الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليب الحرية !

عبدالزهرة الركابي

2003 / 4 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                            
                                                                             
                                                                            كانب مقيم في دمشق
لا يختلف أثنان على ان الحرب قد دخلت أيامها الحاسمة بعد ان وصلت القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها الى مشارف بغداد في أكثر من منطقة وبعد أن أجتاحت بعض مدن الجنوب والفرات الأوسط ، لكن في كل الأحوال ان القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها باتت قريبة من بغداد .
   وبعيدا" عن مجريات الحرب فإن الذي نريد ان نشير إليه هو ان المعارضة العراقية والتي من المفترض ان يتزامن نشاطها السياسي مع أحداث الحرب نحو التصاعد والإثارة ، لكن الذي حصل في الواقع عكس ذلك بعد ان عمدت أمريكا الى تهميش دورها ان لم نقل قد أخرجت هذا الدور الموعود من جميع التصورات والتنسيق ، من خلال الإهمال والتعتيم ما عدا بعض الأسماء التي أصطحبتها القوات الأمريكية والبريطانية في جبهتي الجنوب والفرات الأوسط بصفة خاصة ، وكذلك بعض الأفراد الذين دربتهم أمريكا عسكريا" وأمنيا" في المجر .
   وأما الأكراد وأشتراكهم في الحرب فعليا" الى جانب أمريكا فمن المؤكد ان دورهم يأتي في سياق الحفاظ على كيانهم ( الإستقلالي ) منذ عام 1991 كما انهم في حقيقة الأمر لا يشكلون معارضة سياسية لنظام صدام حسين بقدر ما هم يطالبون بحقوق قومية بدأت بالسعي الى الحصول على الحكم الذاتي ثم تجاوزوا هذا المطلب بعد ان رأوا ان الظروف مواتية للحصول على كيان فيدرالي يمنحهم إستقلالية أوسع من الحكم الذاتي خصوصا" بعد أن وجدوا غطاءا" من الحماية لهم من أمريكا في مرحلة تجاوزت العقد من الزمن ، وربما رأت واشنطن ان دعم الأكراد في العراق على الأقل في هذا الوقت قد يساهم في خدمة الإستراتيجية الأمريكية في العراق والمنطقة سياسيا" وعسكريا" ، وهذا ما إتضح جليا" في الحرب الدائرة رحاها الآن .
   ويعلق المراقبون للشان العراقي على تجاهل الإدارة الأمريكية للمعارضة العراقية المعروفة في هذه الحرب بالقول ، ان مثل هذا الأمر كان متوقعا" ، لأن واشنطن تتعامل بحسابات مراحل المصالح خدمة للمصالح الأكبر ( المصالح الإستراتيجية ) وهي تأخذ في الإعتبار ان المصلحة الدنيا تنتفي عندما تصل الى المصلحة الكبرى ، وهي بالتالي تبحث عن مصلحتها أولا" وآخرا" ، لذلك فهي عندما شنت الحرب على العراق ليست من أجل سواد عيون المعارضة أو الشعب العراقي مثلما تدعي في تصريحاتها وإعلاناتها وإنما من أجل أهدافها ومصالحها .
   وعليه ، فقد وضعت حاكما" عسكريا" بوقت مسبق ليكون رئيس الإدارة المدنية التي تحكم العراق في حال إنتصارها في الحرب هو الجنرال غاي غارنر ، وفي هذا الصدد أيضا" أجتمع الرئيس الأمريكي بوش الأبن أخيرا" بمجموعة من العراقيين وبعضهم يحمل الجنسية الأمريكية لتبادل التصورات في موضوع مرحلة ما بعد الحرب ، والمجموعة المذكورة مع مجموعات مماثلة سبق لها ان تدربت على إدارة الشؤون المدنية في العراق بعد إطاحة نظام صدام حسين ، حيث أطلقت وزارة الخارجية الأمريكية على تلك المجموعات تسمية ( عراقيين أحرار ) .
 من هذا ، فإن تصوّر مستقبل العراق على النحو السالف – التصور الأمريكي – يضع الملايين من عراقيي الشتات مثلما يضع ( المعارضة العراقية المعروفة ) أمام واقع مر ، يتمثل في خيارين أولهما أن يدخلوا أو ينخرطوا في ( تعليب الحرية ) الأمريكي إقتداءا" بمجموعات ( العراقيين الأحرار ) وثانيهما أن يظلوا خارج نطاق هذا التعليب حتى لو اضطرهم الأمر الى ان يظلوا طوال الدهر معارضين ما دام هذا الخيار يجسد أعلى درجات الحرية بدلا" من الحرية المعلبة ،  والعبد .. مع الخيار الثاني بلا شك ، ومنتقدا" في نفس الوقت مستمعي أغنية ( نوبة شمالي الهوى ونوبة الهوى جنوبي ) مع الإعتذار للمطرب العراقي المرحوم صباح السهل . 
  
    

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة