الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكذب والمشاريع الوهمية وراثة بعثية

عدنان جواد

2020 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لا ندافع ولا نجمل الحكومات التي اتت بعد حكم البعث، ولكن عشنا واقعا ونتحدث بما لمسناه وشاهدناه، فحكم البعث كان دكتاتوريا بمعنى الكلمة حيث كان العراق عبارة عن سجن كبير، ترى قصوراً شاهق بنيانها وموائد عامرة للمسؤولين، من اعضاء الفرق الحزبية الى القادة في القوى الامنية، مزراع فيها انواع من الغزلان النادرة ومختلف الحيونات، واطفال من عامة الناس لا يذوقون اللحم لعدة شهور، ومهندس يعمل في مزرعة المسؤول راتبه من الدولة لمدة شهر لا يصل الى قيمة وجبة واحدة من وجبات ذلك المسؤول، وملابس كل يوم شكل لابن الرفيق الكبير، وقميص وبنطلون واحد طوال عام لابن الفقير، غير مزايا القبول في الجامعات الحكومية لأنه كانت لا توجد اهليه المدنية والعسكرية، لأبنائهم واقربائهم ورفاقهم ، كان ادعاء الوطنية في الخطابات والكتابات وفي الشعارات وفي الاجتماعات، ولكن في الواقع يهان المواطن كل يوم اما بحروب خاسرة يفقد فيها الاعزة والاحباب والاف الارامل والايتام، او بحصار يجبر الكثير على الهجرة للعمل في الاردن وغيرها وما يلاقي العراقي الاهانة، بالرغم من انه يملك الثروة وهو من يغذي الاردن بالأموال والنفط بسعر رمزي، لان اغلب البضاعة تأتي الى العراق عبر ميناء العقبة، في الثمانينات قالوا لنا بان العراق سوف يصبح من الدول المتقدمة، فيستخدم التكنلوجيا وما يملكه من طاقة بشرية هائلة، فأنشئوا المعاهد الفنية وهي تخلق جيل متعلم بين العامل البسيط وبين المهندس تقبل مخرجات الاعدادية، لكن تحول هؤلاء الخريجون الى عمال اما في التصنيع العسكري او جنود يخدمون العلم في المعامل او الورش المتنقلة لتصليح الاسلحة والعجلات العسكرية، وان العراق سوف يغزوا الفضاء ويمتلك الطاقة النووية، ويصنع صواريخ قادرة على ضرب اسرائيل، وفي المستقبل يصل مداها لواشنطن، وعندما اتت الحقيقة اكتشفنا انها مجرد خردة وان اغلب الوعود والمشاريع كانت كذب ووهمية، وان النظام الذي كان يهابه الجميع ويحكم بالنار والحديد تبخر فجأة لأنه مبني على وهم، وان الدول التي كانت تخدعه وتدعي انها صديقة ومخلصة له هي اول من باعته.
بعد عام 2003 حدث تحول بمجيء ادعياء الديمقراطية، واول وعد بانهم سوف يجعلون الحصة التموينية من 7 مواد الى 40 مادة بما فيها اللحم والفواكه ، وان المواطن العراقي سوف يغادر الحروب والفقر والشقاء، ويصبح كالمواطن الخليجي، يصيف في اوربا ويشتي في افريقيا، وان العمل الصعب تقوم به العمالة الاجنبية، بحيث كل مواطن لديه اكثر من خادم في منزله، وانهم سوف يبنون الانفاق والجسور المعلقة ، ومدن صناعية واخرى سكنية تمنح مجاننا للذين لا يملكون سكناً، واخذوا ينتقدون العهد المباد الظالم والقاسي والفاشل وكل ما تجود فيه عقيرتهم البلاغية والخطابية من الذم والقدح والسب والشتام، فركضنا لصناديق الانتخابات نختار من يجيد حلو الكلام ، ننظر للوعود لم يتحقق منها شيء واحد، لكننا راينا قصورا تم ترميمها بعد ان تم قصفها من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، وفرهود لدوائر الدولة ومؤسساتها حتى المستشفيات تم سرقة اسرتها واجهزتها، وتهريب للعجلات الحديثة الصغيرة والثقيلة لكردستان، وجمع الحديد (السكراب) والدبابات المدمرة والصالحة لنفس الجهة والاستيلاء على الاسلحة في مخازن الجيش والقوات الامنية من قبل الناس وبعض العصابات، ومع ذلك قلنا الخير كثير وسوف يوفون بعهودهم التي قطعوها فهم عاشوا الفقر والغربة، وبعضهم هرب من السجون او افرج عنه بكفالة لا يمكن ان يكذبون ، فلنصبر عليهم سنة او سنتين وحتى ثلاثة فالتركة ثقيلة والدمار هائل.
لكن الذي حدث وبعد مضي السنوات، وابسط مثال البطاقة التموينية شبه منقطعة وهي تقتصر على 3 مواد فقط، وان التعليم والصحة والكهرباء قد تدهورت، وانتشرت مستويات العنف والقتل والخطف، والحروب الاهلية، وضعف تطبيق القانون وانتشار الفوضى، وغياب دور السلطة القضائية والتشريعية، وتوقف عمل المؤسسات، وان الاموال تصرف بقصاصات من دون ضوابط واصول محاسبية، واصبح كل شيء في العراق يباع ويشترى، من اصول وعقارات ومناصب حكومية ووظائف عامة، والمشاريع الوهمية التي تصرف مبالغها دون تنفيذ، او تنفذ بمواد سيئة اقل من المواصفات المطلوبة لرخص ثمنها وفرق السعر، ونلاحظ حجم الاموال المصروفة على الكهرباء والنفط والماء والصحة والتعليم، الا انها اصبحت اسوء حالا مما كانت عليه في زمن صدام حسين، فظاهرة الروتين زادت في دوائر الدولة، والرشوة وانعدام الرقابة وضعف الجهات الحسابية، وانعدام مفهوم المصلحة العامة، فتم وراثة الجوع والجهل والاوبئة والامراض، وزيادة اعداد الارامل والايتام والعوانس والمهجرين والمهاجرين، والالاف من الشباب المخدرة عقولهم والمعطلة طاقاتهم اما بفعل المخدرات او غسل الادمغة والادمان على الأنترنيت، وعادت مظاهر ابو الغزلان والخيول للواجهة ، بعد ان ترى المسؤول الجديد قد بنى قصرا فخما تتخلله حدائق فيها انواع الحيوانات والاشجار الغريبة المضللة، وعائلته تأكل العسل والمكسرات وما لذ وطاب واولاده في افضل الجامعات ويركبون اخر موديلات السيارات الفارهة من الاموال العامة التي صرفها لنفسه حسب قوانين هو شرعها او سنها بريمر او سرقها فالسرقة صارت حلال زلال والسارق محترم في المجتمع، وترى الفقير يسكن في غرفة مبنية من البلوك(حواسم) في بغداد او في اطرافها، والمحافظات الاخرى، فما اشبه اليوم بالبارحة، فالبعثية لم يموتوا بل خلفوا، ومثل ما يقال الخلف ما مات، فالكثير من الاحزاب الحالية استعانت بأفراد من النظام السابق وضباط كبار يعرفون اللعبة، ويجيدون تجميع الناس وتجييشها، كما كانوا يخرجون الناس بمسيرات مليونيه تمجد القائد، وهم اليوم يمارسون نفس الدور في تجميع الناس للقائد الذي يعملون لصالحه، فأوهموا الناس بمشاريع وطنية وانها سوف تقضي على الفقر والبطالة وايجاد التعينات، وفرض القانون وهيبة الدولة، ولم يتحقق منها شيء، وفي كل مرة سوف يضربون من حديد يد الفاسدين والخارجين عن القانون، وتمر السنين ويبقى الحال على ما هو عليه ، فإما ان تأكل وتوصوص وتسكت اذا كنت ترى السرقات، او تخرج فانت من المكروهين، الوزير يحمي حاشيته من المحاكمة، والمسؤول يحمي جماعته ويمنحهم الامتيازات، فاغلب الوظائف الكبيرة لهم، وحتى القبول في الجامعات والدراسات، الفرق بين البعثية والاحزاب الحالية فقط ان العراق اصبح مباحاً للمنظمات الاجنبية والاستخبارات العالمية التي تبحث عن مصالحها التي اغلبها تتقاطع مع مصالح الشعب العراقي، فهل يتعظون وان الدول التي تدعي انها صديقتهم وانها سوف تحميهم سوف تبيعهم كما باعت من سبقهم ، وكما يقو ابن خلدون:(الظلم مؤذن بخراب الشعوب) فالظلم مقبح قانونا وشرعا، وعندما يكون الحاكم لص يسرق قوت المستضعف لاشك ان هذا المستضعف سوف يسترد حقه، وان سياسة البعث في جمع الحشود والكذب والوعود لم تنطلي على الناس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح