعية .
نمط العيش في هذا المستوى ، يكون وفق اتجاه معاكس للسابق اليوم أسوأ من الغد .
لحسن الحظ لا يخلو مجتمع ، أو فئة اجتماعية من أمثلة على هذا النموذج .
هن وهم ، البطلات والأبطال المجهولات والمجهولين ، الذين بفضلهم _ن بقيت الهوية الألمانية والفرنسية وغيرها ، وما تزال الهوية السورية واللبنانية والعراقية تحافظ على الحد الأدنى بفضلهن _ م فقط .
أعتقد أن هذا المستوى يخلو من الزعماء في بلاد العرب والمسلمين ، وهو بطبيعته استثناء ، يمثله غاندي ومانديلا ايقونتا القرن العشرين .
3 _ المستوى المتوسط في القيم الأخلاقية .
دائرة الراحة الاجتماعية ، أو الوطنية .
....
على المستوى الذاتي لا توجد قيم إنسانية ، فقط نظم الأخلاق الاجتماعية الدوغمائية بطبيعتها .
" مكره أخاك لا بطل "
عبارة تكفي عن الشرح والأدلة .
على المستوى الاجتماعي ، توجد القيم الثقافية المختلفة وهي بمجملها صفرية المحصلة .
البطل الفلسطيني يعتبر مجرما بالنسبة لغالبية الإسرائيليين ، والعكس صحيح أيضا .
حل هذه المعضلة إما بالنكوص إلى المستوى الأولي ، أو الارتقاء الإنساني والنضج .
على المستوى الإنساني ، حيث القيم الإنسانية العليا مشتركة بطبيعتها ، وهي متشابهة أيضا بين الأديان المختلفة والأحزاب وغيرها ، تمثلها في الثقافات القديمة الوصايا العشر ، وتمثلها في العصور الحديثة حقوق الانسان ، جوهرة القرن العشرين .
2
القيم الإنسانية بالتصنيف الرباعي ، من الأدنى والأقدم إلى الأرقى والأحدث
1 _ الصدق النرجسي ، أو الصدق السلبي .
نموذجه النميمة والوشاية ، والثرثرة القهرية .
2 _ الكذب ، مستوى معرفي _ أخلاقي مشترك بين البشر .
وهو منجز فردي ، ولا يكتسب بالوراثة أو بالتعليم .
لا يمثل الكذب قيمة إيجابية في العالم ، سوى كحالة استثنائية ، في العمل السياسي مثلا ، أيضا في البلاد المنكوبة بمتلازمة ( الأنظمة الفاسدة والحروب الأهلية ، وجهان لنفس العملة ) .
3 _ الصدق ، مستوى معرفي _ أخلاقي نخبوي في غالبية المجتمعات والثقافات المعاصرة .
مع أنه عتبة الصحة العقلية المتكاملة ، التي تحقق مصلحة الفرد النهائية ، المباشرة والمركبة أو القريبة والمستقبلية بالتزامن .
لكن مشكلة الصدق ، أنه ينطوي على مقامرة ومخاطرة في أغلب الثقافات المعروفة .
وحل المشكلة السلبي في النكوص والتراجع ، أو الإيجابي عبر الارتقاء والنضج المتكامل .
4 _ الكذب الإيجابي ، ذروة القيم الإنسانية ، وهو يمثل حالة إبداعية ونوعية .
مثاله النموذجي التواضع وإنكار الفضل الذاتي .
نماذجه الإنسانية سبينوزا وتشيخوف وشيمبورسكا ...وغيرهم
....
....
كتاب السعادة _ ب 1 ف 1 تكملة

بالرغم من عيوب التصنيف الكثيرة ، وتلازمه عادة مع العشوائية ، والانتقائية أكثر .
لا يوجد بديل أفضل ، كما أعتقد ، وعليه يمكن تصنيف عدة أنواع للحياة الإنسانية ، بدلالة درجة السعادة _ التعاسة :
1 _ الحياة السعيدة والحرة .
2 _ الحياة اللذيذة .
3 _ الحياة الروتينية .
4 _ الحياة الشاقة .
5 _ الحياة الانفعالية والشقية .
حيث المسؤولية الشخصية تكاد تنعدم في المنتصف ، تلامس حدها الأقصى عند القطبين :
اتجاه السعادة وراحة البال أو العكس التعاسة والشقاء ، يتحددان بنمط العيش والقرارات الفردية الإيجابية أو السلبية .
( مقارنة سريعة بين حياة هتلر وموسوليني مع غاندي ومانديلا مثلا ، تغني عن الكلام الكثير )
....
السعادة قيمة مضافة ، إيجابية بطبيعتها .
بينما التعاسة قيمة سلبية ، وهي تمثل الفشل في نمط العيش .
مثال مكرر ، سنة البكالوريا أو فترة التحضير لامتحان
توجد حاجة إنسانية مشتركة وتشمل مختلف الثقافات والمجتمعات ، وهي تزداد مع التطور التكنولوجي والعلمي ، تتمثل برغبة الحصول على جودة عليا بتكلفة دنيا ، أو جودة أخفض من التكلفة . حيث يتحقق الرضا وراحة البال ، او الندم والشعور بالذنب وتبكيت الضمير .
كل صف بصورة عامة ، وبدون استثناء تقريبا يمكن تصنيف أفراده عبر 3 مستويات :
1 _ المستوى الأول ، يتمثل بمن ينجحن _ و بتحقيق الاهتمام الإيجابي ( منح الوقت والجهد مع المرونة وحسن الاصغاء والتعبير ) من البداية ، ومع تقدم الدراسة والعمر تتزايد الخبرة الإيجابية عادة .
( يمكن تسميتهن _م بأصحاب الامتيازات العقلية الخاصة ، حيث يكفي جهد متوسط للحصول على مستوى من الجودة فوق المتوسطة ) .
2 _ المستوى الثالث ، ومن يفشلون بتحقيق الحد الأدنى من الاهتمام ( بذل الوقت والجهد ) .
ومع تقدم الدراسة والعمر ، تتزايد حالة فقدان الاهتمام عادة .
( يمكن تسميتهن _م بأصحاب الاحتياجات العقلية الخاصة ، حيث لا يستطيعون البقاء بمفردهم ولا يحبون الحياة المشتركة أيضا ، وقبل ذلك يفشلن _ و غالبا بالحصول على جودة بمستوى التكلفة ، وليس أعلى فقط ) .
3 _ المستوى الثاني ، المتوسط بينهما .
وهذا حال الغالبية .
بدلالة الزمن تتوضح التقسيمات ، أو المستويات ، حيث المتميزون يكون تركيزهم المستمر على الغد والمستقبل . وعلى نقيضهم الفاشلون _ ات ، حيث يتمحور تركيزهم على الماضي . والفئة الوسط لا تكترث سوى بالحاضر ، وهي الأغلبية الاجتماعية والثقافية .
....
السعادة ترتبط مع نمط العيش على مستوى الوعي ، وليس على مستوى الادراك فقط .
حيث العيش على مستوى الادراك فقط ، يمثل حالة فقدان الشعور ، والتخدير ، وهو حل سيء لمشكلة الحاضر ويكون عادة على حساب المستقبل ، كالمقامرة مثلا . بينما الهوايات أو العادات الإيجابية ، هي بطبيعتها على النقيض من ذلك ، حل مشكلة الحاضر لصالح المستقبل إلا في حالات الضرورة ، وبشكل مؤقت .
الفكر يفصل بين الادراك والوعي ، حيث الادراك ظاهرة أولية ، عامة ومشتركة بين الانسان وغيره من الرئيسيات ، بينما الوعي حالة خاصة وثانوية وتتضمن التفكير والثقافة .
بعبارة ثانية ، الوعي ظاهرة ثقافية ، بينما الادراك ظاهرة فيزيولوجية .
( هذا رأي شخصي ، ويحتاج إلى المزيد من البحث والحوار ) .
....
يوجد خلط عام بين السعادة واللذة والفرح ، أيضا بين السعادة والاشباع أو المال أو السلطة ، وبالمقابل أيضا يوجد خلط بين الألم والتعاسة أو الشقاء ، أو تماهي بين السعادة والكسل .
تمثل السعادة التحقق الإنساني الفردي ، والمتكامل ، على مختلف المستويات والأبعاد .
ولا تقتصر على جانب واحد ، شأن الحياة العاطفية بمجملها إذ تشكل وحدة متكاملة بالفعل .
مثال مبتذل ، ومشترك ، الخلط بين الذكاء والشقاء ( أو بين الغباء والسعادة ! ) ، المتنبي :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله / وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم .
عبارة " الوعي الشقي " كانت سائدة بين الفلاسفة والعلماء في القرون الثلاثة السابقة :
استخدمها هيغل وفرويد وغيرهم كثر .
....
يوجد فرق نوعي بين السعادة وبقية الحالات المرغوبة كاللذة والفرح ، وغيرها ...
يتمثل بالاستمرارية ، والديمومة ، في حالة السعادة ، كما تتصل حالة السعادة ( أو الشقاء ) بالماضي والمستقبل ولا تقتصر على الحاضر . بينما تقتصر الملذات والأفراح على المناسبات والحالات المؤقتة والطارئة بطبيعتها .
نفس الأمر بالنسبة للتعاسة والشقاء ، حيث الاستمرارية في مراحل الزمن الثلاث .
بعبارة ثانية ،
السعادة تتضمن الفرح واللذة ، بينما العكس غير صحيح .
علاقة السعادة واللذة معقدة ، وتختلف بين شخص وآخر .
مثال تطبيقي :
فرح المدخن _ ة ولذته في السيجارة .
بينما سعادة المدخن _ ة تبدأ بعد التوقف عن التدخين .
والمثال ينطبق على مختلف العادات الإدمانية ، والانفعالية بطبيعتها .
....
اتجاه السعادة الثابت ، والمشترك : اليوم أسوأ من الغد .
وعلى النقيض من ذلك :
اتجاه التعاسة الثابت ، والمشترك : اليوم أفضل من الغد .
لنتذكر ، أن الجيد هو العدو الدائم للأفضل .
....
ملحق 1
بحسب خبرتي الشخصية ، لا تنفصل حالة السعادة عن راحة البال وتحقيق النضج العقلي _ العاطفي والروحي المتكامل . بالمقابل ، لا تنفصل حالات التعاسة أو الشقاء عن فشل الفرد في أدواره الاجتماعية الرئيسية خاصة ، وفشله في دوره الإنساني أساسا .
لنتذكر حياة معمر القذافي وصدام حسين وحسني مبارك وزين العابدين بن علي وغيرهم .
ولنتذكر حياة رياض الصالح الحسين وفيروز ونجيب محفوظ ووجيه أسعد وأدونيس وغيرهم .
ملحق 2
الوعي والادراك والعلاقة بينهما...
يسهل التمييز بين الادراك والوعي ، عبر عمليات المقارنة :
الوعي مرحلة ثانوية بطبيعته ، وهو يتضمن الادراك لكن العكس غير صحيح .
الوعي نظام إنساني ، ثقافي وفكري وأخلاقي .
الادراك مرحلة أولية ، ومشتركة ، مصدره الحواس .
بالمقارنة بين الادراك عند الفيلة والحيتان ، مقارنة بالبشر ، تتوضح الصورة بعد إضافة الوعي .
....
الادراك نظام غريزي ، مشترك بين الحيوانات الاجتماعية ، يتمحور حول الشعور والأحاسيس .
الوعي نظام عقلي ، خاص بالجنس البشري ، يتمحور حول اللغة والثقافة .
....
ملحق 3
نقطة الزمن ثلاثية البعد ( مستقبل ، حاضر ، ماض ) ، لكن بشكل يختلف عن النقطة المادية ، والاثنان يختلفان عن نقطة الحياة ( الخلية الحية ) .
وهذا الموضوع يستحق الاهتمام والدراسة ، اكثر مما ورد في كتاب الزمن والنظرية الرابعة .
....
....
كتاب السعادة _ ب 1 ف 2

1
يمكن دراسة السعادة ( طبيعتها ، ومكوناتها ، وماهيتها ) بدلالة الكثير من الأشياء أو الصفات كالغضب أو المال أو الصحة وغيرها .
لكنني ، أفضل مناقشة فكرة السعادة بدلالة الوقت ، والإرادة الحرة ، على اعتبار أن السعادة تتمثل بتحقيق الصحة العقلية المتكاملة .
....
" يعيش الانسان ، والحياة بمجملها تحدث ، في الحاضر فقط " .
هذا هو موقف التنوير الروحي ، وموقف الغالبية الكبرى ، في مختلف الثقافات والمجتمعات .
التركيز على المشكلة المعيشية ( الطعام والسكن والزواج والمعرفة والسلطة وغيرها ) ، بالتزامن مع اهمال المشكلة الوجودية ( الموت والمعنى والخوف والحب وغيرها ) .
باستثناء المرحلتين الدراميتين : فترة المراهقة ، التي تسمى أيضا مرحلة صعود الهرمونات ، وفترة الكهولة أو مرحلة هبوط الهرمونات ، أو جفافها كما يرى البعض .
....
فهم حركة الزمن ، والوقت خاصة ، عامل محوري ورئيسي في نوع الحياة الإنسانية .
الموقف البوذي من قضية السعادة _ الشقاء ، ومعه الاتجاه العام في التنوير الروحي :
الشقاء في العقل والسعادة في العقل أيضا .
بعض أهم التيارات الفلسفية الكبرى ، كالرواقية والأبيقورية والوجودية ، تربط بين حالة ( السعادة _ التعاسة ) والوعي بصورة عامة، وبينها وبين المعرفة والحكمة خاصة .
2
سنة 2014 ، في عمر 54 سنة ، بدأت أجمل مشروع في حياتي حتى اليوم ( باستثناء المرأة التي أحبها وتحبني أيضا كما أعتقد ) .
ما هي السعادة ؟!
....
لطالما كررت بعض الحكم البوذية طوال العقود الأربعة السابقة :
" أنت بوذا "
" إذا صادفت البوذا اقتله "
" الشقاء في العقل والسعادة في العقل أيضا "
" التنوير نهاية الألم "
للعبارة _ الحكمة الأخيرة ، وضع خاص .
3
ليس الشقاء والتعاسة نقيضان .
بل هما اتجاهان انسانيان ، أو نمطين للعيش ، يختلفان جملة وتفصيلا .
أنصح بقراءة أريك فروم ، وخاصة الهروب من الحرية والتحليل النفسي والدين .
....
هل لعبارة " المصلحة الإنسانية " معنى ؟!
والمصلحة الفردية بصورة خاصة ....
جوابي اليقيني : نعم .
المصلحة الإنسانية والمصلحة الفردية هما الشيء نفسه ، ويتمثل بنمط عيش سليم .
4
يوجد الانسان عبر الشكل الفردي _ الاجتماعي ، وهذه ظاهرة تقبل الاختبار والتعميم .
ثنائية الفرد والمجتمع خاطئة ، وليست مجرد تقسيم قسري واعتباطي .
نبهني بعض الأصدقاء والصديقات أكثر ، على تقسيمي التقليدي للفرد ( امرأة أو رجل ) ، وانه ليس كلاسيكيا ، بل عنصري وخاطئ وانا أعتذر عن خطأي السابق .
....
يمثل المجتمع حالة تسوية ، أو الحل الوسط ، بين الفرد والإنسانية .
المجتمع ظاهرة دوغمائية مثل الأخلاق واللغة والدين والتقاليد ، وغيرها .
مع أنه ، لا يوجد مجتمع سليم مقابل مجتمع مريض .
لا استطيع منع نفسي من المقارنة مثلا بين المجتمع السوري والمجتمع السويدي !
ويمكن استبدال السوري بسهولة ، ب السعودي أو الإيراني أو التركي أو القطري أو الباكستاني ( عربي او مسلم ) .
بنفس درجة السهولة يمكن استبدال السويدي ب الكندي أو النرويجي أو الأسترالي أو القبرصي ( لا عربي ولا مسلم ) .
لا أستطيع منع نفسي ، من هذه المقارنة الواقعية .
ليس كل واقعي جميل ، ولا عادل .
القبح واقعي ، والغباء واقعي أيضا ، والمرض أكثر واقعية من الصحة للأسف .
وهنا أختلف جذريا مع أريك فروم .
5
المصلحة الفردية المتكاملة ، تنسجم تماما مع المصلحة الإنسانية .
والمفارقة الكبرى ، التناقض الكامل بينهما وبين المصلحة الاجتماعية .
( هذه الفكرة جديرة بالاهتمام والتفكير ، لا الإدانة أو الموافقة )
....
الملحة الفردية المتكاملة ، تبدأ بحل التناقض بين اليوم والغد ( بين الحاضر والمستقبل ) .
لا يمكنك الجمع بين الربح والسعادة .
بعبارة ثانية ،
الخيار الواقعي للفرد : ان يكون الحق معه ( معها ) أو أن يعيش بسعادة .
لا يمكن الدمج بينهما .
6
يشعر الفرد ، ويعتقد ، أن الحق معه .
هذا صحيح في المراحل الأولية للنضج :
1 _ النرجسية ( حيث الإرادة الكلية والمعرفة الكلية والقوة الكلية ) .
2 _ الدوغمائية ( حيث نحن _ مقابل هم ، تختصرها عبارة شكسبير نكون أو لا نكون ) .
3 _ الأنانية ( حيث يميز الفرد بالفعل بين معتقده وافكاره وبين الواقع ، لكن مع بقاء حالة التمركز الذاتي ) .
....
يتمثل النضج الإنساني المتكامل ، بالموضوعية .
الفهم ، والاعتراف المتزامن بحق الآخر _ ين .
....
تتمثل العنصرية بالشعور أو الاعتقاد ، أن جماعتي أفضل من غيرها ( الدينية أو الجنسية أو الفكرية أو السياسية أو الاجتماعية أو ....بلا استثناء ) .
يتمثل الموقف الموضوعي ، بحسب تجربتي الثلاثية ( الشخصية والاجتماعية والثقافية ) ، بالانتقال من موقف الانسان عبد للفكرة إلى موقف جديد : الأفكار أدوات ووسائل للعيش مثل اللغة والبيت والأخلاق والأسرة وغيرها .
7
مشاعري مسؤوليتي .
علامة الصحة العقلية ، والعيش السليم .
....
مشاعري مسؤوليتك _ ن ، م .
علامة الشقاء وتعثر النضج .
ملحق 1
تذكير بالعلاقة بين الأزمنة الثلاثة ( المستقبل والحاضر والماضي ) :
المستقبل يتضمن الحاضر بالقوة فقط ، كاحتمال ، رغم أنه يتكرر منذ مليارات السنين ، لا يمكن التأكد من تكراره غدا إلا بعد وصول الغد . لا قبل ذلك ، سوى كاحتمال مرجح طبعا .
الحاضر يتضمن الماضي .
الماضي كله محتوى بالفعل ضمن اليوم .
ملحق 2
السعادة عاطفة وخبرة تتضمن الأزمنة الثلاثة :
1 _ الماضي يحقق الرضا ، او عدم الخجل منه في الحد الأدنى .
الماضي الجديد هو الأهم ، وهو محور الصحة العقلية .
بعد 24 ساعة يتحول الغد إلى اليوم ، بالتزامن ، يتحول اليوم إلى الأمس .
2 _ الحاضر يحقق الشغف والاهتمام الإيجابي ، وهو يتضمن الماضي .
3 _ المستقبل يحقق الأمل والثقة ، بشكل عقلاني ومنطقي .
....
....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية معبر رفح لسكان قطاع غزة؟ I الأخبار


.. الالاف من الفلسطينيين يفرون من رفح مع تقدم الجيش الإسرائيلي




.. الشعلة الأولمبية تصل إلى مرسيليا • فرانس 24 / FRANCE 24


.. لماذا علقت واشنطن شحنة ذخائر إلى إسرائيل؟ • فرانس 24




.. الحوثيون يتوعدون بالهجوم على بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة ا