الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائحة كورنا : الحاجة الى دولة سبينوزا

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2020 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ما عشناه من اكثر من ست اشهرهو الاستسلام للخوف و الاقامة في عوالم الرعب و اللا-فعل و الانحسار و التخلي عن الحياة الطبيعية , و الانسحاب من الفضاءات العامة على اعتبار انها فضاءات مسمومة و ناقلة لموت , و هو ما يشكل محنة كبيرة وبتكلفة عالية المخاطر على جميع الاصعدة .
حان الوقت للخروج من تقافة الخوف لبناء تقافة الفعل و المواجهة مع وباء, لا احد يعرف متى ينتهي و حتى ان انتهي لا نعرف متى يعود , و قد ياتي فيروس اخر , مادمت هناك بنيبة و بيئة مناسبة لانتاج الفيروسات نتيجة الخطر البيئي الذي يهدد نا جميعا .
الخوف ليس حالا , بقدر ماهو رد فعل لا ينبغي ان لا تطول مدته و التي تجاوزت نصف سنة .
الوباء واقع , ومواجهته ممكنة عبر وعي المواطن الصحي والرفع من منسوب عقلانيته , ربما الدولة و عبر مؤسساتها حاولت ان تقوم بدور جهاز المناعة للمواطنيين و النتيجة كسل و تراخي عدم تقدير و تحمل المسؤولية .
لا يمكن ان تظل السلطات العمومية تطارد الناس في الشوارع و الازقة و الدروب لكي يضعوا كمامة , ربما وضعوا قانون تغريم لمن لا يضعها , فالمواجهة لا ينبغي ان تتم بالعنف و الاكراه لكن بالفكر و الوعي .
الدولة في تعاملها مع الوباء , طبقت المثل الايطالي ان الام النشيطة تجعل ابنتها متراخية , الوباء و الجائجة لا يمكن مواجهتها عبر فعل السلطة , لكن عبر مفعول الوعي الفردي و الجماعي , بمعنى ان يصبح المواطن مسؤولا عن حماية نفسه وغيره و ليس ان تقوم الدولة بكل شئ .
ثمة فرضيات تستوقف اي متسائل حول الموضوع , ان قامت به الدولة هو مجهود مهم و جيد لاسيما في بداية الازمة من اجل احداث صدمة لدى المواطن و اخراجه من حالة اللامبالاة الى حالة اليقظة . لكن استمرار تواجد القوات العمومية يعتبر مؤشرا على سوء فهم الازمة و سوء التعامل معها للاسباب الاثية :
اولا : اضعاف الدولة , لان تواجد الدولة في كل الزوايا و المساحات و الفضاءات من شانه ان يضعفها و يشتت جهودها .
ثانيا : انهاك عناصر السلطات العمومية , حالة عياء تعم الجميع بما فيها تبديد المخزون النفسي و العضلي و الفكري لهذه القوات , و هو ما قد يؤدي الى ارتفاع منسوب الاخطاء المرتبطة نتيجة الارهاق و التعب و عدم الراحة .
ثالثا : الاستمرار في الحجر على المواطن و الحجر عليه , مما يرسخ منطق عدم تحمل المسؤولية .
رابعا : ترسيخ تقافة الجبر و الالزام القسري بدل تقافة الالتزام النابع من وعي شخصي و قناعة ذاتية بمواجهة الازمة وهو ما يجعل تكلفة المواجهة خفيفة على الدولة وغير مكلفة
خامسا : بناء شرعية رجال السلطة ينبغي ان تتم في اطار فلسفة العهد الجديد لرجال السلطة بعيدا عن منطق العنف و الصراع مع او ضد المواطن .
سادسا : مواجهة الوباء من طرف الدولة يكون من خلال الاهتمام بالقضايا الكبرى و ليس بمطاردة المواطنيين من خلال اعادة قراءة جديدة للواقع المغربي كما كشفته الجائحة .
سابعا : الجامعات و مراكز البحث مطالبة بالخروج من عزلتها و الخروج الى الواقع من اجل دراسة الواقع الجديد لاعادة ترتيب الاوليات .
ما نحتاجه , اليوم هو دولة بمفهومها السبينوزي , ان ان مشروعية الدولة تتحدد في تحرير المواطنيين من الخوف , وليس ادخالهم على عوالم الخوف , التحرير و التحرر من الخوف رهين برؤية شمولية بعيدا عن تدبير الازمة بحس امني ضيق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت