الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتابة الرواية

حميد المصباحي

2020 / 9 / 15
الادب والفن


طرق كتابة الرواية حتما تختلف باختلاف الروائيين وتتعدد بتعددهم
أيضا,واللانهائي من الصعب حصره وتجريده بما يجعله مفهوما
ومستصاغا,لكن المحاولات ممكنة,وهي إذ تمضي لإفهام الغامض تكون أكثر
جرأة,لأنها تواجه الأسئلة الحارقة,تلك التي يتجنبها النقاد ويهرب منها
الروائيون,إضمارا لما لا ينبغي التعبير عنه وكأنه أصول حرفة تفرض
المنافسات كتمانها وعدم البوح بها للعامة والخاصة.
لكن يمكن المجازفة بالقول,أن الروائي,في عمليات الإنجاز للعمل
الروائي,يطور آليات اشتغاله,وبذلك فليست له طريقة واحدة للكتابة,ولتظل
سلطته قائمة على إبداعاته,يوهم المتلقين أن هناك سر,لا يصل إليه إلا
بالإخلاص لطقوس خاصة,لا يتخلى عنهها,وإلا تعرض لعسر التعبير والإبداع
وربما توقف عنه نهائيا,ربما هي حيلة مشتركة بين كل المبدعين,الساعين
للظهور في شكل كائنات مفارقة,عبقرية,لا يمكن التشبه بها ولا الوصول إلى
إبداعيتها الخارقة,التي لا يمكن تعلمها ولا تقليدها ولا محاكات طقوس
الكتابة الروائية ليصير الشخص روائيا,هي لعبة فطن لها نيتشه في التعريف
بالفن,كنتاج للعبقرية,بحيث أن هذا الوصف يبرر الغير بعدم التنافس مع من
لا تمكن مجاراتهم فيه,وقد كان هذا رد على من يعتبرون أن الفن خرق للمعتاد
,وتجاوز للطبيعي في الفعل والقول,وهي حقيقة أدركها نيتشه لأنه فيلسوف
فنان شاعر,وكانت تلك الحقائق نتيجة تأملاته في الفن العميقة,فكيف تبدع
الرواية من طرف الروائي؟وهل هناك آليات مشتركة بين الروائيين لإنتاج هذا
الصنف الأدبي الممتع؟؟
1الإنجازية التامة
وهي كتابة الرواية بشكل تام وفي ترابط مفكر فيه بشكل تزامني,بحيث تكون
لحظة التفكير غير منفصلة عن لحظات الكتابة,أو لا يوجد حيز زمني كفاصل
طويل بين الفعلين,بحيث تجد الفصول توازنت بدون حسابات رياضية لعدد أوراق
كل فصل,فلا توجد تفاوتات كبيرة بين الفصول,وحتى عمليات اللعب بالزمن
وتشظيه لا تحدث بصيغ تحايلية مقصودة لذاتها,بل تمتد بفعل الكتابة,بما هي
تفكير باللغة كلعبة تبحث الذات الكاتبة من خلالها عن إرضاء
القارئ,ومفاجأته بما لا ينتظره أو لايتوقعه,ومعنى هذا أن الرواية منجدزة
بكل أحداثها وحتى إيحاءاتها ورموزها,مع بعض الإنفلاتات التي تحدث لكل
المبدعين,ويتركها الروائي احتراما لمسارات يكتشف جماليتها غير المتوقعة
وغير المتحكم فيها من طرفه,وإن كان العبض يتخلص من هذه التعابير والأحداث
غير المرغوب فيها,أو استبدالها بما يراه الروائي مناسبا أكثر للعمل
الروائي.
الإنجازية التكاملية2
وهنا تكون الرواية مقاطع بين مكوناتها فاصل زمني,يمتد لسنوات وربما حتى
عقودا,ويلجأ الكاتب إلى الكثير من التعديلات والتصفيفات التي تطال الشخوص
والزمن والبناء الروائي,حتى أن الروائي يجد نفسه أبدع أعمالا متعددة,نسخ
بعضه بعضا ليصل في الأخير إلى الشكل النهائي كما أراده هو,بعيدا عن حرية
التداعيات وترك الشخوص يعيشون حياتهم كموجودات افتراضية لها حياتها
الخاصة وأزمنتها المتشظية وفق إرادات متصارعة فيما بينها,بحيث يلجأ
الروائي إلى كتابات نثرية سابقة على عمله الروائي,ويدمجها في عمله
الأدبي,لتصير حاضرة وفاعلة ومؤثرة في مسارات الرواية رغم كونها لم تكن
متزامنة مع لحظة الكتابة الروائية,وهنا يبرع الروائي في تحديد حاجيات
السرد,لمشاهد وتعبيرات لا تحضر أثناء الكتابة,ولا يمكنه التفاعل آنيا مع
إنتاج الرواية,مما يفرض عليه تهيء مستلزمات التداعي والخطاب الروائي بشكل
مسبق,حتى قبل أن يباشر الكتابة الروائية,وهذا ما يحدث مثلا,لكتاب الرواية
الذين يعيدون قراءة التاريخي,أو تحيينه وفق السرد الروائي الفني,وما
يقتضيه من توظيف للمادة التاريخية أو الشخصية موضوع وفكرة الرواية.
3الإنجازية المتماهية
هي ذاك الخيار الذي يصر عليه الروائي للإندماج في حداثة الإبداع
الروائي,وكأنه موضة,وفق منطق المطلوب والأكثر انتشارا,بحيث يكون الروائي
أكثر تأثرا بما قرأ من آخر صيحات الإبداع الروائي,فيلجأ إلى محاولة
التماهي مع نمط كتابة معينة دون التصريح بذلك,وكأن الروائي في مثل هذه
الحالات,ناقد يسعى لتحقيق التجريب الفني,ربما تسعفه مصادفات الفعل
الجمالي في اكتشاف جديد أو السطو عليه كنتاج لحضارات مغايرة لغة وسياقا
وحتى فكرا وأدبا,وهو ما يؤثر إيجابا وسلبا على مسارات الرواية والروائيين
أنفسهم,لكنه في مراحل محددة ضرورة ربما كمرحلة للبناء,شريطة إدراكها
والوعي,بدل التحايل بها لسرقة أساليب الغير,وقد كان أرسطو أشار إلى دور
المحاكاة في التعلم ,كحقيقة لا ينبغي أن تخجل من يلجؤون إليها في مرحلة
من مراحل تطور الفكر الفني والأدبي.
خلاصات
هذه الكيفيات ليست هي كل أشكال الكتابة الروائية,إنها فقط أنماط محددة
لإثبات التعدد,كيفيات الإنجاز,بعيدا عن تقييم أيها أكثر فعالية أو
إبداعية,فالروائي هو المحدد,كما أنه ليس المسيطر المطلق على كل
اختياراته,إذ هناك ثقافته بما هي شعور ولاشعور أيضا,إضافة إلى تجارب
الروائيين التي تفرض الكثير من التعديلات,سواء صرحوا بها أو لم يصرحوا.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟