الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيانات من ورق .. وحكام من حُبَق*!؟

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2020 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


التداعي يعني أن الأحداث المتشابهة تجر بعضها بعضاً إلى الذهن ، وما فعله صبيان زايد قبل مدة وتبعهم يوم أمس ملك البحرين بالفعلة ذاتها ، تداعى إلى الذهن فوراً ما فعله "الرئيس المؤمن أنور السادات" قبلهم جميعهم وكبيرهم الذي شق لهم طريقهم ، عندما زار القدس المحتلة عام 1977 ، ودماء شهداء مصر وسورية والعراق والجزائر والأمة العربية بأسرها لم تجف بعد ، وبلاده في حالة حرب شاملة مع الصهاينة !
في ذلك التاريخ ـ أي عام 1977 ـ الذي زار السادات به فلسطين المحتلة ، كنا وآلاف مؤلفة من الحركة الوطنية العراقية في واحد من سجون البعث الصدامي "سجن أبو غريب" الرهيب وإعداماته اليومية ، وقد تفضل النظام علينا في ذلك الحين ونقل لنا تلك الزيارة نقلاً مباشراً بالصوت والصورة (1) ، وكان كل واحد منا أثناء مشاهدته يتمنى أن يتحول إلى "قنبلة نووية" ويفجر نفسه في ذلك (السادات الخائن العميل) ونظامه كله ، ولا يبقي له أثر!
وقد لازمنا ذلك الشعور اتجاه السادات ونظامه وفعلته الشنيعة سنين طويلة ، حتى تمت تصفيته وتنفيذ حكم الشعب به في "حادث المنصة" الشهير!
*****
منذ ذلك التاريخ المشؤوم وتلك "السُنة السيئة" التي سنها السادات "عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم الدين" ، بدأت الجدران العربية تتهاوى الواحد تلو الآخر ، وكانت أسرعها إلى التهاوي جدران " الثورة الفلسطينية" بقيادة عرفات عام 1993 ، تبعهما ملك الأردن عام 1995 ، وبعد ربع قرن بالتمام والكمال من ذلك التاريخ لآخر "عملية تطبيع" بين الأردن "وإسرائيل" ، أقدم صبيان زايد على عملية " التطبيع" الرابعة بين العرب والصهاينة ، تبعهم بعد أيام قليلة ملك (مملكة البحرين العظمى) وسجل باسمه عملية "التطبيع" الخامسة ، والتي أعلنها (دونالد ترامب) سمسار "إسرائيل" ووكيلها والناطق أو المتحدث الرسمي وعوضاً عنها في كل المحافل الدولية!

وطبعاً لن تكون هذه آخر عملية تطبيع عربية صهيونية ، فــ "قطار التطبيع" المنطلق بكل سرعته هذه الأيام ، سيحمل في عرباته ـ الخمس نجوم ـ جميع أعضاء "حضيرة مجلس التعاون الخليجي" بتطبيع مماثل مع العدو الصهيوني ، بعد أن أعطتهم "جامعة الدول العربية" (صكاً مفتوحاً) للتطبيع مع الصهاينة بكل أشكاله!
وحتماً ستتبع الإمارات والبحرين عمان وربما السودان أيضاً خلال هذا العام ، وقبل الانتخابات الأمريكية القادمة بوقت مناسب ، ليسجلها ترامب جميعها بحسابه في الانتخابات المقبلة!
لكن مملكة "خادم الحرميين الشريفيين/ والأميركان!!!" قد تتأخر عن قطار التطبيع هذا برهة من الزمن لأسباب (نفعية) ، تتعلق بقوتها الاسلامية الناعمة وبقيادتها (الحكيمة جداً للعالم الاسلامي) ، ودراسة ردود الأفعال على عملية "التطبيع الإماراتي البحريني" ، بعد أن جعلت منهما "كاسحة ألغام" تمشط طريق التطبيع أمامها ، رغم أنها هيأت شعبياً ورسمياً ـ طيران وزيارة وفود وعلاقات ـ جميع مستلزمات التطبيع هذا .. ويمكن للكويت أن تتأخر عن قطار التطبيع السائر بسرعته القصوى ـ لإنجاح ترامب في الانتخابات وانقاذ النتنياهو من مأزقه ـ لأسباب مختلفة عن أسباب السعودية ، أهمها أن الكويت فيها مجلس نواب منتخب ورأي عام قوي ومجتمع شبه حديث وشبه مسيس شارك بالكثير من القضايا العربية ، وتربى على قيم فلسطين والعروبة وعداء الصهاينة!
*****
إن هذه (الكيانات الورقية.. وحكامها الذين من حُبق) ـ الإمارات والبحرين بالأخص ـ لم يصل عمرها إلى خمسين عاماً ولم تبلغ سن الرشد بعد ، فقد أخذت استقلالها الشكلي عن بريطانيا في العام 1971، وكان الجنرال "بيرسي كوكس" قد خط قبل هذا حدوها ـ كقبائل ومشايخ ـ على الرمال ، وصنًع لبعضها أعلاماً ـ البحرين وقطر مثلاً ـ لا معنى لها تشبه المنشار في مؤخرتها ، لكن للإمارات علم منسوخ عن العلم الفلسطيني وضعت ألوانه بأشكال مخالفة للأصل الفلسطيني له ، ومع هذا كانوا هم أول من خان فلسطين وعلمها وقضيتها في هذه الألفية الثالثة!

ولأنها "كيانات ورقية" ودويلات لم تبلغ سن الرشد بعد ، فإنها قد وضعت نفسها في (مأزق وجودي) بجعلها بلدانها (ساحة حرب مجانية) للكيان الصهيوني والولايات المتحدة ، في أية حرب محتملة مقبلة مع إيران ، متصورة ـ لسذاجتها ـ أن هئولاء سيحمونها .. لكن في الحرب كما في "يوم القيامة" كلٌ يريد أن يحمي نفسه وبلده وقواعده ، وحتى إذا أرادوا حمايتها بالفعل ، فعندها ستتحول هذه الكيانات الورقية إلى رماد تذره الرياح ، لصغر مساحاتها ولكثرة القواعد الصهيوأمريكية فيها!!

إنها حقاً (كيانات من ورق .. وحكامها من حُبَق*!؟)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) الحُبَق بالضم: الريح الخبيث الذي يخرج من البشر والحيوان ، والحُبق العذق الفاسد من التمر.
(1) كنا والعراقيين جميعاً قبل زيارة السادات المشؤومة لا نعرف مثل هذا النقل المباشر عبر هذه المسافات البعيدة ، لأننا لم نكن نعرف ولم نتعرف بعد على الساتلايت والموبايل والأنترنيت والحاسبة الشخصية .....الخ لأن النظام لم يسمح بدخولها إلى البلاد ، ومن يمتلك أحد هذه الأجهزة سيحاكم وفق [المادة 56أ بتهمة التخابر مع دولة أجنبية] وعقوبتها الاعدام ، لكننا عرفنا كل هذه المنتجات بعد غزو الأمريكان لبلادنا!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر