الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شغفُ الإنسان هو أساس التطور في العصر الحديث
بكر محي طه
مدون حر
(Bakr Muhi Taha)
2020 / 9 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر
حالة الفضول الفطري التي تولد مع الانسان هي المحرك الاول لإكتشاف ما حوله من أشياء أو حتى إبتكار شيءٍ جديد وهذا الأمر يتعلق بما يود الانسان تحقيقهُ من منجزات بواسطة الشغف النابع من ذاته لأجل حاجةٍ ما، لكن ماذا لو واجه هذا الشغف التعطيل بقصد أو بدون قصد من خلال العقبات والظروف البيئية والمعيشية وغيرها، فهل هذا سبب كافي لأن يتوقف الانسان مُستسلماً للامر الواقع؟ أم يواصل شغفه بالإعتماد على طرق بديلة تعويضية لمواصل تحقيق أهدافه التي رسمها، بالتأكيد فأن الانسان نفسه هو من سيقرر هذا الامر، ولو تم تطبيقه في مجتمعٍ معين كالمجتمع العراقي مثلاً فأن النتائج ستنعكس على الواقع الذي نعيشه.
فمن المؤكد بأن المجتمع العراقي يحتاج الى نهضةٍ إقتصادية تُدعم من قبل الدولة والتي تعتبر المقصر الأساس في حل مشكلة تفاقم البطالة، من خلال دعم القطاع الخاص وتشريع القوانيين التي تضمن حقوق العمال والموظفين كونهم بشر وليسوا الآت تعمل وفق مزاجيات أصحاب العمل، الامر الذي سيعمل على تخفيف الزخم الحاصل على وظيفة الحكومة (التعيين) والتي صارت حلم أغلب الشباب، برغم عدم صرف أو التلكؤ في سير رواتب موظفي الدولة والسبب هو ضعف التخطيط والهدر المُمنهج في المال العام.
لماذا الحديث عن العمل أو الوظيفة الحكومية؟ والجواب ليس لأنها محط إهتمام الناس أو لانها مشكلة العصر الحديث بقدر ما يتعلق بها من تفصيلٍ مهم إلا وهو الشغف، لأنه يهدف الى التطور والابتكار فهو حافز الانسان الأول للتعلم، أما اذا فُقد هذا الشعور فلن يكون للانسان أي هدف وسيبحث عن الحلول السهلة والتي تعتمد بالأساس على تقليد الغير بدون قيدٍ أو شرط، فالكثير ينظر الى وظيفة الدولة على إنها إستقرار وأمان ومرتب ثابت والأهم لايوجد ضغط عمل كبير وكما يقال بمثل الشعبي "حار ومكسب ورخيص". وهذا الامر نتج من خلال تراكمات الافكار الخاطئة التي بنيت على أساس الدولة هي تتحمل كل شيء من بيت وسيارة وقطعة أرض وغيرها، وأنا مجرد شخص ينتظر النتيجة النهائية لا أكون جزءاً منها أو عنصراً فعال شارك فيها.
الامر الذي ساعد على نشر ثقافة "الكسل الجماعي"، حيث أن شرائح كبيرة من الشباب لا تريد الخروج من دوامة الوظيفة الحكومية برغم علمهم المسبق بإستحالة الحصول عليها، والسبب الرئيسي لذلك هو فقدان الشغف أو عدم وجود إرادة حقيقية في البحث عن الذات الداخلية لكلٍ منهم فلكل إنسان إبداع خاص به لو بحث عنه وطوره بالتاكيد سينجح فيه لأنه نابع من حنايا الفوائد وهناك رغبة حقيقية في ترجمته الى الواقع الملموس وإن هذه الرغبة ما هي الا الشغف.
"الدنيا كلها وسايط" الجملة الشهيرة التي تقولها شخصية جميلة في البرنامج اللبناني الكوميدي "مافي متلو"، قد نبتسم ونضحك ثم ننسى بعدها، لكن يبدوا إن الامر ليس مجرد جملة عابرة، إذ صارت على كل لسان وهنا أقول في مجتمعنا العراقي على وجه الخصوص الواسطة أو المعرفة المسبقة هي أساس لكل شيء وبالتالي الانسان لايريد أن يبذل أي مجهود. ولو تطرقنا الى أصل المشكلة لتوصلنا الى أربع محاور وهي:
1- الدولة / حيث تعاني من تخبط القرارات وإنعدام الرؤية الواضحة في تشغيل الشباب وأصحاب الخبرات فيما عدا القرارات الفجائية البعيدة كل البعد عن التخطيط المسبق، فضلاً عن غياب القوانيين التي تضمن الحقوق العمالية في القطاع الخاص أو عدم تطبيقها على أرض الواقع.
2- القطاع الخاص / والذي تمثله الشركات التي تكون ذات نظام غير موحد لا في الراتب ولا في ساعات العمل وكذلك غياب القوانيين التي تحمي حقوق الموظف ودائماً رب العمل على حق فضلاً عن عدم تسجيل أغلب الشركات في برنامج الضمان الاجتماعي الامر الذي سيحتم على الموظف بأن يكون معتمداً على الراتب بلا تعويضات أو حقوق تقاعدية مستقلبلاً.
3- شريحة الشباب / وهم العنصر الاهم في المعادلة، إلا أن الأغلبية يعيش حالة التخبط واليأس بسبب الظروف السلبية المختلفة التي يمر بها البلد وعلى مدى سنواتٍ من حروب وإرهاب وطائفية وغيرها، الامر الذي قتل الشغف بداخلهم في محاولة التعرف الى ذات الانسان نفسه وما هي مميزاته أو ما يبرع به وبات الأعتماد على القطاع الحكومي هو الافضل.
4- ثقافة المجتمع / الثقافة أو التفكير السائد بأن وظيفة الدولة ستوفر السكن والعمل والتفاصيل الاخرى هو ما يجعل الجميع ينتظر المجهول، وكأنها مصباح علاء الدين.
وتسببت العوامل أعلاه بجعل الشريحة المنتجة تكون شبه معدومة في المجتمع، في حين يمكن للأنسان من خلال وسائل بسيطة بان يطور من نفسه بعيداً عن التكاليف الباهضة أو الضغوط المالية فمثلاً منصة اليوتوب تعج بمقاطع التعليم المختلفة المجانية من لغة الى صناعة الى فنون الى مجالات شتى، فقط تحتاج لمن يشاهدها ويتعلم منها وهنا يأتي دور الشغف العنصر الأساسي في تغيير حياة الناس نحو آفاقٍ مختلفة، كونه ينبع من الذات البشرية من فضول الأنسان الفطري وليس مجرد تقليد للغير كأنه روبوت.
أما اهم العوامل التي تساعد على إعادة التفكير بمفهوم الشغف الانساني البناء هي:
* تعزيز الثقة بالنفس بالنسبة للشباب.
* التأكيد على الدور الريادي الشبابي في العمل.
* التشجيع على العمل الحر.
* التشجيع على الإنجاز الفردي والجماعي.
* التوعية بشأن ثقافة المشاركة الفعالة والتنويع الفكري.
الشغف ليس مجرد فورة أو حالة مؤقتة يمر بها الانسان بقدر ما هي إمكانية صناعة أهداف متجددة للوصول الى محطاتها من خلال البحث المستمر عن المعرفة وتطوير الذات بما يخدم الانسان وظروفه، وليس مجرد التوقف عند حدٍ معين بسبب الظروف أو الاعتماد على مصدرٍ واحد، والجدير بالذكر فأن الشغف يولد مع الانسان ولا يكتسب ولكن يبقى الانسان نفسه هو من يقرر متى يطلق العنان لشغفه ويتبعهُ أو يقتله بشكلٍ نهائي ويظل مُنتظراً لسراب لا وجود له.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ناشطون يعطلون عمل شركة أسلحة إسرائيلية في بريطانيا
.. ترامب يلتقي بايدن في البيت الأبيض ويؤكد أن عملية انتقال السل
.. فرنسا: الادعاء يطلب حبس مارين لوبن وحرمانها من المناصب العام
.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف تجمعا للفلسطينيين وسط قطا
.. معروف بدعمه -الشديد- لإسرائيل.. ترمب يرشح ماركو روبيو لمنصب