الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلطيف العبارات ..!

احمد الحاج

2020 / 9 / 9
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


م.م علي العنزي
تلطيف العبارات، هو مصطلح شاع استخدامه اليوم مع تطور وسائل الاتصال، فبدل استعمال الشذوذ الجنسي أو الفاحشة أو عمل قوم لوط تستخدم عبارات ألطف مثل المثلية، وبدل الزنا والفجور تستخدم عبارات مثل ممارسة الحب أو الاتصال جنسي، وبدل السرقة والابتزاز بالقوة المفرطة تستخدم عبارات الضرائب والاستقطاعات، وبدل غصب ممتلكات الآخرين بغير وجه حق تستخدم عبارات مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة، وبدل الطاغية المستبد تستخدم الرئيس أو الملك، لماذا؟
سأتكلم في اختصاصي وهو علم اللغة، فالدماغ يخزن الكلمات بمعانيها بشكل قريب جدا من طريقة وضعنا لحاجياتنا في الخزانة، ولكن الدماغ يخزن مع هذه الكلمات معان مرتبطة بها فالشذوذ الجنسي مثلاً يخزنه العقل بمعناه (فعل الفاحشة بين شخصين من نفس الجنس) ويربط معه كونه مخالفاً للفطرة الإنسانية (الشذوذ) وكونه داعياً للازدراء الاجتماعي لأنه مخالف للعرف وكونه سبباً في غضب الرب لأنه يستحضر في عقولنا صورة سدوم وعمورة اللتان أهلكهما الله بسبب الشذوذ. فحينما نسمع كلمة الشذوذ الجنسي أو عمل قوم لوط فاننا نستحضر كل الصور البشعة السابقة فتأباه أنفسنا ويقشعر منها جلدنا فنتبعها بكلمة (والعياذ بالله). أما اليوم فمع شيوع صور الشذوذ في أغلب الأعمال (الفنية) لا بد من استعمال ألفاظ لطيفة لا تستدعي صوراً ينفر منها الذوق السليم، كلفظ المثلية لترتبط هذه الألفاظ بالصور الجميلة التي تعرضها تلك الأعمال الفنية. وهنا أمر مهم وخطير، سيرى العقل إن ثمة تناقض بين لفظتين من حيث الاستخدام ومن حيث ما تستدعيه كل كلمة من معان مرتبطة بها، وستكون الغلبة بالطبع لما تراه العين، أما لماذا؟ فهو أمر تطرقت إليه في منشور قبل سنوات عن مقدار المعلومات التي تدخل عن طريق العين ومقدار ما يتعرض منها للمعالجة، ولعلي اعيد نشره أو أضيف إليه ما أراه ملائماً.
لقد وعدتكم بنشر بعض الكلمات المتعلقة بمقدار المعلومات التي تدخل أدمغتنا عن طريق العين، وهو موضوع متعلق بشكل كبير ببرامج التحكم بالعقول...
كيف تعمل برامج التحكم بالعقول..
هذا الموضوع واسع ومعقد بعض الشيء.. وسأحاول الاختصار بقدر الإمكان ومناقشة زاوية محددة فقط ألا وهي الرسائل اللاشعورية.
لقد درست علم اللغة النفسي وعلم اللغة العصبي واطلعت على الكثير من المعلومات القديمة والحديثة. واكثر ما اذهلني هو ارتباط الحواس بالعقل الظاهر والعقل الباطن.
لقد خلق الله لنا الحواس لتكون بمثابة أبواب لإدخال المعلومات الموجودة في الخارج. هذه المعلومات تخضع للمعالجة الدماغية والمقارنة بالمعلومات السابقة ليتم خزنها في العقل الواعي ثم تذهب إلى العقل الباطن بعد أن يتم إعطاؤها علامة الصواب أو الخطأ. هذه عملية إدخال المعلومات باختصار شديد جدا وأرجو أن لا يكون مخلاً. وهذه العملية تتم والعقل في حالة (بيتا) وهي مرحلة التيقظ والنشاط والتقاط المعلومات ومعالجتها. وهذه الحالة هي الحالة الوحيدة للعقل الواعي. هناك ثلاث مراحل اخرى للعقل وهي مرحلة الفا ودلتا وثيتا. هذه المراحل خاصة بالعقل اللاواعي أو العقل الباطن.
إن مهمة برامج التحكم بالعقول، سواء كانت عن طريق الدعايات أو الأفلام أو الأغاني هي ايصال المعلومة الى العقل الباطن من دون معالجة واسهل طريقة لفعل ذلك هي الافلات من عملية المعالجة الدماغية. وهناك عدة طرق لفعل ذلك وسابين هنا طريقة واحدة فقط تتبعها الإعلانات المرئية. هذه الطريقة تتلخص في وضع صور داخل المادة المرئية تمر بسرعة فائقة أو توضع في زاوية غير مهمة من الاطار. نحن لا ننتبه اليها لان عقلنا الظاهر لم يعالجها ولكن أعيننا نقلتها بالتأكيد.
ولكن كيف تنقل أعيننا أشياء لا ننتبه إليها؟
يقول الدكتور (جوزيف ديسبينزا) ان العين البشرية تمرر معلومات بمقدار 10 ميكا بايت في الثانية الواحدة ولكن عقلنا ليس بمقدوره ان يعالج اكثر من 1.25 ميكا بايت من هذه المعلومات في الثانية الواحدة!! اي ان اعيننا ببساطة تنقل عشرة ملايين معلومة في الثانية (اذا قربنا البايت الى كونه معلومة واحدة) ولكننا لا ننتبه الا الى مليون وربع المليون معلومة في الثانية.
ولكن ماذا عن الثمانية ملايين وسبعمائة وخمسين الف معلومة الباقية؟ اين تذهب؟
انها تذهب مباشرة ومن دون معالجة إلى العقل الباطن وتخزن من دون إعطاء علامة صائب او خاطيء. وبتراكم المعلومات المماثلة في العقل الباطن تتحول هذه المعلومة إلى قناعة او معتقد يتصرف المرء على أساسه مع العلم انه لم يكن له يد في تحديد ثوابت أو متغيرات هذا المعتقد، فقد غرزت هذه الأفكار في عقله الباطن غرزا.
وبمقارنة عقولنا للمعلومات التي نشأنا عليها وتلقيناها من مجتمعنا أو آبائنا وأمهاتنا مع المعلومات التي يتلقاها من وسائل الإعلام فستكون الغلبة بالتأكيد للأخيرة نظراً لمقدار الضخ الهائل للمعلومات المرئية والمسموعة المصحوبة بارتباطها بالحداثة والتطور ولن يكون بوسع العقل سوى إلقاء المعلومات القديمة أو ربطها بمعان مبتذلة كالتخلف أو الرجعية ...الخ ولكم أن تتصوروا مصير من يرددها أو يدافع عنها أو يتبناها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس