الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوى التغيير والإصلاح في مواجهة الطبقة السياسية المتنفذة

صبحي مبارك مال الله

2020 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تدور في الساحة السياسية العراقية وفي ساحات الإعتصام والتظاهر مناقشات وجدل ومقابلات لأطراف سياسية فضلاً عن عقد الندوات واللقاءات التي شارك فيها المثقفون وكذلك مساهمة الكتاب والصحفيين على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات( اليو تيوب ) حيث برز أيضاً دور الشباب المنتفض في طرح آراءهم ضمن هذا النقاش . كما ساهمت منظمات المجتمع المدني العراقية في هذه الندوات واللقاءات التي تعبر عن آراء الشارع العراقي، والمحور الذي دار حوله النقاش هو الإنتفاضة ومطالب الشعب وما تبلورعنها نحو التغيير والإصلاح ومتطلباته من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الإجتماعية التي تليق بتضحيات الشعب العراقي الجسام وشهدائه الأبرار. لم تقتصر النقاشات والحوار بين القوى المدنية والديمقراطية، بل تعدى ذلك إلى القوى المتنفذة وحلفائها لتبحث الأزمة المستعصية فيما بينها وكيفية الحفاظ على مكاسبها وفسادها ونفوذها والتخلص من ضغط الجماهير المنتفضة . سبعة عشر عاماً مضت وكأننا لم نبدأ بعد نحو التغيير فلم تحصل أي تنمية، بل فُتحت الأبواب لسرقة العراق تأريخاً وحضارة، وتقدم وإستقلال وسيادة وطنية لابل تناهشته وحوش الفساد من كل إتجاه ، فإزداد الفقر فقراً وظهرت طبقة سياسية طفيلية عجيبة غريبة توفرت لها ظروف سياسية جعلت منها عنوان للفساد والسرقة والنهب وتهريب الأموال وتأسيس المافيات و التي تسهر على مصالحها التجارية مليشيات تحميها بواجهات دينية سياسية تثقف بالجهل والتخلف . لقد أتاح لها هذا المجال الواسع الإنتشار أن تفعل مافعلت بالشعب ، بسبب إن البداية كانت خاطئة وهي البدأ بالعملية السياسية على أساس منهج محاصصي طائفي التي أثبتت فشلها فأصبحت النتائج خاطئة ومخيبة للآمال . (لقد كان نظام العملية السياسية ولا زال سبباً في تمزق العراق وسحق العراقيين ) 1 ولهذا يتطلب السعي نحو التغيير (الإعتراف التأريخي بفشل العملية السياسية الحالية في مواجهة مستقبل العراق )2 والتوجه نحو تأسيس نظام وطني جديد، كما تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية التأريخية الكاملة لما جرى في العراق بعد احتلال عام 2003م التي عملت على غلق السبل نحو قيام النظام السياسي المدني الديمقراطي وإضعاف الوطنية والمواطنة وبالتالي هيمنت مفاهيم الطائفة والمذهب والعشيرة والقومية على النظام السياسي ولم تستطع مأسسات الدولة أن تنمو أو تتقدم خطوة نحو بناء العراق الجديد كما كان يشاع بل ضعفت الروح الوطنية وحل محلها الولاء لدول خارج الحدود ومنها إيران . كما جلب النظام الطائفي الأزمات وتراكمها بسبب الفساد وسوء الإدارة ونهب وسرقة المال العام مما دفع شعبنا نتيجة المعاناة والقهر إلى الوقوف بجانب إنتفاضة الشباب في الأول من تشرين الأول وتطورها في الخامس والعشرين منه .
(إن عملية التغيير تشتمل على معارك عديدة في مواجهة الدولة العميقة ومنظومة الفساد والجماعات خارج الدولة والقانون ، وإن النجاح يتطلب حشد كل القوى الداعمة للتغيير والتي لها مصلحة فيه ....)3 لقد أصبح من الضروري مغادرة هذه المرحلة التأريخية بكل مساوئها وتداعياتها والإنتقال إلى المرحلة التأريخية القادمة، من أجل تصحيح المسار وبالطرق السلمية الديمقراطية نحو بناء الدولة العراقية، الدولة المدنية الديمقراطية وإستعادة قوة القانون والدستور بعد إجراء تعديلات صحيحة عليه تتوافق مع متطلبات النظام السياسي المدني الديمقراطي وأهم نقطة هي وحدة الشعب ، والتمسك بالمواطنة وبالوطن وسيادته الذي يراد له من قبل أعداءه التقسيم وإضعافه، وكذلك يتطلب فصل الدين عن الدولة.
والآن يجري صراع حامي الوطيس بين القوى المتمسكة بالنظام الطائفي المحاصصي (لبننة النظام) وبين القوى المدنية الديمقراطية التي تريد إستعادة الوطن (نريد وطن) شعار رفع في ساحات الإعتصام والتظاهرات بعد أن أصبح التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للعراق ، سافراً . فبعد إندلاع الإنتفاضة حدثت متغيرات إجتماعية سياسية وإنضمام شرائح الشعب أليها وكسر حاجز الخوف ورفع الأصوات عالياً للمطالبة بالحقوق الشرعية للشعب والتي تحولت تدريجياً نحو المطالبة بالتغيير كلما أوغل النظام بإستخدام القوة المفرطة من قبل الأجهزة الأمنية والمليشيات التي إستخدمت كل الوسائل القمعية لتفريق التظاهرات ومنذُ بدأ الإنتفاضة، حيث تم قتل أكثر من سبعمائة شهيد وخمسة وعشرين ألف جريح والمئات من المغيبين من خلال الحجز القسري، فضلاً عن حملة الإغتيالات ضد الناشطين لأجل التأثير على الإنتفاضة لغرض أن تخبو شعلتها . وقد إستطاعت الإنتفاضة إسقاط حكومة عادل عبد المهدي وإزداد الضغط الجماهيري بإتجاه رفع سقف المطالب نحو إسقاط الطبقة السياسية الفاسدة . وحلت حكومة الكاظمي محل حكومة عادل عبد المهدي ، كحكومة مؤقتة حيث قدمت منهاجها الذي إحتوى مطالب الجماهير الشعبية و العمل على تنفيذها ومنها إحالة قتلة المنتفضين إلى القضاء، والتصدي لوباء كورونا ، تنظيم انتخابات مبكرة نزيهة وشفافة وعادلة ، فتح ملفات الفساد و حل الأزمة المالية ، تحقيق الإصلاح الإداري والمالي ، وحصر السلاح بيد الدولة وتعزيز مقومات القرار الوطني المستقل .لقد أثارت هذه التوجهات حسب البرنامج الوزاري تحديات للطبقة السياسية الفاسدة وصراعاً معها لأجل إحداث (إنعطاف نوعي وجوهري في مسار منظومة الحكم ووضع البلاد على سكة إنجاز هذا التغيير ..)4 وبما إن تنفيذ المنهاج يسير ببطأ ، فأن الضغوطات تزداد عليه من قبل الجماهير الشعبية .فالكاظمي يواجه عدة ضغوطات بعد أن جاء وفق توافق شيعي شيعي ومع الكُرد والسنة وهذه الضغوطات هي :ضغط الإنتفاضة ، الضغط الأمريكي ، والإيراني ، الضغط الشيعي، وعلى الكاظمي أن يحدد موقفه فأما أن يقف في الوسط ويحاول ترضية الجميع أو ينحاز إلى صف الإنتفاضة ويمضي في إتجاه التغيير والإصلاحات. وبما انه خرج من تحت معطف الكتلة الشيعية، فلابدّ أن يأخذ ذلك بنظر الإعتبار ويكون جاهز للمحاسبة من قبل التكتل الشيعي ولهذا نجد التحرك نحو تنفيذ فقرة سحب السلاح المنفلت وإلقاء القبض على بعض الأشخاص أو التوجه نحو المنافذ الحدودية وكذلك وهو المهم ضرب رؤوس الفساد وهذه الإجراءات يجريها السيد الكاظمي بحذروبطأ ، لأن القوى السياسية الشيعية لاتوافق على إجراءات تمس مصالحها ومكاسبها وقوة نفوذها وأجنحتها المسلحة . فهي غير متفقة مع الكاظمي وسوف تستمر في عرقلته . كما ينتابها الخوف من تطور الإنتفاضة والإحتجاج نحو التغيير وهي لاتريد ذلك بعد إنكشاف أسلوبها في عملها السياسي وما تركته من تخريب في البلاد . سوف تستمر في إعاقة عمل الكاظمي وتحقق في كل خطوة يقوم بها الكاظمي ، بسبب فقدان الثقة وعدم الإرتياح له.
نلاحظ بأن عمليات الإغتيالات والإختطاف القسري التي مارستها المليشات ومن وراءها الطبقة السياسية لم تخفف أوتمنع المنتفضين من الإستمرار، ولم يتم كشف القتلة حتى هذه اللحظة. كما نجد بأن الطبقة السياسية فقدت صوابها وبدأت تقلق لما يحصل فحدث صراع بين الموالين لإيران وبين الرافضين للإرتباط مع إيران بسبب ولاية الفقيه المختلف عليها . وهذا القلق دعاها لىتبني بعض شعارات الإنتفاضة، ومنها إجراء الإصلاحات وكذلك تبني شعار الكاظمي وهو إعادة هيبة الدولة ولكن هيبة الدولة يقصدون بها القضاء على الإنتفاضة بالقوة كما يريدون إخلاء ساحات الإعتصام من المحتجين .
فالقوى الوطنية المدنية والديمقراطية مُطالبة بتوحيد صفوفها والعمل على تحقيق المطالب نحو التغيير الحقيقي السلمي والخلاص من نظام الطائفية والمحاصصة السيئ.
1- د. سيّار الجميل ....التغيير في العراق ضرورة تأريخية/مقال 2015
2- نفس المصدر
3- رسالة المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي موجهة الى رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي 11-7-2020
4- نفس المصدر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السنوار ونتنياهو يعيقان سياسات بايدن الخارجية قبيل مناظرة ان


.. خامنئي يضع قيودا على تصريحات مرشحي الرئاسة




.. يقودها سموتريتش.. خطط إسرائيلية للسيطرة الدائمة على الضفة ال


.. قوات الاحتلال تنسحب من حي الجابريات في جنين بعد مواجهات مسلح




.. المدير العام للصحة في محافظة غزة يعلن توقف محطة الأوكسجين ال