الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعراس الثعالب - 3 -

ربيع نعيم مهدي

2020 / 9 / 15
الادب والفن


ملاحظة: الأحداث من نسج الخيال ولا علاقة لها بما حصل على أرض الواقع..

(22)
- "ماكو زعيم إلا كريم" ...
- "باسم العامل والفلاح يا زعيم أنطينا سلاح" ...
كانت هذه هتافات الذين تجمهروا أمام وزارة الدفاع متجاهلين القصف الذي تتعرض له الوزارة، بعضهم تسلح بالعصي والبعض الآخر يحمل فأساً أو سكين، والبعض يحمل راية حمراء ربما لا يدري ما دلالاتها، المهم انه خرج لنصرة الزعيم.
الزعيم الذي شق طريقه بين هذه الحشود كان يفكر في حجم القوة التي يواجهها، فثلاث طائرات وكتيبة دبابات ولواء واحد لا يمكنها ان تسقط الثورة، ثم ان اعداد البعثيين والقوميين ليست بشيء يُذكر، حتى وإن كانوا مدعومين من الخارج، في كل الأحوال لن يستطيعوا الصمود في المواجهة.
وقبل ان يدخل موكب الزعيم الى وزارة الدفاع طلب من السائق ان يتوقف ليخاطب الناس، فأبعادهم عن ساحة المعركة اصبح ضرورة مع استمرار القصف الجوي
- انني أرجوكم ان تتفرقوا وتعودوا الى منازلكم.. وجودكم في هذا المكان يشكل خطراً على سلامتكم.. ثقوا بكلامي.. سنقضي على المتآمرين خلال ساعتين لا أكثر ..

(23)
في كل دورة تقطعها سرفة الدبابة كانت مخاوف خالد الهاشمي تزداد مما سيحدث، فهناك الكثير من ضباط الجيش رهنوا التحاقهم بالنتائج الأولية للثورة، البعض منهم فضّل الوقوف على الحياد والبعض الآخر وعد بالمشاركة في حال البدء بالتنفيذ، لكن هناك أمر آخر يشغل تفكيره، انها نظرات عبد السلام عارف، أيُعقل ان يكون على علمٍ بوشايته للزعيم؟؟..
عند هذه اللحظة كان رتل الدبابات يمر بالقرب من لافتة تشير الى ان بغداد على بعد 10 كم، ففضل نسيان مخاوفه وتوجيه الأوامر بالإسراع في التقدم.

(24)
على مسافة قريبة من رتل الدبابات كانت أفواج اللواء الثلاث بقيادة عبد الغني الراوي تستعد لتتفرق، ويتوجه الأول منها الى دار الاذاعة في الصالحية لحمايتها، فيما يكون هدف الفوج الثاني هو السيطرة على منطقة الكاظمية والقضاء على اي تحرك شيوعي يحاول افشال الثورة، أما الفوج الثالث والذي تم تسليم إمرته للمقدم الركن محمد يوسف طه فواجبه مهاجمة وزارة الدفاع.

(25)
ملامح الانقلاب بدأت تظهر بوضوح مع تقدم القوة المهاجمة، إذ شهدت طرقات بغداد انتشار مجاميع متفرقة من الحرس القومي - التشكيل المسلح الذي بدأ بتنفيذ مهمته قبل الاعلان عن انشائه -، تلك المجاميع الصغير نصبت حواجز التفتيش لصيد العناصر اليسارية وتصفيتها.
هذا عدا الفرق الجوالة التي استقلت عجلات مدنية للبحث عن من يصلح للقتل سواء أكان عسكرياً من انصار الزعيم أو شيوعياً قد يشكل خطراً.

(26)
الصخب الذي طغى على أجواء وزارة الدفاع لم يمنع عبد الكريم قاسم من الانتباه الى إحدى الطائرات المغيرة، إذ لم تكن من الطائرات التي تعرفها الأجواء العراقية.
الغريب ان الجنود عندما شاهدوا الزعيم نسوا القصف وانشغلوا بالتصفيق واطلاق هتافات التأييد لعبد الكريم قاسم، وهذا ما دفع الأخير الى تذكيرهم بواقع الحال واطلاق النار باتجاه الطائرات المغيرة، ولم يتوقف الزعيم عن اطلاق النار إلا بعد ان سحبه عبد الكريم الجدة وادخله الى المقر، ليلحق بهما المهداوي وطاهر وصفي اللذان وصلا في تلك اللحظة.

(27)
"اسحقوا المتآمرين الخونة دون رحمة.. واستولوا على السلاح من مراكز الشرطة ومن اي مكان وجد فيه، هاجموا المتآمرين عملاء الاستعمار، ان الزعيم عبد الكريم والعبدي والمهداوي وسائر الضباط المدافعين عن استقلالنا الوطني يمسكون الان بدفة قيادة الجيش، ان دحر وسحق المتآمرين هي المهمة العاجلة من اجل صيانة الاستقلال ومن اجل الديمقراطية، الى السلاح، الى الهجوم في كل انحاء بغداد والعراق لسحق جيوب عملاء الاستعمار والمتآمرين.."
هذه هي السطور التي كُتِبَت على عجل من قبل قيادة الحزب الشيوعي العراقي وتم توزيعها في بعض أحياء بغداد، إذ خرجت اللجنة المركزية للحزب بعد اجتماع طارئ بقناعة تأسست على مرجعيات قديمة بأن الانقلاب ليس في حقيقته سوى استهداف لوجود الحزب، وان الأمر لا يخرج عن دائرة السباق الى "من يقتل من؟".

(28)
- منذ الصباح والوزارة تتعرض لقصف جوي محدود، بعض الطائرات المغيرة مجهولة الهوية.. وردتنا اخبارية عن تعرض مدرج معسكر الرشيد للقصف، ولغاية هذه اللحظة لم تقترب أي قوة مسلحة من وزارة الدفاع.. علماً ان الموجود من ضباط وجنود يقارب الـ 700 عنصر .
هذا ما أوجز به عبد الكريم الجدة الموقف للزعيم، الذي لم يلحظ دخول وصفي طاهر وفاضل المهداوي والتحاقهم بالمجتمعين لمناقشة خطة المواجهة.
تحدث طه الشيخ
- بإمكاننا ترك الوزارة والتوجه بالقوة الموجودة الى معسكر الوشاش، ومن هناك نبدأ بجمع القطعات الموالية لنا من الفرقة الثانية والثالثة ونعود لتحرير بغداد.
بإشارة منه رفض الزعيم مقترح طه الشيخ، ولم يعلق على ما تحدث به المهداوي عن مطالبة المتجمهرين قرب الوزارة بتفعيل المقاومة الشعبية، فالمهداوي لا يدرك حجم المخاطر عند الحديث عن المقاومة الشعبية، انها سلاح ذو حدين، سيشكل اليساريون فيها قطب الرحى، وبدل اخماد نيران مؤامرة صغيرة سيجد الزعيم نفسه في مواجهة حرب داخلية قد لا تعرف النهاية.
التفت الزعيم الى مرافقه وطلب منه تشغيل المذياع ليستمع الحضور الى صوت حازم جواد
- يا ابناء الشعب ان الطاغية قد انتهت ايامه بمقتله في وزارة الدفاع على يد ابطال الثورة.. ايها الشعب.. اليكم البيان رقم 2 الصادر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة: قرر المجلس احالة 18 ضابطاً في الجيش الى التقاعد وحرصاً من المجلس على سلامتهم ندعوهم الى تسليم أنفسهم الى أقرب مركز للشرطة وهم: اولا- اللواء الركن احمد صالح العبدي ثانيا- زعيم الجو جلال جعفر الاوقاتي ثالثا- الزعيم فاضل عباس المهداوي رابعا- الزعيم الركن ماجد محمد امين خامسا- الزعيم عبد الكريم الجدة سادسا- اللواء الركن...
أطفأ الزعيم المذياع وسأل عن جلال الأوقاتي واحمد صالح العبدي، فأجاب الجدة بأن الحاكم العسكري في طريقه الى الوزارة أما الأوقاتي فالأخبار تؤكد مقتله منذ ساعة تقريباً.
الزعيم الذي صُدم بسماع خبر مقتل الأوقاتي لم يستطع كتم انفعاله تجاه طلب المهداوي بفتح مشاجب السلاح وتوزيعه على الناس.
- أتريد ان تتكر أحداث الموصل وكركوك؟؟.. هل تعجبكم مشاهد الجثث المعلقة على أعمدة الكهرباء أو تلك التي تسحل في الشوارع؟؟.. لا أريد ان يتحدث أحد بهذه الفكرة مرة أخرى.. لا زالت لدينا الكثير من الحلول.. لماذا لا نطبق خطة أمن بغداد؟؟.. ما الذي يمنع من تنفيذها؟!..
اخرج الزعيم من مكتبه ملف خطة أمن بغداد وطلب من مرافقيه الاتصال بأمراء الأفواج والألوية وابلاغهم بتنفيذ الخطة.

(للحكاية بقية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر